صفحة الكاتب : د . الشيخ عماد الكاظمي

في رحاب سيد شباب أهل الجنة الإمام الحسن المجتبى "عليه السلام" -٣-  
د . الشيخ عماد الكاظمي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 روي عنه  ;عليه السلام  ((ما تَشَاوَرَ قَوْمٌ إِلا هُدوا إلى رُشْدِهِمْ)).  
  المصدر: تحف العقول / الحسن بن شعبة الحراني 
   تأملات في الحديث:   
 ١- إنَّ الأسلوب الذي ورد فيه الحديث هو أسلوب (النفي والاستثناء) فالنفي (ما تشاور)، والاستثناء (إلا هدوا)، وهو من الأساليب التي تؤكِّد على الأمر، وهذا السلوب من أقوى أسليب القصر، وفيه قصر الموصوف على الصفة، وكأنه يقول: إنَّ القوم الموصوفين بصفة التشاور لا بد أنْ يكون ذلك التشاور منهجًا إلى الرشد والصلاح، ومثلهم كثير في القرآن الكريم والأحاديث، مثل: (لا إله إلا الله)، (وما محمدٌ إلا رسولٌ)، واستعمال هذا الأسلوب دلالة واضحة على أهمية المقدمة (التشاور) والنتيجة (الهداية).  
 ٢- إنَّ في الحديث دعوة للتمسك بالمنهج القرآني، فالقرآن والعترة صنوان لا يفترقان في دعوة بعضهم إلى الآخر، والتوحيد بينهما في الدعوة إلى الحسنى، فالقرآن يدعو إلى التشاور بين المؤمنين، وما في ذلك من تكامل المجتمع فيما بينهم، قال تعالى: ((وشاورهم في الأمر))، ((وأمرهم شورى بينهم)) فكثير من المسائل التي تخص المجتمع تحتاج إلى المشاورة بين أصحاب الخبرة للوصول إلى أفضل الآراء التي فيها الخير والصلاح، وقد ورد في الأثر ((من شاور الناس شاركهم بعقولهم)).     
  ٣- في الحديث دلالة على الدعوة إلى الحياة الاجتماعية التي فيها تتلاقح الأفكار والرؤى، دون الاستبداد بالرأي وما في ذلك من التعالي على الآخرين، وفرض الرأي عليهم، وهذه رسالة تربوية للناس عامة، وإلى الذين هم في مناصب معينة خاصة، في الإفادة من آراء الآخرين، وفسح المجال للاستماع إليهم، ففي ذلك مؤانسة لهم من جانب، وإعطاء الثقة بنفوسهم ثانيًا، وعدم إلغاء الآخر الذي يشاركك في العمل أو الحياة، فنحن لا نعلم لعل الله تعالى يتفتح آفاقه على على أحد عباده ممن لا نعرفهم، وقد رأينا في الواقع نجاح طريقة الاستبيانات التي توزع في موضوع معين، وما في ذلك من مقترحات مفيدة.      

  ٤- وفي الحديث حث الناس على الاجتماع في مناسبات محددة تجمعهم على ذلك والجلوس فيما بينهم؛ ليكون الهمُّ واحدًا مشتركًا بينهم، ويكون اتخاذ القرار في تحديد مصيرهم بعد دراسة وتفكير وتأنٍّ، لتكون النتيجة مطابقة للصلاح، أو أقرب إليه.  

  ٥- أظن أنَّ مبدأ مجالس النواب في السياسة الحديثة فيه نوع من أنواع التشاور الذي نقرؤه في الحديث، فكُلُّ شخصٍ في المجلس يمثِّلُ فئة محددة قد اتفق معهم على برنامج معين، وهم قد خَوَّلوه في ذلك، وبالتشاور مع الممثلين الآخرين يمكن الوصول إلى الرشد في الأمور المصيرية، وكُلُّ ذلك لو تمسَّك به كما ينبغي، ومن أهم ذلك هو طرح المنتَخَب أفكاره وآراءه على مجتمعه للاستماع إليهم وفهم ما يفكرون في قضية معينة ما، وهذه دعوة مهمة جدًّا ولكنها في الواقع لم يُحسن تطبيقها، بل لم تطبق.   
    ٦- من خلال التجربة الإدارية رأيت أنَّ موضوع تشكيل اللجان من الموضوعات المهمة في معرفة مسألة معينة، من خلال تشاور مجموعة فيما بينها، وتبادل الآراء والخبرات، وتحديدي المشكلة، وبيان الحل الأمثل لها، ولكن كُلُّ ذلك لو آمن الجميع بأنَّ التشاور هو الحل الأمثل، وليس استبداد المسؤولين الصغار أو الكبار، فيكون التفكير جماعيًّا، والقرار جماعيًّا، وفي ذلك الصلاح في الغالب.</p>
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . الشيخ عماد الكاظمي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2020/09/26



كتابة تعليق لموضوع : في رحاب سيد شباب أهل الجنة الإمام الحسن المجتبى "عليه السلام" -٣-  
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net