صفحة الكاتب : د . حيدر عبدالامير الغريباوي

نظرية النافذة المكسورة.. والدور الامريكي في العراق منذ 2003 ولحد الان
د . حيدر عبدالامير الغريباوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

أجرى فيليب زمباردو، وهو عالم نفس واجتماع، تجربةً في عام ١٩٦٩ أصبحت فيما بعد واحدةً من أشهر التجارب في دراسات علم الجريمة بشكلٍ خاص وفي العلوم الاجتماعية على نحوٍ عام.

فقد قام العالم بترك سيارتين بأبوابٍ مفتوحةٍ ولوحات أرقام مفقودة في منطقتين مختلفتين، إحداها في حيٍ فقير والأخرى كانت في حيٍ غني.

بدأ المارة في الحي الفقير بسرقة وتخريب السيارة في بضع دقائق وتم تدميرها بالكامل في غضون ثلاثة أيام. تطلب الأمر وقتا أطول للمارة في المنطقة الغنية لبدء تدمير السيارة

مما أرغم زمباردو على التدخل بكسر إحدى نوافذ السيارة، فبدأ الناس بكسر المزيد من النوافذ وسرقة السيارة واستغرق الأمر وقتًا مشابهًا للحي الفقير لتحويل السيارة بالكامل إلى خردة في بضعة أيام.

وفي عام ١٩٨٢، تابع عالمان آخران دراسة الباحث زيمباردو وملاحظاته عن طريق إجراء دراسات مماثلةٍ على مبانٍ وممتلكات أخرى في مناطق مختلفة واستحداث نظرية أطلقا عليها .. "نظرية النافذة المكسورة" ..

والتي تم اقتباسها في العديد من دراسات وكتب علم الاجتماع.

. تتلخص النظرية بأن إهمال معالجة أي مشكلة في بيئةٍ ما -بغض النظر عن صغر حجمها- سيؤثر على مواقف الناس وتصرفاتهم تجاه تلك البيئة بشكلٍ سلبي مما يؤدي إلى مشاكل أكثر وأكبر. والعكس صحيح أيضاً،

فمعالجة المشاكل الصغيرة في وقت سريع سيؤدي الى بيئةٍ أفضل وسلوكٍ أحسن ..

مما يثير الاهتمام في هذه الدراسات أن الأشخاص الذين قاموا بالتخريب المتعمد للسيارات والمباني لم يكونوا مجرمين، وكان معظمهم من عامة الناس والمواطنين الملتزمين بالقانون. ومع ذلك فإن النافذة المكسورة أرسلت رسالةً خفيةً توحي بأنه"لا أحد يهتم وعلى الأرجح لا توجد عواقب لإتلاف ما تم كسره أصلاً"

تخيل أن هناك فنجاناً مكسوراً في منزلك، هل سيكون هناك أي عواقب لكسره أكثر ! أو هل ستكون حريصاً على ألا يتدمر عند رميه في صندوق القمامة!

لهذه النظرية على العديد من مجالات الحياة الأخرى ، فمثلا :

إذا ترك أحدهم بعض القمامة في حديقة عامة، ولم تتم إزالة تلك القمامة في وقت معقول، ولم تطبق أي عقوبات على من رماها، فإن ذلك سيؤدي قيام أشخاص آخرين بنفس الفعل في الحديقة ذاتها وفي غيرها وستتحول الحدائق إلى مكبات قمامة ينفر الزوار منها كما هو الحال اليوم في بعض المنتزهات العامة

وإذا سمح معلمٌ لأحد الطلاب بالغش في امتحان مادة ما، فسيكون الغش مقبولاً في امتحانات أخرى ومن طلاب أخرين في جميع مستويات التعليم.

لذلك بعد دخول القوات الامريكية عام 2003 والتي تجاهلت عمداً المشاكل القائمة ساهمت بشكل فعلي في تطبيق نظرية "نظرية النافذة المكسورة في العراق" .. من خلال السماح لبعض اللصوص وبعض من فئات الشعب المحتقنة ضد نظام صدام الدكتاتوري بتخريب المال العام

والتي خلقت مشاكل أكبر بكثير في المستقبل.

مما ترتب عليها في الواقع، العديد من القضايا الصحية والبيئية والاجتماعية والاخلاقية التي نواجهها في يومنا هذا، والتي أصبحت فيما بعد نتاج تراكمات أفعال وسلوكيات وظروف خاطئة صغيرة تم تجاهلها وعدم معالجتها في الماضي.

لذا المطلوب من الجميع محاولة إصلاح النوافذ المحطمة في حياتنا حتى يحظى أطفالنا والأجيال القادمة بمستقبل أفضل.

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . حيدر عبدالامير الغريباوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2020/08/09



كتابة تعليق لموضوع : نظرية النافذة المكسورة.. والدور الامريكي في العراق منذ 2003 ولحد الان
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net