صفحة الكاتب : يحيى غالي ياسين

الإفتاء من قِبَل غير الأعلم .. وموقف الإمام الجواد ع منه
يحيى غالي ياسين

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 المعروف فقهياً هو وجوب تقليد المجتهد الأعلم ، وهو حكم موجّه للمكلّف ، أما حرمة إفتاء المجتهد غير الأعلم فلم يقل به أحد حسب ما اعتقد ، والمسؤولية كل المسؤولية ملقاة على عاتق المكلّف الذي لا يكاد يفهم المسائل الفقهية فضلاً عن تكليفه بالبحث عن الأفقه والأقدر على استنباط الحكم الشرعي .. !! وخففوا عليه الحمل بعض الشيء من خلال توجيهه بالاعتماد على أهل الخبرة ..!! أو الشهرة المفيدة للإطمئنان .. وهنا دخلَ في مشكلة أكبر ، مَن هم أهل الخبرة ..! ومن يحددهم ، وكيف يتعرف عليهم الى حدّ الثقة والاطمئنان ..! وماذا يعمل اذا تعارضت ارائهم ..!! وماهي الشهرة وكيف يتحقق منها ، وماذا لو كان أكثر من واحد له شهرة معينة وكيف تكون عملية الترجيح .. الخ

وأنا اقرأ عن حادثة حصلت مع الإمام الجواد عليه السلام ، انتبهت الى هذا الحكم الموجّه الى الفقهاء قبل المقلّدين ، والحادثة هي :

" .. وكان وقت الموسم فاجتمع من فقهاء بغداد والأمصار وعلمائهم ثمانون رجلا فخرجوا إلى الحج وقصدوا المدينة ليشاهدوا أبا جعفر عليه السلام فلما وافوا أتوا دار جعفر الصادق عليه السلام لأنها كانت فارغة ، ودخلوها وجلسوا على بساط كبير ، وخرج إليهم عبد الله بن موسى ، فجلس في صدر المجلس وقام مناد وقال : هذا ابن رسول الله فمن أراد السؤال فليسأله فسئل عن أشياء أجاب عنها بغير الواجب فورد على الشيعة ما حيرهم وغمهم ، واضطربت الفقهاء ، وقاموا وهموا بالانصراف ، وقالوا في أنفسهم : لو كان أبو جعفر عليه السلام يكمل لجواب المسائل لما كان من عبد الله ما كان ، ومن الجواب بغير الواجب .
ففتح عليهم باب من صدر المجلس ودخل موفق وقال : هذا أبو جعفر ! فقاموا إليه بأجمعهم واستقبلوه وسلموا عليه فدخل صلوات الله عليه وعليه قميصان وعمامة بذؤابتين وفي رجليه نعلان وجلس وأمسك الناس كلهم ، فقام صاحب المسألة فسأله عن مسائلة فأجاب عنها بالحق ففرحوا ودعوا له وأثنوا عليه وقالوا له : إن عمك عبد الله أفتى بكيت وكيت ، فقال : لا إله إلا الله يا عم إنه عظيم عند الله أن تقف غدا بين يديه فيقول لك : لم تفتي عبادي بما لم تعلم، وفي الأمة من هو أعلم منك " . بحار الأنوار جزء ٥٠ ص ١٠٠

ومحلّ الشاهد هو قول الله عز وجل على لسان الإمام الجواد عليه السلام في ذيل الرواية ، اي قوله ( لِمَ تفتي .. وفي الأمة من هو أعلم منك ) .

وهذا الحكم إن ثبت فقهياً - سنداً ودلالة - يكون عندها أحقاً بالعمل به من الحكم الأول ، اي الحكم الموجّه الى المكلفين ، والأحقّية هذه لها اسبابها :

١. المجتهدون اولى بأداء ما عليهم من المكلف ، فلا يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون .

٢. سهولة تحديد الأعلم من بينهم نسبة الى الصعوبة التي يواجهها المكلفون في ذلك ..

٣. المفسدة الاجتماعية والدينية المترتبة على تشتت التقليد والزعامات والقيادات الدينية .. والتي لا يمكن تجاهلها في كثير من الاحيان خاصة في العقود المتأخرة .

وقد يقال أن كل مجتهد يرى أنه الاعلم ، ولهذا يتصدى الى الافتاء .. ؟! ، فنقول : عندما يُحيل الفقيه المكلّفين الى أهل الخبرة ، وان اهل الخبرة الثقاة قالوا بأعلمية غيره ، فعندها تكون حرمة تقليده صادرة عنه نفسه ولكن بشكل غير مباشر لو تأملت ..
ولا أدري إن كانت هنالك اجراءات أخرى تتعلق بهذه المسألة ، فمثلاً على المجتهد الذي يطرح نفسه للمرجعية والتقليد أن يُقدّم للمكلفين أسماء أهل الخبرة الذين شهدوا له بالأعلمية وبهذا يكون قد ساعدهم بخطوات ويكون معذوراً في التصدّي ..

هذه تساؤلات من قبلي لا أكثر ..


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


يحيى غالي ياسين
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/02/26



كتابة تعليق لموضوع : الإفتاء من قِبَل غير الأعلم .. وموقف الإمام الجواد ع منه
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net