صفحة الكاتب : نبيل محمد حسن الكرخي

نقد كتاب اللاهوت العربي ليوسف زيدان – (6/8)
نبيل محمد حسن الكرخي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

بسم الله الرحمن الرحيم

الكتابات الدفاعية
تميزت المسيحية في القرون الاولى بظهور كتابات لعلمائها تشرح فيها الايمان المسيحي وتدافع عن العقيدة وصحتها من وجهة نظر كاتبيها، استناداً الى ما ورد في رسالة بطرس الاولى (3: 15): (بل قدسوا الرب الإله في قلوبكم، مستعدين دائما لمجاوبة كل من يسألكم عن سبب الرجاء الذي فيكم، بوداعة وخوف). فهي ليست كتابات تأسيسية للعقيدة بل في معرض الدفاع عنها وشرحها. وقد اشار يوسف زيدان الى الكتابات الدفاعية بقوله: (وفي القرون الاولى للمسيحية، لم تُشنَّ حرب واحدة نظامية بين (المؤمنين) وغير المؤمنين من الوثنيين واليهود والهراطقة. وإنما كانت المواجهة تتم على نحو محدود، كما هو الحال في الكتابات الدفاعية، أي المدافعة عن العقيدة. او على نحو جماعي محدود، في المجامع المحلية المكانية) أو أوسع قليلاً في المجامع الكنسية العالمية (المسكونية) التي يلتقي فيها رؤساء الكنائس لبحث واقع الديانة ومستقبلها)[1].
ومن هذا يتضح الفرق الشاسع بين علم الكلام الاسلامي وبين الكتابات الدفاعية في المسيحية. فعلم الكلام هو علم تأسيس للعقيدة الاسلامية، بتفاصيلها الدقيقة. واما نقض العقائد الباطلة فنجده في كتب الاديان والمذاهب. اما الكتابات الدفاعية المسيحية فهي للدفاع عن حقانية المسيحية امام الآخرين من غير المسيحيين. 
"إن المشكلة الأساسية التي عانت منه كنيسة القرنين الثاني والثالث تمثلت في الاضطهادات الرومانية؛ فمنذ صدور مرسوم طرد المسيحيين من روما حوالي العام 58 وحتى العام 312 عانى المسيحيون من شتى أنواع الاضطهاد كان أقساها اضطهاد نيرون الذي شمل حريق روما، دومتيانوس الذي استمر سبعة وثلاثين عاماً واتخذت بداية هذا الاضطهاد أصل التقويم المعروف باسم التقويم القبطي أو المصري، وحسب مراجع الكنيسة القبطية الأرثوذكسية فقد قتل مئات الآلاف خلال هذا الاضطهاد. أنهى مرسوم الإمبراطور قسطنطين المسمى في التاريخ باسم مرسوم ميلانو عام 313 مرحلة الاضطهادات وشكل اعتناقه للمسيحية نقطة تحول هامة في التاريخ. وبعد المرسوم المذكور سنّ قوانين وسياسات بما يتفق مع المبادئ المسيحية؛ فجعل يوم الأحد عطلة رسميّة بالنسبة للمجتمع الروماني، وشرع في بناء الكنائس قبل أن يعلن المسيحية دينًا للإمبراطورية ويترأس مجمع نيقية عام 325م"[2]. وهذا يعني انه الى الربع الاول من القرن الرابع الميلادي كان من الصعوبة ان تظهر كتابات دفاعية نظامية في المسيحية، غير ان المسيحيين يقولون ان كتابات كوادراتوس أسقف أثينا سنة 125م هي اول الكتابات المسيحية الدفاعية والذي وجه دفاعه عن المسيحية إلى الامبراطور هادريان، كذلك كتابات أرستيديس الأثيني سنة 140م يعدونها من أقدم الكتابات المسيحية الدفاعية وأيضاً وجهها الى الامبراطور هادريان أو أنطونيوس بيوس. ولا يمكن المقارنة بين علم الكلام الاسلامي المبني على الفكر والبرهان بالاستدلالات العقلية والنقلية، مع تلك الكتابات التي قالوا عنها انها اقدم الكتابات الدفاعية والتي لاتحتوي على الحجة والبرهان، وإنما فقط كلام إنشائي ومدح للمسيحية وذم لغيرها من الوثنيين واليهود وعقائدهم!!   
 
ولم تكن هناك مؤلفات فردية لترسيخ العقيدة وبيانها بل يتم ذلك عن طريق المجامع المسيحية والتي تكون قراراتها ملزمة للجميع، ولذلك فقد نهضت قرارات تلك المجامع بمهمة الدفاع عن العقيدة المسيحية ونبذ كل تعليم يخالفها والذي يطلقون عليه وصف الهرطقات. 
جاء في الموقع الالكتروني للكنيسة الكاثوليكية في مصر التالي: (المجمع هو مصدر التعليم الكنسي، البابا من جهة ومن جهة أخرى مجموع الأساقفة المنتشرين في العالم كله، والمتحدين مع الكرسي الرسولي. المجامع الشرقيّة 8 مجامع، والغربيّة 13 مجمعًا)[3].
وذكروا في نفس الموقع المجامع المسيحية، نذكر منها هنا المجامع التي عقدت الى ما قبل فتح القسطنطينية سنة 1453م وسقوط الاندلس سنة 1492م، وهي كالتالي:
أ. في عهد الرسل: أوّل مجمع هو مجمع أروشليم عقِدَ سنة 49م، بخصوص اهتداء الوثنيّين.
ب. في القرنين الثاني والثالث: فحوالي سنة 175م عقد مجمع حرم المونتانية، وفي أواخر القرن الثاني دعا البابا فكتور إلى عدة مجامع عقدت في الشرق أيضاً، لحل مشكلة الاحتفال بعيد الفصح.
 
جـ. المجامع الشرقية:
1. مجمع نيقية الأول (325) الذي شجب تعليم آريوس القائل بأن الكلمة كائن وسط بين الله والخلائق، تبنّاه الله، وأعطاه أن يخلق الكائنات، والكلمة أدنى مرتبة من الله. واثبت امتيازات البطريركيات الثلاث الكبرى روما والإسكندرية وانطاكيا. وقرروا في هذا المجمع تاريخ عيد الفصح. ثم وضعوا صيغة قانون الإيمان.
2. مجمع القسطنطنية الأول (سنة381م): أثبت ضد مقدونيس لاهوت الروح القدس، الرب المحي، المنبثق من الآب. الذي هو مع الآب والابن يسجد لــه، النــاطق بالأنبياء. وقد نالت القسطنطينية، العاصمة الثانية، المقام الثاني بعد روما.
3. مجمع أفسس (سنة431م): والذي فيه حرم[4] نسطوريُس، الذي قسم المسيح إلى اثنين، وكان يرى في المسيح، لا اتّحاد طبيعتين بل اتّحاد شخصين، و العذراء أمّ يسوع الإنسان فقط.
4. مجمع خلقيدونيا (سنة451م): والذي فيه حرم اوطيخا (378-454) الذي مزج الطبيعتين في المسيح بحيث تذوب الــطبيعة البشرية في الـطبيعة الإلهية، أما العقيدة :” مسيح ورب واحد، الابن الوحيد في طبيعتين متحدتين في شخص واحد اتحاداً لا اختلاط فيه ولا تغيير، بحيث تبقى كل طبيعة تامة في ذاتها، متميزة عن الأخرى، محتفظة بخصائصها”. شخص واحد بطبيعتين كاملتين.
منذ هذا المجمع انشقت الكنائس المونوفيزية ( الأرمن والسوريان والأقباط والأحباش). ولذا فهذه الكنائس لا تعترف إلا بالمجامع الثلاثة الأولى دون سواها. والبند 28 من أعمال المجمع يعترف لبطريرك القسطنطينية بالمقام الأول بعد روما.
5. مجمع القسطنطينية الثاني (سنة 553م): شجب المجمع بعض التآليف والأشخاص المهتمين بالنسطورية.
6. مجمع القسطنطينية الثالث (سنة680م)[5]: حرم المجمع تعليم المشيئة الواحدة في المسيح فأثبت أن في المسيح مشيئتين.
7. مجمع نيقية الثاني (سنة787م): وضع هذا المجمع حداً للاضطرابات والأهوال التي أثارها محاربو الأيقونات، بإقراره مبدأ إكرام الأيقونات، وهو إكرام يعود إلى صاحب الأيقونة، ويختلف عن العبادة التي هي لله كل الاختلاف. الكنيسة الأرثوذكسية البيزنطية تعترف بهذه المجامع السبعة دون سواها. فهي كنيسة المجامع السبعة.
8. مجمع القسطنطينية الرابع (سنة869م): وقد أقال فوتيوس من بطريركية القسطنطينية وأعاد إليها البطريرك اغناطيوس الشرعي.
 
د. المجامع الغربية:
9. مجمع اللاتران الأول (سنة 1123م): سوّ قضيّة الانتخابات الكنسيّة حيث يعين البابا الأساقفة. وقاوم السيمونيّة، وطالب بإلزاميّة عزوبة الإكليروس،ثم حضّ الأمراء المسيحيّين على تحرير الأراضي المقدسة.
10. مجمع اللاتران الثاني (سنة1139م): حاول أن يعالج الانقسامات التي أحدثها في الكنيسة قيام باباوات كذبة. ثم شجب السيمونية، ودافع عن شرعية الأسرار، واصدر قوانين جديدة تعزز البتولية في صفوف الإكليروس.
11. مجمع اللاتران الثالث (سنة1179م):  أدان شيعة الكتار. التي تنادي بالأسرار، وبإكرام الأيقونات والصور، وبالطاعة لسلطة زمنية، وباتحاد الزواج، وتعليم هذه الشيعة يقوم على تعليم ماني، وتعليم الأزدواج: فهناك مبدآن في الدنيا يتعاركان، الكامل والناقص، إله الخير وإله الشر. والحقيقة أن هذه الشيعة تنكر حقيقة التجسد، وتقول بالتناسخ.
 12. مجمع اللاتران الرابع (سنة 1225م): أدان بعض البدع، وقرر حملة صليبيّة، وحدّد موانع الزواج، وفرض على المؤمنين الاعتراف السنوي والمناولة الفصحيّة، والاستحالة الجوهريّة في سرّ الإفخارستيّا.
13. مجمع ليون الأول (سنة 1245م): أصد قراراً بإقالة الإمبراطور فريدريك الثاني ( 1194-1250) مغتصب أملاك لكنيسة وخانق حريتها، قرر إغاثة مسيحي الشرق بمدّهم بالمساعدات.
14. مجمع ليون الثاني سنة (1274- )م: أعاد للمرة الأولى الاتحاد مع الكنيسة الشرقية، ولكن بصورة عابرة. وقد اعترفت فيه الكنيسة الشرقية بسلطة البابا العليا وبحق الالتجاء غلى منبره السامي.
15. مجمع فيينا سنة (1311- 1312)م: ألغى رهبنة الهيكليين.
16. مجمع كونستانس سنة (1414- 1418)م: وقد التأم ليضع حداً لما نسميه بانشقاق الغرب. وأدان بعض الهرطقات.
17. مجمع فلورنسا سنة (1439-1445)م: وكان له غايتان: إصلاح الكنيسة ومحاولة الاتحاد مع الكنائس الشرقية. فتم الاتفاق مع اليونانيين،و الأرمن واليعاقبة، والنساطرة.
 
والى جانب ذلك نجد ان اقدم الكتابات المسيحية هي:
•        كتابات أغناطيوس الأنطاكي (35- 107)م، نُصب أسقفاً لكنيسة أنطاكية سنة 69 أو 70م، كتب عدة رسالات بقيت منها سبعة رسائل هي رسائله الى كنيسة أفسس، وكنيسة مغنيزيا، وكنيسة فيلادلفيا، وكنيسة سميرنا، وكنيسة ترالس، وأسقف كنيسة سميرنا "بوليكاربوس"، وكنيسة روما. ورسائله هذه هي من نفس النمط الوعظي لرسائل بولس في العهد الجديد، وهذا يكشف عن نقطة اخرى ربما غائبة عن اذهان البعض وهي ان بولس نفسه في رسائله لم يستعمل الكتابات الدفاعية ولم يكن هذا المنهج واضحاً في الكتابات المسيحية الاولى بمختلف المناهج آنذاك سواء المنسجمة مع بولس ودعوته في إلوهية المسيح أو آريوس ودعوته في بشرية المسيح او غيرها من المناهج التي أسست مذاهب مسيحية متعددة. جميعها خلت من الكتابات الدفاعية في تلك الفترة.
•        كتابات مار إفرام السرياني المولود في مدينة نصّيبين في مطلع القرن الرابع الميلادي، وهاجر الى مدينة الرهّا وتفرّغ فيها للتدريس في مدرستها، فدرّس الكتاب المقدس شرحاً وتفسيراً وبذلك يكون أقدم من فسّر الكتاب المقدس من السريان، وفي تلك المدينة ناهض أفرام من خلال تعليمه اللاهوتي "البدع الدينية" و"الهرطقات العقائدية" مما جعل يوحنا الذهبي الفم (407م) يصفه قائلاً: (كان على الهراطقة كسيف ذي حدّين، وقد قاوم في كتاباته التيارات الفكرية المعاكسة للدين القويم دون أن يلجأ دائماً الى البرهان المنطقي الفلسفي بل كان في عظاته الأدبية وأناشيده وأشعاره يثبت الايمان في قلوب المؤمنين ويبعدهم عن الضلال)[6].   
•        كتاب القديس أوغسطينوس (354- 430)م «الاعترافات»، وفيه يسرد قصة شبابه وتحوله إلى المسيحية. وكذلك كتابه «المدينة الفاضلة» وهو ليس من الكتب الدفاعية.
•        كتابات يوحنا ذهبي الفم (347–407)م، بطريرك القسطنطينية. واشتهر بعظاته (مواعظه). وأبرز كتاباته هي:
ـ مقاله الأول: "مقارنة بين الملك والراهب Comparatio regis et monachi".، أراد فيه أن يجتذب بعض أصدقائه من إنطاكية، خاصة ثيؤدور للحياة الرهبانية.
ـ ثلاثة كتب تحت اسم Adverssus oppugnatores vitae monastiac يهاجم فيها أعداء الرهبنة ويفند حججهم، محمسًا الآباء أن يرسلوا أولادهم إلى الرهبان لينالوا تعليمًا علميًا ويمارسوا حياة الفضيلة.
ـ  انجرف صديقه ثيؤدور وراء شهوته فأعجب بامرأة جميلة تدعى Hermoine، فترك طريق الرهبنة وأراد الزواج منها، لكن يوحنا أسرع فكتب رسالتين لصديقه تحت عنوان(علاج سقوط ثيؤدور) "Paraeneses ad Theodorum lapsum" يدعوه فيهما للتوبة والعودة إلى الحياة الرهبانية.
ـ كتب مقالاً تحت عنوان تعزية ستاجيريوس Ad Stagirium a daemone vexatum:  كتب مقاله هذا في ثلاثة كتب موجهة إلى راهبٍ شابٍ، يشجعه في تجربة قاسية حلت به. لقد انهمك ستاجير في ممارسة نسكية عنيفة، وأصيب بنوبة صرع، وحكم عليه البعض أن به روحًا نجسًا.
ـ بدأ يكتب أثناء دياكونيته (الحصول على رتبة الشمّاس) عن الحياة المسيحية في اتجاه نسكي: عن البتولية وعن الندامة De Compunctione، وإلى أرملة شابه، والزواج الوحيد، والمجد الباطل وتربية الأطفال liberis De inani gloria et de educandi .
ـ كتب مقالان "دفاعيان"، الاول عن "القديس بابيلاس[7] وضد يوليانوس[8]"، موجهًا للأمم De S.Babyla s,contra Julianum et Gentiles . والمقال الثاني "ضد اليهود والأمم مبرهنًا على لاهوت المسيح Contr Judaeos et Gentiles quod Christian sit deus[9]. ولكن هل هي كتابات دفاعية بالمفهوم الحالي للكتابات الدفاعية؟!! 
فهذه جميعها كتابات دينية، ولكنها لا ترقى في حقيقتها الى كونها كتابات دفاعية متخصصة، فحتى مقاله الذي يبرهن فيه على لاهوت المسيح فهو لم يدخل في تفاصيل اللاهوت والناسوت والعلاقة بين طبيعة المسيح اللاهوتية والناسوتية والذي كان مدار خلاف بين المذاهب المسيحية المتعددة ويتم تقرير عقيدته في المجامع العامة. فخلت كتاباته عن مناقشة مقررات المجامع المسيحية التي عاصرها كمجمع القسطنطنية الأول (سنة381م) والذي أثبت ضد مقدونيس لاهوت الروح القدس. وفي المقابل نجد انَّ علم الكلام الاسلامي معني بالتفاصيل العقائدية والبراهين والاثباتات العقلية والنقلية بتفاصيلها، ولا يكتفي بالخطوط العامة فحسب.
 
•        كتابات الفيلسوف توما الأكويني (1225 - 1274)م، في الفلسفة واللاهوت. وهو يعتبر من المتأخرين، حيث عاش في القرن الثالث عشر الميلادي. ويعتبر كتابه (خلاصة اللاهوت) أبرز الأعمال الدفاعيَّة المسيحيَّة.
 
فمما سبق يتضح أنَّه لم تكن هناك كتابات دفاعية في منطقة الهلال الخصيب قبل ظهور الاسلام عند المسيحيين مشابهة لعلم الكلام الذي ظهر بعد الاسلام بين المسلمين. وبذلك يتضح خطأ الذهاب الى الربط بين الكتابات المسيحية الدفاعية وبين علم الكلام الاسلامي، وكذلك خطأ القول بأن علم الكلام الاسلامي هو امتداد للكتابات الدفاعية المسيحية، أو أنه متأثر بها.
أيضاً هناك نقطة مهمة ينبغي الإلتفات اليها وهي ان الأصل في المسيحية هو الايمان الذي يسبق العقل والبرهان بل ويترفع عنهما وان الكتابات الدفاعية عندهم تقصد شرح الايمان والعقيدة المسيحية وبيان جودة اعتناق المسيحية والدفاع عن الايمان المسيحي بمعزل عن العقل والبرهان!! فالاصل في المسيحية هو الايمان ومن بعده يأتي دور الدليل إنْ وُجِدَ، فليس كل شيء عندهم بدليل، أبداً!! بخلاف الاسلام الذي يُبنى الايمان فيه على الدليل والبرهان والحجة الصحيحة. وعلى ذلك فشتّان بين الكتابات الدفاعية المسيحية وبين علم الكلام الاسلامي الذي لا نجد له نظيراً من حيث المنهج في الامم التي سبقته.
 
