صفحة الكاتب : مصطفى الهادي

الواقعة الخالدة : كربلاء رؤية جديدة. 
مصطفى الهادي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 💦 ليس من عادتي المفاخرة بشيء قمت به، ولكن قد يضطر الإنسان إلى ذلك كما يقول الإمام الصادق (ع): (لا يزكي الرجل نفسه إلا إذا اضطر إليه).(1) وكذلك لا انزعج من توجيه الاتهامات الباطلة ضدي كما قال الإمام عليه عليه السلام : (ليس بعاقل من انزعج من قول الزور فيه، ولا بحكيم من رضي بثناء الجاهل عليه).(2) فقد زعم بعض المعلقين على هذا الموضوع بأني سرقت الفكرة من إيزابيل بنيامين ماما آشوري، وكذلك الباحث المسيحي ، انطوان بارا. فرددت عليهم بأن بحث السيدة آشوري عن قتيل شاطئ الفرات قامت بنشره بتاريخ (16/3/2013). بينما بحثي حول قتيل شاطئ الفرات والذي هو بعنوان الواقعة الخالدة: كربلاء رؤية جديدة ، فقد نشرته قبلها بسبعة سنوات تحديدا بتاريخ (31/1/2007). (3)
💦 وتداولته في حينها مواقع عديدة. ومن هذه المواقع دنيا الوطن وكتابات في الميزان ، وموقع شبكة هجر الثقافية السعودي ، ومنتديات ياحسين وموقع النور السويدي وغيرها ولم تكن إيزابيل معروفة آنذاك وقد بحثت عن مواضيعها في تلك الفترة فلم اجد أنها نشرت في ذلك التاريخ وبعده. وأما انطوان بارا فإن ما كتبه في كتابه (الحسين في الفكر المسيحي) فقد كان مقارنة بين تضحية السيد المسيح وقتله بتلك الصورة على الصليب وبين تضحية الامام الحسين عليه السلام وهذه المقارنة باطلة من وجهة نظرنا لأننا وحسب قرآننا المجيد لا نؤمن بصلب المسيح ولا بتضحيته المزعومة التي يختلفون فيها هم. وأن كتابه (الحسين في الفكر المسيحي). كان ترويج للمسيحية ودعاية قوية لصلب المسيح وتضحيته الفدائية لغفران الخطايا.والرجل لا يزال على مسيحيته إلى هذا اليوم.ولكن الشيعة طبّلوا وهللوا للجانب الذي يذكر فيه التشابه بين التضحيتين. وهذا لا يستقيم أبدا.  
💦💦 وإليكم بحثي الذي نشرته بتاريخ (31/1/2007). حيث لم يكن للسيدة إيزابيل اي وجود في ذلك التاريخ ولا بعده بسنوات. 
ا📛 لواقعة وسرّ الخلود.
وقائع كثيرة حدثت في التاريخ ولكنها تلاشت واضمحلت فلم تجد لها ذكرا إلا في بطون الكتب. 
الواقعة التاريخية الوحيدة الباقية التي سايرت الزمان ، وتناقلها الركبان وخلدها الدهر هي واقعة كربلاء ، والسبب في ذلك هو ظروف المعركة ، وأشخاص المعركة ، والطريقة التي عولجت فيها ثورة الإمام الحسين (ع) من قبل السلطة الحاكمة آنذاك.
💦 التاريخ خلّد ثورة الإمام الحسين (ع) ، لأنها سبقت عصرها ، كُتبت فصولها قبل نشوء الخليقة ، كانت قبل عالم المادة ، في عالم النور ـ كما تنقل لنا الروايات الواردة إلينا عن الطرفين  ـ ثم فطر الله الخلق فامتزجت فطرتهم بهذه الثورة ، وعُجنت طينتهم بدماء الثوار.
