صفحة الكاتب : كاظم فنجان الحمامي

سراب الربيع العربي غليون من أشد الناس خرقا للتعاليم الدينية
كاظم فنجان الحمامي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

يقولون: حدّث العاقل بما لا يليق فإن صدقك فلا عقل له, والحكماء يقولون: إن من يرى ويشاهد ما خلفته موجة (الربيع العربي) من دمار وفوضى وتناحر وتنافر واقتتال عنيف في العواصم العربية, ثم يقتنع ويرضى بالذي يراه من مشاهد دموية ومواجهات يومية تقودها المليشيات المسلحة في الليل والنهار, فلا عقل له وربما يكون مصابا بمس من الجنون, لأن الذي يحدث أمامنا يصعب تقبله, ويتعذر تصديقه. .

من منكم سمع عن قيام ثورة تصحيحية وكانت فارغة تماما من المحتوى العقائدي والفكري والتعبوي والسوقي ؟. ومن منكم سمع بانطلاق الثورات من قواعد الناتو, أو من زوايا الحانات والملاهي الليلية ؟, أو من الساحات والأرصفة والطرق العامة ؟؟. أو من الأوكار المعروفة بمغالاتها وتطرفها الشديد ؟؟, فالمواقف الانفعالية الفوضوية المتشنجة لا يمكن أن نعدها من الثورات, ولا يمكن أن نؤمن في يوم من الأيام بفن صناعة الثورات وتعليبها وتصديرها إلى الشعوب المقهورة الواقعة تحت مطرقة السلطات التعسفية الجائرة, وليس من العدل أن نتعامل مع بؤر التمرد المدعومة بالإمدادات اللوجستية, التي تغذيها ثكنات حلف الناتو, ونعدها من الخلايا النهضوية الواعية, فما بالك إذا كانت ولادة تلك الثورات بالتعاقب, وكأننا نعيش فصول متوالية انفعالية متزامنة مع سيناريو مسلسل تراجيدي تساقطت فيه قطع الدومينو الواحدة بعد الأخرى ؟؟. .

قبل أيام كانت الفضائيات تستنفر طاقاتها كلها بالصوت والصورة, وعلى مدار الساعة, لتواكب مراحل انهيار السلطة في ليبيا, لكنها انسحبت فجأة من هناك, وتركت المليشيات الليبية يقتل بعضها البعض في مواجهات دامية تكتمت عليها الفضائيات المدسوسة, وتكرر السيناريو نفسه في العواصم العربية المشمولة ببرامج التغيير والتبديل, وانقطعت عنا أخبارها منذ انهيار سد مأرب, في حين توجهت العدسات كلها إلى (قاسيون) لتنقل لنا آخر أحداث باب الحارة, ولم ينتبه عامة الناس حتى الآن إلى افتقار ثورات (الربيع العربي) لعنصرين أساسيين لابد من وجودهما عند قيام أي ثورة تصحيحية, العنصر الأول: هو الفكر التصحيحي الذي يفترض أن تحمله الثورة, والعنصر الثاني: هو قائد الثورة أو زعيمها. .

وبات من المسلم به إن براكين الربيع العربي قادرة على حشد العناصر الفوضوية من متظاهرين وراقصين ومخربين ومتزمتين ومتطرفين ومتعصبين ومهرجين, لكنها غير قادرة حتى الآن على خلق حكيم واحد, أو قائد واحد تناط به مسؤولية التصدي لمتطلبات المراحل القادمة. .

فالأوضاع في سوريا الآن أشبه ببرميل بارود تحيط به عيدان الثقاب, والمثير للسخرية إن المعارضة السورية اختارت (برهان غليون) قائداً وزعيما لتكتلاتها المتمردة, فوضعته في واجهة العرض اليومي لفعاليات المدن السورية الهائجة, ثم اكتشفت بعد فوات الأوان إن (غليون) هذا من اشد الناس خرقا للتعاليم الدينية, وتبين فيما بعد انه من الشخصيات القلقة المتأرجحة, خصوصا بعد أن خسر هيبته العلمية في خضم البحث عن النجومية الفوضوية في هذا السيرك السياسي, فبدا للناس وكأنه ليس في مكانه الصحيح, وتحول من مفكر كان يغرد خارج السرب إلى كومبارس يعمل بعقد مؤقت في مسرحية تبث على الهواء بلا عنوان. .

لم نسمع قبل اندلاع تلك الثورات عن زعيم الثورة التونسية, أو قائد الثورة اليمنية, أو زعيم الثورة الليبية, أو مهندس الثورة المصرية, أو مفكر الثورة السورية, ولا توجد حتى الآن شخصيات بارزة (عليها العين), يمكن أن نقول عنها إنها هي التي قادت الثورة, ورسمت خطوطها العامة, وناضلت من أجل تحقيق الأهداف المنشودة التي آمن بها الحزب الفلاني, أو المنظمة الفلتانية, أو الجبهة العلانية, وتكاد تكون الثروات المعدنية الكامنة تحت الأرض هي الكنوز التي أغرت قراصنة النظام العالمي الجديد بالعودة إلى الديار العربية من بوابة الفيسيوك, وكانت دولة (خطر) هي القاسم المشترك الأخطر لمعظم موجات التمرد والانفعال المبرمج. .

فالمشاهد الفوضوية المشفرة هي العلامة الفارقة للثورات, التي غابت عنها العقول المدبرة, والقيادات الحكيمة, وانتهت معظمها بتوقيع أكداس من العقود والاتفاقيات لمنح تراخيص الاستثمار في حقول النفط والغاز للدول الماكرة التي شاركت بترويج صرعات (الربيع العربي), وظهرت إلى السطح نداءات تدعو لتطبيع العلاقات السياسية مع (تل أبيب), وتدعو للتعامل بمرونة مع حكومة إسرائيل. .

والله يستر من الجايات

 

حكمة مستعارة

قال شولوخوف: في الدون الهادئ

عندما تنزاح الثورة (الحياة) عن مسارها الطبيعي, فأنها سرعان ما تتيه في مسارب غريبة

 

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


كاظم فنجان الحمامي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/03/18



كتابة تعليق لموضوع : سراب الربيع العربي غليون من أشد الناس خرقا للتعاليم الدينية
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net