"الهرطقة" في منطقة الهلال الخصيب:
تحدث الاستاذ يوسف زيدان عن المذاهب المسيحية التي ظهرت في منطقة الهلال الخصيب والتي يسميها المسيحيون بالهرطقات، فقال: (فسوف نقتصر فيما يلي على ذكر أشهر الهرطقات ومشاهير الهراطقة الذين انتموا الى المحيط الثقافي العربي. مع تأكيد أن الآتي ذكره من هرطقات ومهرطقين ظهركله في منطقة الهلال الخصيب، ولم يظهر شيءٌ من ذلك ولا شيء شبيه به في أي منطقة أخرى من العالم المسيحي الرحيب إلا متأثراً بالأصل (الهرطوقي) الذي ظهر أولاً في منطقة إنتشار الثقافة العربية المشتملة على عناصر عبرية. وهناك شواهد عديدة على كثافة الحضور العربي في تلك النواحي التي ظهرت فيها تلك الاجتهادات اللاهوتية (الهرطوقية) منها مثلاً أن أساقفة أورشليم كانوا كلهم منذ القرن الرابع الميلادي، من العرب. وأن الملكة العربية ماوية التي اتسع سلطانها حتى تعدى حدود الدولة البيزنطية في آسيا الوسطى، ووصلت جيوشها الى هناك، اشترطت كي تقبل الصلح مع الامبراطور البيزنطي أن تنصِّب على الشام أسقفاً بعينه هو بطرس العربي. ناهيك عن دعم الملكة العربية زنوبيا لبولس السميساطي صاحب الاجتهاد الكنسي الشهير)[10]. ثم ذكر كل من: الابيونية، بولس السميساطي، لوقيانوس، آريوس، مكدونيوس، أبوليناريوس، نسطور، أوطيخا، المونوثيلية.
الخطأ الذي وقع فيه الاستاذ يوسف زيدان في هذا النص انه خلط بين انتشار بعض القبائل العربية في منطقة الهلال الخصيب وبين ان تكون ثقافة تلك المنطقة هي ثقافة عربية! فمن المعروف ان الاغلبية السكانية التي كانت تعيش في منطقة الهلال الخصيب قبل الاسلام كانت ذات ثقافة آرامية وسريانية، وحتى القبائل العربية كانت تستخدم اللغة الآرامية والسريانية في مخاطباتها ونشاطها التجاري. فمن المجازفة بمكان ان يقال ان ثقافة منطقة الهلال الخصيب في تلك الفترة هي ثقافة عربية إذ لا توجد أي ملامح لها آنذاك لا من حيث اللغة المتداولة على نحو واسع ولا من حيث الحروف الهجائية المستعملة في الكتابة. 
وسوف نستعرض المذاهب التي ذكرها يوسف زيدان ونبين ان بعضها وإنْ ظهر في منطقة الهلال الخصيب الا انه لم يكن ذو ثقافة عربية، كما ان بعضها لم يظهر في منطقة الهلال الخصيب. وهي: الابيونية، بولس السميساطي، لوقيانوس، آريوس، مكدونيوس، أبوليناريوس، نسطور، أوطيخا، المونوثيلية.
 
فأما الابيونية فقال انها جماعة يهودية وانها عاشت في شرق الاردن في القرنين الثاني والثالث الميلاديين، ثم اختفت أواخر القرن الرابع الهجري[11]. وكانت ترى يسوع انه المسيا او المسيح المخلّص وانه محض نبي من الانبياء وكان مولده طبيعياً دون أي معجزات بتولية غير انه ذو مكانة خاصة وله أهمية قصوى ما يميزه عن بقية الانبياء[12]. وقال: (ان الابيونية ظهرت وعاشت عند نقطة التقاء الجزيرة العربية بالهلال الخصيب، وتحديداً في بادية الشام، حيث سادت من قبلها بقرون الثقافتان العربية والعبرية مع غيرهما من الثقافات التي كانت تحتفي بالنبوّة ولا تتفهم العلاقة التمازجية بين الله والإنسان إلا على قاعدة النبوة ولا تستسيغ إطلاقاً جمعهما معاً على قاعدة النبوة)[13]. وهذا النص يفتقر للدليل التاريخي، فإن الادعاء بان هناك ثقافة عربية في منطقة الهلال الخصيب في القرون الميلادية الاولى يحتاج الى اثبات تأريخي لا يتمكن منه المؤرِّخون والمختصِّون لأن الادلة بخلافه. فالثقافة التي سادت ممالك الحضر وتدمر وتنوخ - كما بيناه في مواضع سابقة - لم تكن ثقافة عربية إطلاقاً. 
 
وأما بولس السميساطي فهو أسقف انطاكية عاش في القرن الثالث الميلادي حيث كانت مملكة تدمر تسيطر على الانحاء المحيطة[14]. كما انه في تلك الفترة كانت هناك الملكة العربية ماوية التنوخية التي خلفت زوجها في حكم منطقة واسعة جنوب الشام وكانت معاصرة للامبراطور فالنس (364- 378)م، ونصبت الناسك موسى العربي أسقفاً على الرها سنة 374م كشرط للصلح مع الامبراطور البيزنطي[15]. ويشير يوسابيوس القيصري الى ان السميساطي كان يُحيي هرطقة سابقة عليه هي بدعة أرتيمون التي حاول بولس السُّميساطي أن يبعثها من قبرها ثانية[16]. وكان السُميساطي يذهب الى ان المسيح مجرد إنسان[17].
وأمّا لوقيانوس فهو قسيس انطاكي استشهد في زمن الاضطهاد سنة 312م وكان يقول ان الله واحد لا مساوي له وأن كل ما هو خارج عنه فهو مخلوق ومن ثم فإن الكلمة (اللوجوس) مخلوق والحكمة مخلوقة[18]. وقد عُدَّ لوقيانوس مصدراً مباشراً لهرطقة تلميذه آريوس صاحب الهرطقة (المفزعة) تالية الذكر، حتى شاعت مسؤولية لوقيانوس عن العقيدة الآريوسية. لذلك قيل ان مدرسة أنطاكية لتفسير الكتاب المقدس هي المصدر الأصلي للعقيدة الآريوسية. وقيل ان لوقيانوس هو رأس هذه المدرسة بل هو الآريوسي الأول قبل آريوس نفسه! وقد أوضح بطريرك (بابا) الاسكندرية إسكندر المتولّي الكرسي المرقسي بين عامي 296 و328 ميلادية (وسوف نشير إليه لاحقاً عند الكلام عن آريوس) أن لوقيانوس كان يبعث من جديد آراء بولس السُميساطي. ومنهنا ادان إسكندر بابا الاقباط أفكار القسيس لوقيانوس وحمل عليها بشدة في رسالة كتبها ضده، بعد مرور عشر سنوات على استشهاده[19].
 
وامّا آريوس المولود بين عامي 256-270م فقد كان قساً أسكندرياً اصله من ليبيا، وبعد دراسته الاولى في الاسكندرية ارتحل آريوس الى الشام ويقال انه تتلمذ حيناً للوقيانوس وعرف منه آراء بولس السُميساطي حسبما أشار لذلك أسقف الاسكندرية (البابا) المعاصر لآريوس: أسكندر، وقد بدأ الاشكال (الهرطوقي) الهائل المرتبط بآريوس في النصف الثاني من حياته وتحديداً بعد انتقاله الىمنطقة الشام والتفاف اناس حوله واعجابهم بآرائه. ثم أخذت الازمة بعد ذلك في التصاعد شيئاً فشيئاً، فقد كتب اسقف الاسكندرية أسكندر رسالة الى زميله اسقف القسطنطينية واسمه ايضاً اسكندر يندد فيها بأقوال آريوس ويدعو لعقد مجمع مسكوني لمحاكمته.ويقول الاسقف السكندري فيرسالته هذه عن آراء آريوس ان الله لم يكن دوماً (الآب) وقد خلق الله المسيح (الابن) من العدم في زمن معين لم يكن قبله الابن موجوداً ولا كان الله قد صار بعدُ (آب) لأنه صار كذلك حين خلق الأبن وبالتالي فالابن مخلوق ولا يمكن ان يساوي الله في الجوهر، ويسوعهو (المسيح) وليس هو الكلمة (اللوجوس) ولا الحكمة لأنهما صفتان إلهيتان لا تتوقفان على مخلوق وإلا صار الله عرضة للتغيُّر مثل الخلائق[20].
ومن الملاحظ ان مذهب آريوس سبق بقية المذاهب المسيحية (الكاثوليكية والآرثوذكسية وغير الخلقيدونية، والبروتستانتية بطبيعة الحال) في الظهور، فقد ذكر آريوس عقيدته قبل ان تتشكل بقية عقائد الفرق المسيحية، بل إنَّ عقائدها هي رد فعل على عقيدة آريوس. وبذلك ينبغي التأكيد على أن عقيدة آريوس أقدم في الظهور من بقية العقائد المسيحية.
فالاستاذ يوسف زيدان يعتبر ان هذه "الهرطقات" ظهرت بفعل تأثير بيئة الثقافة العربية في منطقة الهلال الخصيب، وهو بذلك يجاري الفكر المسيحي الذي يعتبر العقيدة التأليهية للمسيح هي الاصل الذي جاء به المسيح (عليه السلام) وما خالفها طاريء في الظهور الديني ومتأخر عنها في الظهور التأريخي! بينما نظرة الباحث المنصف والعالم بالتاريخ يجب ان تكون متجردة عن اية رواسب. فالابيونيين لم يظهروا فجأة في التاريخ بل هم امتداد لفكر ديني سبقهم يرفض إلوهية المسيح، وكذلك افكار لوقيانوس وآريوس وغيرهما.
 
