صفحة الكاتب : الشيخ صادق الحاج احمد الدجيلي

غديريون في الوصية
الشيخ صادق الحاج احمد الدجيلي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

مما يذكر في اخر ساعات مولى الموحدين , وقائد الغر المحجلين , ويعسوب الدين , امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام , وفي جملة من وصاياه , وقبيل شهادة ,  انه قال :
   (الله الله في الأيتام فلا تغبوا أفواههم ولا يضيعوا بحضرتكم..) 
  ونحن ملزمون بإتباع امير المؤمنين عليه السلام , بنص حديث الغدير , حينما اوصى النبي صلى الله تعالى عليه واله , فقال :
  (ـ قال النبي(صلى الله عليه وآله) يوم غدير خم : «ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجي أمهاتهم؟ فقلنا بلى يارسول الله . قال : فمن كنت مولاه فعليّ مولاه اللهم والِ من والاه وعادِ من عاداه ...) الكافي ج/٧ ص١٥
   فإذا اردنا ان نكون غديريون , علينا ان نمتثل , ونطيع هذا الامام عليه السلام , في كل ما قال , ننصره بالقول , والفكر , والعمل , وكذلك ان نجتنب عن كل ما نهى عنه  عليه السلام , وهنا نراه يوصي بالايتام , بانه قال : لا تغبوا افواههم , 
والغب في اللغة , غَبَّ عَنْ صَاحِبِهِ : أَتَاهُ يَوْماً وَتَرَكَهُ يَوْماً
   أي لا تعطوهم , وتعينوهم , او تساعدوهم يوما و تتركونهم  يوما , بل عليكم طيلة ايام السنة , وليس في موسم معين , او محدد , مثل ايام شهر رمضان , او ايام العيد , وفي جميع الايام تذكرونهم , وتعينوهم , 
      وهذا ما يشير اليه القران الكريم : (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ...)  وهذه الاية تفهم على ان القهر , تارة يكون ماديا , واخرى يكون فكريا , واخرى نفسيا , يكون محسوسا , وغير محسوس , يكون القهر بالكلمة , بالنظرة , بالفعل , وعلى ذلك هذه الاية الكريمة اذا اردنا ان نفهمها ونحاكيها بقول وحديث وفعل ابي الحسن عليه السلام  .

وهنا ملاحظة مهمة , تحتاج الى وقفة , ودقة في النظر ؛  حينما نسمع الحبيب المصطفى صلى الله تعالى عليه واله (  عَنْ ثَابِتٍ مَوْلَى أَبِي ذَرٍّ ـ رَحِمَهُ اللَّهُ ـ ، أنهُ قَالَ : كُنْتُ مَعَ عَلِيٍّ رضي الله عنه يَوْمَ الْجَمَلِ ، فَلَمَّا رَأَيْتُ عَائِشَةَ وَاقِفَةً دَخَلَنِي مِنَ الشَّكِّ بَعْضُ مَا يَدْخُلُ النَّاسَ ، فَكَشَفَ اللَّهُ عَنِّي ذَلِكَ عندَ صلاة الظُهر ، فَقَاتَلْتُ مَعَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، فلمَّا فَرَغَ ذَهَبْتُ إلى المدينة.
فَأَتَيْتُ أُمَّ سَلَمَةَ ، فقلت : إني و الله ما جئت أسأل طعاماً و لا شراباً ، و لكني مولى لأبي ذر .
فقالت : مرحباً .
فَقَصَصْتُ عَلَيْهَا قِصَّتِي .
فَقَالَتْ : أين كنتَ حِينَ طَارَتِ الْقُلُوبُ مَطَايِرَهَا ؟
قُلْتُ : إلى حيث كشف الله ذلك عني عند زوال الشمس .
فَقَالَتْ : أَحْسَنْتَ ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ( صلى الله عليه [و آله] ) يَقُولُ : " عَلِيٌّ مَعَ الْقُرْآنِ ، وَ الْقُرْآنُ مَعَ عليٍ ، لَن يَفْتَرِقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ )  
    والشاهد من الكلام هو قوله صلى الله تعالى عليه واله , (... علي مع القران ...)
     وهنا نطلع على صورة من صور الوحدة , والتعشق , والمطابقة , واللحمة , بين القران , والعترة , فنستفيد ان عليا  مع القران , هو واحد , لانا نرى جهة منه عليا , واخرى نراه    قرآنا  , وهذا معناه انه لو اردنا ان نعرف كيف يتجسد القرآن , باخلاقه , واحكامه , في شخص , فانا نرى ذلك الشخص هو امير المؤمنين عليه السلام , او اردنا ان نحسه , او نلمسه خارجا 
    فقد  روي عنهم صلوات الله عليهم اجمعين  (... النظر في القرآن عبادة ..)  و رواية اخرى  ( النظر الى وجه علي عبادة )  وهنا نرى ان هذا قرآن مقروء , وذلك قرآن يتحرك , 
    ولو نظرنا الى الصلاة القرآنية  مثلا , او الصوم , او الزكاة القرآنية , كيف نراها ؟
   نرجع الى القرآن , (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ) 
   فاذن حقيقة الصلاة , والزكاة القرآنية, والصوم , والحج القرآني , بل كل الاحكام القرآنية , هو علي بن ابي طالب عليه السلام , هو الذي يجسد هذا الخلق , وتلك الاحكام , 
 فالاية , التي تتحدث عن اليتيم , (واما اليتيم فلا تقهر ) , نرى الربط , والوحدة , والتفسير , بل حقيقتها , وجوهرها  , في كلام امير المؤمنين عليه لسلام , ( فلا تغبوا...)  فالبيان واضحة هنا , بمعنى  , لو سال سائل ؟ كيف لا نقهر الايتام , الجواب العلوي , لا تغبوا افواههم ...)
   ونريد ان نتكلم عن الاعانة للأيتام كيف تكون ؟  فنقسمها الى ثلاثة اقسام , 
   الاول : الاعانة النفسية :
      نرى هنا حديثا  للرسول صلى الله تعالى عليه واله (حدثنا عمرو بن عباس قال حدثنا عبد الرحمن قال حدثنا سفيان عن أبي إسحاق قال سمعت عبد الرحمن بن أبزي قال قال داود: كن لليتيم كالأب الرحيم) البخاري/ص٤١
   وهناك حديث اخر (عنه صلى الله عليه وآله وسلم: "إنّ في الجنّة داراً يقال لها: دار الفرح لا يدخلها إلّا من فرّح يتامى المؤمنين)  ميزان الحكمة/للريشهري ج/٧ص٣٧٠

   وهنا نراه يتحدث عن الاعانة النفسية , وقد جسد هذه الاعانة عمليا , عند شهادة جعفر الطيار عليه لسلام: 
         ( لما جاء نعي جعفر عليه السلام , جاء الى بيت جعفر وقال : اخرجوا الي اولاد اخي , فاخرج اليه عبد الله , ومحمد , وعون , فوضعهم النبي صلى الله عليه وسلم  , على فخذه , ودعا لهم , وقال : انا وليهم في الدنيا والاخرة ) اسدالغابة 

    الثاني : الاعانة القولية : 
   قال صلى الله تعالى عليه واله (ادبوااليتيم مما تادب منه ولدك , واضربه مما تضرب منه ولدك ) هذه الاعانة القولية , بتعليم اية , او رواية او خلق معين وغيرها

  الثالث : الاعانة العملية : 
     علي عليه السلام , جئ له بمقدار من العسل الى بيت المال , فامر باحضار الايتام , واخذ يطعمهم بنفسه , اي جسدها عمليا ....
واغلبنا سمع هذه الرواية عن الحبيب المصطفى صلى الله تعالى عليه واله ,  (نا وكافل اليتيم كهاتين في الجنّة)  احمد بن حنبل ج/٥ص٣٣٣ ،البحار ج٣٥ص١١٧
 واشار بالسبابة , والوسطى 
  ونختم بهذ القطعة الذهبية من سبائكه , ودرة يتيمة من درره سلام الله تعالى عليه ,
  
