صفحة الكاتب : ثامر الحجامي

الوطنية بين سندان المحاصصة ومطرقة الطائفية
ثامر الحجامي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

  لا يختلف إثنان أن ما بعد عام 2003 ليس كما قبله، فقد شهد تحولات جذرية سياسية وإجتماعية، أنتجت أجيالا تختلف عما قبلها وأفرزت حركات سياسية ودينية متصارعة فيما بينها وكل لها أنصار ومؤيدون، وظهرت تقسيمات طائفية وقومية نتج عنها تكتلات شيعية وسنية وكردية، تسعى للحصول على مكتسبات طائفية وفئوية، وغاب عنها التفكير في المصلحة العليا لبلد يحوي جميع هذه المكونات.

   الثابت أن الوضع السياسي في العراق، له تأثيرات كبيرة على المجتمع العراقي، فالخلافات السياسية ولدت خلافات إجتماعية كبيرة، ادت الى ظهور أجيال ومفاهيم غير مؤمنة وربما ومعادية لكل ما هو موجود على الساحة، رغم أن هناك من كان صالحا، أو من كان يسعى لذلك، بل وصل الأمر الى الإنقلاب على الحامي والمضحي بسبب التجيير السياسي لكل الأفعال، خدمية كانت أو سياسية أو إجتماعية، وحتى على مستوى الجهاد والدفاع عن الوطن، والمشاركة في الحرب ضد الإرهاب، فوصل التندر بالعراقيين على تلك الحالات الى إطلاق مقولة : " صورني وآني ما أدري ".

  الشيعة بعد حصولهم على السلطة كان هدفهم رفع الظلم عنهم بعد سنين عجاف، لكن الهم الأكبر كان هو وحدة المشروع الشيعي ضمن الإطار الوطني، وأن تكون لهم كتلة سياسية قوية موحدة توازي كتلتهم البشرية والإقتصادية، وهذا تم إجهاضه عام 2010 بعد إنفراط عقد التحالف الوطني وتحوله الى كتل سياسية متناحرة فيما بينها، ما زالت نتائجها السلبية تزداد كل يوم، وكأنها كرة ثلج تكبر كلما تتدحرج.

   فقدان السلطة من الأقلية الحاكمة، والخلافات السياسية والتحشيد الطائفي والدفع الإقليمي جعل السنة يتجهون لمعارضة التغيير السياسي الجديد، على الرغم من إتساع مشاركتهم فيه وعدم إقتصارها على عائله أو قبيلة محددة، فكانت لهم يد في السلطة ويد تدعم الإرهاب، وصولا الى الإقتتال الطائفي وإجتياع عصابات داعش جميع الأراضي التي يقطنها السنة وسط رضا ودعم من الغالبية، نتج عنه حرب دامت ثلاث سنوات هدمت المدن وشردت السكان وآلاف الضحايا، وما زال قادتهم وتمثيلهم السياسي هو نفسه.

   الأكراد رجل على جبل؛ ينتظر إنجلاء الغبرة ليحظى بالمغانم، وهذا حالهم منذ إنفراط عقد إتفاقهم التاريخي مع التحالف الشيعي عام 2010 وإقتصاره بين طرفين، مما ولد مشاكل كبرى داخل التحالف الكردستاني، هي شبيهة بمشاكل التحالف الشيعي، لكن بالمحصلة هم المستفيدون من أي خلاف بين المكونات الشيعية نفسها، أو بين المكونات الشيعية والسنية، وهذا جعلهم يتجاوزن مفهوم الفيدرالية الى الكونفدرالية، رغم أن ذلك لم ينعكس على الوضع الإجتماعي الكردي الذي يمر بأزمة إقتصادية بسبب الفساد المستشري.

   ذلك ولد مفاهيم جديدة على المجتمع العراقي، منها تعدد الولاءات وإختلاف الأجندات والإستقواء بالخارج، ونفور أجيال ما بعد 2003 من الوضع السياسي، والإختلاف في تفسير مفهوم الوطنية بين المكونات العراقية، والتي يفسرها كل منهم بحسب منظوره الخاص، متهما الآخرين بالقصور فيها، ورغم التمايز بين  من ضحى دفاعا عن وطنه وبين من أحرق الأخضر واليابس، وبين من يحاول أن يبتلع ثروات وطنه دون أن يكترث للآخرين، ضاع المفهوم العام للوطنية، فضاع الوطن.

   وسط هذا التشظي وإختلاط المفاهيم، وإنحدار العملية السياسية في العراق، والفشل الحكومي بالنهوض بالواقع الإقتصادي والتداعيات التي أفرزتها الصراعات السياسية والحرب على الإرهاب، إنفجر الشارع العراقي بحشود بشرية رافعة الأعلام العراقية، صادحة بهتاف : نريد وطن، ورغم ما رفقها من أحداث سلبية، بعضها كان تصرفات فردية، وبعضها بتأثيرات حزبية وتدخلات دولية، لكنها ألغت المفاهيم السابقة عن الوطنية، وكتبت على جدران ساحة التحرير، والساحات الأخرى عنوانا أسمه : العراق أولا.

   ربما نختلف مع كثير من الشخوص التي قادت المظاهرات فكريا، ونتقاطع مع من حاول إخراجها عن سلميتها، ونستنكر ما جرى من بعض الأحداث خلالها، ولكن من سمتهم المرجعية الدينية بالأحبة لهم الحق في التعبير عن آرائهم، والمشاركة في إدارة بلدهم ورسم سياسته، وفق الأطر الديمقراطية والدستورية.

 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


ثامر الحجامي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2020/08/31



كتابة تعليق لموضوع : الوطنية بين سندان المحاصصة ومطرقة الطائفية
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net