وأمَّا مكدونيوس فقد عاش في زمن الامبراطور قسطنطين ويقال انه كان بطريرك القسطنطينية وكان معاصراً لآريوس وسائر على خطاه حسبما يرى مؤرخو الكنيسة المعاصرون الذين يؤكدون ان هرطقته تفرَّعت عن الآريوسية حتى ان اتباعه يسمون بالنصف آريوسيين ونقل عنه قوله بأن الروح القدس مخلوق مثل بقية الملائكة وبالتالي فهو يفارق الله بطبيعته، ثم طوّر اتباعه اقوالهم المضادة للثالوث بناءاً على مفهوم (التبني) الذي اختاره آريوس كأساس للعلاقة بين الله والمسيح أو بين الآب والابن، إذ كان مقصود اتباع مكدونيوس أساساً تبرئة الله من الشريك والمِثْلِ والشبيه والمساوي سواء أكان ذلك الشريك هو المسيح أم كان الروح القدس[21].
 
ويقول يوسف زيدان: (ولا يعتقدن أحد هنا أو يظن أنني انظر الى هؤلاء المطرودين من (حظيرة) الايمان الآرثوذكسي من زاوية الموروث الكلامي الاسلامي الذي تشكَّل من بعدهم بقرون، بل أنني أرى في الواقع أن الموروث الكلامي الاسلامي هو الذي كان امتداداً لهم، ومتواصلاً معهم لأنه نتاج للعقلية ذاتها التي أنتجت هذه الافكار الدينية المسماة بالهرطقات)[22]. هذه الرؤية التي تفضل بها الاستاذ يوسف زيدان لا تستند الى وقائع تأريخية أو دينية، فقد بيّنا ان المذاهب المسيحية المتعددة التي يسمونها هرطقات والتي ظهرت في منطقة الهلال الخصيب تتميّز بالتالي:
اولاً: أنها مجتمعات بيئتها يهودية ولغتها آرامية وسريانية وعبرية، وحتى إنَّ العرب المتواجدين فيها قد كانوا ذائبين في ثقافتها، ولذلك فإنَّ السمة العامة لتلك المجتمعات انها مجتمعات (وثنية-يهودية- آرامية)، والسمة الوثنية هي السائدة فيها، وهي أبعد ما يكون عن المجتمعات التي تأسست فيما بعد في نفس المنطقة بعد هجرة القبائل العربية الاسلامية. 
ثانياً. ان منطقة الهلال الخصيب كانت تسود فيها الثقافة الوثنية بخلاف شبه الجزيرة العربية التي كانت تسود فيها الثقافة التوحيدية والتي ألقت ظلالها على الهجمة الوثنية التي غزتها بجهود عمرو بن لُحي الذي جلب الاصنام من بلاد الشام (الهلال الخصيب) كما في الروايات التي ذكرت ذلك.
ثالثاً. ان علم الكلام الاسلامي لم ينشأ في منطقة الهلال الخصيب وإنما في المدينة المنورة حيث كان علماء أهل البيت (عليهم السلام) والتابعين والمدارس الفكرية التي نشأت هناك.
رابعاً. ان كلام يوسف زيدان مبني على ان اصل دعوة المسيح كانت اإلوهية وان نفيها هو أمر طاريء عليها، وهذا يجلنب الصواب وفيه مغازلة للمسيحيين الاقباط في البيئة التي ينتمي إليها، لأن الباحث المنصف يمكنه الرجوع للنصوص التأريخية وعلى أقل تقدير يرجع الى نصوص الاناجيل الاربعة وكتب العهد الجديد ويدرسها دراسة تأريخية ليجد ان دعوى إلوهية المسيح لم ترد على لسان المسيح (عليه السلام) بصورة واضحة بحسب ما نسبوه له، فضلا ما تحتويه من اشارات واضحة الى وجود خلاف بين تلاميذ المسيح الاثني عشر (الحواريين) وبين بولس الذي اعتنق الايمان بعد انتهاء مرحلة حياة المسيح في الارض سنة 33م حيث ان بولس بدأ دعوته للمسيحية سنة 36م.
 
أمَّا بخصوص أبوليناريوس وهو أسقف اللاذقية (حوالي 315- 390)م وقد نُسِبَ اليه القول أن الانسان العادي مكوَّن من جسد ونفس وروح أما يسوع المسيح فهو مكوَّن من الجسد والنفس والكلمة (اللوجوس) والكلمة حلَّت محل الروح، وأتحد بالجسد والنفس لتكوين الاتحاد[23]. "يلخص لنا القمص تادرس ملطي هرطقة ابوليناريوس بعد أن يصفه بأنه كان: (من أكثر الكتّاب الكنسيين خصوبة وتعدُّداً في البراعات)! فيقول: اعتقد أبوليناريوس أن المسيح يمتلك ألوهية كاملة، لا ناسوتاً كاملاً. ولا يمكن أن يكون المسيح إنساناً كاملاً، لأن اتحاد اللاهوت والناسوت مناف للعقل، ويؤدّي الى الاعتقاد بإمكان نسبة الخطيئة الى المسيح، لأنه من شروط الانسانية، ولا بد أن يكون المخلص بلا خطية"[24]. وقد أُدين أبوليناريوس في حياته في مجامع (روما 377م ، الاسكندرية 378م ، أنطاكية 379م) وهي مجامع مكانية، ثم أدين أخيراً في المجمع المسكوني الذي انعقد سنة 381م بالقسطنطينية[25]. وأشار يوسف زيدان الى ان أفكار ابوليناريوس أثرت في اثنين من الاساقفة المشهورين وهما أيضاً من أهل الشام (الهلال الخصيب) الاول ديودور الطرسوسي والآخر تيودور المصيصي (الموبسويستي)، حيث قرر الاول منهما ضرورة الفصل بين اللاهوت والناسوت والتمييز الحاسم بين أبن الله وابن داود إذ إن اللاهوت عنده سوف ينتقص إذا كوَّن الكلمةُ والجسدُ معاً اتحاداً جوهرياً (أقنومياً)، بينما أكد تيودور المصيصي الإنسانية الكاملة لمسيح واعتبر ان الانسانية الكاملة لا تتحقق الا اذا كان المسيح شخصاً إنسانياً إذ أنه لا "وجود كامل" بلا شخصية، وقد اتخذ الله الكلمة لإنسان تام هو المسيح ليكون أداة لخلاص البشرية[26]. وقد ذكر اسقف الاسكندرية كِيُلُّس عمود الدين (متوفى 444م) في رسالة كتبها الى الامبراطور ثيودوسيوس الثاني ان نسطور اراد ادخال تعاليم هذين الاسقفين في العقيدة المسيحية.
 
اما نسطور (380- 449)م فقد ولد في قرية مرعش شمال حلب وكانت تسمى جرمانيقي وأصبح أسقف القسطنطينية سنة 428م، فقد كان يرفض ان تسمى مريم العذراء بلقب (والدة الإله)، ومن كلام نسطور الذي يبين جانب من عقيدته قوله: إنهم يدَّعون ان اللاهوت مُعطي الحياة قابل للموت (إشارة الى صلب المسيح وموته وقيامته بحسب عقيدة المسيحيين اتباع بولس) وهم يتجاسرون على إنزال الكلمة اللوجوس الى مستوى الخرافات المسرحية فكأن الكلمة طفل كان ملفوفاً بخرقٍ (القماط) ثم بعد ذلك يموت! إن بيلاطس لم يقتل اللاهوت بل حُلَّه اللاهوت. ولم يكن اللوجوس هو الذي لُفَّ بثوب كتاني (حين كان المسيح طفلاً) ولم يمت واهب الحياة، ومن الذي سوف يحييه ثانيةً (يقيمه) إذا مات ... الذي تشكَّل في رحم مريم ليس الله نفسه ... ليسالله هو الذي تألَّم لكن الله أتصل بالجسد المصلوب، لذلك سوف ندعو العذراء القديسة ثيوذوخوس (وعاء الإله) وليس ثيوتوكوس (والدة الإله) لأن الله الآب وحده هو الثيوتوكوس. ولكننا نوقِّر هذه الطبيعة (المسيح) التي هي حُلَّة الله، مع الله الذي استخدم هذه الحلَّة ... سوف نفرِّق الطبائع (الله، المسيح) ونوحِّد الكرامة[27].
 هذا النص الذي هو أقرب للفطرة الانسانية بدرجة ما، بغض النظر عن بقية الاخفاقات في مذهب النساطرة، يرفضه المسيحيون أتباع بولس (الكاثوليك والآرثوذكس والبروتستانت) ويروّج يوسف زيدان له بإعتباره هرطقة هي امتداد للفكر الديني للاقوام الوثنية في منطقة الهلال الخصيب التي كانت لا تعرف تجسد الآلهة!! بينما يرى ان المسيحية الحالية (الكاثوليك والآرثوذكس والبروتستانت) نشـأت في بيئة كانت وثنيتها تعرف تعدد الآلهة ولذلك قبلت بفكرة أن يكون المسيح أبناً للإله! وبين هذا وذاك نتسائل عن الحقيقة التي كان عليها المسيح والدعوة التي جاء بها، ما هي إنْ لم تكن نفس ما جاء به القرآن الكريم؟!
 
 امَّا بخصوص أوطيخا، ويسمى كذلك أوطيخي، يوطيخا، فقد تطرف هذا الاسقف بالاتجاه المضاد لنسطور وبالغ في مخالفتهم لدرجة انه قال بإنكار ناسوت المسيح بالكلية وبحسب تعبيراته فإن الطبيعتين (اللاهوت، الناسوت) صارتا في المسيح طبيعة واحدة، إذ ابتلعت الطبيعة اللاهوتية الطبيعة الناسوتية وذاب الناسوت في اللاهوت، وهو المذهب الذي سوف يعرف لاحقاً بالمونوفيزية أي مذهب الطبيعة الواحدة وهو امذهب الذي نسب لكنيسة الاقباط بطريق الخطأ مثلما سُمِّي الاقباط عند غيرهم باليعاقبة بطريق الخطأ[28]!
 
