صفحة الكاتب : الشيخ محمد مصطفى مصري العاملي

مَجدُ الزهراء.. فوق مجدِ الأنبياء!
الشيخ محمد مصطفى مصري العاملي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

بسم الله الرحمن الرحيم
 
الكتابُ المقدَّس، كتابُ النصارى، يُمَيِّزُ بين الشمس والقمر والنجوم، فلكلِّ منها مجده، حيث يقول وقوله هذا حقٌّ:
 
مَجْدُ الشَّمْسِ شَيْءٌ، وَمَجْدُ الْقَمَرِ آخَرُ، وَمَجْدُ النُّجُومِ آخَرُ. لأَنَّ نَجْماً يَمْتَازُ عَنْ نَجْمٍ فِي الْمَجْدِ (كورنثوس الأولى15: 41).
 
والمسيحُ الذي يعتقد النصارى بألوهيّته، نعتقدُ أنّه مِن أعظم رسل الله تعالى، فهو كلمةُ الله، وروحه، خصّه بباهر الكرامات، وأظهر على يديه خارقَ المعجزات..
 
ولأنّ نَجماً يمتازُ عن نجمٍ في المجد..
يتساءل المؤمنون عن النسبة بين المسيح كلمة الله، وبين البضعة الطاهرة، أمّ النجوم الزاهرة، فاطمة عليها السلام، قبيل ذكرى ولادتها عليها السلام..
 
فما هو مجد المسيح؟ وما هو مجد الزهراء؟
ههنا سؤالٌ يكشف شيئاً من ذلك: كيف كانت ولادة المسيح؟ والزهراء؟
 
1. كيف وُلِدَ المسيح؟
 
يتحدّث إنجيلُ متّى عن ولادة السيد المسيح في بيت لحم أيام هيرودس الملك، وقدوم المجوس من المشرق إلى أورشليم، وينقل قولهم في سبب قدومهم: إِنَّنَا رَأَيْنَا نَجْمَهُ فِي الْمَشْرِقِ وَأَتَيْنَا لِنَسْجُدَ لَهُ (متى2: 2).
 
رأى المجوسُ نجمَ عيسى إذاً، كان نجماً في السماء لامعاً، كاشفاً عن حَدَثٍ عظيم بحسب الإنجيل، هو ولادة المسيح عليه السلام، بل كان هذا النجمُ دليلاً لهم سائراً أمامهم بحسب إنجيل متى: وَإِذَا النَّجْمُ الَّذِي رَأَوْهُ فِي الْمَشْرِقِ يَتَقَدَّمُهُمْ حَتَّى جَاءَ وَوَقَفَ فَوْقُ، حَيْثُ كَانَ الصَّبِيُّ (متى2: 9)
 
فَرِحَ المجوسُ بالنَّجم، نجم المسيح، فهو علامةٌ من علامات مَجدِ هذا الطفل: وَأَتَوْا إِلَى الْبَيْتِ، وَرَأَوْا الصَّبِيَّ مَعَ مَرْيَمَ أُمِّهِ. فَخَرُّوا وَسَجَدُوا لَهُ (متى9: 11).
 
هذا ما تذكره الأناجيل المعتمدة من قبل الكنائس حول ولادة المسيح عليه السلام، لكن الأناجيل التي لم تُعتَمَد تذكُرُ مزيداً من التفصيل حول ذلك.
 
ففي الإنجيل المنسوب لـ(جيمس): ظَهَرَ نورٌ عظيمٌ، إلى حَدِّ أن عينيّ لم تتمكنا من تحمُّله، وبعد مُضِيِّ وقتٍ قصيرٍ انحسر النور، وما إن حدث ذلك حتى ظهر الطفل (الأناجيل النصوص الكاملة ص589)
 
وفي إنجيل (يعقوب التمهيدي) أن الضياء كان: ضياءً حاداً بحيث أن العين لم تكن تستطيع تأمُّله، وحين تبدّد ذلك النور قليلاً رؤي الطفل (الأناجيل المنحولة ص45).
فكان هذا النور غير النجم الذي شوهِدَ في السماء، وقد ظهر عند ولادة الطفل.
 
أما في (إنجيل أرونديل) فكان الأمرُ أكثر وضوحاً، حيث يذكر أن النور هو نورُ الطفل نفسه، فيقول: أَشَعَّ الطفلُ نفسُه وأضاءَ مثلَ الشمس بشكلٍ ساطع.. عندما وُلِدَ أعلنت أصواتُ عددٍ كبيرٍ من الكائنات المرئيّة بصوتٍ واحد: آمين (الأناجيل النصوص الكاملة ص593)
 
لم يخلُ (كتاب مورمون) أيضاً من ذكر العجائب عند ولادته، فقد وصف تلك الليلة بقوله: ستظهر أضواءٌ عظيمةٌ في السماء، حتى أنّه في الليلة التي تسبقُ مجيئه لن يكون هناك ظلام، فيظنّ البشر كأنّه نهار.. إنّ الليل لن يكون مُظلماً، وهذه هي الليلة التي تسبق ميلاده.. ستكون علاماتٌ كثيرةٌ وعجائب في السماء (سفر حيلامان14: 3-6)
 
اتّفقت الكتب المسيحية إذاً، بما فيها الكتاب المقدَّس على أن ولادة عيسى عليه السلام كانت أمراً معجِزاً في مظهرها، فَفَضلاً عن ولادته من غير أبٍ، كان نجمه ساطعاً في السماء، مُرشِداً ومشيراً إليه، وظهرت أنوارٌ عظيمة ليلة ولادته حتى كأنّ الليل صار نهاراً، وظهرَ نورٌ عظيمٌ من الطفل عند ولادته، ولم تتمكن العيون من تأمُّل هذا النور لشدّة سطوعه..
 
هو مجدٌ عظيم إذاً يعتقد النصارى أن الله تعالى خصَّ به عيسى عليه السلام، فهل من مَجدٍ أعظم من هذا؟!
 
2. كيف وُلِدَت الزهراء؟
 
لقد روينا عن الصادق جعفر بن محمد عليه السلام أنّ السيدة خديجة عليها السلام لما تزوّج بها رسول الله صلى الله عليه وآله هجرتها نسوة مكّة: فَلَمَّا حَمَلَتْ بِفَاطِمَةَ، كَانَتْ فَاطِمَةُ ع تُحَدِّثُهَا مِنْ بَطْنِهَا وَتُصَبِّرُهَا (الأمالي للصدوق ص593).
 
أولى العلامات، أن عيسى حدّث الناس في المهد صبيّاً، فكان في ذلك معجزة باهرة، والزهراء عليها السلام حدّثت أمّها حتى قبل منذ ما قبل ولادتها! وهي في بطنها..
 
ولمّا حانت ساعة ولادتها، أرسلَ الله تعالى إلى خديجة أربعةً من كُمَّلِ نساء البشريّة، واحدةٌ منهن: مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ، أمّ عيسى عليه السلام! والأخريات سارة وآسية وكلثوم أخت موسى عليه السلام.
 
فإذا خصَّ تعالى مريم بأن جعل من صلبها عيسى بدون أب، فقد خصّ خديجة بأن جعل مريم وتلك السيدات العظيمات بمنزلة القابلات..
 
يقول عليه السلام: فَجَلَسَتْ وَاحِدَةٌ عَنْ يَمِينِهَا، وَأُخْرَى عَنْ يَسَارِهَا، وَالثَّالِثَةُ بَيْنَ يَدَيْهَا، وَالرَّابِعَةُ مِنْ خَلْفِهَا.
أحاطها الله تعالى بكلّ هذه الرعاية إكراماً للمولودة المطهّرة: فَوَضَعَتْ فَاطِمَةَ طَاهِرَةً مُطَهَّرَةً.
 
ههنا حانت ساعة المقارنة بين مجد عيسى ومجد الزهراء في ولادتهما، يقول الإمام الصادق عليه السلام:
فَلَمَّا سَقَطَتْ إِلَى الْأَرْضِ، أَشْرَقَ مِنْهَا النُّورُ حَتَّى دَخَلَ بُيُوتَاتِ مَكَّةَ: الكتابُ المقدَّسُ يذكر نجماً في السماء قبل ولادة عيسى عليه السلام، وسائر الكتب تذكر نوراً ساطعاً عند ولادته، لكن الكنائس ما اعترفت بكلّ تلك الكتب.
 
أما الزهراء فإنّ النور الذي أشرق منها دخل بيوتات مكة، ثمّ عَمّ الأرض قاطبةً من شرقها لغربها!
يقول عليه السلام: وَلَمْ يَبْقَ فِي شَرْقِ الْأَرْضِ وَلَا غَرْبِهَا مَوْضِعٌ إِلَّا أَشْرَقَ فِيهِ ذَلِكَ النُّورُ.
 
فإذا كانت كلمة النصارى قد اتّفقت على ظهور نَجمٍ لعيسى، واختلفوا في النور وحدوده، وهو المبعوث للعالمين، فإنّ نور الزهراء قد أشرق على البشرية قاطبة!
 
لكنّ المزيَة لا تقتصر على ذلك..
فإنّ نور الزهراء هذا ما كان مسبوقاً على الإطلاق، ليس عند الإنس والجنّ فحسب، بل عند ملائكة السماء! على عظمتهم واطّلاعهم.
يقول عليه السلام: وَحَدَثَ فِي السَّمَاءِ نُورٌ زَاهِرٌ لَمْ تَرَهُ الْمَلَائِكَةُ قَبْلَ ذَلِكَ (الأمالي للصدوق ص595).
 
لم ترَ الملائكة هذا النور عند ولادة نوحٍ ولا إبراهيم ولا عيسى ولا موسى عليهم السلام جميعاً.
 
ههنا نعود للكتاب المقدّس حين يقول: لأَنَّ نَجْماً يَمْتَازُ عَنْ نَجْمٍ فِي الْمَجْدِ..
 
فأيُّ مجدٍ هذا الذي حازته الزهراء حتى امتازَ نجمُها عن نجم عيسى عليه السلام؟!
 
أيُعقل أن تكون سيِّدةُ النساء أفضلَ من كلمة الله وروحه؟ وسائر الأنبياء العِظام؟!
وإذا فُضِّلَت عليه وعليهم.. فما السرُّ في ذلك؟!
 
هذا ما نعرضه في البحث القادم إن شاء الله
 
والحمد لله رب العالمين


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


الشيخ محمد مصطفى مصري العاملي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/02/02



كتابة تعليق لموضوع : مَجدُ الزهراء.. فوق مجدِ الأنبياء!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net