الأنبياء تحدثوا عنها ، الصالحون تناقلوها ، الكتب السماوية ذكرتها ، بإشارات قد تكون غامضة على أهل ذلك الزمان لأنها لم تعاصر الحدث فلا تعرف مفرداته ، ولكنها ليست غامضة علينا لأننا من عصر كربلاء ،لأنها تسير مع الزمن وهي أهم سلاح من أسلحة العصر يتجهز به الثوار في كل عصر ومصر.
💦 وعندما تنتهي الحياة دورتها تنتقل كربلاء إلى العالم الآخر، حيث تجري المحاكمة الكبرى . كما ينقل لنا صاحب كتاب اللهوف في قتلى الطفوف قال : روي عن الصادق (ع) يرفعه إلى النبي (ص) أنه قال : (إذا كان يوم القيامة نصب لفاطمة (ع) قبة من نور ويقبل الحسين (ع) ورأسه في يده فإذا رأته شهقت شهقة لا يبقى في الجمع ملك مقرب ولا نبي مرسل إلا بكى لها . فيمثله الله (عز وجل) لها في أحسن صورة وهو يخاصم قتلته فيجمع الله (عز وجل) لها قتلته والمجهزين عليه ومن شركهم في قتله فأقتلهم حتى آتي على أخرهم).(4)
💦 وفي رواية : (ثم يُنشرون فيقتلهم أمير المؤمنين (ع) ثم ينشرون فيقتلهم الحسن (ع) ثم ينشرون فيقتلهم الحسين (ع) ثم ينشرون فلا يبقى أحد من ذريتنا إلا قتلهم قتلة. فعند ذلك يكشف الغيظ وينسى الحزن).(5) 
💦 وهناك عدد كبير من الروايات التي وردتنا عن الوحي عن الله تعالى والتي تؤكد معرفة الأمم السابقة لنبأ استشهاد الأمام الحسين (ع) بتفاصيلها ،ومن هذه الروايات نذكر وباختصار : 
ذكر ابن سعد في طبقاته عن رأس الجالوت عن أبيه قال : (ما مررت بكربلاء ، إلا وأنا اركض دابتي حتى أخلف المكان ، قال : قلت : لم ؟ قال : كنا نتحدث أن ولد نبي مقتول في ذلك المكان وكنت أخاف أن أكون أنا ، فلما قُتل الحسين قلنا : هذا الذي كنا نتحدث ، وكنت بعد ذلك إذا مررت بذلك المكان أسير ولا أركض).(6)
💦 وروى ابن كثير الدمشقي قال : (مرّ علي (ع) على كعب فقال : يُقتل من ولد هذا رجل في عصابة لا يجف عرق خيولهم حتى يردوا على محمد (ص) الحوض ، فمر الحسن (ع) فقالوا : هذا ؟ قال : لا ، فمرّ الحسين (ع) فقالوا : هذا ؟ قال : نعم).(7)
📛 فهل نجد مصاديق ذلك في الكتب السماوية؟ 
💦 نعم إن الحسين عليه السلام هو الذبيحة الذي قُتل قرب نهر الفرات ، فأنظر ماذا تقول التوراة : (في الشمال بجانب نهر الفرات عثروا وسقطوا . لأن للسيد رب الجنود ذبيحة في أرض الشمال عند نهر الفرات).(8)
والنص الكامل الذي يصف تلك المعركة وصفا دقيقا في نبوءة إرمياء النبي حيث جاءت هذه النبوءة ضمن سيل من النبوءات يقول: (عِدّوا المِجن والترس وتقدموا للحرب أسرجوا الخيل وأصعدوا أيها الفرسان وانتصبوا بالخوذ اصقلوا الرماح . البسوا الدروع لماذا أراهم مرتعبين ومدبرين إلى الوراء وقد تحطمت أبطالهم وفرّوا هاربين ولم يلتفتوا . الخوف حواليهم يقول الرب الخفيف لا ينوص والبطل لا ينجو . في الشمال بجانب نهر الفرات عثروا وسقطوا.فهذا اليوم للسيد رب الجنود يوم نقمة … لأن للسيد رب الجنود ذبيحة في أرض الشمال عند نهر الفرات).(9)
💦 تاريخيا ، لربما جرت حروب كثيرة على شاطئ الفرات وقُتل كثيرون ولكن ذبيحة الإمام الحسين عليه السلام كانت باختيار الله كما يصفها النص : (لأن للسيد رب الجنود ذبيحة عند نهر الفرات). فهل قُتل أحد ذبحا غير الحسين بالقرب من الفرات؟ وهذا ما أكده علي (ع) عند ذهابه إلى صفين ومروره بكربلاء حيث نادى : (صبرا أبا عبد الله بشط الفرات). (10) وهو المكان المسمى نينوى من شط الفرات. ويؤيد ذلك أيضا ما ورد عن آل بيت العصمة من تأكيد على قتيل الفرات كما ورد عن الامام زين العابدين في الشام : (أنا ابن المذبوح بشط الفرات).(11) أليس الحسين هو الذبيحة المقدسة الوحيدة التي سقطت على شاطئ الفرات؟   
💦 واليهود أصحاب التوراة كانوا يعرفون أن الحسين (ع) هو ابن واترهم علي بن أبى طالب (ع) ومن  استدعاه النبي للمباهلة. فعمدوا إلى قتله كرها منهم لهُ ولأبيه قالع باب خيبر كما ساهموا بقتل عليا (ع) من قبل كما ذكر ذلك علي نفسه عندما ضربه ابن ملجم صاح الإمام : (قتلني ابن اليهودية ، لايفوتنكم الرجل).(12) في اشارة على أن مؤامرة اغتياله كانت بتخطيط منهم. 
💦 واليهود يعرفون الحسين وكانوا في نفس الوقت يكرهونه كما يكرهون أباه وذلك لأسباب منها : 
الأول : كرها منهم لأبيه الذي وترهم وقتل صناديدهم وهدم حصونهم في خيبر وسفه أحلامهم.
والثاني : أنهم يعرفون الحسين كأحد رموز يوم المباهلة العظيم الذي دحر الله فيه اليهود ببركة تلك الوجوه المباركة والتي كان وجه الحسين منها. 
الثالث : أن الحسين الامتداد الطبيعي للرسول (ص) وذلك لقوله: (حسين مني وأنا من حسين).(13) وبهذا فهو يشكل الرسالة بكامل ثقلها مقابل أهدافهم الخبيثة.
الرابع : ان الحسين حجر عثرة في طريق مشاريعهم الشيطانية التي كانوا يُبرمونها مع المنافقين لحرف الإسلام عن مساره الصحيح.  
💦 ولذلك نرى أنه عندما ورد خبر سفير الحسين مسلم بن عقيل إلى يزيد في الشام ، أضطرب يزيد للنبأ وهمّ كثيرا للأمر ، وهنا تدخل اليهود والنصارى الذين كانوا يعرفون من هو المقتول عند الفرات وأن هذا حاصل لا محالة، وهل يستطيع يزيد المشغول بالخمور والطرب أن يُخطط كل هذا التخطيط لولا مستشاريه من اليهود والنصارى. ولذلك تذكر كتب التاريخ أن (سرجونا) مستشاره الخاص أشار عليه بأن يُقلد ولاية الكوفة لعبيد الله بن زياد.(14) 
💦 وأخرج ابن قولويه أربع روايات في باب علم الأنبياء بمقتل الحسين من كتابه كامل الزيارات ، وذكر رواية قال فيها أن الملائكة تعلم بمقتل الحسين (ع) وكذلك روى من أن الأنبياء لعنوا قتلة الحسين (ع). 
💦 وعن زينب قالت : (بينا رسول الله (ص) في بيتي وحسين عندي حين درج ، فغفلت عنه ، فدخل علي رسول الله (ص) فقال : دعيه … ثم قام فصلى فلما قام احتضنه إليه فإذا ركع أو جلس وضعه ثم جلس فبكى ، ثم مد يده فقلت حين قضى الصلاة : يا رسول الله أني رأيتك اليوم صنعت شيئا ما رأيتك تصنعه ؟ قال : أن جبريل أتاني فأخبرني أن هذه تقتله أمتي ، فقلت : فارني تربته ، فأتاني بتربة حمراء).(15) 
📛 من هو الحسين بن علي ؟ 
الحسين بن علي بن أبي طالب (ع) أبوه أول الناس إسلاما ، وأمه فاطمة الزهراء بنت رسول الله (ص) سيدة نساء العالمين. وجدتهُ خديجة بنت خويلد زوج النبي (ص) وعمه حمزة بن عبد المطلب أسد الله وأسد رسوله ، وعمه الآخر جعفر الطيار ، يضاف إلى ذلك أن الحسين خامس أصحاب الكساء ، وسيد شباب أهل الجنة ، وأحد الأئمة الذين بشر بهم نبي الإسلام الذي قال في حقه وحق أخيه : الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا ، وأنه مصباح الهدى ، وسفينة النجاة ، وقد نزل في الحسين من القرآن آيات كثيرة ، أوردها أصحاب السنن في مدوناتهم ، لابل أن هناك سورة في القرآن يطلقون عليها (سورة الحسين).
شخص بهذه الأهمية لا تغفل السماء ذكره ولابد ان يكون خبره فيه عبرة للأمم الماضية وأسوة لما بعد الواقعة. 
📛 المصادر: 
1- تحف العقول عن آل الرسول. الحراني. مؤسسة الأعلمي-بيروت. ص: ٣٧٤.
2- الاختصاص للشيخ المفيد ج1 ، ص : 2.
3- بحثي تحت عنوان (الوقعة الخالدة : كربلاء رؤية جديدة/ بقلم : الشيخ مصطفى الهادي. تاريخ النشر: 31/1/2007 . جميع الحقوق محفوظة لدنيا الوطن © 2003 - 2017). انظر موقع دنيا الوطن على هذا الرابط :  https://pulpit.alwatanvoice.com/articles/2007/01/31/73054.html في حين أن السيدة إيزابيل نشرت موضوعها في موقع كتابات في الميزان بتاريخ ( 16/3/2013) أي بعد ستة سنوات تقريبا من نشري للموضوع.
4- بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٤٣ - الصفحة ٢٢١.
5- موسوعة الإمام الصادق (ع) السيد محمد كاظم القزويني . ج10 ص 294 الطبعة الأولى 1419 . نقلا عن كتاب اللهوف في قتلى الطفوف ص 60.
6- تاريخ الطبري - الطبري - ج ٤ - الصفحة ٢٩٦.
7- روى هذا الحديث : ابن كثير وطبقات ابن سعد ، وتاريخ بن عساكر ، وتاريخ الإسلام للذهبي وغيرهم من المؤرخين .
8 ــ 9 : التوراة ، سفر إرمياء الاصحاح 46 الفقرة 6 ـ 11.
10- إمام الحنابلة أحمد في المسند 2: 60، 61 ط 2. و : ابن أبي شيبة في المصنف ج 12.
11- بلاغة الإمام علي بن الحسين (ع) - جعفر عباس الحائري - الصفحة ٩٣.
12- البحار ج 45 ص 113.
13- رواه الترمذي (3775) وابن ماجه (144) وأحمد (17111) عَنْ يَعْلَى بْنِ مُرَّةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( حُسَيْنٌ مِنِّي وَأَنَا مِنْ حُسَيْنٍ أَحَبَّ اللَّهُ مَنْ أَحَبَّ حُسَيْنًا حُسَيْنٌ سِبْطٌ مِنْ الْأَسْبَاطِ ) والحديث حسنه الترمذي والألباني .
14- البداية والنهاية -ابن كثير- ج 8 ص 164.
15- تاريخ ابن عساكر ، وكنز العمال ج13 ص 112 وغيره من المصادر.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


مصطفى الهادي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2020/08/26



كتابة تعليق لموضوع : الواقعة الخالدة : كربلاء رؤية جديدة. 
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net