أمّا بخصوص المونوثيلية، وهو مذهب (وحدة الارادة) أو (وحدة المشيئة). يقول يوسف زيدان ان هذا المذهب اخترعه للامبراطور هرقل عقب انتصاره على الفرس ثلاثة من الاساقفة الشرقيين (الذين ينتمون الى المحيط الثقافي العربي)، محاولين انهاء النزاع العقائدي المرير بين الكنائس[29]!
وقد بيّنا ان المحيط الثقافي آنذاك لم يكن عربياً بل يحاول يوسف زيدان اسقاط الزمن اللاحق على الزمن السابق وهذا خلاف المنطق! وسنرى ان المونوثيلية نشأت في سوريا وأرمينيا، ولم تنفرد منطقة الهلال الخصيب بظهورها. جاء في الموسوعة الكاثوليكية: ((المونوثيليتية أو المشيئة الواحدة( باليونانية (Μονοθελητισμός)، هي عقيدة مسيحية تعالج العلاقة بين الألوهية والبشرية في يسوع المسيح. وترى أن للمسيح طبيعتين منفصلتين ومشيئة واحدة، وهي خلاف العقيدة الديوثيلية التي تتبعها معظم الكنائس الكاثوليكية والأرثوذكسية الشرقية. نشأت هذه التعاليم في مناطق سوريا وأرمينيا في القرن الخامس ووصلت ذروتها في القرن السادس عندما تبناها عدة بابوات قبل أن يتم رفضها كهرطقة خلال مجمع القسطنطينية الثالث)[30]. 
يقول الدكتور متي موسى: (وفي الوقت الذي يقول فيه بعض الكتّاب أن الإمبراطور هرقل علم بهذه العقيدة بواسطة القائد بولس المناوئ لمجمع خلقيدونية عندما كان في أرمينيا،  يرتأي آخرون ان الامبراطور كان ولا بدّ على علم بهذه العقيدة بواسطة سرجيوس قبل لقائه ببولس . يقول المؤرخ الألماني يوحنا موسهايم،  ولكن بدون اساس تاريخي،  أن بولس والبطريرك اثناسيوس معاً أوحيا إلى هرقل " بأن المونوفيزيين " وهم المناوئون لمجمع خلقيدونية " قد يقتـنعون بقبول مجمع خلقيدونية ويتصالحون مع اليونانيين،  بشرط أن يقبل اليونانيون أنه لم تكن في المسيح يسـوع،  بعد اتحاد الطبيعتين،  سوى مشيئة واحدة وفعل إرادي واحد". هناك رواية أخرى يرويها الكاتب الكاثوليكي نويل الكسندر الذي يقول " أن أثناسيوس بطريرك اليعاقبة،  وهو رجل شرير داهية كسب ثـقة الإمبراطور،  زار الإمبراطور عندما كان في جرابلس،  في سورية العليا "، ووعده الإمبراطور حينذاك بتنصيبه بطريركاً على أنطاكية إذا قبل مجمع خلقيدونية واعترف بطبيعتين. عندئذ سأل أثناسيوس الإمبراطور إن كان من الضروري القول بمشيئتين وفعلين أو بمشيئة واحدة وفعل واحد في شخص المسيح. ويتابع الكسندر قائلاً بأن أثناسيوس "الأوطاخي" كان راضياً بهذه العقيدة الزائفة لهذا جرى تعيينه بطريركاً لأنطاكية. ويستنتج الكسندر بأن هؤلاء الرجال الثلاثة،  أثناسيوس وسرجيوس وأسقف قورش كانوا المبتدعين للطائفة "المونوفيزية "اذا استثنينا الحقيقة وهي أن البطريرك أثناسيوس التقى بهرقل،  فإن بقية الرواية التي رواها نويل الكسندر لا تستند على أساس تاريخي. يمكننا إذاً أن نحكم بأنه ليس من المؤكد ان كان سرجيوس قد عرض عقيدة القدرة الواحدة على هرقل أم أن الأخير علم بها من بولس بينما كان هذا الاخير في أرمينيا. إن انماء معرفة الإمبراطور بهذه العقيدة إلى أثناسيوس بطريرك أنطاكية أمر تدحضه الحقيقة وهي أن الإمبراطور كان قد كتب إلى هذا البطريرك قبل لقائهما في عام 629،  حول وحدة طبيعتي المسيح،  قائلاً أن "ما يثبت هذه الوحدة هو القدرة الواحدة كما كان المبارك كيرلس قد قال". وهذا ما كان البابا فيجيليوس قد أعلنه في مجرى الأحداث التي أدت إلى إدانة الفصول الثلاثة في المجمع الخامس. لذا،  من الخطأ الادعاء أن البطريرك اثناسيوس كان أول من نقل هذه العقيدة إلى الإمبراطور،  لكن لا بد أن الإمبراطور كان يرجو بألا تسيء عقيدته الجديدة إلى الخلقيدونيين،  بينما ترضي في الوقت نفسه معارضيهم وبالتالي توحد بين الفريقين. إلا أن النتيجة لم تكن كما كان متوقعاً. وبينما صادق بعض الكهنة ذوي النفوذ في أرمينيا وسورية ومصر على العقيدة فإن العديد من الكهنة الخلقيدونيين الغيورين عارضوها. وسوف نرى بعدئذ أن البابا هونوريوس تمسك بالمونوثيلية وحُرم بسببها ( ومن الذين عارضوا العقيدة الجديدة هو سـوفرونيوس، الذي أصبح بطـريرك القدس ( 633ـ634) وقد أيده رئيس الدير مكسيموس،  وهو خلقيدوني متشدد ومعارض لعقيدة المشيئة الواحدة والقدرة الواحدة في المسيح. كان مكسيموس قد شارك في مجمع لاتـران الذي عقده البابا مرتينس الأول عام 649،  والذي أدان كلاً الـ (Ecthesis) صيغة هـرقل (638) والـ  (Typus) صيغة الإمبراطور كونستانس الثاني ( 648 ) - (قسطنطين الثالث)،  والوثيقة الأخيرة كانت تحمي من المقاضاة القانونية أولئك الذين اتخذوا أياً من الموقفين في مسألة المشيئة الواحدة والقدرة الواحدة أو المشيئتين والقدرتين،  ولكنها تمنعهم تحت طائلة العقوبة من المنازعة بشأن القضية. وما كان من كونستانس الا ان دعا مكسيموس من روما إلى القسطنطينية للمحاكمة وحاول إجباره على قبول الـ Typus. لكن مكسيموس رفض أن يفعل ذلك طالما أن الـ Typus كانت في نظره تحتوي على نكران لعقيدة المشيئتين في المسيح والتي دافع نفسه عنها بشدة. ولمّا استمر مكسيموس بنشر عقيدة المشيئتين بواسطة مؤلفاته، أمر الإمبراطور بجلده وقطع ذراعيه ولسانه ونفيه. وبعد وفاة مكسيموس عام 662 أدينت المونوثيلية أخيراً في المجمع السادس عام 680 باعتبارها "مونوفيزية". ويبدي التلمحري ملاحظة بهذا الصدد قائلاً أن الخلقيدونيين،  وعلى مدى مائتين وثلاثين عاماً،  ومنذ مجمع خلقيدونية (الذي يسميه " بالمجمع الفاسد ") وحتى زمن المجمع السادس عام 680 آمنوا بطبيعتين في المسيح ومع ذلك اقروا بشخص واحد،  مشيئة واحدة وفعل واحد في المسيح. ويُـضيف قائلاً أنهم اكثروا من "إفسادهم" للعقيدة في زمن المجمع السادس مدعين أنه لم تكن في المسيح سوى مشيئتين وفعلين . أما المحاولة الأخيرة التي جرت لحل الجدل حول عقيدة المشيئة الواحدة أو المشيئتين في المسيح فقد قام بها الإمبراطور فيليبيكوس (711ـ713) الذي عزم على إبطال قرار المجمع السادس ورفض تعليم مكسيموس في المشيئتين ولكن لم يتسنَ لهذه المحاولة،  لأسباب غير معروفة،  أن تـتحقق أبداً)[31].
إذن هؤلاء الثلاثة الذين اشار اليهم يوسف زيدان ذكرهم متي موسى وهم: (أثناسيوس وسرجيوس وأسقف قورش)، فأما اثناسيوس (595- 631م) فقد كتب عنه القس اسحاق ارمله انّه: (وُلد في شميشاط ولبس الإسكيم الرهبانيّ في دير قنَّسرين. ولمّا توفّي توليان سالفه اجتمع الأساقفة سنة 595 في أحد أديرة المغرب واعتكفوا ثلاثة أيام. وفي الصباح فتحوا باب الدير فألفوا أثناسيوس يقود جملاً محمّلاً ملحًّا إلى ديره في شميشاط فأتوا به ورسموه بطريركًا. ولم يبرح يشتغل أشغالاً يدويّة متعبة في عهد بطريركيّته التي طالت خمسًا وأربعين سنة وتوفي سنة 631 ودُفن في دير كرومايا. وهو الذي وثَّق عرى الاتحاد بين الكرسيّ الإنطاكيّ والإسكندريّ. ولمّا بلغه أنّ الإسكندريّين سمّوا أنسطاس بطريركًا فرح بذلك وحمل إليه الهدايا والتحف وأقام عنده أربعين يومًا مع بعض أساقفته وكهنته ورهبانه ثمّ عاد إلى كرسيّه. وفي عهده طرد كسرى الأساقفة الأرثوذكسيّين من ما بين النهرين وسلّم إلى اليعاقبة الكنائس والأديرة التي كان ضبطها موريقي بواسطة دومطيان مطران ملطية الأرثوذكسيّ وأرسل يونان الأسقف اليعقوبيّ إلى الرها. ومن ثمّ تغلّب اليعاقبة على بلاد ما بين النهرين حتّى قدم هرقل إلى الرها فطرد لعازر أسقفها اليعقوبيّ وسلّم الكنيسة للخلقيدونيّين ولمّا ذهب إلى منبج واجهه أثناسيوس البطريرك واثنا عشر  من أساقفته وسلّموه صورة إيمانهم فاستطابها إلاّ أنّه أمرهم بقبول المجمع الخلقيدونيّ فلم يذعنوا له)[32]. ومنطقة شميشاط التي وُلِدَ فيها اثناسيوس تقع قرب ارمينيا في آسيا الصغرى.واصبح بطريرك انطاكية. 
واما سرجيوس فهو سرجيوس الاول (Sergius I) بطريرك القسطنطينية (توفي 638م) في زمن هرقل (Heraclius)، وبيئته بعيدة عن منطقة الهلال الخصيب.
واما اسقف قورش فهو الذي يسميه العرب (المقوقس)، "كان المقوقس بطريركاً دخيلاً وتعين من قبل الامبراطور هرقل ليحكم مصر. ان اسمه كان قيرس/قورش وفي بعض المراجع سيروس Cyrus وهو من اصل يوناني وأتى من مدينة فاز بالقوقاز وأن اهل الاسكندرية أطلقوا عليه "قفقاسيوس" أي القوقازي وأن هذا اللفظ اليوناني نقل الى اللغة القبطية وأصبح "قفقيوس" ومنه اخذ الاسم العربي "المقوقس". انه بقي في عمله عشر سنوات وقد حاول ارغام الاقباط أثنائها لقبول صيغة إيمان هرقل، وقد وصف الانبا بنيامين البطريرك القبطي مدم هذا الحاكم بأنها عشر سنين كان هرقل وقيرس يحكمان فيها مصر، ولا نغفل هروب الانبا بنيامين من وجه المقوقس)[33].
وقيل ان اسقف قورش (كيروس) هو "اسقف فاسيس في بلاد الاكراد" وان هرقل قد فاوضه حول عقيدة المشيئة الواحدة، واسقف قورش بدوره "يراسل البطريرك سرجيوس قابلاً بعقيدة المشيئة الواحدة"[34].
ولا شك ان لأرمينيا وارتباط هرقل بها دور اساسي في انتشار مذهب المونوثيلية، هذا المذهب الذي ظهر اول مرة فيها ثم نقله الى هرقل قائده بولس بعدما ارسله اليها، في احد الآراء حول ظهور هذا المذهب[35]، وهرقل نفسه ارمني الاصل، حيث يقول الدكتور والمؤرخ اللبناني أسد رستم: (وقد جاءَ في تاريخ الإمبراطور هرقل لسيبوس المؤرخ الأرمني الذي شهد ذلك العصر، أن هرقل متحدرٌ من أصلٍ أرمنيٍّ وأنه يَمُتُّ بصلة إلى الأسرة الأرمنية الملكية أسرة الأراشكة، ويؤيد هذا القول اليوم عددٌ من الباحثين، وفي طليعتهم الأستاذ غريغوار، ويشك فيه عددٌ مقابلٌ من رجال البحث، فلا يرون في أدلة زملائهم ما يضمن السلامة لما استنتجوه)[36]. 
