الجزائر تصدر كتابا شاملاً عن المناضلة جميلة بوحيرد يضم قصيدة للشيخ عبدالزهراء العاتي عن (جميلة الجزائر)!
د . ابراهيم العاتي
د . ابراهيم العاتي
ارسل لي منذ مدة قريبة احد تلامذتي الاعزاء الذين درستهم في جامعة قسنطينة وهو الدكتور حميدات صالح الاستاذ في جامعة بسكرة في الجزائر، صورة من غلاف كتاب عن المناضلة الجزائرية جميلة بوحيرد، يتضمن قصيدة لوالدي الشاعر الشيخ عبد الزهراء عاتي عن (جميلة الجزائر)، فشكرته على ذلك، واثنيت على المؤسسات الثقافية الجزائرية التي توثق تاريخها السياسي والجهادي ليكون ذخرا للاجيال.
وجميلة بوحيرد مناضلة جزائرية ولدت في حي القصبة العريق في الجزائر العاصمة، وانطوت على روح المقاومة منذ طفولتها، وحينما اندلعت شرارة الثورة الجزائرية عام 1954 بقيادة جبهة التحرير الوطني انضمت الى صفوفها، وعملت في اخطر واصعب المناطق في العاصمة، فحولت حياة المحتلين الى جحيم، كما نزلت بسمعة اجهزة الامن القمعية للمحتل الى الحضيض، لانها فشلت في تحديد هويتها او العثور عليها بعد كل عملية كانت تقوم بها..وبعد ثلاث سنين من البحث والمطاردة توصلوا اليها لكنها افلتت منهم فاصيبت بطلق ناري وسقطت على الارض وهي تنزف، واعتقلت لتبدأ رحلة شديدة القسوة والدموية، حيث جرّب الجلادون اصناف التعذيب المختلفة عليها، لينتزعوا منها اعترافا واحدا على زملائها فما استطاعوا،فأنشأوا محكمة صورية قضت باعدامها، وهنا تحرك العالم بأسره للدفاع عنها، ووصلت ملايين البرقيات الى الامم المتحدة تطالبها بالتدخل، فاضطرت السلطات الفرنسية الى تأجيل الحكم بالأعدام ثم تحويله الى السجن المؤبد، حيث اطلق سراحها بعد انتصار الثورة وخروج المحتل، لكن جميلة اضحت أيقونة النضال والتحرير وملهمة الشعراء والادباء، ومنهم العلامة الشيخ عبدالزهراء العاتي (1926-1985)، الذي كتب العديد من القصائد المساندة للثورة الجزائرية منذ انطلاقها في الخمسينيات، كان يلقيها في جمعية الرابطة الادبية في النجف وتنشرها الصحف والمجلات العراقية والعربية، ومنها قصيدته عن جميلة التي نشرتها مجلة الرابطة في حينها، وأعاد نشرها الأخ والصديق العزيز الاستاذ محمد سعيد الطريحي في (مجلة الموسم) (1).
اما الكتاب الجديد الذي نشر قصيدة الشيخ العاتي عن هذه المناضلة فقد اصدرته جامعة تلمسان عام 2011 بمناسبة الاحتفال بمدينة تلمسان عاصمة للثقافة الاسلامية، وهو من تأليف الدكتور شريبط أحمد شريبط استاذ الأدب العربي في جامعة عنابة في الجزائر، وقدمت له وزيرة الثقافة الجزائرية الاستاذة خليدة تومي التي قالت في تقديمها:
(بأي الكلمات يمكنني أن أقدم هذا السفر النفيس المكتنز بلآلئ الشعر المجنح الذي صاغ بإبداعية فائقة ملحمة العنفوان، والاستبسال، لامرأة بحجم وعظمة الفدائية جميلة بوحيرد التي دوى اسمها في الآفاق، وترددت بطولاتها على مسمع الكون، فنالت بحق شرف التمجيد، والتخليد ..وكأنها في رمزيتها الإنسانية الدالة قد جمعت في كينونتها كل الضمائر الحية..فاحتشد المئات من الشعراء في الوطن العربي من أقصاه إلى أدناه يتغنون بشجاعة البطلة الأسطورية، وهي تتحدى الجلادين في لحظات تاريخية نادرة يصعب استعادتها، أو تكرارها لولا هذه النصوص السامقة التي رافقتها في محنة التوهج والشموخ، ولم يحدث في تاريخ العرب المعاصر أن حظيت امرأة، كما حظيت جميلة بكل هذا التمجيد القشيب المؤثث بروائع الإنشاد الشعري المتسامي)! (2).
هذا بعض من تاريخ النجف الناصع في دعم الثورة الجزائرية وشعوب المغرب العربي بالكلمة الصادقة التي تحرك الجماهير للضغط على حكوماتها لدعم تلك الثورة التي كانت محاصرة من فرنسا المستعمرة ومعها حلف الناتو وربيبته اسرائيل!
(1) مجلة الموسم، العدد 18، ص134، 1994.
(2) جريدة البيان، الموقع الالكتروني، 13/6/2014.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat