صفحة الكاتب : علي الدلفي

تَمَاهِي الخِطَابَاتِ
علي الدلفي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

أضحىٰ الخِطابُ (الدِّينيّ/ السِّياسيّ) مُحورًا مُهمًّا في اللِّسانيّاتِ العربيّةِ الحديثةِ المُهتمّةِ بالخطاباتِ المُؤثّرةِ في المُتلقّي؛ وميدانهُ الرَّحْبُ خُطَبُ الجمعةِ لما لها مِنْ اتّصالٍ مباشرٍ بالمُجتمعِ وأفرادهِ قديمًا وحديثًا. وكذلكَ ميدانهُ الفتوىٰ؛ والبيان. فالخِطابُ السِّياسيّ تمثّلهُ السّلطةُ الحاكميّةُ العُليا في المُجتمعِ؛ التي تنصدمُ بالوقتِ نفسهِ معَ سلطةٍ مُناوئةٍ لها. لكنّها من نوعٍ آخرَ؛ هي السّلطةُ المَعرفيّةُ الدِّينيّة، ولمْ يكنْ منَ الممكنِ ألاّ تتقاطعَ السّلطتانِ؛ وكلتاهُما تستهدفُ الفضاءَ السّلطيّ نفسَهُ. وهم الجماهيرُ؛ فَقَدْ أدركَ رجلُ السّلطةِ أنَّ ثمّةَ مُنازع ينازعهُ سلطتهُ (في سيطرتهِ علـىٰ الجماهيرِ)؛ ويمنعهُ منَ الهيمنةِ؛ فكانَ الحلُّ في اجتذابِ تلكَ (السّلطةِ المُعرفيّةِ) إلــىٰ مجالِ (السّلطة السّياسيّةِ) وإدماجها فيهِ إلــىٰ درجةِ التّماهي ومنْ ثَمَّ جعل السّلطةِ الدِّينيّةِ غطاءً أيديولوجيًّا للسّلطةِ السّياسيّةِ؛ تضفي عليها الشّرعيّةَ والصّدقيّةَ. غيرَ أنَّ مُهمّةَ السّياسيّينَ لمْ تكنْ سهلةً في ظلِّ وعي رجالِ الدّينِ بسلطتهِم المعرفيّةِ؛ وعدمِ موافقتهِم علـىٰ التّخلّي عنها لصالحِ سلطةٍ أخرىٰ؛ فالمحكُّ في النّهايةِ هُمِ الجماهيرُ باعتبارهم مصدر السّلطاتِ الوضعيّةِ في الأنظمةِ الدّيمقراطيّةِ. ومن هنا ظهرَ في التّاريخِ العراقيّ الحديثِ والمُعاصرِ اتجاهانِ أو طائفتانِ منْ رجالِ الدّينِ؛ طائفةٌ: استجابتْ لنداءاتِ رجالِ السّلطةِ وإغراءاتها؛ وصارتْ تمثّلُ دعمًا لها تضفي علـىٰ حكمها الشّرعيّةَ والقبولَ لدىٰ الجماهيرِ في مُقابلِ العطايا وبذلِ المالِ والتّقريبِ في المجالسِ الخاصّةِ والعامّةِ؛ ومناصبِ القضاءِ؛ وكلّها إمّا كانتْ إغراءاتٍ للاستمالةِ أوْ مكآفاتٍ للولاءِ. وطائفةٌ أخرىٰ: تأبىٰ التّخلّي عنْ سلطتها المعرفيّةِ وتقفُ في مُواجهةِ السّلطةِ السّياسيّةِ؛ إنَّها تفضّلُ أنْ تكونَ بمعزلٍ عنها ناقدةً لها.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي الدلفي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/02/22



كتابة تعليق لموضوع : تَمَاهِي الخِطَابَاتِ
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net