صفحة الكاتب : يحيى غالي ياسين

من أوراق كربلاء الورقة الرابعة عشر : عُقد نفسية وراء قتل الإمام الحسين ع
يحيى غالي ياسين

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

اكثر مواقف وقرارات وردود أفعال الإنسان - كفرد ومجتمع - تعود الى عقله الباطن لا المعالجات العقلية الآنية والسريعة ، وما الأخيرة الّا نتاج من نتاجات الأول بنسب متفاوتة ومختلفة .. والعقل الباطن هو تلك الشخصية التي بُنيت على أسس وراثية ومواريث اجتماعية وصدمات نفسية واحداث تاريخية ومواقف .. الخ فهو تربية قد ترباها الانسان من محيطه الخارجي وشخصيته الوراثية ومسيرته الحياتية ..

وكما أن الإسلام عانى في بدايته وصدر بعثته من تلك الرواسب والعقد الجاهلية التي انطوت عليها الشخصية الفردية والاجتماعية العربية ، كذلك عانى ائمة اهل البيت عليهم السلام بعد رسول الله من تلك الرواسب مضافاً لها اخطاء عظمى ارتكبها المجتمع الاسلامي بعد الرسول ص وآله ليس محلّ ذكرها الان ..

ظُلم أمير المؤمنين ع على خلفية تلك الرواسب والعُقد النفسية المتراكمة ، وظُلمت الزهراء عليها السلام على إثرها وولدها الامام الحسن عليه السلام كذلك ، الّا أنّ ذلك ظهر على أوجّه مع ابي عبد الله صلوات الله عليه فوقعت المظلمة العظمى على هذا البيت الطاهر ..!!

اجتمعت الكثير من العُقد النفسية في صناعة كربلاء ورسم سيناريو قتل ابي عبيد الله عليه السلام ، وما امتناع الامام عن بيعة يزيد عليه لعنة الله الّا شرارة استعرت على إثرها تلك العُقد وجعلتها تطفوا على السطح ، وهذه العُقد كما قلنا بعضها اجتماعية يعيشها المجتمع الاسلامي وبعضها عائلية وبعضها فردية ..

فيزيد بن معاوية كانت عقدة الثأر واضحة لديه ولم يتستر عليها وافصح عنها بأشعار جزلة ومشهورة ومُحققة تأريخياً :

لستُ من عتبة إن لم انتقم + من بني أحمد ما كان فعل .

وقوله :

نعب الغرابُ فقلتُ صٍحْ او لا تصح + فلقد قضيتُ من الغريمِ ديوني .

فعداوة بني أمية لبني هاشم مستعرة قبل الاسلام ، ثم جاء الاسلام واختارت السماء النبي من بني هاشم فاشتعلت تلك العداوة وتأصلت اكثر من جانب بني أمية ، وما زاد من الطين بلة هو ما حصل من معارك بين المسلمين ومشركي قريش وحتى فتح مكة ودخول رؤوس بني أمية كرهاً للاسلام بعد ان عفى عنهم النبي وقال لهم اذهبوا فأنتم الطلقاء .. ثم ما حصل بين امير المؤمنين والحسن عليهما السلام مع معاوية من حروب .. كل ذلك انتج حقداً وتنمّراً على ابي عبد الله واهل بيته وصحبه من قبل يزيد عليه لعائن الله ..

ومن هذه العُقد ايضاً والتي رُحلّت من الجاهلية الى كربلاء هي عقدة النسب عند عبيد الله ابن زياد عليه لعائن الله ، هذه الورقة الرابحة التي استعملها يزيد على ابن زياد ، فزياد ابن زنا ، ولم يُعرف أبوه ، فلحقه بنو أمية بهم في حادثة تأريخية مشهورة ، ولهذا فقد هدد يزيد عبيد الله في ذلك : ( قد بلغني ان أهل الكوفة قد كتبوا الى الحسين في القدوم عليهم ، وانه قد خرج من مكة متوجهاً نحوهم ، وقد بُلي به بلدك من بين البلدان ، وايّامك من بين الأيام ، فإن قتلته وإلا رجعت الى نسبك والى أبيك عُبيد ، فاحذر أن يفوتك ) تأريخ اليعقوبي ٢:٢٤٢

ومنها عقدة الجبن الاجتماعي الذي أصاب الكثير من المسلمين وحب الدنيا والعقدة من الحروب داخل الاطار الاسلامي خاصة تلك التي خاضوها مع معاوية في ايام امير المؤمنين ع والامام الحسن ع حتى اصبحت هذه العقد تمثل النفسية الاجتماعية العامة المسيطرة على المسلمين انئذ وخاصة اهل الكوفة وخوفهم من جيش الشام وطغيان بني امية .. هذه العقدة التي جعلت من هذا المحيط الاجتماعي محيطاً خاوياً يعاني من انفصام الشخصية والتصرف بما لا يمليه عقل ولا ضمير ..

بهذه العُقد النفسية وغيرها، وبهكذا عقل باطن قُتل الحسين وسبيت عياله وجرت تلك المظلومية العظمى ..

مع ورقة اخرى ان شاء الله تعالى


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


يحيى غالي ياسين
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2020/09/06



كتابة تعليق لموضوع : من أوراق كربلاء الورقة الرابعة عشر : عُقد نفسية وراء قتل الإمام الحسين ع
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net