صفحة الكاتب : علي جابر الفتلاوي

الملوك والرؤساء العرب على ابواب بغداد
علي جابر الفتلاوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
فتحت بغداد ابوابها لجميع الملوك والرؤساء العرب ، رغم الجراح العميقة التي سببها البعض من هؤلاء للشعب العراقي ، وهؤلاء هم العراقيون ، قلوب طيبة ينسون اساءة من اساء اليهم ،ويفتحون قلوبهم الى القادم اليهم باخلاص وصدق وطيبة ، ومن خلال القمة سيستشف العراقيون صدق النوايا ، هناك من الملوك والرؤساء سيكون  مترددا ومنهم ممتنعا من الدخول الى بغداد وسيكون مترددا في مد يد المصافحة لليد العراقية رغم ان العراق قد فتح ذراعيه لاستقبال القادة العرب لاحتضانهم كأشقاء للعراق، من الملوك والرؤساء سيبقى متفرجا  على  الابواب  المفتوحة  ، رغم  نداءات  الترحيب والفرح التي سيُستقبل بها الضيوف .
لم يبق الا اياما قلائل لافتتاح مؤتمر القمة العربي في بغداد ،  حيث  قُرر عقده  نهاية اذار 2012 م ، هذا يعني ان الملوك والرؤساء العرب هم اليوم  واقفون  على  ابواب بغداد ، ولم يبق سوى ان يدخلوا من هذه الابواب المفتوحة لهم ، فهل سيدخلون ؟!    ام سيبقون في بلدانهم ينتظرون يوم الانعقاد ليعلنوا اعتذارهم عن  الحضور  للاسباب التالية : اولا ..وثانيا .. و.. و.. الخ ، وربما تُعلن اسباب عدم الحضور ومن دون كلمة اعتذار ، وربما يحضر قسم منهم والقسم الاخر يعتذر عن الحضور ، هذا اذا لم تخلق قضية ما تكون حجة لعدم انعقاد القمة وتتخذ ذريعة لتأجيل القمة هذه توقعات تشاؤمية لكنها تستند على الواقع ، استوحيناها من مسيرة وسيرة الملوك والرؤساء مع  العراق طيلة فترة السنوات الماضية من بعد سقوط الطاغية صدام .
اننا كعراقيين نتمنى ان يُعقد المؤتمر في موعده المحدد ،ونتمنى ان يسير المؤتمر في الاتجاهات الصحيحة التي تخدم الشعوب لا الحكام ،ونتمنى للجامعة العربية ان تكون فعلا عربية ، لا سعودية ولا قطرية ، نحن كعراقيين نعرف من البداية وكذلك يعرف المنصفون من العرب ، ان العراق حريص على اقامة  احسن  العلاقات  مع  محيطه العربي ، وكلما توجه العراق في هذا الاتجاه يصطدم بجدار الصدود ،  والمشكلة  ان النظام السياسي الجديد في العراق ، لا يعجب الحكام من الملوك  والامراء  والرؤساء بل يعتبرونه  خارج  نسيجهم ، لان الحكومة  في العراق من  اختيار الشعب  العراقي  وبطريقة ديمقراطية حقيقية ، تعتمد على الحرية المتاحة للشعب في اختيار  من  يمثله  لا احد من المسؤولين في الدولة العراقية الجديدة يشعر ان كرسي الحكم ملك له ،  بل هو ملك الشعب  ، والمسؤول مكلف بمسؤولية وواجب لفترة زمنية محددة ،  بموجب  الدستور العراقي ، الذي ينص بان يدار الحكم من قبل الاكثرية السياسية ،  التي تفوز بالانتخابات الديمقراطية ، وهذه هي آليات الديمقراطية الحقيقية ، رغم اننا اليوم نرى طريقة الحكم في العراق  تسير بنظام المحاصصة المقيتة  ،  وهذه  الطريقة  زرعت الفرقة والاحقاد ، ورشحت اشخاصا غير كفوئين للمسؤولية ، ويتمنى الشعب العراقي ان  يتخلص من  داء  المحاصصة  او ما يسمى بالتوافق ، تختلف المسميات والنتيجة واحدة ، والمحاصصة  من  مخلفات  التدخل الامريكي  في العراق التي فُرضت على الواقع السياسي، وتقبلها السياسيون رغم مخالفتها للدستور تحت لافتة التوافق  لتمشية المرحلة الحرجة التي يمرّ بها العراق ، وكان  للمحور العربي  الطائفي  دور في دفع الامريكان لفرض المحاصصة  ،على أي حال هذا موضوع اخر تطرقنا اليه  عرضا وموضوعنا هو مؤتمر القمة العربي . 
نحن سنتفاءل ونقول ان مؤتمر القمة العربي سيعقد في بغداد وفي موعده ،    وان كنا نتصور ان المؤتمر لو عقد سيكون العراق في وسط الملوك والرؤساء ، اشبه  بانسان غريب يوضع في بيئة غير بيئته ،لان نسيج الحكم في العراق ، يختلف كليا عن نسيج الحكم في البلدان العربية ،اذ ستكون الطروحات ، الخليجية منها خاصة التي تتزعمها قطر والسعودية موضع احراج للعراق ،لان الحكم في هذه  البلدان قائم على التوريث والدكتاتورية ،وستكون الطروحات تصب في اتجاه يختلف عن اتجاه  توجهات الحكم في العراق،القائم على الحرية والديمقراطية الحقيقية ، وعلى عدم  التدخل في الشؤون الداخلية للدول الاخرى ، في  حين  نرى  السعودية  وقطر  تقودان  حملة واسعة  من التدخلات في شؤون البلدان العربية الاخرى وبدعم كبير من امريكا واسرائيل  وبقية الدول الاوربية وتدخلات المنظومة الخليجية اصبحت مكشوفة من حيث نتائجها حيث تصب في مصلحة امريكا واسرائيل،وهنا يحصل التقاطع  الكبير مع توجهات العراق الذي لا يقر هذه التدخلات،و من هنا  يأتي  الاحراج للعراق حيث يريد الحكام العرب اضفاء  الشرعية على  هذه  التدخلات ، التي  تصب  في  خدمة  المصالح  الامريكية الصهيونية ، وسيكون التدخل في سوريا محور اجتماعات القمة العربية المرتقبة .    ان موقف العراق يختلف كليا عن مواقف البلدان الخليجية ، فيما  يتعلق  بالوضع  في سوريا  ، اذ اصبحت الدول الخليجية منحازة لصالح الحركات السلفية المسلحة اضافة الى ذلك ان  المجموعة  الخليجية تتغاضى عن عمليات  القتل  التي  يقوم  بها  هؤلاء  المسلحون كون المنظومة الخليجية مع امريكا واسرائيل تدعم هذه المجاميع  المسلحة في حين ان موقف العراق واضح وصريح حيث يدعو الى عدم التدخل من أي طرف كان في الشأن السوري ، ولا بد من الانحياز للشعب السوري بدل الانحياز للمسلحين المدعومين خارجيا ، هنا  سيحصل  التناقض  بين الموقف العراقي والموقف العربي  واتوقع ان عُقد المؤتمر ستفتعل السعودية وقطر مشكلة ما لافشاله، ان العراق واضح في موقفه لدعم الشعب السوري في تطلعاته المشروعة،في الحرية والديمقراطية وفي التداول السلمي للسلطة ، ومنع المسلحين السلفيين سواء كانوا سوريين ام  اجانب  من القتل العشوائي للمواطنين ، او القيام بتفجيرات ارهابية  ،  تهدف  الى  تأزيم  الوضع واشاعة الخوف والفوضى ، لأن اشاعة الفوضى في سوريا لن يخدم المنطقة ، ويؤثر سلبا على العراق ، كونه دولة مجاورة لسوريا وتربطه معها مصالح مشتركة . الموقف العراقي هذا لا يروق لدول المحور الامريكي العربية ، وسيحصل تقاطع بين الموقف العراقي  ، وموقف  هذه  الدول  المتورطة بالتدخلات السافرة في الدول التي تشهد حراكا شعبيا .
ولا ننسى تدخلات هذه الدول في الشأن العراقي ، منذ سقوط صدام ولغاية  هذا  اليوم  وبعض هذه التدخلات تسبب في سفك دماء الكثير من العراقيين الابرياء ، حيث  يُقدم الدعم  من  بعض  الدول  الخليجية  الى الارهابيين الذين يريدون اشاعة الفوضى في العراق ، لتحقيق مآربهم في السيطرة على الحكم ،  بهدف  اكمال  الدور الذي  قام به صدام لابادة الشعب العراقي ، وتخريب البلد وسرقة  ثرواته ، ولهذا  السبب  تحالفت فلول البعثيين مع هؤلاء الارهابيين لتحقيق غاياتهم في الانتقام  من  الشعب  العراقي الذي رفضهم ورمى بهم في سلة النفايات ، السلفيون المدعومون من قطر والسعودية الذين تسلموا الحكم في بعض البلدان العربية ، هم  اعداء  الحرية  والديمقراطية ، اذ  يستغلون فضاء الحرية والديمقراطية كي يصلوا الى الحكم ، واذا  ما وصلوا  تمسكوا به ، وضربوا بالحرية والديمقراطية عرض الحائط ، او يحولونهما  الى  لعبة  شكلية تفرز حكومة سلفية لكن  بوجوه  جديدة ، لقد  سرق  السلفيون  ثمار الثورات  العربية  ساعدهم على سرقة الثورات حكومة السعودية وقطر وبقية  المحور الخليجي ،  رأوا انفسهم قد نجحوا في مصر وتونس وليبيا واليمن ، واليوم يريدون  حكومة  سلفية  في سوريا البلد الاهم في المنطقة،لانه بلد المواجهة الوحيد مع الكيان الصهيوني،  سوريا البلد الوحيد الذي يدعم المقاومة ، ويسمح لها بالحركة ، من هذا المنطلق جاءت اهمية التغيير في سوريا بالنسبة لامريكا واسرائيل والسعودية وقطر وبقية دول هذا المحور  الغاية هو اسرائيل لتأمين حدودها والاعتراف بها ، اليوم سوريا  وغدا  العراق ، وقد صرح بذلك عدد من الشخصيات السلفية ، في  سوريا  وتونس  وبعض  البلدان  التي انتصر فيها السلفيون ، اذ سرقوا نتائج  ثورات الشعوب التي  ثارت  من اجل حريتها واستقلالها ، وتأكد ان الحكومة السلفية في ليبيا تدرب  المسلحين  السوريين  وغيرهم وترسلهم الى سوريا لممارسة الارهاب ضد الشعب السوري .
بناء على هذه المعطيات ارى ان العراق سيجلس غريبا في مؤتمر القمة العربي الذي يتأمل البعض في انعقاده نهاية اذار 2012 ، المنظومة  الخليجية  لو حظرت المؤتمر كيف ستنظر للعراق،ستنظر اليه انه موجود غريب جالس في وسطها ،حالة لا يرتاح اليها الحكام الخليجيون ، رغم  مجاملات  الحكومة على  لسان  الدكتور على  الدباغ لاعضاء المؤتمر العرب ، حيث لم يدعُ العراق سوريا للمؤتمر بل اوكل  هذه  المهمة للجامعة العربية ، والجامعة هذه الايام ليست عربية بل هي  سعودية  قطرية ،  كذلك جاملت الحكومة العرب اصحاب الحكومات الوراثية ، بان اعلنت  ايضا  على  لسان الناطق باسمها ان المظاهرات التي قام بها التيارالصدري  دعما لشعب البحرين  بانها لا تمثل رأي الحكومة بل هي تمثل رأي التيار الصدري ، وانا اقول للسيد علي الدباغ ان هذه المظاهرات تمثل رأي الشعب العراقي ، ونحن  نخشى بسبب اندفاع الحكومة الشديد ورغبتها لانعقاد المؤتمر ، ان تخرج مواقف للحكومة تتقاطع مع رغبة الشعب العراقي رغم ان هذه المجاملات لا تغير شيئا من موقف دول الخليج تجاه العراق  ان المعادلة الظاهرة للعيان الان ، ان العراق مصر للاندماج في محيطه العربي  وبعض الحكام العرب مصرون على رفض العراق  ، اوتتغير المعادلة السياسية  في  العراق لصالح الجهات السياسية المدعومة من هؤلاء الحكام خاصة حكام السعودية وقطر .
لا نريد ان نستبق الاحداث لكن المؤشرات اخذت تظهر بالتدريج ، منها عدم  حضور بعض حكام الخليج ، كونهم متورطون بالتدخل في الشؤون الداخلية العراقية ،  ومنها دعوة السلفيين في مصر للمجلس العسكري بعدم الاشتراك في مؤتمر القمة ، الا  بعد دفع العراق اموالا يقولون ان العراق مدين فيها لمصر ، ومنها  ان  بعض  السياسيين العراقيين ممن تدعمهم السعودية وقطر، بدأوا بالتحرك لاحراج الحكومة العراقية في مؤتمر القمة،وذلك بالتهديد بزج المشاكل الداخلية في المؤتمر،وآخر ما سمعناه ادعاء القائمة العراقية بوجود محاولة لاغتيال رئيس القائمة اياد علاوي ، ونتوقع  في الايام المقبلة ان تظهر بالونات جديدة ، كلها تهدف  لاحراج  الحكومة  العراقية ،  ولافشال المؤتمر ان عُقد ، ولتأزيم الامور لصالح اعداء العملية السياسية .
بالمختصر اننا لسنا متفائلين بعقد المؤتمر ، ونتمنى ان تكون توقعاتنا خاطئة ، لان الذي يهمنا هو مصلحة العراق وشعبه الصابر .
A_fatlawy@yahoo.com 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي جابر الفتلاوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/03/14



كتابة تعليق لموضوع : الملوك والرؤساء العرب على ابواب بغداد
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net