أَسْحارٌ رَمَضانِيَّةٌ السَّنةُ السَّابِعَةُ (١١)
نزار حيدر
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
نزار حيدر
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
{إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا}.
إِنَّ واحدةً من أَبرز مصاديق إِستيعاب أَسباب وأَدوات التَّمكين من النَّجاح والإِستعداد لهُ، هو التَّراجع عن الخطأ عندَ اكتشافهِ والاستعداد لإِصلاحهِ، والعكس هوَ الصَّحيح، فالإِصرارُ على الخطأ، لأَيِّ سببٍ كان، دليلٌ واضحٌ على عدمِ القُدرةِ على إِستيعاب التَّمكين وشرُوطهُ وأَدواتهُ.
والسَّببُ بسيطٌ جدّاً وهوَ؛ أَنَّ الحياةَ ليست نجاحات فقط، ومَن يتعامل معها بهذهِ العقليَّة لا يتصوَّر أَنَّهُ قد يُواجهُ فشلاً ولذلك فهو غَير مُستعدٌّ نفسيّاً لإِصلاحهِ.
والمُشكلةُ ليست في الخطأ وإِنَّما في الإِصرارِ عليهِ، بل أَنَّ الخطأَ في أَحيانٍ كثيرةٍ السَّبيلُ إِلى النَّجاحِ، فترى النَّاجحُون يُوظِّفُونَ الخطأ لتجاوزِ الفشل، أَمَّاالفاشلُونَ فيتجاهلُونَ الأَخطاء الواحدَ تُلوَ الآخر ليستوطِنَ عندهُم الفشلَ يوماً بعد آخر.
وفي الآيات التَّالية نُلاحظ أَنَّ القُران الكريم لا يتوقَّف عند الخطأ بمقدارِ ما يتوقَّف وبإِلحاحٍ وإِصرارٍ على ذكرِ الحل لتجاوُزِ الخطأ.
يقولُ تعالى {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا} {أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ} {فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا} {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَٰلِكَوَأَصْلَحُوا} {إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} {ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابُوا مِن بَعْدِ ذَٰلِكَ وَأَصْلَحُوا إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعْدِهَالَغَفُورٌ رَّحِيمٌ}.
منها نفهم أَنَّ التَّراجع عن الخطأ ينفع في حالِ الإِلتزام بثلاثِ خَطواتٍ؛
*تحديد الخطأ أَو المُشكلة وعدم تعويمَها أَو خلطها.
*التَّراجُع عنهُ وعدم الإِصرار عليهِ أَو تغافلهُ.
*إِصلاحهُ وعدم تركهُ على ما هو عليهِ.
أَمَّا تجاهُل الخطأ والأَسوأ منهُ الإِصرار عليهِ بعد الإِقرار بهِ فيقودُ صاحبهُ إِلى الهاويةِ.
فالتَّوازن في التَّعامل معَ الأُمور، دليلُ الإِستعداد لإِستيعاب شرُوط التَّمكين.
يقولُ أَميرُ المُؤمنينَ (ع) في عهدهِ للأَشتر {إيَّاكَ وَالْعَجَلَةَ بِالاُْمُورِ قَبْلَ أَوَانِهَا، أَوِ التَّسَاقُطَ فِيهَا عِنْدَ إِمْكَانِهَا، أَوِ الَّلجَاجَةَ فِيهَا إِذا تَنَكَّرَتْ، أَوِ الْوَهْنَ عَنْهَا إذَااسْتَوْضَحَتْ، فَضَعْ كُلَّ أَمْر مَوْضِعَهُ، وَأَوْقِعْ كُلَّ عَمَل مَوْقِعَهُ}.
يُحدِّثُنا القرآن الكريم عن تجربةِ قَومٍ انتبهُوا لخطئهِم ولكنَّهم تجاهلُوه! فماذا كانت عاقِبةَ أَمرهِم؟!.
يقولُ الله تعالى {وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ* فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا إِلَّا كَبِيرًا لَهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ* قَالُوا مَنْ فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ* قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ* قَالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ* قَالُوا أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ* قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَافَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ* فَرَجَعُوا إِلَى أَنْفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ* ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُءُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاءِ يَنْطِقُونَ* قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَالَا يَنْفَعُكُمْ شَيْئًا وَلَا يَضُرُّكُمْ* أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ* قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ* قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَىإِبْرَاهِيمَ* وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ}.
فبعدَ أَن إِنتبهوا لجهلهِم وفضحتهُم خِفَّة عقولهِم أَخذتهُم العِّزةُ بالإِثم بشِعار [النَّار ولا العار] فكانت عاقبتهُم العار في الدُّنيا والنَّار في الآخرة.
وهي النَّتيجة الطَّبيعيَّة لأَمثالهُم في كُلِّ زمانٍ ومكانٍ بغضِّ النَّظر عن الخلفيَّة.
٤ مايس [أَيَّار] ٢٠٢٠
لِلتَّواصُل؛
E_mail: nahaidar@hotmail.com
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat