صفحة الكاتب : يحيى غالي ياسين

عقيدتنا في الهداية
يحيى غالي ياسين

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.


يقول تعالى في محكم كتابه العزيز : { وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ ۗ إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ ۖ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ } الرعد ٧

الآية واضحة وصريحة في إقرار اثنين من اهم الوظائف الرسالية الإلهية التي يُمكن أن يُكلَّف بهما الإنسان ، وهما وظيفة ( المُنذر ) ووظيفة ( الهادي ) ، ولا تقول أن رسول الله ص وآله قد سلَبَت منه الآية صفة ووظيفة الهداية بإعتبار وجود أداة الحصر ( إنّما ) ، كيف ذلك والقرآن الكريم نفسه يصفه بأنه { وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَىٰ صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ } من آية ٥٢ الشورى ..

وعليه يكون للآية الأولى التي حَصَرت وظيفة الرسول بالمُنذر توجيهات أخرى ، ومنها على سبيل المثال أن وظيفة الهداية للرسول ص واله درجة خاصة لا يستحقَّها كل أحد منه ، قال تعالى : { وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْكَ ۚ أَفَأَنْتَ تَهْدِي الْعُمْيَ وَلَوْ كَانُوا لَا يُبْصِرُونَ } يونس ٤٣

ثم ان هنالك وصفاً آخراً يعطيه القرآن الكريم لمن اتصف بوظيفة الهداية ، حيث يسمّيهم القرآن بالائمة ، قال تعالى { وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا ۖ وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ } السجدة ٢٤ ، وقال تعالى { وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ ۖ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ } الانبياء ٧٣ .
بينما هنالك آيات اخرى لا تعطي لمن اتصف بوظيفة الهداية صفة الإمامة ، ولكن بفارق معين سنذكره ، قال تعالى { وَمِنْ قَوْمِ مُوسَىٰ أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ } الاعراف ١٥٩ ، وقال تعالى { وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ } الاعراف ١٨١ ..

والفارق هو : إذا كانت الهداية مقرونة بأمرٍ من الله او بأمر الله فالهداة ( جمع هادي ) هنا هم ائمة ، واذا كانت هداية عامة فليسوا بائمة ، فكل إمام هاد وليس كل هاد إماما .. ويوحي منطوق ( بأمرنا ) هنا الى مفهوم التعيين والتنصيب الالهي لوظيفة الهداية ..

وهنا يبرز السؤال المهم ، ما الفرق بين الرسول والإمام ..؟

نقول - وقد أخذنا فكرة الجواب من احد الفقهاء أعزهم الله - : ان النبي يرسم خريطة الهداية ويُحدّد طرقها ، اما الإمام فيسير بالناس ويتقدمهم على وفق الخريطة التي رسمها النبي ولا يحيد بهم عن الطريق الذي وضعه الرسول ، كون الإمام هو الأعرف والأخبر بما وضعه النبي ..

ثم أنه من أهم الواجبات المُلقاة على الإنسان اتجاه من كُلّف بوظيفة الهداية الإلهية هو واجب الإتباع والإهتداء بهدي الهادي ، قال تعالى { قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ ۚ قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ ۗ أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَىٰ ۖ فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ } يونس ٣٥ .

في تفسير القمي عن أبي الجارود ، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله { أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ .. الآية } : فأما من يهدي الى الحق فهم محمد وآل محمد من بعده ، وأما من لا يهدي الا أن يهدى فهو من خالف من قريش وغيرهم اهل بيته من بعده .

هذه هي فكرة الغدير ، وهذه اصول عقيدتنا بالائمة ، فهم ليسوا آلهة نعبدهم من دون الله كما يفتري علينا البعض ظلماً وبهتانا ، وهم ليسوا رسُلاً ولم يُبطلوا عقيدة النبوة في ديننا ، وانما هم الادلاء على الله بما جاء به نبينا العظيم ، وهم الامناء على الشريعة التي نزلت على رسولنا الكريم .. فهل من مهتدٍ وهل من واع ..!!

#غديركم_مبارك
#عيد_الولاية


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


يحيى غالي ياسين
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2020/08/04



كتابة تعليق لموضوع : عقيدتنا في الهداية
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net