صفحة الكاتب : علي جابر الفتلاوي

هـل للـمـوت هـويـة ؟
علي جابر الفتلاوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
نعم  للموت  عنوان وهوية ، والموت  الذي يأتي   بالاختيار عندما يلتقي الانسان معه  بأرادته وبقرار منه لابد ان يحمل هوية فهناك عنوان للموت هو الانتحاروعنوان اخر هو الشهاده وله عنوان ثالث هو الارهاب ، وان كان الذي يموت شهيداً اوارهابياً فهو أيضا منتحر ولكن الهدف والغرض مختلف من حالة الى اخرى . فالمنتحر يمكن  ان يكون شهيداً عند البعض ، ويمكن ان يكون ارهابيا عند البعض الاخر،  وقد لا يحمل المنتحر أيا من العنوانين الشهاده او الارهاب ،واذا اردنا ان نعرّف الانتحار يمكن ان نقول هو انهاء الحياة الشخصيه بقرار شخصي ويحصل تحت ضغط عوامل ثلاثه:
الاول  عامل  شخصي  نفسي  خاص  يؤدي  الى انهاء الحياة الشخصيه للمنتحر فقط  
ويأتي هذا  النوع  من  الانتحار استجابة  لأزمة نفسية حاده يمر بها المنتحر، وكثيراً مايحصل هذا النوع في المجتمعات الغربية المادية التي تجعل سعادةالانسان في حدود  مساحة  حياته الدنيوية ، فالانسان السعيد هو من يحصل على لذاته ومتاعه  في  الدنيا اما سعادة الانسان في الاخره فلا وجود لها في ثقافة هذه البلدان ، كون  ثقافتها  قائمة على اساس مادي يؤدي الى اشاعة ثقافة التشاؤم حيث هناك (تلازم وعلاقة بين المادة
 والتشاؤم) ، كما يقول الشهيد مطهري ويضيف قائلا( من الجلي ان الرؤية المتشائمة للكون جالبه للعذاب والمعاناة ..فما اعظمه من عذاب ان يعتقد الانسان بأن الكون فاقد للاحساس الذي يعتقد ان العدالة معدومة فيه . . والمتشائم  لو اعطي نعم الدنيا فسوف يبقى متشائماً ومعذباً ) وهذا النوع  من التشاؤم الناشئ من ثقافة  مادية هو الذي  يقود الى الانتحار حسب رأي مطهري ، ويقوم  بهذا الانتحار شخصيات مرموقة لها ثقلها ومركزها الادبي او السياسي او العلمي الكبير ، ولكن وقوع  الشخص  تحت  ضغط نفسي تشاؤمي حاد هو الذي يدفع الى الانتحار، اذ لا سبيل امامه للتخلص  من  الامه النفسيه غير الانتحار، ويقر بهذه الحقيقة كثير من المؤسسات العلمية في الغرب حيث تقر هذه المؤسسات ان الانتحار يحدث في صفوف الطبقة المثقفة ، فقد نشرت منظمة الصحة العالمية احصائية تفيد ان نسبه الانتحار ترتفع في اوساط المثقفين .
وحسب هذا التقرير فقد ازدادت نسبه الانتحار في عدة دول  أوربية  ومنها  سويسرا
التي تعتبر نموذجاً للرفاه والسعادة وهو منتشر في صفوف الطبقة المتعلمة اكثر منه في صفوف الطبقة الامية .وكمثال على ذلك انتحار مفتش الاسلحه النووية البريطاني الجنسيه كلووي ، حينما  اتهم ببعض  الاتهامات عند ممارسته لعمله في العراق اثناء عمليات التفتيش السابقة ، والذي  سبب  انتحاره  ازمة  سياسية حادة لرئيس الوزراء البرطاني بليرفي حينه .
ومثل هذا النوع من الانتحار قام به ايضا بعض الضباط الكبار في  الاتحاد  السوفيتي عند انهيار الدولة السوفيتية في عهد غورباتشوف فالمنتحرمن هذا النوع انسان محب لذاته متحسس لما يحيط به مفكر شجاع يملك كرامة وبدافع حب الذات ، يسعى ليريح نفسه ويجنبها الألم والشقاء فيلجاً الى الانتحار حيث يعيش في حالة نفسية سيئة  يشعر فيها ان الاقدام على الموت اهون واقل ايلاما له  من  بقائه حيا  يعاني  ازمته  وحالته النفسية السيئة يقول العلامة محمد باقر الصدر (رض) (( ان حب الانسان لذاته  الذي يعني حب اللذة والسعادة لتفسه وبغضه الألم والشقاء لذاته هو الذي يدفع الانسان  الى كسب معيشته وتوفير حاجياته الغذائية والمادية ولذا قد يضع حدا لحياته بالانتحار اذا وجد ان تحمل الم الموت اسهل عليه من تحمل الالام التي تزخر بها حياته ))    وهذه الحالة من الانتحار غير موجوده عند المسلمين ، وان  وجدت  مثل هذه الحالات عند المسلمين فهي عند افراد لم يتأصل الايمان في نفوسهم لان الحالة النفسية مهمااهتزت لايجوز ان يقتل الانسان نفسه حسب الشرع الاسلامي ، الا  من  اجل  هدف  وقضية يقرهما الشرع لا من اجل مصالح وامتيازات دنيوية، فعدم الايمان نقص يؤدي بدوره الى عدم الاستقرار النفسي ، وهذا مما يعذب الانسان ويتميز الايمان بخاصية  التغيير والتبديل فيغير الهم والحزن والألم الى لذة  وفرح  وسرور ، والذين  يربيهم  الاسلام يلجأون عند الحوادث الضخمة والمصائب المفجعة الى قوله تعالى :
(( ما اصاب من مصيبة في الارض ولا في انفسكم الا في كتاب )) 22 ، الحديد وقوله تعالى : (( ما اصاب من مصيبة الا بأذن الله )) 11، التغابن 
الى غير ذلك من الآيات الكريمات التي تشد الانسان الى الله  تعالى  ،  فحين المصيبة يعرف المؤمنون انهم مملكون لله تعالى وانهم متجهون في طريق العودة اليه  فالتربية
الاسلامية هنا تأخذ دورها في توجيه مسارات التفكير عند المسلم بالطريقة  الصحيحة
التي تقود الى الفعل السليم ، حيث يعيش  الانسان  المسلم  وحي الوعد الالهي بتحقيق سعادته الابدية النهائية في الاخرة ، فالمسلم في ظل الاسلام يربي ذاته للحصول على لذات الدنيا بالطرق المشروعة ،  وبنفس الوقت  يسعى  للحصول على سعادة الاخرة فالانسان المؤمن مهما يصيبه في الدنيا من الام وازمات  نفسية  يتحملها  من اجل  ان تنعم ذاته بالسعادة في الاخرة ، فحب  الذات  موجه  توجيها  سليما يضمن  السعادتين سعادة الدنيا وسعادة الاخرة .
من هذا المنظور يحرم الاسلام الانتحار ، لانه  انهاء  للحياة بقرار  شخصي  والحياة هبه الله تعالى الى الانسان فلا يحق له انهاءها ،الا بقراررباني وبوحي من هذا القرار الذي يجيز للانسان ان يقتل نفسه في حالات معينة ،  من  اجل  ان  تنعم  ذاته بالحياة الابدية والجنة الخالدة في الاخرة .