وربما كان هرقل يعتنق هذا المذهب الارمني النشأة او اراد ان ينتصر لمذهب القوم الذين ينتمي اليهم فضلا لما وجده فيه من تقوية لملكه وانه يمكنه من خلاله اعادة توحيد المذاهب المسيحية المختلفة فيما بينها. 
وكتب منذر نزهة: (عقيدة المشيئة الواحدة (المونوثيلية): عندما استعاد هرقل سوريا وجد أن جميع البطاركة وأغلب الأساقفة فيها وفي مصر من اللاخلقيدونيين وأن اللاخلقيدونية منتشرة بشكل كبير بين كافة المسيحيين، فرغب بلمّ شمل إمبراطوريته كما رغب أسلافه وتوحيد الخلقيدونية واللاخلقيدونية في مذهب واحد، فكان أن نصحه بعض الأساقفة بالدعوة لعقيدة الفعل الواحد والمشيئة الواحدة التي كانت معروفة قبله بشكل محدود على أمل أن يقبل بها الخلقيدونيون واللاخلقيدونيون كحل وسط بينهما، وملخص دعوة هرقل أن بالمسيح طبيعتين كما يقول الخلقيدونيون ولكن له مشيئة واحدة كما يقول اللاخلقيدونيون (المشيئة الواحدة صفة طبيعية في المسيح لدى اللاخلقيدونيين الذين يقولون بطبيعتين اتحدتا بطبيعة واحدة بلا اختلاط ولا امتزاج ولا استحالة) وحاول هرقل نشر عقيدته باللين أولاً ثم بالقوة لكنها رفضت من الخلقيدونيين واللاخلقيدونيين معاً ومع ذلك قبلها البعض فتشّكل منهم جماعة مستقلة أخذت تتطور منفصلة عبر التاريخ)[37].
وجاء في الويكيبيديا: (كان الداعي إلي المجمع هو قسطنطين الرابع وترأس المجمع البطريرك جورج الأول والبابا أجازو وأنعقد في الفترة ما بين 7 نوفمبر 680 م إلي 16 سبتمبر 681 م وقُبل من الروم الكاثوليك والكاثوليك الأوائل والأرثوذكس المشرقيين واللوثريين فيما بعد وناقش المجمع المشيئة الواحدة والمشيئتان الالهية والإنسانية ليسوع)[38].
وضد المونوثيلية هي الديوثيلية أو المشيئتان، و"هي عقيدة مسيحية مضادة للمونوثيلية ترى أن للمسيح طبيعتان ومشيئتان منفصلتان. تم تبني هذه النظرة لدى الكنائس الكاثوليكية والأرثوذكسية الشرقية بعد مجمع القسطنطينية الثالث"[39].
وبسبب المونيثيليتية تم حرمان البابا هونريوس الأول (625 - 638)م وهو البابا رقم 70 في قائمة باباوات الكنيسة الكاثوليكية، اي انه كان البابا في فترة ظهور الاسلام. "وحاول هونوريوس أن يحل خلافًا حول طبيعة عيسى عليه السلام. واقترح حلاً عارضه فيه كل الناس في الغرب وفي أماكن كثيرة من الشرق. وفي سنة 681م أي بعد وفاته بـ 43 عامًا، فند مجلس القسطنطينية الثالث آراء هونوريوس"... "بعد أكثر من أربعين عاما على وفاة هونريوس الأول، تم حرمانه و لعنه قبل الكنيسة الكاثوليكية نفسها مع القائلين بالمونوثيليتية من قبل مجمع القسطنطينية الثالث في سنة 680 حيث أن الكاثوليكية تعارض المونوثيليتية التي تعني أن للمسيح طبيعتان منفصلتان ومشيئة واحدة. قرار لعن البابا السابق (أناثيما أو الحرمان الكنسي) يقرأ، بعد ذكر رؤؤس المؤمنين بالمونوثيليتية، "ومعهم هونريوس، الذي كان أسقف روما، بعد أن تبعهم في كل شيء"..." كان لهذه اللعنة ضد هونوريوس في وقت لاحق واحدة من الحجج الرئيسية ضد العصمة البابوية في المناقشات المحيطة بالمجمع الفاتيكاني الأول في عام 1870 , فكيف يكون البابا معصوما ثم يطرد و يحرم كنسيا بعد عدة سنوات. حيث لم يكن ينظر من قبل أنصار العصمة على أن هونوريوس قد أدين أو أظهر عقيدة مونوثيليتية لا في رسائله المذكورة ولا في أفعاله لم يعتبر من قبل أنصار العصمة أنه قام بتعليم الهرطقة،ولكن أتهم فقط بالإهمال وحكم متساهل في وقت كانت فيه رسائله وتوجيهاته في وضع يسمح له بقلع البدع من جذورها"[40].
وجاء في الويكيبيديا: "قبل أن يبعثَ هرقليس سيروس او قوروس (المعروف بـ المقوقس) الى مصر لحكمها كوالى وفى الوقتِ ذاتِه كبطريرك كان قد تشاورَ مع بطريرك قسطنطينيه و بطريرك انطاكيا حولَ موضوع توحيد المذاهب المسيحيه على مبدأ جديد وهو ان المسيح واحد و فعله واحد و مشيئته واحدة من غير الاشارة لوحدة طبيعته او ازدواجها التي كانت سبب إبعاد الكنيسه المصرية بعد مجمع خلقدونيا، عُرِفَ هذا المبدأ ب" المشيئه الواحده " لكن الأقباط رفضوا هذا المبدأ حيثُ رفض بابا مصر بنيامين الاعتراف بسلطة البطريرك الملكانى سيروس فتعرّضَ البطريرك المصرى لإضطهاد كبير اضطره ان يترك اسكندريه و أن يهرب الى صحراء الإسقيط ( شهات ) فى وادى النطرون"[41].
إذن كان هؤلاء الثلاثة الذين استشارهم هرقل في عقيدته الجديدة هم: المقوقس بطريرك مصر وبطريرك القسطنطينية وبطريرك انطاكيا.
ونجد ان الموارنة في لبنان هم من ابرز الذين اعتنقوا العقيدة المونوثيليتية[42]، غير انه في القرن السادس عشر تحولت الكنيسة المارونية الى كنيسة لاتينية[43]!
وعن المونوثيلية: "لم تكن صيغة القدرة الواحدة بدعةً في الكنيسة. بل يرجع تاريخها إلى الكتاب المنحول لديونوسيوس الأريوفاغي . ففي رسالتهم الموجهة إلى الإمبراطور يوسطينيان الأول،  لم يستـشهد الآباء المناوئون لمجمع خلقيدونية الذين استدعوا من المنفى لمناقشة وحدة الكنيسة في القسطنطينية (535 ـ 536) بالكتاب المنحول للأريوفاغي فقط،  بل أصروا أيضاً أن في التجسد لم تكن هناك سوى طبيعة واحدة متجسدة للوغوس الإلهي. وكما يقول سرجيوس بطريرك القسطنطينية (610ـ638)، هذه هي الصيغة التي قال بها كيرلس الاسكندري في الفصل الرابع من تفسيره لانجيل يوحنا أن ”المسيح اظهر مشيئة واحدة متجانسة نتيجة اتحاد طبيعتيه”. كما يروي سرجيوس أن هذه الصيغة موجودة في رسالة سلفه،  البطريرك مينا (ت 552) إلى البابا فيجيليوس ووردت مرة أخرى في رسالة مينا إلى الإمبراطور يوسطينيان الأول؛ كتبت هاتان الرسالتان بخصوص إدانة الفصول الثلاثة (الاولى رسائل هيبا الرهاوي إلى ماري،  والثانية عقيدة تيودوريطس،  أسقف قورش والثالثة كتابات ثيودور المصيصي). وبعد ان ادان البابا فيجيليوس هذه الفصـول الثلاثة صرّح قائلاً: ” نحـرم كل من لا يعترف أن كلمة الله المولود الوحيد، أي المسيح، هو جوهر واحد وشخص واحد وunam operationem “، و(فعل واحد)"[44].
وصيغة الايمان المونوثيلي ننقلها كما ورده في احد الكتب المارونية المونوثيلية واسمه (كتاب الهدى)، وهي: {نؤمن ونعلن بأن واحداً من الثالوث الاقدس الابن الكلمة وُلد من الآب ازلياً لا زمان او بداية له وانه لم يولد كالاجساد المتوالد احدها من الآخر، بل هو نور من نور، إله حق من إله حق، الذي منح بوافر رحمته الخلاص للبشر بمشيئة الروح القدس، نزل من السماء لكن دون أن يبارح الآب ذاته دون تغير أو فساد. وتجسد من الروح القدس ومن ابنة يوياقيم الطاهرة وأخذ منها جسداً كأجسادنا مع روح عاقلة وأصبح مثلنا في كل شيء عدا الخطيئة؛ ووُلد منها أبناً واحداً ورباً واحداً يسوع المسيح، شخصاً واحداً ذو جوهرين عاقلين، واحداً من الآب الأزلي في لاهوته وواحداً من جوهرنا في ناسوته، غير معصوم في ناسوته، معصوماً في لاهوته، متـناهياً في ناسوته ولا متـناهٍ في لاهوته. والآن إذا كان لنا هذا الإيمان به فإننا حينئذٍ لا نؤمن بعدُ بأنه شخصان ومسيحان ومشيئتان أو فعلان. حاشا ! بل نؤمن أنه يسوع المسيح واحد، ابن الله الذي صار من أجلنا إنساناً، وانه شخص واحد في جوهرين عاقلين، وأنه مشيئة واحدة وفعل واحد}[45].
وكفائدة، نذكر كيف كان اللاهوت السرياني يختلف عن اللاهوت اليوناني، رغم الانتماء الى نفس المذهب والكنيسة، بسبب الاختلاف اللغوي بينهما! حيث يروي د. بولس الفغالي عناصر إيمان أفراهاط الحكيم الفارسي فيقول: (سأل أحد المتنسكين أفراهاط أسئلة متعدّدة بأسم جماعته. ولكن، حين سأله، أعلن عناصر إيمانه، قال: "أمّا أنا فأؤمن إيماناً بأنَّ الله واحد، وهو خلق السماء والأرض في البدء، وزيّن العالم بأنظمته وصنع الانسان على صورته. هو الذي قَبِلَ قربان هابيل، ونقل أحنوخ لأنه أرضاه، وحمى نوحاً من أجل تقواه. واختار ابراهيم من أجل إيمانه، وتكلم مع موسى بسبب تواضعه. وتكلّم أيضاً مع كل الانبياء، وأرسل أخيراً مسيحه الى العالم". الى فعل الإيمان هذا الذي نقرأه في مقدّمة المقالات بلسان السائل، يجيب أفراهاط بفعل إيمان مماثل فيقول: "هذا هو الايمان. يؤمن الإنسان بإله، سيد الكلّ، خلق السماء والأرض والبحار وكل ما فيها، وصنع الانسان على صورته، ووهب الشريعة لموسى وأرسل روحه في الأنبياء وأرسل مسيحه الى العالم لكي يؤمن الإنسان بقيامة الموتى ويؤمن أيضاً بسرّ المعموديَة. هذا هو إيمان كنيسة الله. وهكذا ينجو الإنسان من حفظ الساعات والسبوت والشهور والأوقات والقدر والفأل والعرّافة والرقيّة. ويمتنع من الزنى وأمور الجسد والتعاليم الفارغة التي هي أداة بين الشيطان، ومن الانخداع بالكلام المعسول والتجديف والفجور، ولا يشهد شهادة زور ولا يتكلم بلسانين. هذه هي اعمال الإيمان المبنيّ على صخرة الحق الذي هو المسيح الذي عليه يرتفع كلَ البنيان")[46]... ويضيف بولس الفغالي: (حين كتب الحكيم الفارسي مقالاته، كانت عشر سنوات ونيف قد مرّت على مجمع نيقية (325)، لكن التعبير الايماني الذي نجده فيها لا يستقي معلوماته من هذا المجمع. فمن الواضح أنّ أفراهاط لم يعرف المسائل التي طرحتها الأزمة الأريوسية، ولم يعرف المقرّرات التي اعلنها مجمع نيقية، فهذه كلها دُوِّنَت في لغة يونانية وفي إطار فكري فلسفي، أمّا كنيسة أفراهاط فهي كنيسة سريانيّة لم تتذوّق سمَ الفلسفة اليونانية، كما يسميها القدّيس أفرام. وفعلاً الايمان اللذان ذكرناهما أعلاه يبيَنان أنّ جوهرهما مختلف عن تعابير نيقية، وترتيبهما يختلف عمّا في نيقيَة)[47]. إذت هو اعتراف بأن جوانب للفلسفة اليونانية، وصفها بولس الفغالي بالسمّ، اختلطت بالعقيدة المسيحية، فماذا كانت النتيجة سوى التثليث والاقانيم والتجسّد وطبيعة "إبن الإله" الناسوتية واللاهوتية وأبوة الإله و"والدة الإله" والفداء العقيم!!
 
المونوثيلية والجبر:
قال يوسف زيدان: (وبشكل عام يمكن وصف المذهب (المونوثيلي) الذي سعى هرقل لتعميمه في مصر وفي غيرها من معاقل الديانة بأنه كان محاولة يائسة بل بائسة لتجاوز المناقشات الكريستولوجية المتعلقة بطبيعة المسيح بطرحها بعيداً عن طاولة البحث النظري (اللاهوتي) مع تركيز النظر على نقطة واحدة هي أن (الله) له مشيئة واحدة أو إرادة واحدة، وبالتالي فإن له (تعالى) فعلاً واحداً لإنفاذ هذه المشيئة وتنفيذ هذه الارادة. وهو الامر الذي يقود فلسفياً، بالضرورة، الى الاعتقاد بالجبرية المطلقة والى القول بمحدودية الحرية الانسانية. وهو ما سوف يصير مطروحاً بقوة بعد بضعة عقود من الزمان أمام أئمة المسلمين وآباء المتكلمين الذين توزَّعت مواقفهم الفكرية بين قطبين متعارضين: الحرية (مذهب القدرية) والجبرية)[48].
وهذا الكلام غير تام فالقول بالمشيئة الواحدة لا علاقة له بالقول بالجبر سواء كان الكلام لعموم البشر ام للمسيح خاصة، فالانسان هو دائماً ذو مشيئة واحدة ومع ذلك لا يعني ذلك القول بالجبر، فلا ملازمة بينهما، ويبطل ما افترضه من ان القول بالمشيئة الواحدة تحد حرية الانسان. وأيضاً بخصوص المسيح، فقد كان هناك اعتراض من بعض علماء المسيحية ان القول بالمشيئة الواحدة في المسيح تعني ان تكون مشيئته الانسانية من حيث الناسوت مقيدة بمشيئته اللاهوتية وبذلك تكون مشيئة منقوصة ومقيدة، بينما المسيح كامل من حيث انسانيته، ولذلك رفضوا القول بالمشيئة الواحدة، غير ان علماء مسيحيين آخرين من انصار المشيئة الواحدة يقولون ان المشيئة الواحدة لا تعني ان مشيئته الانسانية تكون مقيدة لمشيئته الإلهية بل هي متفقة معها، وكما في انص انجيل يوحنا (10: 3): (أَنَا وَالآبُ وَاحِدٌ)! فطبيعته الانسانية منسجمة تماماً مع طبيعته الالهية ولا يصدر عنها اي افتراق في المشيئة او اختلاف فيها، وبذلك تزول شبهة الجبر في القول بالمشيئة الواحدة.
وقالوا: في "سنة 631 عيّن الامبراطور الاسقف كيروس بطريركا على الاسكندرية، فعقد هذا فيها سنة 633 مجمعاً محلّياً تمّ الاتفاق فيه على صيغة تعيد الوحدة الى الكنائس المنقسمة. وينصّ البند السابع من تلك الصيغة أنّه "يمكننا اعتبار المسيح بطبيعتين، إنّما نعني بذلك أنّه هو نفسه تام في الالوهية وتام في البشرية". ثم يضيف البند: "ان المسيح الواحد نفسه قد عمل الاعمال الالهية والاعمال الانسانية بفعل واحد الهي-انساني". وأرسلت هذه الصيغة الى سرجيوس، فأجاب بالموافقة عليها. ومما جاء في جوابه: (ان المسيح الواحد نفسه هو الذي يعمل الاعمال الالهية والاعمال الانسانية بفعل واحد. لأنّ كل فعل الهي وانساني ينبثق من واحد هو نفسه الكلمة المتجسد)"[49].
وفي " سنة 638 علّق الامبراطور هرقل في كنيسة آجيا صوفيا في القسطنطينية بياناً عقائدياً كتبه البطريرك سرجيوس بمؤازرة معاونه بيروس، وفيه يوجز الايمان القويم في المسيح، ويحظّر استعمال عبارتي "الفعل الواحد" و"الفعلين" في المسيح. فالقول بالفعل الواحد ينتج منه انكار الطبيعتين، والقول بالفعلين يقود الى الاعتقاد بوجود ارادتين متناقضتين في المسيح الواحد. "لهذا السبب، يقول البيان، نقرّ ونعترف بمشيئة واحدة في ربنا يسوع المسيح الاله الحقيقي، بحيث انه لم يحدث مرة واحدة انّ جسده الذي تحييه نفس عاقلة تبع ميله الطبيعي وعمل ما يناقض رغبة الاله الكلمة الذي كان متحدا به اتحادا جوهريا، بل انه عمل دوما ما اراده الاله الكلمة نفسه ومتى اراده ومثلما اراده". ثم كتب سرجيوس الى البابا هونوريوس يفسّر له موضوع البيان، فأجاب البابا بالموافقة على كل ما جاء فيه"[50].
فما علاقة كل ذلك بموضوع الجبر! وكيف يدّعي يوسف زيدان تأثير هذا الفكر المسيحي على الفكر الاسلامي وانه من اسباب ظهور عقيدة الجبر!! ما هكذا تورد يا سعد الابل.

