صفحة الكاتب : يحيى غالي ياسين

من أوراق كربلاء ( ١٠ ) الورقة العاشرة : كربلاء ، الجريمة المركبة
يحيى غالي ياسين

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

كربلاء جريمة مركبة ، فهي ليست مجرد حادثة قتل ، وإنما تضمّنت قتلاً وتمثيلاً وتنكيلاً بالجثث وإهانتها شرّ إهانة ، سبق ذلك محاصرة قاسية وقطع للماء وتجييش جيشاً يعادل مئات أضعاف الجبهة المقابلة ، لحقه حرق خيم وسلب أطفال وسبي وضرب نساء ..

إن كان قتل الحسين موافقاً لشريعة إسلام بني أمية ، فهل قطع الرؤوس وحملهن على الرماح ورض الصدور وتقطيع الجثث وقتل الاطفال وسبي المسلمات .. جائز .. !!

تجاوزوا جميع الأحكام الاسلامية ، خرقوا قوانين الحروب ونواميس الإنسانية .. لم يقاتلوا ابا عبد الله من واعز الدين ، ولا حتى خوفاً على سلطان ، وإنما أفعالهم وجرائمهم في الطف تدل على حقد دفين ونوازع جاهلية ، وقالوا ذلك بأم السنتهم :

قد قتلنا القرم من أشياخهم وعدلنا ميل بدر فاعتدل

هذه هي الحقيقة ، وهذا هو سرّ كربلاء عند بني أمية ، كان بإمكانهم أن يكتفوا بقتل الإمام ويتظاهروا بعد ذلك أمام المسلمين أنهم يطبقوا احكام الحرب الاسلامية والانسانية ، فيحفظوا للقتلى حرمتهم وللنساء والاطفال احترامهم والتعاطف اللازم معهم .. ولكن لم يفعلوا كل ذلك وتصرفوا بكل جرأة وحقارة ..

وهذه الجرائم التي رافقت كربلاء هي التي أثّرت بأهل البيت وشيعتهم ومحبيهم وليس فقط قتل ابي عبدالله رغم عظمته ، دخل أبو حمزة الثمالي رضوان الله تعالى عليه يوماً على الإمام زين العبادين ( عليه السلام ) فرآه حزيناً كئيباً فقال له : سيّدي ، ما هذا البكاء والجزع ؟ ألم يقتل عمُّك حمزة ؟ ألم يقتل جدّك علي ( عليه السلام ) بالسيف ؟ إن القتل لكم عادة ، وكرامتكم من الله الشهادة ، فقال له الإمام : شكر الله سعيك يا أبا حمزة ، كما ذكرت ، القتل لنا عادة ، وكرامتنا من الله الشهادة ولكن يا أبا حمزة ، هل سمعت أذناك أم رأت عيناك أن امرأة منا أُسرت أو هُتكت .. ؟ والله يا أبا حمزة ، ما نظرت إلى عمَّاتي وأخواتي إلاَّ وذكرت فرارهن في البيداء من خيمة إلى خيمة ، ومن خباء إلى خباء والمنادي ينادي أحرقوا بيوت الظالمين ..

هذا الحزن الذي يتجدد وهذه العاطفة الجياشة والجمرة التي لا تنطفأ على أبي عبد الله ع ، وهذه المظلومية العظيمة التي يستشعرها المؤمنون إنما كانت إحدى أهم أسبابها ومحركاتها هي هذه الأفعال الشنيعة التي مارسها ال أمية واتباعهم مع ابي عبدالله وصحبه واهل بيته ، فالائمة كلهم قتلوا ظلماً وكلهم شهداء الا أن مظلومية مقتل أبي عبدالله لها طابع خاص انفرد به وحده ..

فرادة كربلاء تكمن في تفاصيل المظلومية التي لحقت بمعسكر الإمام الحسين ع ، تلك التفاصيل التي يندى لها جبين الإنسانية ، قطعوا اصبع الحسين من أجل خاتم ، والدماء تسيل من أذن الفاطميات عن أثر تسليب أقراطهن ، السياط تتلوّى على متون النساء .. تفاصيل بكت لها حتى ملائكة السماء .

مع ورقة كربلائية اخرى ان شاء الله ..


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


يحيى غالي ياسين
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2020/08/28



كتابة تعليق لموضوع : من أوراق كربلاء ( ١٠ ) الورقة العاشرة : كربلاء ، الجريمة المركبة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net