صفحة الكاتب : يحيى غالي ياسين

التوبةُ معرفة
يحيى غالي ياسين

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.


هنالك فرق بين العلم والمعرفة ، أما العلم فهو حضور المعلومة عند العالِم ، وتختلف درجة اقتناع هذا العالم بمعلومته ، من الوهم الى الشك ثم الظن وحتى اليقين ..

أما المعرفة فهي تختلف عن العلم بأمور :

١. هي علم يقيني لا يعتريه الجهل ولا الشك ..
٢. لا ينتج عن المعرفة الا الحق ، فهي نور لا ينتج الظلمة ، بينما العلم قد يسخّر للشر ..
٣. تنعكس المعرفة على حال الشخص ، وتظهر عليه سماتها وصفاتها ، بينما قد يخالف حال العلم بالعالم ، كمرض الطبيب مثلاً ..
٤. العمل ، فالعارف عامل بما يعلم ، بينما قد يعمل العالم بعكس ما يعلمه ..

الان نأتي الى تحليل التوبة : فهي علم بالمخالفة وندم وحزن عليها وعمل على معالجتها ورفع آثارها السلبية ..

فهي اذن : علم + حال + عمل ، فهي من المعرفة .. فتأمل

والتوبة الى الله تعالى ، هي ان يُعرِض المُكلف عن مخالفة الله جلّ وعلا والندم على ذلك وطلب المغفرة منه تعالى ومعاهدته على عدم العود ..

وابن آدم خطّاء ، وخير الخطائين التوّابون ، ويسمى الخطأ اتجاه أوامر الرب بالذنوب ، وقد قسّم العلماء مصادر وأقسام الذنوب التي تصدر عن الإنسان الى اربعة أقسام نافعة في خطوات مواجهتها ومعالجتها ، وهي : ذنوب ذات صفات ربوبية ، وشيطانية ، وبهيمية، وسبعية ..

+ فالربوبية كالكبر والفخر والتجبر وحب المدح والثناء والعز ودوام البقاء وطلب الاستعلاء ونحوها، وهذه أم المهلكات .

+ والشيطانية كالحسد والبغي والحيلة والخداع والأمر بالفساد والمنكر والغش والشقاق والدعوة إلى البدع والضلالة.

+ والبهيمية كالشره والتكالب والحرص والزنا واللواط والسرقة وأكل مال الأيتام ونحوها .

+ والسبعية يتشعب منها الغضب والحقد والتهجم على الناس بالضرب والشتم والقتل واستهلاك الأموال ونحوها .

وهناك تقسيمات أخرى تختلف بإختلاف أساس القسمة ..

ولقد توفر القرآن الكريم وسنة المعصومين وسيرة الصالحين على شريعة كاملة لأهمية التوبة وكيفيتها وآثارها وأقسامها .. الخ /

قال تعالى { تُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } ، وقال تعالى { يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ } وقال تعالى { إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُطَهِّرِينَ } ..

وعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : { التائب حبيب الله ، والتائب من الذنب كمن لا ذنبه له } وعن الباقر عليه السلام { الله أشد فرحاً بتوبة عبده من رجل أضل راحلته وزاده في ليلة ظلماء فوجدها، فالله تعالى أشد فرحاً لتوبة عبده من ذلك الرجل براحلته حين وجدها } وقال الامام الصادق عليه السلام { إن اللع يفرح بتوبة عبده المؤمن إذا تاب كما يفرح أحدكم بضالته إذا وجدها } وعنه عليه السلام في قوله تعالى { تُوبُوا إِلَى اللّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً } قال : هو الذنب الذي لا يعود فيه أبداً . قيل: وأينا لم يعد؟ قال: يا فلان إن الله يحب من عباده المفتن التواب ــ يعني كثير الذنب كثير التوبة .

وعنه صلى الله عليه وآله وسلم : { إذا تاب العبد توبة نصوحاً أحبه الله وستر عليه. قيل: وكيف يستر عليه؟ قال: يُنسي ملكيه ما كانا يكتبان عليه، ويوحي الله إلى جوارحه وإلى بقاع الأرض أن اكتمي عليه ذنوبه، فيلقى الله تعالى حين يلقاه وليس شيء يشهد عليه بشيء من الذنوب } .

للتوبة مواسم مهمة واهمها : شهر رمضان ويوم عرفة ، عَنْ هِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ( عليه السَّلام ) أنهُ قَالَ : " مَنْ لَمْ يُغْفَرْ لَهُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ لَمْ يُغْفَرْ لَهُ إِلَى قَابِلٍ إِلَّا أَنْ يَشْهَدَ عَرَفَةَ " . فيهما يعطي الله فرصة كبيرة لعباده بأن يقتلعوا عن الذنوب ويعرضوا عن المخالفات ليستقبلوا الخير كله وليجزيهم الله ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على ذهن بشر ..

رزقنا الله تعالى وإياكم في يوم عرفة المعرفة والتوبةَ النصوح ، نعم الرب ونعم المُجيب
#يوم_عرفة
#اليوم_العالمي_للتوبة

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


يحيى غالي ياسين
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2020/07/29



كتابة تعليق لموضوع : التوبةُ معرفة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net