 اما الحالة الثانية للانتحار،  فهي انهاء الحياة الشخصية للمنتحر بطريقة  من  الطرق ولكن من الناحيه المبدأية، ليس الغاية انهاء الحياة الشخصية  كون المنتحر يشعر بثقل الحياة ، وليس الغاية ايضا انهاء الحياة الشخصية كوسيلة لانهاء حياة  الاخرين ، مثل مايحصل في الحالة الثالثة التي ستنطرق اليها  بل انهاء الحياة الشخصية ياتي للتعبير عن موقف معين كأن يكون موقفا سياسيا او دينيا او اجتماعيا فتتحرك مشاعره الذاتية لدرجة انه يشعر بالعزة والعظمة امام مجموعته لانه ضحى من اجلهم فيشعربالسعادة الذاتية في ذلك ، هذاالنوع من الانتحار اذن تضحية  شخصية من جانب  المنتحر لهذا الموقف الذي يتبناه من دون ان يسبب ضررا اواذى للاخرين ، وهذه الحالة  كثيرا ما تحصل عند البوذيين للاحتجاج عن موقف معين ،وحصلت كذلك في تونس ايام ثورة الشعب التونسي على زين العابدين بن علي ،اذ احرق احد الشباب نفسه مما سبب في اشتعال نار الثورة اكثر وخلق الحماس في نفوس الاخرين  للاستمرار  بالثورة  وهذه الحالة تختلف عن حالة الانتحار في الحاله الاولى التي تعبر عن ازمة نفسية شخصية  للمنتحر،ولكن كلا الحالتين تتشابهان في انهما لايُستخدم الانتحار فيهما كوسيلة لانهاء حياة الاخرين او التسبب في ضرر لهم ، انما  انهاء  للحياة  الشخصية  بفعل ضغوط نفسية شديدة تدفع الى الانتحار .
 اما الحالة الثالثة للانتحار فهي الموجوده عند المسلمين خاصة فهي مرتبطة  بفكرهم الديني وشاعت كثيراً منذ الغزو السوفيتي لأفغانستان ، واذا اردنا التعبير عن تأريخها بصورة دقيقة نقول منذ نشوء المذهب الوهابي في السعودية وقد اصبحت الحالة  سببا للجدل والنزاع بين ابناء  الدين  الواحد  واحيانا  المذهب الواحد ،  لكن  الدافع  فكري عقائدي والفاعل يقوم بهذا العمل الذي يُنهي فيه حياته ويستخدمها كوسيلة لانهاء حياة الاخرين بدافع حب الذات حيث يشعر المتصدي لهذا الفعل وبايحاءات   عقائدية جافة ان ماتحصل عليه الذات بعد الموت هو اكبر وافضل مما  يحصل عليه في حياته التي يحياها الان،وليس شرطا مَن يؤمن بهذا الفكر الشاذ والمنحرف هو من يقوم بالانتحار بل يدفع الاخرين الى الانتحار، ويحبب  لهم  هذا العمل ويشرعنه ويدخلهم  الى الجنة بطريقته الخاصة ، مثل قساوسة اوربا قبل النهضة الذين كانوا يبيعون الجنة  بالامتار الى الناس البسطاء بواسطة صكوك خاصة اسموها ( صكوك الغفران ) ،ان اصحاب الفتاوى الذين يضمنون الجنة الى المنتحرين هم شيوخ المذهب الوهابي في السعودية وخارجها ، ودخل على خط الفتوى المنحرف هذا الشيخ القرضاوي المصري الاصل القطري الجنسية ، حيث افتى بقتل الثائرين من شعب البحرين  لانهم  ليسوا  اصحاب ثورة كما سماهم كونهم من الرافضة،ونسي  القرضاوي  بل دولارات  النفط القطري انسته ان ثورة شعب البحرين هي ثورة الشعب البحريني ، وليست  ثورة  الشيعة فقط ونسي ايضا ان الشيعة هم من اسس للثورة الحقيقة ضد الظلم  والظالمين ،  مستوحين ذلك من مبادئ ثورة الحسين ( ع)  ،  وكذلك  طل  علينا الوهابي الشيخ العوضي من تونس اذ قال ان الجهاد الحقيقي بدأ الان في العراق بعد خروج المحتل  لقتل الرافضة ويقصد الشيعة في العراق ، هؤلاء  الشيوخ  وامثالهم هم اليوم من يبيع الجنة بل يهبها الى الانتحاريين  ،وابطال فتاوى القتل العشوائي للمسلمين  الذين  يسمونهم  كفرة  ان كانوا من الشيعة ، ومرتدين ان كانوا من السنة  ، هم  المنتمون  الى المذهب الوهابي السعودي  ،والملفت للنظراننا سمعنا فتاوى من شيوخ  هذا  المذهب  يحرمون  العمل الانتحاري في فلسطين لانه يستهدف المدنيين اليهود  ،ويحثون على الجهاد والاعمال الانتحارية التي تستهدف المسلمين المدنيين الشيعة،بل يوجبونها ،ومن خلال ممارسة غسيل المخ مع المنتحر من قبل هؤلاء الشيوخ الدمويين  ، يتولد  شعور عند  المنتحر ان   اقدامه على الموت  كوسيلة  لانهاء  حياة الاخرين هوالمنفذ  الوحيد لدخول الجنة والجلوس مع رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ، وهذا النوع من قتل  النفس  يعتبر استشهادا عند من يؤمن بهذا الفعل ويعتبر ارهابا وانتحارا عند الاخرين ، ونحن نقول ان هذه الاعمال اختلطت فيها الاوراق على الكثيرين من داخل العالم الاسلامي  ومن خارجه ، وللصهيونية العالمية دورفي خلط هذه الاوراق ،لان ذلك يصب في مصلحة الصهاينة ، بأن يجعلوا الصراع بين المسلمين انفسهم ، بدل  ان  يكون  بين المسلمين واعدائهم ، حتى اصبح من الصعب على المراقب ان يحدد هذا  النوع من  الفعل  اهوَ انتحار ام استشهاد ومن حق المسلم ان يسأل كيف نميز بين العمل الانتحاري  والعمل الاستشهادي ؟ وهل هناك معيار يمكن ان نفرز من  خلاله  العمل   الاستشهادي  عن الانتحاري  ، الا يتطلب الموقف الحالي هذا من علماء المسلمين ومن  كافة  المذاهب ان يحددوا موقفهم الواضح ، تجاه هذه الاعمال وافراز المبرر منها شرعا عن المدان شرعا وعرفا ، اليس من حق المسلم ان يعرف الطريق الصحيح  والموقف  الصحيح والسليم ؟  لماذا  هذا السكوت ؟ سيما وان الفكر الشاذ اخذ يتحرك باسم الاسلام ويقوم بأعمال دموية رهيبة بحق الابرياء ، وبحق الاخرين الذين يختلفون  معه  في  الرؤية ووجهة النظر فيستحل دماءهم واموالهم واعراضهم ، وحتى دور العباده التي لا يذكر فيها الا اسم الله تعالى ، ثم اننا نرى  هذه  المجموعات  الظلامية  لا تميز  بين  انسان مسلم يختلف معها وبين انسان لا يدين الاسلام ، فالكل بالنسبة لهم متساوون في الكفر ويجب قتلهم وفي الواقع لا شأن لهم بغيرالمسلم خاصة اذا كان صهيونيا وان عداءهم الحقيقي هو للمسلمين الاخرين فحسب ، وان  هذا  الفكر  الظلامي  الذي شوه صورة الاسلام الحقيقي ، بحاجة الى موقف واضح وجاد من  علماء  المسلمين وارى ان هذا الموقف اصبح واجبا شرعيا ، لتوضيح هوية الاعمال الدموية  التي  يقوم  بها  هؤلاء المتحدثون باسم الاسلام ، ولبيان صورتهم الحقيقة الى المسلمين وغير المسلمين ممن اخذوا ينظرون الى الاسلام من خلال هذه الاعمال التي تستهدف  الابرياء  والمدنيين من دون تميي،اذ اخذ اعداء الاسلام يصفونه  بانه دين الارهاب،واخذ المشاهد لايميز بين الفعل الارهابي ، وبين الفعل الدفاعي المقاوم للارهاب والاغتصاب ،فأخذت هذه الافعال تخدم اعداء الاسلام وضيعت القضية الاصليةالتي يجاهد من اجلها المسلمون في فلسطين ، بالرغم من وضوح الهدف ومشروعيته  للعمل  الفلسطيني  حيث طُرد  الفلسطينيون من وطنهم ، وهم يناضلون من اجل الرجوع الى ديارهم فهدفهم واضح وقضيتهم ظاهرة وعدوهم مشخص ،اناس غرباء على الارض  الفلسطينية  اغتصبوا الارض ، فمن حقهم الجهاد لاسترجاع هذا الحق ، وهذا  الامر  واضح  تقره  جميع الاديان والمذاهب والاعراف الانسانية ،  ولابد  من اجماع  المسلمين لتأييد المقاومة لان هذا الاجماع  يعطي للعمل الفلسطيني  شرعيته واحقيته ، ولكن  الفكر المتطرف المنتسب للاسلام ، والذي يبيح دماء الابرياء ،هذا الفكر الظلامي المغلق شوه القضية ويريد ضياعها ،  من خلال  افعاله الدموية  التي لا  تميز بين  مسلم  وكافر مغتصب هؤلاء بحاجة الى وقفة شجاعة من علماء المسلمين ،  لتوضيح  صورتهم  وفضحهم حيث يمارسون التشويه للفكر الاسلامي الناصع ويقدمون النموذج السيء للاسلام الى العالم  ، واخذت  نتائج  اعمالهم  تظهر الان في  كثير من بلدان اوربا  فالمسلمون في بريطانيا مثلا اخذوا يتعرضون لصنوف الاضطهاد ، من  قبل  غير المسلمين واخذوا ينظرون لكل مسلم على انه ارهابي واخذت موجة العداء للاسلام تتصاعد في انكلترا والدول الاوربيه وامريكا واذا كان في اوربا وامريكا من يضمر العداء للاسلام فكـان لا يستطيع ان يصرح بذلك ، لكن منذ ولادة الفكر الظلامي اخذ  هذا العداء يظهر الى العلن  ،وتأسست جمعيات في بريطانيا واعلنت عدائها للاسلام وظهرذلك في  وسائل الاعلام  ، وتجسد بأفعال عدائية تجاه المسلمين فاحدهم في بريطانيا مثلا  دفع  مسلمة محجبة في القاطرة ، حقدا على الاسلام وتنبه المسلمون في بريطانيا الى موجة العداء هذه فتألفت اللجنة الوطنية لمكافحة العداء للاسلام كرد فعل للعداء الذي اصبح ظاهرا للعيان في بريطانيا ، وكذلك في دول  اوربية  اخرى  مثل  المانيا  حيث  تأسس  بنك المعلومات المركزي حول الاسلاميين اذ يعتبر هذا البنك كل مسلم هو  موضع  شبهة ويجمع المعلومات حوله ، وهذا التضخم في العداء للاسلام سببه السفارة  السيئة  التي تتحدث باسم الاسلام الى الغرب ،  والتي  يقودها  ويوجهها  الفكر المتطرف  المظلل للجماهير المسلمة ، وان هذا الموقف يتطلب وقفة جريئة من الاخوة علماء السنة ممن يدينون الانتحار الشخصي  لقتل  الاخرين  الابرياء ، لادانة  هذه  الاعمال  الارهابية والتبرء من القائمين بها ، او ممن يعطي الشرعية لها ،  لانها  تعطي  صورة مشوهة عن الاسلام ، وتعطي الانطباع السئ عن الاسلام والمسلمين ، فغير المسلمين وجدوا  ان الارهاب والانتحار الشخصي الذي يهدف لقتل الاخرين باسم الجهاد الذي يمارس من قبل البعض من المسلمين سببا لتعميمه على جميع المسلمين  ،  فوصفوا  الاسلام بالارهاب  ، وبرزت  المضايقات  الكثيرة التي يتعرض لها المسلمون في   كثير من البلدان،فمن اجل مصلحة الاسلام يجب على علماء المسلمين من المذاهب كافة والذين يحملون الفكر الناصع  للاسلام  ان  يبينوا وبشكل واضح الى الاخرين ادانة  الاسلام لهذا الفكرالمتطرف الذي نشأ وترعرع في بداياته تحت المظله الصهيونية والامريكية ولا زال هذا الفكر المتطرف تحت رعاية الصهيونية العالمية ، كون هذا  الفكر  يخدم مخططاتهم في مرحلة من المراحل ، بل لا زال  في  خدمة  اهدافهم القريبة  والبعيدة خاصة اهدافهم التي يريدون فيها تقويض الاسلام واضعاف المسلمين ، وحتى   نكون واضحين ، نقول  بصراحة ان المملكة العربية السعودية هي التي  دعمت  هذا  الفكر المتطرف والفكر العدائي للمسلمين الاخرين ، وشجعته ولا زالت منذ بداية   تاسيسها ولحد اليوم اذ غذت هذا الفكر بالمال والدعم السياسي  والاعلامي  والثقافي ، وبسبب اختلاف المصالح الدولية ، وتغير المصالح اخذت  السعودية  تدعم  هذه  المجموعات المتطرفة المسلحة في جهة ، وتحاربها في الجهة الاخرى ، عندما تتعرض مصالحها او مصالح حلفائها لخطر هؤلاء المتطرفين ، بسبب اختلاف  الاجتهادات  في  فتاوى القتل ، وبسبب تغير الاهداف لقسم من المتطرفين .
 على العموم نشأت هذه الحركات المسلحة المتطرفة التي تعشق قتل  الاخر  المختلف  تحت  لافتة  الجهاد  في  احضان الفكر الوهابي الجامد  والمتطرف ،  والمدعوم  من الصهيونية  العالمية،ومن  اعداء الاسلام في السر والعلن، ولدعم هذا الفكر المتطرف  انشأت  جمعيات كثيره تحمل عناوين  خيرية  تجمع  الاموال  الطائلة من الناس تحت لافتة البر والاحسان اودفع المستحقات الدينية من زكاة وغيرها ثم تحول هذه الاموال الطائلة لصالح المنظمات المتطرفة ، ويوجد  الكثير  من  هذه  الجمعيات  التي تسمى خيرية في دول الخليج وحتى في بعض الدول  غير الاسلامية ، ويجب  ان  ننبه  الى عامل اخر ساهم في  تقوية  هذا الاتجاه الدموي  المتطرف ، وهو  الدعم  المخابراتي لبعض الدول صاحبة المصلحة في زعزعه الاستقرار في بلد ما ،اذ ان بعضا من هذه الدول لا تؤمن بهذا الفكر الدموي المتطرف  لكن من اجل مصلحة سياسية او لتصفية حسابات تقوم بتسهيل عمليات هذه الحركات المتطرفة او تغض النظر عنها ، وهذا ما يحصل في العراق بعد سقوط نظام البعث الدموي ،حيث وصلت افواج كبيرة من هذه العناصر المتطرفة الى  داخل  العراق عبرحدود دول الجوار، مدعومة من مخابرات هذه الدول ، من اجل ان لا يستقر الامن داخل العراق كون استتباب الامن في العراق سيؤدي الى نجاح  التجربة  السياسية  الجديدة في العراق ، وهذا مما لا يرضي   دول الجوار ، اوبسبب وجود المحتل الامريكي حسب ادعاء البعض ، وان كان في النتيجة النهائية ان يتضرر الشعب العراقي فقط ، اذ ان كثيرا من هؤلاء السلفيين هم  اصدقاء لامريكا ،ويعملون تحت مظلتها رغم لحاهم الطويلة ،علما ان هذه العناصر المتطرفة  عندما تدخل الى العراق تجد من يأويها من عناصر التطرف في الداخل ، اومن  فلول البعث الدموي ،او ممن خسروا مناصبهم ومصالحهم في العهد المندثر، ان هذا النوع من قتل النفس الذي يستخدم كجسر لقتل المسلمين الاخرين ، وقتل  الابرياء  حتى  لو كانوا غير مسلمين هو انتحار، وهو غير مبرر شرعا كون الافعال تتم بصورة فردية  بناءا على فتوى من رجل دين معين مستندا على افتراضات غير واقعية وافكار شاذة اضافة الى  انّ  صاحب الفتوى الشاذة  هذه ،  هو غير مؤهل  للفتوى  بسبب  افتقاده  للمستلزمات والضوابط والمواصفات الواجب توفرها في من يتصدى للفتوى .
 فعملية الانتحار التي تستند الى فتوى الفكر الشاذ يسمونها استشهادا ، ويسميها    بقية المسلمين انتحارا ، لافتقادها للحكم الشرعي الصحيح فالمنتحر الذي يفجر نفسه وسط الجماهير المسلمة في أي مكان من بلاد الاسلام  في باكستان  اوافغانستان اواليمن او اوالجزائراوالعراق او أي بلد اخر،ليقتل اكبرعدد ممكن من المدنيين الابرياء المنتحر هذا ليس استشهاديا ولا مجاهدا بل ارهابي يمارس الجريمة  المنظمة باسم الدين حتى وان افتى له من ينتسب للدين من وعاظ السلاطين،هذا  عمل  ارهابي  لا تقره الاديان  السماوية او المذاهب الاسلامية السليمة التي تحترم الانسان ، ولا تجيز  قتله  اعتباطا وظلما سواء كان مسلما او غير مسلم ، ولو ان الفكر الوهابي المشبوه يحصر  ويوجه اتباعه القتلة باتجاه قتل المسلمين الذين يختلفون معه في الاجتهاد والرأي ، من  السنة  والشيعة  فان  كان المختلف سنيا اسموه مرتدا وان كان  شيعيا اسموه  كافرا، بل  من العار والمخزي ان تصدر فتاوى من اصحاب المذهب الوهابي بحرمة  قتل الصهاينة المغتصبين للارض الفلسطينية بطريقة  الانتحار الشخصي وسمعنا بنصيحة  السلفي الشيخ القرضاوي الى اتباعه في مصر وبقية البلدان التي شهدت ثورات ضد حكامها بضرورة التعامل بحكمة مع اسرائيل وامريكا،وكذلك تصريح التونسي العوضي  بعد الانسحاب  الامريكي  من  العراق ،  بأن  الجهاد الفعلي قد بدأ في العراق الان ، لقتل الرافضة الشيعة على حد قوله ، هذه الحالة وهذا التصرف الاهوج المتخلف والمشبوه يشجعون عليه ، بل يضمنون الجنة لبهائمهم  المنتحرين  ان  قتلوا شيعيا ، سواء  كان رجلا او امرأة  او طفلا لا يهم ، فقتل  هؤلاء  الابرياء  ضمان  لدخول  الجنة  للبهائم المنتحرة ، حركة  السلفيين  اليوم على مستوى الوطن العربي وبدعم مباشر من قطر  والسعودية وبقية المنظومة الخليجية ، انما تهدف لتأمين المصالح الامريكية  وضمان حدود اسرائيل ، وعقد اتفاقيات المصالحة معها ، وقد تأكد ذلك من تصريحات شيوخ السلفية وزعماء الصهاينة ومن زعماء العالم الغربي بقيادة امريكا ، وقد  سمعنا اليوم 28 شباط ، ان الحكومة السلفية الجديدة في مصر ستستقبل السفير الاسرائيلي  الجديد في مصر، فمهمة  الفكر الوهابي السلفي باتت معروفة ونواياهم  مكشوفة  ، وهو شق صفوف المسلمين والصلح مع الصهاينة ،  وتمثيل  الاسلام  في  العالم  الغربي ، كي ينظروا الى الاسلام من خلال شباك الفكر الوهابي  المتحجر ، الذي  يعطي  الصورة المشوهة عن  الاسلام ، وهذا  ما يريده  الغرب  والصهاينة  واعداء الاسلام الاخرين وعلى عكس  ذلك مايتخذه علماء المسلمين كافة من  موقف  اتجاه  الشعب الفلسطيني حين يقر هؤلاء  جميعا  بشرعية  المقاومة ، كون  هدف  المقاومة  واضح  وقضيتهم معلومة للجميع  ، والاجماع حاصل على شرعية هذه المقاومة ، في حين  لم  يحصل الاجماع من  المسلمين على  شرعية  ما تقوم  به  المنظمات  الارهابية ، في  البلدان المختلفة ، وان  اختلفت  اسماء هذه  المنظمات  لكنها  تسير  وفق  منهج  وفكر واحد واسلوب