صفحة الكاتب : زعيم الخيرالله

الدَّوْلَةُ الإِستِبْدادِيَّةُ وَمَفْهُومُ الدَّوْلَةِ
زعيم الخيرالله

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 هَلْ الدَّوْلَةُ الاستبداديّةُ من افرادِ مفهومِ الدولَةِ الواسع أم أَنَّ مفهومَ الدَّوْلَةِ لايَتَّسِعُ لها ؛ فهي خارجِةٌ تَخَصًصاً عن مفهومِ الدَّولَةِ ؟ وهل تعريفُ الدَّولَةِ ينطبقُ عليها أم لا؟ وهل هناك ضرورة للدولة؟ وهل هناك مجتمعات لم تَعْرِفْ فكرةَ الدَّوْلَةِ؟ .
فَهْمُ هذهِ الاسئِلَةِ ، يُقَرِّبُنا من معرفة دخول الدولة الاستبداديّةِ في مفهوم الدولة وتعريفها أم لا؟
إِذا كانَ التعريفُ الماهويُّ للدولةِ هو تعريفُها بأَجزائِها وَمُكَوَناتِها ، بالشعب والارض والحكومة ، فالدَّوْلَةُ الاستبداديّةُ داخِلَةٌ في تعريفِ الدَّولةِ ؛ لانَّ التعريفَ يجب ان يكونَ جامعاً مانعاً ، اي تدخل كل اجزاء ومكونات الدولة في التعريف ، ويخرج من التعريف كل مالاعلاقة له بالدولّةِ ، وحسب تعبيري عن جامعية التعريف ومانعيته ، انه لايُخرِجُ الداخلَ ولايُدخِلُ الخارجَ .
الاجزاء الداخلةُ في تعريفِ الدَّوْلَةِ هي الارض ، الشعب ، والحكومة ، أَمّا الاعترافُ الدَّوليُّ فهو ليس جُزءً من مكونات الدولةِ ، وانّما هو شرطٌ في تحقيق الدولةِ لوجودها على ارض الواقع ، والشرطُ أمرٌ خارجٌ عن الماهيّةِ . على سبيلِ المثالِ ، الصلاة كمركب اعتباري يمثِّلُ الركوعُ جزءً من ماهيتِها الاعتبارية ، اما الوضوء فهو ليس جزءً من اجزاء الصلاة ، ولاداخلاً في مركبها الاعتباري ، وهو امرٌ خارجٌ عن ماهيتها الاعتبارية ؛ فهو لايدخلُ في تعريفِ الصلاة ، وانما هو شرطٌ في صحتها .
الدَّوْلَةُ الاستبداديَّةُ هي دولةٌ داخلةٌ في تعريفِ الدولة ، الاّ انَّها دولةٌ تعاني من ازَماتٍ بنيويّةٍ حادَّة . انّها دولةٌ تعاني خللاً في مركبها الحضاري حسب تعبير الاستاذ محمد عبدالجبار الشبوط . وعمليةُ الاصلاح تعني انَّ هناك دولةً قائمةً ، ولكنّها دولةٌ مختلة تعاني من أَزَماتٍ بِنْيَوِيَّةٍ حادّةٍ ، وهيَ بحاجَةٍ الى اصلاحٍ. والدول انواع ، دول فاشلة ودول هشَّة ودول فاعلة ، كلها ينطبق عليها مفهومُ الدولةِ ؛ لانَّ مفهومَ الدولة مفهومٌ مُشَكِكٌ يشترك مع افراده في الوجود ويختلفُ في مراتِبِ الوجودِ .
نعم ، مناقشةُ مضمونِ الدولةِ أمرٌ هامٌّ للغايةِ ، ونحنُ نحتاجُ دولةً بمضامينَ راقيّةٍ ، وتَحُفُّها منظومةُ قِيَمٍ تحترمُ مواطنيها وتضمن حقوقَهم . ولكنَّ مضمونَ الدَّولةِ ومنظومةَ القيم هذه لاتدخل في تعريف الدولة ، وانما تُحدد اتجاهات الدولةِ ومساراتِها ؛ والاّ فالدولةُ الاستبداديّةُ دولةٌ الاّ انها تفتقرُ لمنظومةِ قيمِ حقوقِ الانسان والحُرِّيّاتِ.
