صفحة الكاتب : علي حسين الخباز

مصطلح التجريد في نهج البلاغة
علي حسين الخباز

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

يجد المتصفح والمطلع اللبيب في حيثيات النقد الأدبي إن التجريد من أخطر المواضيع النقدية قاطبة لكونه سعى باتجاهات مختلفة دقيقة المفاهيم المتداخلة والتي افرزت لنا اتجاهين بنويين منها ما يخص التجريد الموضعي وهي تجارب شخصية تبحث عن منلوجات ذاتية يظنها الكاتب حرية وهي تتميز باضطراب ذهني وهذيانات تسعى لإشباع حس إيهامي غير مرتبط بالعقلية الواعية وهناك ما يذهب على أساس تجريد الذات والسمو عليها والاستئناس بالموت من أجل غايات أسمى يقول الإمام ((واللهِ لأبن أبي طالب آنس بالموت من الطفل بثدي أمه بل اندمجت على مكنون علم لو بحت به لاضطربتم اضطراب الأرشية في الطوي البعيدة)) وأدمجه لغة في ثوب فاندمج أي انطويت على علم واتففت عليه والأرشية جمع رشاء بمعنى الحبل والطوي جمع طوية وهي البئر والبعيدة بمعنى العميقة وتكون البعيدة نعتاً سببياً أي البعيدة مقرها من البئر أو نسبة البعد عليها في العبارة مجاز عقلي. ونجد أن التجريدية الكاملة التي لا ترتبط بمفهوم واحد بل هي لعبة مفتوحة فالتشكيلي يرى أن المفهوم العام للتجريدية يكمن في الصوري ورفض التقيد بالمنظورالطبيعي ويحاول أن يستخرج من المحسوسات شيئاً يشابه المحسوس لكننا على كل حال مع النقاد الذين يرون أن التجريد يعني توصيل فكرة معينة محل الصور الواقعية أو طرح المباشر ليحقق تعبيراً فنياً خاصاً كقول الإمام علي (ع) ((اتخذوا الشيطان لأمرهم ملاكاً واتخذهم له اشراكاً فباض وفرخ في صدورهم ودرج في حجورهم ونظر بأعينهم وطفق بألسنتهم فركب بهم الزلل وزيـَّن لهم الخطل ))فالملاك هنا الملاك الذي يملك به والاشراك جمع شريك أو جمع شرك وهو ما يصاد به كأنهم آلة الشيطان في الأضلال وباض وفرخ كناية عن توطنه صدورهم وطول مكثه فيها لأن الطائر لا يبيض إلاّ في عشه وفراخ الشيطان وساوسه ومعنى دب ودرج إنه تربى كالأطفال في حجور والديهم حتى بلغ صوته وملك قوته، والخطل أقبح الخطأ والزلل الغلط والخطأ فالتجريد يعني هو الابتعاد كما يرى بعض النقاد عن الطرح المباشر أو النقل الواقعي ويتعامل مع الحس الشعوري وهناك من يسميه الضرورة الداخلية أي رؤية الإنسان للحياة والعالم، فقد قال أحد أصحاب الإمام (ع): وددت أن أخي فلاناً كان معنا ليرى هذا النصر ويؤازرك على الأعداء ،
فقال له الإمام (ع):{لقد شهدنا في عسكرنا هذا أقوام في أصلاب الرجال وأرحام النساء} وهذا جذر الجذر والروحية العالية التي تسمى روحانية الموضوع.
لقد حاول البعض إدراجه.تحت يافطة الأدب الصوفي التي تعني عندنا المناجاة لكونها تعني التسامي والارتقاء والارتكاز على صفاء الروح ونجد أن النبوءة هي بعض سمات هذا الصفاء ومنها نبوءة الإمام علي (ع) لأهل البصرة((كأني أرى مسجدكم جؤجؤ طير في لجة بحر)) والجؤجؤة تعني الصدر وهي مشتقة من معنى جثم إذا وقع على صدره أو تلبد في الأرض وقد وقع ما تنبأ به عليه السلام فقد غرقت البصرة إلاّ مسجدها الجامع فصار الماء حائراً حول المسجد، فسيد البلغاء شاء أن لا يقف عند تفاصيل الكثير من القضايا المعروضة وإن عالجها بالصبر والتأني ومنها ما دوَّنه للمستقبل البعيد كشهادة من شهادات التاريخ كي لا يزيف أو ربما ليعبر أجهزة الرقابة التدوينية التي تمنع تداولها بين الناس والأكثر أهمية هو كشف العمق التكويني للحياة سواء كان حاضراً صعب التأويل أو تكوينات تبحث خلف الحجب لتجسيد المفهوم الروحي وربطه بالحكمة الإلهية.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي حسين الخباز
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2020/06/19



كتابة تعليق لموضوع : مصطلح التجريد في نهج البلاغة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net