صفحة الكاتب : محمد جواد الكاظمي

من سيجلس.. تحت موس الحلاق
محمد جواد الكاظمي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

مفهومان باتا يسيطران على طبيعة التعاملات السياسية للحكومات داخلياً وخارجيا، هما القوة الصلبة بما تعنيه من إستخدام للسلاح وإشاعة الحروب، لفرض الهيمنة والرأي على الآخر.. والثاني هو القوى الناعمة، التي ظهرت على الطاولة نهاية الثمانينات، و تعتمد على نشر التفاوضات في إستمالة الآراء، مع استدامة الحرب الإقتصادية كأداة تفاوض..

أغلب الدول العظمى تحولت سياسياً نحو فكرة القوة الناعمة، مواكبة لتطور المشهد السياسي الدولي، وكذلك لأن الحروب لا منتصر حقيقي فيها.. إلا أن العراق بعد الحكم الدكتاتوري، قاده ساسة حديثوا عهد بالشأن السياسي وإدارة البلاد، فكانت تعاملاتهم لا تخرج عن أطار الوضع الداخلي وبالقوة الصلبة.. أما خارجياً فقد صار بعظهم توابع لمن يدفع أكثر، فكانت القوى العراقية تسير على أربع شقوق..

الحلم السني الذي يراود قادة تلك المناطق بالعودة لمنصة الحكم، وتحت تأثير أرتباطهم بجناح البعث في الخارج، جعلهم يفعلون المستحيل في سبيل السير بإتجاه تحقيق هذا الحلم الكابوس.. مما دفعنا للدخول بدوامة الطائفية، وإشاعة القتل على الهوية.. ولم نشفى من جرح الطائفية بعد, حتى فوجئنا بساحات الأنبار، التي تحولت إلى بؤرة أرهاب فاقت من سبقها، كل ذلك تلبيته منهم لأجندات خارجية تدفعهم لأحراق الداخل، مستغلين حلمهم المشوه، وللأن لم تغادر بعض القوى السنية هذه النعرة الطائفية.

أما الثاني فكان الإندهاش والتوهان الشيعي مع إستلام دفة القيادة، خاصة بعد 2006 لغاية 2014.. فترة الثمان سنوات الخصبة، التي سيطرت فيها قوتان شيعيتان على الوضع، أحدهما لم تغادره فكرة "ماننطيها" والآخر أستلم حصة المكون الشيعي من الوزارات.. وأصبح لا يهتم سوى بكيفية إفراغ خزينة الدولة لصالح "قائدهم" فصدروا رسالة خاطئة، أن أخوتهم الشيعة لا يستحقون كرسي الرئاسة، وهم فقط الأجدر بالبقاء فيه، وزعيمهم يحلم بأن يكون مختار العصر، ويحول الحكم ملكي، متأثراً بنظيره في أربيل.

والأخير هو التعنصر القومي، الذي أتضحت معالمه بعد 2003 وأصبح يعطي صوته البرلماني لمن يرفع من حصة الأقليم في الموازنة، ويتغاضى عن نفط الاقليم الذي تذهب أمواله للعوائل المتنفذة، التي تحارب دائما لإقامة دولتها الحلم، وبناء الإمبراطورية التي لطالما حلم بها أبناء الزعيم.. كل ذلك على حساب المواطن الذي يشابه أخاه في الوسط والجنوب، لأن الإثنان يحكمهم نفس السراق..

هذه القوى الثلاثه بعد 2018 دخلت مرحلة التعامل مع الشعب بمبدأ القوى الصلبة على الطريقة الميكافيلية، التي تبيح لهم التجاوز عن غالبية أحلام وطموحات الشعب، في سبيل بقائهم في السلطة، ولا عجب في ذلك، لأن عقلية الشعب العراقي لم تغادر مبدأ أنتخاب الأقوى، ودليل ذلك أن قوى السلاح أستحوذت على مايقارب المئة مقعد في البرلمان، بينما القوى المعتدله لم تتجاوز الأربعين مقعد، مع الأخذ بعين الأعتبار أن 60% من الشعب لم يخرج للتغير.

هذا يجعل الطبقة السياسية متأخرة جداً في التعاملات السياسية الدولية، ويثبت انهم لم يفهموا للآن سوى جزء صغير من مفهوم القوى الصلبة، فكيف سيتعاملون بالقوى الناعمة؟! بينما التدخلات الخارجية والأقليمية، ترى العراق منجما للذهب الذي يرغبون في السيطرة علية..

اما المواطن العراقي، فهو كذالك الزبون الذي يقبع تحت موس الحلاق الثمل، الذي لا يستطيع أن يدير شوؤن محله، وبالتالي ليس أمامه إلا خياران، الأول أن يستسلم ويجعل الأحزاب الثملة تقطع له وريد الحياة، والأخير هو أن يصرخ بكلا.. ويدخل معترك الإنتخابات ويبدلهم، ويجعل الأحزاب هي من تحت موس خياراته.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد جواد الكاظمي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/01/08



كتابة تعليق لموضوع : من سيجلس.. تحت موس الحلاق
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net