صفحة الكاتب : نزار حيدر

ما الذي سيتغيَّر بعدَ [كورُونا]؟!*
نزار حيدر

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

الوباءُ الذي كانَ مُفاجِئاً وسريعَ الإِنتشار وغزا كلَّ العالَم تقريباً بفترةٍ زمنيَّةٍ قياسيَّةٍ، كشفَ عن ضعفٍ وفشلٍ ذريعٍ على ثلاثةِ مُستويات؛

١/ المعلوماتيَّة التي تستقرِئ التحدِّيات والأَزمات قبلَ حصولِها، والتي يعتبرها البعض فشلاً إِستخباراتيّاً.

٢/ النِّظام السِّياسي العالمي القائِم على أَساس نظريَّة الصِّدامات والصِّراعات الإِقتصاديَّة والتِّجاريَّة والعسكريَّة [الإِليكترونيَّة] ونظريَّة الشِّمال والجنُوب، أَوالدُّول الغنيَّة والدُّول الفقيرة، أَو حتَّى على أَساس الرَّأسماليَّة التعسفيَّة في الدَّولة الواحِدة.

٣/ المنظُومة الصحيَّة والطبيَّة التي تراجعت بشَكلٍ مُلفت للنَّظر في أَولويَّات الدُّول الصناعيَّة لصالحِ التسلُّح والحرُوب التجاريَّة وما شابهها.

وبرأيي، فإِنَّ أَبرز ما سيتركهُ هذا التحدِّي شيئان؛

أ/ الأَولويَّة

ب/ العِلاقات الدوليَّة

فلقد كشفَ التحدِّي أَنَّ الأَولويَّة يجب أَن تكونَ للبُنى التحتيَّة الطبيَّة وليسَ للسِّلاح والحرُوب التجاريَّة وما أَشبه، سَواء على صعيدِ الميزانيَّة القوميَّة التي يجبأَن تكونَ أَولويَّتها للبحُوث العلميَّة الطبيَّة على وجهِ التَّحديد أَو على صعيدِ التَّصنيعِ والإِنتاج.

بمعنى آخر، فإِنَّ الأَولويَّة ستكون لبرامج حِماية الإِنسان، فهو رأس المال الحقيقي للدَّولة، فعندما إِنهارَ الإِنسان بسبب التَّحدِّي إِنهارَ كلَّ شيءٍ، الإِقتصادوالتسلُّح والتَّصنيع والإِنتاج والتِّجارة وكُلَّ شيءٍ.

كما أَنَّ العلاقات الدوليَّة يجب أَن تُبنى على أَساس التَّعاون وليسَ على أَساسِ التَّنافس حدَّ الصِّدام الذي يستهلِك كلَّ شيءٍ.

وستتراجع الصِّراعات [الثَّانويَّة] إِلى حينٍ لصالحِ صراعٍ إِستراتيجي واحد هو الذي يُقرِّر القيادة الجديدة للعالَم.

ولأَنَّ التحدِّي هذهِ المرَّة مع الطَّبيعة، ولذلكَ فسيُجبر المُجتمع الدَّولي لتكونَ من أَوَّل أَولويَّاتهِ هي الطَّبيعة وما يتعلَّق بها مثل التَّغيُّر المناخي والنَّظافة خاصَّةً علىصعيد التلوُّث البيئي والطَّعام وعِلاقة الإِنسان معها وغيرَ ذلك.

أَمَّا على الصَّعيد السِّياسي، فالتَّحدِّي سيفرُض على دُولٍ التَّراجع في إِهتمامِها بالعالَم أَو حتَّى بإِقليمِها السِّياسي، لتنكفِئَ على نفسِها لمُداواةِ جِراحِهاالإِقتصاديَّة والإِجتماعيَّة والأَخلاقيَّة التي ستُصاب بها جرَّاء التحدِّي خاصَّةً إِذا استمرَّ مُدَّةً طويلةً.

سيعودُ مفهُوم الدَّولة القوميَّة إِلى الواجهةِ من جهةٍ ما للكثيرِ من دُول العالَم، وستختفي الكثير من الكُتل السياسيَّة فيهِ أَو تضعفُ وتتراجع.

كما كشفَ التحدِّي أَولويَّات كلَّ دولةٍ على الصَّعيد القَومي أَو الوطني.

وإِنَّ عَودة الولايات المتَّحدة لقانون [الإِنتاج الدِّفاعي] الذي يعودُ تاريخ تشريعهِ إِلى العام ١٩٥٠ مُؤَشِّرٌ على ذلكَ، ولا أَظنُّ أَنَّ الدُّول الأُخرى سوفَ لا تلجأللتَّفكيرِ بنفسِ الطَّريقة لحمايةِ نفسِها أَوَّلاً.

سيزدادُ الإِعتمادُ على التَّكنلوجيا في مجالاتِ التَّواصل خاصَّةً في مجالَي التَّعليم والصحَّة.

وبذلكَ ستزدادُ الدُّول الغنيَّة المُنتجة تطوُّراً والفقيرة والمُستهلِكة تخلُّفاً وتبعيَّةً، إِذا لم تُغيِّر الدُّول الغنيَّة سياساتها في مجالِ التَّعاون ومُساعدة الدُّول الفقيرةواعتماد نظريَّة [الأَواني المُستطرقة] إِلى جانبِ [نظريَّة العَولمة] الحاليَّة.

وأَخيراً؛ تصوُّري أَنَّ الولاياتِ المُتَّحدة الأَميركيَّة والصِّين ستحتفِظان بقيادتهِما للعالَم، ما يدفعهُما إِلى البحثِ عن سبُل تقاسمهُ فيما بينِهما، فيما ستحتفظالهند بعُنصر التَّنافس الحالي معهُما.

أَمَّا روسيا فستتراجع أَمام القُطبَين على مُستوى القيادة العالميَّة، فيما ستحتمي أُوروبا معَ بعضها البعض الآخر، وستلجأ بعضها للإِحتماءِ بواحدةٍ منواشنطن أَو بكِّين، والحالُ نفسهُ فيما يخصُّ دُول آسيا النَّامية التي شهِدت تطوُّراً كبيراً في العَقدَين الأَخيرَين.

٤ نيسان ٢٠٢٠

لِلتَّواصُل؛

E_mail: nahaidar@hotmail.com


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نزار حيدر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2020/04/18



كتابة تعليق لموضوع : ما الذي سيتغيَّر بعدَ [كورُونا]؟!*
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net