صفحة الكاتب : عباس عبد المجيد الزيدي

قصة قصيرة ثمة عرائس للدجيل أو(تستوستيرون)*
عباس عبد المجيد الزيدي
 دخلت سارة إلى غرفةِ النومِ وهي متعبة من يومها الثقيلِ وناولت زوجَها  استكانَ الشايِ بعد العشاءِ مباشرةً وهذا ما اعتادَ عليه ومنَعَهُ الأطباءُ عنهُ ولم يمتنعْ مبرراً ذلك بقولِه إن الأعمارَ بيدِ اللهِ وهذا مالا يسّرُ أمه فتضيف ولكن قال تعالى بسم الله الرحمن الرحيم ((وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ))
 جلسَ على سريرِه واستذكرَ ما دارَ بينَهُ وبينَ مديرِ دائرتِه الجديدِ وتَوَقفَ عندَ سؤالِ المديرِ لَهُ :ــ  ما الأمرُ لو جعلوكَ وزيراً للكهرباءِ ؟ 
أخَذَ يُردِدُ معَ نفسِه ما علاقةُ موظفٍ بسيطٍ مثلي بهذا السؤالِ؟  
إنها فتنةٌ والله!    إلاّ انه استرخى بُعَيد الرشفةِ الأخيرةِ من الشاي واستلقى على سريرِه  فخلدَ إلى نومٍ عميقٍ ما استفاقَ منه إلاّ وعقاربُ الساعةِ تَتَشابكُ مع الثالثةٍ والنصفٍ صباحاً بعدَ ثلاثةِ أو أربعةِ أحلامٍ عَلقَ في بالِه أخيرهم والذي رأى فيه  إن مديرَه الجديدُ سأله بتَندُّرٍ لو كنت  أنثى ماذا تتمنى ؟   فثارت ثائرتُهُ وملأ غرفة المدير صراخاً  وأكد أن فحولتَه خطٌ احمرٌ لا يُسْمَح لأحدٍ كائن من كان أن يمَسَّها  ولو تَطَلّبَ الأمرُ فقدانَ وظيفته إلاّ أن المديرَ  حاولَ تهدئةِ الأمورِ ببتلكةٍ واضحةٍ تَضَمنت  شروحاتٍ فسلجيةٍ وتشريحيةٍ كما لو كان يلقي محاضرةً في البايولوجيا فامتصَ غضبَهُ وبعدها كرر السؤالَ  ذاته متلاعباً بالعباراتِ 
 أقصدُ  لو كانت أعضاؤك الذكريةُ مشابهةً تشريحياً أو فسلجياً للأعضاء الأنثوية فماذا تتمنى؟ 
ولماذا هذا السؤالُ يا أستاذُ ؟
فرفعَ المديرُ يدَه كمن يؤدي اليمينَ وقالَ :-- الحقيقة ......... سبقَ أن سألني مسؤولي الأعلى السؤال نفسه ولم أحر بجواب فوبخني مشيراً لفقر معلوماتي وقال يومئذٍ إنك لا تصلح للمنصبِ الذي أنتَ فيه 
أستاذي العزيز سؤالك هذا .. يعيدُ ذاكرةَ عمري عشرين عاماً للوراءِ..  فيذكرني بسؤالِ مديرِ مدرستِنا ونحن في السادسِ الابتدائي 
إذ قال لنا ماذا تتمنى أن تكون في المستقبل فمنهم من أجاب طبيباً ومنهم معلماً ومنهم  طياراً ولكنني أجبت  بحزمٍ  أتمنى أن أكون  فحلَ نخلٍ واليوم يا أستاذ وبعد مرور الأعوام  وامتلاءِ كلِ خليةٍ من خلايا جسمي بهرمون الفحولة (تستوستيرون)  كما ترى مشيراً إلى شاربِه  الكثِ  الأشعثِ ....... لا يا أستاذ وأنت سيدُ العارفين كيف  يتحولَ مثلي إلى أنثى 
 تحركَ  المديرُ قليلاً بوساطةِ  كرسيه  الدوار وكان قد طبع عقيرته على نسيجِه  المخملي  بطريقةِ   ( كوبي  بيست ) وارتسمت على  وجهِ  المديرِ ابتسامةً صفراءَ  وقالَ ولماذا تمنّيتَ أن  تكون فحلَ نخلٍ 
وإذا أجبتك هل ستلغي سؤالك الأولَ يا أستاذُ ؟
نعم سَيُلْغى  
فأجاب منذ نعومة أظفاري و كرةُ القدمِ  هي لعبتي المفضلة وفي احدِ الأيامِ  وصلتُ للبيتِ متعباً بعد مزاولتِها مع أترابي وكان بابُ دارِنا نصفَ مفتوحَ فدخلت لكني لاحظت صمتاً مطبقاً ولا ضجـيـجَ لإخواني الصغارِ فأدهشني هذا الانجماد  بعدها عرفت أن لدينا ضيفاً يدعى مظلومٌ وهو زوج المرحومةِ عذراءَ بنتِ الجيرانِ والتي قتلها غدراً أخوها الأكبرُ سفاحٌ بخنجرِ جدِه الصدئ
وعند العشاءِ اجتمعنا على مائدةٍ واحدةٍ فعرفت سرَ وجودِهِ بيننا إذْ أنّه رَدَدَ بيتَ الشعرِ التالي أكثرَ من مرةٍ 