واحد ، في مصادرة الرأي وتطبيق افكارهم المتخلفة بالقوة ،  وقتل الاخرين سواء كانوا مسلمين ام غيرمسلمين لانهم يختلفون معهم  في  الرأي  والاجتهاد ، ومن المعروف ان هذا الفكر التكفيري ولد متأخرا في حياة المسلمين في  ظروف  مشبوهة ان هذا الفكر لا اقول يُخطّئ بل يكّفر فكرا اسلاميا اصيلا تمتد جذوره الى عهد النبوة وعهد الصحابة الاجلاء ، وهو فكر مذهب اهل البيت الذي يحمل المبادئ  الاسلامية  الانسانية الواضحة ،اما الفكر الوهابي المتحجر فاليوم يمثله الحكم السعودي المتخلف ومنظمة طالبان عندما حكمت افغانستان قبل سقوطها ، وكمثل على  تخلفهم  نظرتهم  الى  المرأة تلك النظرة المتخلفة التي تحرمها من كثير من حقوقها الانسانية  ،  ولسنا بعيدين عن ممارسات هذا الفكر الشاذ لحركة طالبان التي حكمت افغانستان فترة  من   الزمن واعطت الى العالم النموذج السئ عن الاسلام ، اضافة  الى  حالة التخلف التي يعيش فيها هذا الفكر، فانه يدعو الى تطبيق افكاره السوداء بحد السيف فالعنف وسيلة لتطبيق افكاره ومصادرة الراي الاخر، وعدم الاعتراف به  بل  السعي   لقتل  الاخر المختلف تحت لافتة الدين .
فالموت اذن له هوية ، قد تكون هويته موتا طبيعيا حسب  السنة  الالهية ،  وقد  يكون الموت بارادة شخصية ، كأن يكون الميت منتحرا لاسباب نفسية  ، وقد يكون  منتحرا بدوافع التضحية من اجل الاخرين ومن اجل الوطن والشعب ، ويجب  ان  يكون  هذا الموت مبررا عقلا وشرعا وباجماع العلماء المسلمين ، كمن  يدافع عن وطنه وشعبه كالفلسطينيين مثلا، او الجندي المدافع عن وطنه ، فالذي يموت  في  طريق استرجاع الحقوق والدفاع عن النفس والمبَرر شرعا وعرفا وعقلا ،سواء مات بارادته او رغما عنه يعد شهيدا  حتى وان مات عن طريق اختيار الموت  بارادة  شخصية ،وارى  ان من يموت مظلوما ورغم ارادته من ضحايا الارهاب يعد شهيدا ايضا ، وان الله تعالى سيقتص من قاتليه الارهابيين المنتحرين المتسببين في موته ، لان  العدالة  الالهية لن تترك الظالم من دون عقاب،ولن تترك  المظلوم  من دون جزاء وتعويض في الاخرة وقد يكون الموت انتحارا لقتل الاخرين المختلفين مع المنتحرفي الفكروالرأي وبسبب هذا الاختلاف يقوم المنتحر المدفوع بافكار عقائدية منحرفة ، يقوم بتفجير نفسه  لقتل  هؤلاء  الناس المختلفين مع المنتحر او مع من يدفعه الى  الانتحار في  الرأي  والفكر  وبغض النظر عن هؤلاء المختلفين هل يحملون السلاح ام لا، هؤلاء هم  الارهابيون  الذين  يحملون افكارا شاذة  باسم  الدين ، ويمثل  هذا الصنف افراد  القاعدة  بمختلف  مسمياتهم  والفكر الذي يرعاهم هو الفكر الوهابي المدعوم اقليميا ودوليا ، بهدف تمزيق وحدة المسلمين والنيل من الدين الاسلامي .
   A_fatlawy@yahoo.com

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي جابر الفتلاوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/02/29



كتابة تعليق لموضوع : هـل للـمـوت هـويـة ؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net