صفحة الكاتب : د . عبد الحسين العطواني

في الذكرى الاولى لشهداء قادة النصر
د . عبد الحسين العطواني

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 من اولى الخطوات التي يمكن ان تكون مدخلا لتفادي المساس بأمن وسلامة البلاد هي الاقرار بالوطنية واعتبار المعيار الوطني هو اساس الانتماء ، وليس الانتماء المناطقي او الجهوي او السياسي، مع ادانة شديدة لكل السياسات الاستحواذية والاقصائية ، وكما هو مسلم به ان من اهم اركان الاسلام هو الجهاد من اجل حماية الارض وصيانة المقدسات كحد ادنى على (المسلم ) ان يؤديه ، فهو تكليف شرعي ملزم ، ومن بديهيات الاموران تعمل الحركات السياسية والدينية صفا واحدا عندما يتعرض البلد الى عدوان خارجي ، يستهدف سيادة وبناء الدولة وان تمتلك القرار الحاسم بالتصدي للعدو ، وهذا القرار لن يتم الاقدام عليه الا بوجود الايمان بتقديم تضحيات ، لايجرأ على تقديمها الا صفوة ممن بلغ فيها الايمان درجة عالية من النضالية والعطاء والتضحية بالنفس.
الا انه من المؤسف حقا ظل العراق يعاني من تدخل سافر بشؤونه الداخلية وتكالبت عليه القوى الطامعة لاسيما بعد الاحتلال الامريكي للعراق في نيسان 2003 وما بعدها زمر الضلالة المتمثلة بداعش الارهابي، ليتحول العراق الى ساحة صراع للقوى الاقليمية والدولية نتيجة لبعض الولاءات الطائفية ، نتج عنها مواصلة التعاطي مع ورقة الارهاب من خلال تمكين المنظمات الارهابية الداعشية والسيطرة على المزيد من المواقع والمدن بعد انسحاب القوات المسلحة والاجهزة الامنية العراقية، كما جرى في مدينة الموصل في حزيران 2014 وغيرها من المدن العراقية ، لكن لكل منظومة قمعية نهاية ، فالقمع والارهاب بالنسبة للدول المستبدة انما كمتطلبات الاحتياطي للبنوك ، انها تكون فعالة فقط اذا لم يتفق المودعون عليها لسحب اموالهم ، غير ان القوى الشعبية المتمثلة بالحشد الشعبي وابناء العشائرالتي لبت نداء المرجعية الرشيدة ، في الواقع ووفقا لما تحقق على الارض من حيث مستوى الحضور الميداني ضد قوى الشر ، تعد ثاني قوى قتالية في الساحة بعد القوات الامنية اذا لم تكن الاولى ولتقدير دور القوى الشعبية في تحديد مسار القتال في العراق مالديها من الارادة القوية وان انسحابها من ساحات القتال كان مرهونا بتحقيق اهدافها .
وبرزت مؤشرات النجاح على الزمر الارهابية على يد احد ابرز قيادات الحشد الشعبي (الشهيد ابو مهدي المهندس ) حيث كان من رجالات العراق الغيارى ، ىسابقا في مقارعة النظام البائد ، ومن ثم توليه قيادة اغلب قطعات الحشد الشعبي ميدانيا في معارك التحرير، فقدراته ومهاراته الاخلاقية والمعرفية والسلوكية والشخصية وبتنميتها وتطويرها وباختيار صلابة هذه التحضيرات استعدادا للمرحلة التالية ، حيث اصبح تأثيرقيادته واضحا في كيفية ادارة شؤون المعركة وطبيعة النتائج المترتبة عليها ، فقد امتاز بخبرته في ادارة الازمات ورهانه بدرجة كبيرة على عامل الوقت دون ملل الذي نجح فيه فعلا الى حد كبير ، لقد كان ( المهندس ) الامثولة في حالة من الصفاء النضالي بلغت ذروتها في المواجهة ضد الاحتلال ، كما اكد على ان المصالح الفئوية ، والطبقية والمذهبية والدينية ، يجب الابتعاد عنها في ظل وطن منقوص السيادة ، ومابرح الامر طويلا حتى انتشرت عدوى التضحية بين ابناء الحشد المقدس، لقد كان (الشهيد ) ثورة تعمل على قطع يد التدخل الامريكي في العراق ، الى جانب اسقاط كل ماتركه هذا التدخل من ارث ثقيل بعد ان اصاب الوهن الشارع العراقي ليعلن الحشد وقادته الابطال ان الحل الوحيد للعراق على المستوى السياسي ،عليه ان يمر عبر المشروع التوحيدي الشعبي ولا يقتصر على قوات النظام الرسمي ، لذلك لاقت هذه الحشود نتائج نضالها من القوى الاستعمارية المتمثلة بالولايات المتحدة الامريكية بأستهداف قادتها .
ولابد من الاشارة هنا الى ان من اهم عوامل النصر الذي تصنعه القوات الشعبية العراقية ، فهي انها تسترشد بفكر المرجعية الدينية ، وهو الفكر الذي وضع امكانات مختلف العراقيين في مواجهة العدوان الداعشي ، فهي واضحة من اهدافها الاستراتيجية كما هي واضحة في رسائلها التكتيكية ، وتسير على توظيف كل الامكانات في المعركة التي وصفتها المرجعية بالمصيرية . ، وعلى هدى تغلب مصلحة الوطن على اي مصلحة اخرى .
ولكن نقول من المؤسف ان بعض الكتل والشخصيات السياسية العراقية ، كان موقفها من الجريمة الامريكية التي استهدفت شهداء قادة النصر ( ابو مهدي المهندس ، والحاج سليماني) ، يستند الى اسس تعصبية ضيقة ، وبعضها بنى مواقفه على مقاييس الانظمة الداعمة للعملية الاجرامية ، ولذلك ظهرت تلك المواقف منحازة وليست حيادية على الاقل .
وعلى الكتل والشخصيات التي ناهضت المشروع او اظهرت العداوة ان تعيد حساباتها بعد مااثبت الواقع ان مشاريعها السياسية لن تلبي حاجات العراق في التحرير والوحدة ، وماهو مطلوب منها على الاقل ان تترك مواقفها العدائية ضد من اثبت انه بالفعل يشكل صمام الامان في الدفاع عن العراق وحمايته ، وعليها ان تضع في حساباتها ان التغيرات الجهادية التي يشهدها العراق ليست فوضوية او مشوشة ، كما تدعي وتروج ضدها في الاعلام ، فوراء تلك التحولات تقف قوى يمكن تمييزها والتعرف عليها ، وهي قوى صاعدة امتلكت حس التقدم واداة التغيير نحو المشاركة ببنية عقيدية وديمقراطية ، ولاتقوم على الخضوع لسلطة ممركزة ، فحين ينتهي الخوف تبدأ الحياة الحقيقية .
وهنا يتبين بوضوح شديد كيف يسير البشر التاريخ بالاصلاح او الافساد ، وكيف تتدخل المشيئة الالهية لتعيد الامور الى مسارها ، تارة بالكوارث الطبيعية ، وتارة بالمعجزات الخارقة الكونية ، وتارة بارادة الرجال الذين يوفقهم الله لتغيير الواقع المنحرف بالاهواء والاطماع والخيالات الحائدة عن المنهج الالهي . لتكون مدرسة شاملة في قواعد التأهيل القيادي لاولئك الذين يحملون هم التغيير ورسالته ، كقائد النصر الشهيد ( ابو مهدي المهندس ) ورفيق دربه في المقاومة والنضال ( الشهيد الحاج سليماني ) رحمهما الله وطيب ثراهما واسكنهما واسع رحمته ، والخزي والعار والذل لامريكا وادلاء الخيانة .
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . عبد الحسين العطواني
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/01/09



كتابة تعليق لموضوع : في الذكرى الاولى لشهداء قادة النصر
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net