ضرورةُ وُجودِ الدَّولَةِ
------------------
الدَّوْلَةُ ضرورةٌ مجتمعيّة لاغنى للمجتمعات عنها ، وهذا ماأشار اليه امير المؤمنين علي عليه السلام : (لا بد للناس من أمير بر أو فاجر ، يعمل في إمرته المؤمن، ويستمتع فيها الكافر، ويبلغ الله فيها الأجل، ويجمع به الفئ، ويقاتل به العدو، وتأمن به السبل،
ويؤخذ به للضعيف من القوي حتى يستريح به بر ويستراح من فاجر ). (نهج البلاغة، ج1 ، ص 91) . وحقيقةُ الامرِ انّ الامامَ عليّاً يتحدث عن ضرورةِ وجودِ سلطةٍ وحكومةٍ مهما كان شكلُها لحفظِ الامنِ المجتمعيِّ . وماتحدثت بهُ المدارس التي تتبنى الفوضوية والاتجاهات الماركسيّة من ان الدولةَ ضرورةٌ أوجدها الصراعُ الطبقيُّ ، فاذا اختفى هذا الصراعُ عند الوصول الى الشيوعيّة ستختفي الدولة ، وان الدولةَ اداةٌ قمعيّةٌ بيد الطبقة الحاكمة لقمع الطبقات المحكومة . كُلُّ هذا الكلامُ يتعلقُ بالسلطةِ والحكومةِ لابالدولةِ التي هي موجودةٌ وراسخةٌ بوجودِ ورسوخِ عناصرها ومكوناتها .
الحكومةُ هي روحُ الدولة وهي التي تطبقُ القوانين وتحمي امنَ مواطنيها في الداخلِ والخارج .
الدولةُ بحاجة الى العُنف ، وهي تحتكر العنفََ المشروع حسب تعبير ماكس فايبر الذي عَرَّفَ الدولةَ بانها : (منظمةٌ سياسيةٌ إلزاميةٌ مع حكومة مركزية تحافظ على الاستخدام الشرعي للقوة في إطار معين من الأراضي). الدولةُ تحتكرُ العنفَ وتحتكرُ السلاحَ وتحتكر ادارة المال العام وكل امرٍ كليٍّ جامع . الدولة الاستبداديّة لخللٍ في بِنيتِها تتجاوزُ حدودَها في تكريس القمع ، وتتغولُ على مواطنيها .
كلُّ المجتمعات عرفت فكرةَ الدولَة ، وعرفت كيف تدير شؤونها وتحل خلافاتها وهناك مرجعية تحتكم اليها في فض النزاعات ، ومارست العنف في تطبيق بعض الاعراف والقواعد لحسم النزاعات . ولكنها كانت افكاراً بسيطةً نتيجة لبساطة هذه المجتمعات وعدم تعقيدها .
وفي الختام ، لايمكن ان نصف الدولةَ الاستبداديّةَ بأنَّها لادولة ، بل هي دولةٌ مختَلَّةٌ وتعاني من ازمات بنيوية حادة ومن خلل في مركبها الحضاري . هي دولةٌ ، ولكنَّها ليست الدولة التي يطمح الانسانُ الى تحقيقها ، انما يطمح الانسان الى دولة تستجيب لطموحاته وتحقق العدلَ والحرياتِ والحقوقَ والكرامةَ الانسانيَّةِ .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


زعيم الخيرالله
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/02/17



كتابة تعليق لموضوع : الدَّوْلَةُ الإِستِبْدادِيَّةُ وَمَفْهُومُ الدَّوْلَةِ
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net