 
________________________________________
الهوامش:

[1] اللاهوت العربي / يوسف زيدان – ص104.
[2] الموقع الالكتروني ويكيبيديا الموسوعة الحرة، تحت عنوان (عالم مسيحي).
 
[3] مقال بعنوان (مختصر المجامع المسكونيّة، وأهم مواضيعها).
[4] أي حكموا عليه بالحرمان، وهو ما يقابل الكفر في الاسلام.
[5] أول مجمع بعد ظهور الاسلام.
[6] مار إفرام السرياني/  الاب يوسف بربي اليسوعي / صادق بولس باسيم النائب الرسولي للاتين في بيروت على طبعه – ص13.
[7] القديس بابيلاس Babylas أو بابيلوس من أعظم أساقفة أنطاكيا الأولين بعد القديس أغناطيوس النوراني. سيم بطريركًا على أنطاكية حوالي سنة 237م. بنى القيصر غاليوس Gallus أخ يوليانوس الجاحد كنيسة فخمة باسم الشهيد بابيلاس في ضواحي مدينة أنطاكية وذلك في منتصف القرن الرابع، وجاء أخوه يوليانوس فهدمها، فحمل المؤمنون رفاته إلى المدينة بالتسابيح.
أنظر مقال تحت عنوان (القديس بابيلاس) في الموقع الالكتروني للأنبا تكلا هيمانوت.
[8] يسميه المسيحيون "يوليانوس الجاحد" (331– 363م) (Julian) إمبراطور الأمبراطورية الرومانية (361–363م) كان يحاول إعادة إحياء الوثنية في الامبراطورية الرومانية.
[9] مقال في الموقع الالكتروني للأنبا تكلا هيمانوت، تحت عنوان: (القديس يوحنا الذهبي الفم بطريرك القسطنطينية). 
 
[10] اللاهوت العربي / يوسف زيدان – ص108.
[11] المصدر السابق – ص108.
[12] اللاهوت العربي / يوسف زيدان – ص108.
[13] المصدر السابق – ص109.
[14] المصدر السابق – ص110.
[15] المصدر السابق – ص110.
[16] المصدر السابق – ص112.
[17] المصدر السابق – ص112.
[18] المصدر السابق – ص113.
[19] اللاهوت العربي / يوسف زيدان – ص113 و114.
[20] المصدر السابق – ص114 و115.
[21] اللاهوت العربي / يوسف زيدان – ص118.
[22] المصدر السابق - ص118 و119.
[23] اللاهوت العربي / يوسف زيدان – ص119.
[24] المصدر السابق – هامش ص120.
[25] المصدر السابق – ص120.
[26] المصدر السابق – ص120.
[27] اللاهوت العربي / يوسف زيدان - ص122.
[28] المصدر السابق – ص125.
[29] المصدر السابق – ص128.
[30] الموقع الالكتروني ويكيبيديا الموسوعة الحرة، تحت عنوان: (مونوثيليتية).
[31] الموقع الالكتروني الدراسات السريانية (http://www.syriacstudies.com/)، مقال للدكتور متي موسى بعنوان (هرقل وصيغة الايمان المونوثيلية)، 
[32] الموقع الالكتروني (دائرة الدراسات السريانية)، كتاب (الزهرة الذكيّة في البطريركيّة السريانيّة الإنطاكيّة) للقس اسحاق ارمله، والمطبوع سنة 1909م، والذي يتحدث فيه عن أخبار الأحبار الذين تبوّأوا العرش الإنطاكيّ ، فقرة رقم (60).
[33] أيام المحروسة من الدخول العربي حتى التجربة الاخشيدية / انور محمود زناتي، وأشرف صالح محمد سيد – ص87.
[34] الصخرة، تاريخ المسيحية فكراً وإدارة / أشرف عبد الله الضباعين / المرحلة السادسة، احداث سنة 623م.
[35] مقال بعنوان (هرقل وصيغة الايمان المونوثيلية) بقلم الدكتور متى موسى، منشور في موقع (Syriac Studies).
[36] الروم: في سياستهم، وحضارتهم، ودينهم، وثقافتهم، وصلاتهم بالعرب / أسد رستم – ص202.
[37] الموقع الالكتروني ويكيبيديا الموسوعة الحرة، تحت عنوان: (مونوثيليتية) نقلاً عن الموسوعة الكاثوليكية.
[38] الموقع الالكتروني ويكيبيديا الموسوعة الحرة ، تحت عنوان: (مجمع القسطنطينية الثالث).
[39] المصدر السابق، تحت عنوان: (الديوثيلية).
[40] الموقع الالكتروني ويكيبيديا الموسوعة الحرة، تحت عنوان: (هونريوس الأول).
[41] المصدر السابق، تحت عنوان: (المشيئه الواحده).
[42] المصدر السابق، تحت عنوان: (الكنيسة المارونية).
[43] الموقع الالكتروني دراسات سريانية (Syriac Studies)، بحث بعنوان (الموارنة في التاريخ) بقلك الدكتور متي موسى. أيضاً البحث منشور في الموقع الالكتروني دائرة الدراسات السريانية، بحث بعنوان (الموارنة في التاريخ)، فقرة: (25 تحويل الكنيسة المارونية الى كنيسة لاتينية).
[44] الموقع الالكتروني دراسات سريانية (Syriac Studies)، بحث بعنوان (الموارنة في التاريخ) بقلك الدكتور متي موسى، أيضاً البحث منشور في الموقع الالكتروني دائرة الدراسات السريانية، بحث بعنوان (الموارنة في التاريخ)، فقرة: (12 هــرقـــل وصيغــة الإيــمــان المونــوثـيلــية).
 
[45] الموقع الالكتروني دراسات سريانية (Syriac Studies)، بحث بعنوان (الموارنة في التاريخ) بقلم الدكتور متي موسى. أيضاً البحث منشور في الموقع الالكتروني دائرة الدراسات السريانية، بحث بعنوان (الموارنة في التاريخ)، فقرة: (20 الموارنة والمـونوثيلية).
[46] أفراهاط الحكيم الفارسي / د. بولس الفغالي / صادق على طبعه بولس باسيم النائب الرسولي للّاتين في بيروت، 1990 / دار المشرق في بيروت - ص84.
[47] المصدر السابق - ص84 و85.
[48] اللاهوت العربي / يوسف زيدان – ص130.
[49] الموقع الاكتروني (المركز الدائم للتنشئة المسيحية) مقال تحت عنوان (يسوع المسيح في تعاليم المجامع المسكونية). 
أيضاً الموقع الالكتروني (مركز الكلمة المسيحي) مقال تحت عنوان (يسوع المسيح شخص واحد في طبيعتين طبيعة إلهية وطبيعة إنسانية). 
[50] المصدر السابق.


 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نبيل محمد حسن الكرخي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2020/10/08



كتابة تعليق لموضوع : نقد كتاب اللاهوت العربي ليوسف زيدان – (6/8)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net