وَمَـا حُـبُّ الدِّيَـارِ شَغَفْـنَ قَلْبِـي        ولَكِـنْ حُـبُّ مَنْ سَكَـنَ الدِّيَـارَا       
بعد العشاءِ سألتُ أبي ما الداعي في مقتلِ عذراءَ فقال إن عذراءَ قُتِلت ظلماً وهي ضحيةُ أفكارٍ باليةٍ أكلَ الدهرُ عليها وشرب واستهجنها الدينُ الحنيفُ جملةً وتفصيلاً حيث قال خاتم الأنبياء محمدٌ صلى الله عليه وآله وسلم (كلكم  لآدم  وآدم من تراب) وبما إن مظلومَ وعذراءَ من جنسٍ واحدٍ هو التراب والكل يعلم (شبيهُ الشئِ منجذبٌ إليه) فتحابا في الله و صهرَ الحبُ قلبيهما فلم يجدُ المتيم من طلب يدها بداً فقامَ بذلك ثلاثَ مراتٍ ولم يستجب له والدها لأنه يعتقد واهماً   بان سلالة مظلوم دون سلالتهم وليس هناك كفئ لبنته سوى ابن عمها  وعندما رُفِضَ طلبه في المرة الأخيرة  استجاب لِوَلَه الحبِ وصبابتهِ وللعذريةِ والعذوبةِ الريفيةِ فحَّث حبيبته على السفر فسافرا إلى سامراء وهناك تم عقد قرانهما من قِبَل رجل محترمٍ وشهادةِ شاهدَيْن اثنين فتزوجا في سامراء ولكن عند رجوعهما إستمالَ أهلُ البنتِ   بنتهم وأقنعوها بزيارتِهم  لشمِ النسيمِ و تناولِ الطعامِ معهم في احدِ البساتينِ ألقريبةِ المحاذيةِ للنهرِ لكنهم قلبوا لها ظهرَ المِجنِ وغدروا نَعَمْ هذا دَيْدَنَهم  فبدلاً من إطعامِها قامَ سفاحُ  بقتلها بخنجر الغدر الذي ورثه أبوه عن أجدادِه وكتب بدمها الطاهر على بابِ البستانِ البلوطي الرئيس )لا يَسلَمُ الشَرَفُ الرَفيعُ مِنَ الأَذى : : حَتّى يُراقَ عَلى جَوانِبِهِ الدَمُ ) ثم رموها طعاماً مستباحاً للسمك ذلك لاعتبارِهم الخاطئ بأنها مصدرُ عارٍ لهم ولتاريخِ اسْرتِهم 
وقتئذٍ كان في حديقتنا فحلُ نخلٍ وفي موسمِ التلقيحِ كان اغلبُ الجيرانِ يقصدنا ليحظى بكميةٍ من طلعِه تلقيحاً لنخلاتِه 
 وهو رافعُ الرأس شامخٌ ينشرُ طلعَه فوق النخيلاتِ بلا استثناءٍ ولا تَفَوقٍ طَبَقي أو عرقي أو مَذْهبي كم تمنيت أن أكون مرغوباً به كفحلِ نخلِ بيتنا فلا فرق عنده بين البرحي والاسطى عمران أو ألزاهدي وحتى الدگل**  لكنه  لا يطلق لغريزته العنان في كل الاتجاهات بل كان محدداً ببني جنسه فلا يسمح لنفسه بطرفة عين أو طرقة باب فطلعه لا يعبر عتبة باب الصفصاف والرمان أو النارنج مثلاً لأنها محرمات لا غفرانَ لها في كتبِ النخيلِ المقدسةِ وليس كما فعل ذاتَ يومٍ المجرمُ سفاحُ مع حمارةِ داوود الحمال في ذاتِ البستان والمكان الذي قُتلت فيه عذراءَ 
إما الآن فإكراماً لك سأجيب على سؤالك لأنك حديثُ عهدٍ بالإدارة وحديثُ عهدٍ بمعرفتي ...          وسحبَ أنفاسَهُ كمَنْ يتنفسُ الصعداءَ           
سيدي  لو كنت أنثى لتمنيت أن يطلب يدي رجلٌ كتومٌ وهذه صفةٌ لصيقةٌ لوزيرِ الكهرباءِ ذلك انه لن يفش سرا حتى لمن كان السبب في استيزاره .... 
 استيقظ من منامه بعد ما صار العرق على فراشه انهاراً وسمع أمه تنادي سارة   سارة ... متى انقطعت الكهرباء  أجابت الكنة  قبل حوالي  نصف ساعة من الآن 0 
 
------------------------------------------------------------  *الشحمون الخصوي
** نوع من التمر قليل الحلاوة و صغير الحجم لذا فهو رخيص الثمن

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عباس عبد المجيد الزيدي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/03/09



كتابة تعليق لموضوع : قصة قصيرة ثمة عرائس للدجيل أو(تستوستيرون)*
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net