نظر علي عليه السلام إلى امرأة على كتفها قربة ماء، فأخذ منها القربة فحملها إلى موضعها، وسألها عن حالها فقالت: بعث علي بن أبي طالب صاحبي إلى بعض الثغور فقتل، وترك علي صبيانا يتامى، وليس عندي شئ، فقد ألجأتني الضرورة إلى خدمة الناس، فانصرف وبات ليلته قلقا، فلما أصبح حمل زنبيلا فيه طعام، فقال بعضهم: أعطني أحمله عنك، فقال: من يحمل وزري عني يوم القيامة؟ فأتى وقرع الباب، فقالت: من هذا؟ قال: أنا ذلك العبد الذي حمل معك القربة، فافتحي فإن معي شيئا للصبيان، فقالت: رضي الله عنك وحكم بيني وبين علي بن أبي طالب، فدخل وقال: إني أحببت اكتساب الثواب، فاختاري بين أن تعجنين وتخبزين وبين أن تعللين الصبيان لأخبز أنا، فقالت: أنا بالخبز أبصر وعليه أقدر، ولكن شأنك والصبيان، فعللهم حتى أفرغ من الخبز، قال : فعمدت إلى الدقيق فعجنته، وعمد علي عليه السلام إلى اللحم فطبخه، وجعل يلقم الصبيان من اللحم والتمر وغيره، فكلما ناول الصبيان من ذلك شيئا قال له: يا بني اجعل علي بن أبي طالب في حل مما أمر في أمرك ، فلما اختمر العجين قالت: يا عبد الله أسجر التنور فبادر لسجره فلما أشعله ولفح في وجهه جعل يقول: ذق يا علي هذا جزاء من ضيع الأرامل واليتامى، فرأته امرأة تعرفه فقالت: ويحك هذا أمير المؤمنين، قال:
فبادرت المرأة وهي تقول: واحيائي منك يا أمير المؤمنين، فقال: بل واحيائي منك يا أمة الله فيما قصرت في أمرك)   بحار الأنوار ج/٤١ص٥٢
   وهنا نختم بنقل صورة من صور الولاء , لامامنا عليه السلام:
عن عبد الواحد بن زيد قال: كنت حاجا إلى بيت الله فبينا أنا في الطواف إذ رأيت جاريتين عند الركن اليماني تقول إحداهما للأخرى: لا وحق المنتجب للوصية والقاسم بالسوية والعادل في القضية بعل فاطمة الزكية الرضية المرضية ما كان كذا. فقلت من هذا المنعوت؟ فقالت: هذا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام علم الاعلام وباب الاحكام قسيم الجنة والنار رباني الأمة. قلت: من أين تعرفينه؟ قالت: كيف لا أعرفه وقد قتل أبي بين يديه بصفين ولقد دخل على أمي لما رجع فقال يا أم الأيتام كيف أصبحت؟ قالت: بخير ثم أخرجتني وأختي هذه إليه وكان قد ركبتني من الجدري ما ذهب به بصري فلما نظر عليه السلام ,
       إلى تأوه وقال:
ما إن تأوهت من شئ رزئت به *   كما تأوهت للأطفال في الصغر
 قد مات والدهم من كان يكفلهم *         في النائبات وفي الاسفار والحضر
 ثم أمر يده المباركة على وجهي فانفتحت عيني لوقتي وساعتي فوالله إني لأنظر إلى الجمل الشارد في الليلة المظلمة ببركته عليه السلام. )بحار الأنوار ج٣٣ص٤٧

   
 فهل انت غدير في الأيتام؟


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


الشيخ صادق الحاج احمد الدجيلي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2020/05/21



كتابة تعليق لموضوع : غديريون في الوصية
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net