تسعى العديد من الأيدلوجيّات لفرض هيمنتها بطرق مختلفة وحديثة، من أبرزها تدشين جائزة عالميّة، تَعرضها على وفق موازينها المستلة من مفاهيمها الخاصة، فالجائزة عندما تتسم إعلاميّاً بسمة عالميّة، يعتبرها البسطاء ميزاناً للإحتكام، ودليلاً في الإثبات، والحال أنّها قد تتعارض مع أيدلوجيّات أخرى، ومجرّد أنّها تمتلك قوة إعلاميّة وشهرة عالميّة لا يثبت ذلك حقانيّتها، وهذه إحدى محطات الوعي التي ينبغي الإلتفات لها، فقد يتم تسويق أيدلوجية معيّنة من خلال ذلك.
والأسوأ من ذلك عندما تتحكم بها مصالح سياسيّة، وتتأثر بتسويات دوليّة، ممّا يُفقدها قيمتها الأخلاقيّة أيضاً، كما يبدو في العديد من المنظّمات الحقوقيّة والصّحيّة، وجوائز الفن والسّلام.. وغيرها، فالأمر مشابه تماماً ما يجري في صناعة السّنما، فهي الأخرى محكومة بأيدلوجيّات معيّنة.
نعم، قد تكون لـ"الشّهرة والأكثريّة" قيمة في تبنّي النّظريّة، لكن عندما تحافظ على موضوعيّها في الأوساط العلميّة، وليس منها الشّهرة الإعلاميّة التي تتحكم بها المصالح.
والخلل المنهجي ليس في نفس تدشين الجوائز وإنشاء المنظّمات، فهي آليّات تنظيميّة وإعلاميّة يمكن أن تنتهجها أيّ أيدولوجيا، وإنّما يكمن الخلل في العقول الأخرى ذات الأيدولوجيا المغايرة عندما تتأثر بها، وهو لا يعني عدم التفاعل معها مطلقاً، بل يمكن استغلالها كمنصّة عندما تتاح الفرصة وبما لا يتنافى مع المبادئ الأيدولجيّة الخاصة.
صناعة الأيدلوجيّات من أعقد الأشياء التي يمكن أن يُنجزها الإنسان، فهي تحتاج إلى رؤية كونيّة، بالإضافة إلى نظريّات فلسفيّة، ونفسيّة، وإجتماعيّة.. وهي لا تقوم بجهد فردي، بل يقوم بها جماعات مختلفة مع تراكم الدّراسات والخبرات.
ولذا من السّطحيّة بمكان أن يرتجل الشّخص ويبلور مفاهيمه على مثل هذه المنظّمات والجوائز، في الوقت الذي ينبغي أن يغربل أيّ مفهوم يتلقاه من هذه الجهات، ويعرضها على أيدلوجيّاته الخاصة التي انتزعها من رؤيته الكونيّة ومصادرها التي يعتقد بصحّتها في مرتبة سابقة، ولا تؤخذ أخذ المسلّمات كما يفعل بعض البسطاء.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat