( التفريع ) : من أسس مدرسة الإمام الصادق عليه السلام
يحيى غالي ياسين
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
يحيى غالي ياسين
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
لكل علم موضوع واحد ومسائل كثيرة قد تصل الى مئات أو الاف المسائل ، ثم أن لكل مسألة كثير من القواعد والأصول التي هي بمثابة قانون قابل للإنطباق على الاف التفريعات والتطبيقات ..
ويحاول كل استاذ أو حاضرة علمية أو كتاب وموسوعة علمية معينة الى استقصاء بعض أو كل مسائل ذلك العلم ، ومن ثم تليها محاولة أخرى في وضع بعض او كل القواعد المكتشفة لتلك المسائل المعروضة .. وقد تتعدى الى بعض أهم تطبيقاتها وتفريعاتها .. وهذا كله واضح ومسلّم به ..
ولم يخرج الدين الحنيف عن هذا الأسلوب العلمي والعملي في بيان العلوم الدينية وتعلّمها .. فلا نتوقع من القرآن الكريم أنه سيتعرض الى جميع التفاصيل المتعلقة بتطبيق الدين وانما يعطي أصولها المهمة والعامة ، ثم يجعل للرسول والحجج من بعده توضيح وتبسيط تلك الأصول القرآنية ..
وكذلك ايضاً لا نتوقع من السنّة المعصومية أن تتطرق لكل التفريعات والتطبيقات ، وانما ايضاً يحيلون عليهم السلام الى علماء وفقهاء المسلمين التوسع والتفرع عن تلك الاصول ..
ولعل هذا الأمر نراه جلياً في مدرستي الإمام الباقر والصادق عليهما السلام ، وذلك بسبب البحبوحة الزمنية التي توفرت لأمامتهما أبّان تبدل خلافة المسلمين المغصوبة من الأموية الى العباسية وتحت غطاء اعلامي كاذب وخادع قام به بنو العباس بالدعوة الى ال محمد صلوات الله عليهم ..
فثبّتت مدرستهما عليهما السلام الكثير من الأصول الفقهية والعقائدية التي يحتاج اليها المسلمون ، وتخرج عنهما الاف الطلبة والفقهاء الذين أسسوا فيما بعد مدارساً ومذاهباً معروفة .. ولهذا نرى أن الامام الصادق عليه السلام يشير الى هذه النكتة ويعلّم طلبته واتباعه كيف يستفيدون من علمه ويجنون ثمار درسه ، حيث يقول لهم عليه السلام : ( إنَّما علينا أن نلقي عليكم الأصول وعليكم أن تفرّعوا ) وسائل الشيعة: ج 18، ص 40 ، ح 51
وهذه البديهة الدراسية العلمية هي بعينها أذناً ان لم تكن تكليفاً على الأمة في وجوب تعلم كلام أهل البيت وتعلم أسس الاستفادة منه والتفريع عنه وهو ما نسميه بالاستباط والاجتهاد الفقهي في الوقت الحاضر .. فعندما يقول المعصوم ما مضمونه ( لا تنقض اليقين بالشك ) أو ( كل شيء لك حلال حتى تعلم حرمته ) .. فإن الفقهاء صاغوا منهما قاعدتين اصوليتين ، هما الاستصحاب والبراءة اللتان استُنبط منهما مئات الفتاوى الفقهية .. وهكذا
نخرج بنتيجة بديهية ومهمة : أن العلوم الدينية لا تخرج عن باقي العلوم الأخرى في طريقة ووسائل عرضها وتعليمها والاستفادة منها ، فكل العلوم تحرص على اعطاء مساحة خاصة ومهمة للأستاذ في مرحلة التأصيل وللمستفيد في مرحلة التطبيق .. وتبقى قاعدة رجوع الجاهل الى العالم قاعدة يفرضها العقل ويقرّها الدين ويحتّمها طبيعة العلوم نفسها ..
عظم الله لكم الأجر وأحسن لكم العزاء في ذكرى شهادة الامام الصادق عليه السلام ..
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat