صفحة الكاتب : يحيى غالي ياسين

مع الرسول محمد في بعثته / ثانيا
يحيى غالي ياسين

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

ذكرنا في المنشور السابق ثلاثة اختلافات واضحة بين بدء بعثات انبياء الديانات السماوية الكبرى ( اليهودية والمسيحية والإسلام ) ، وقلنا أن ثمّة استنتاجات معرفية مهمّة يمكن للباحث ان يستنتجها من هذه الاختلافات ، وسنحاول نحن بدورنا أن ننتزع استنتاجين مهمّين هنا :

١. ان الإيمان والتصديق بالإنجيل والتوراة لم يكن ذاتياً وانما جاء تبعاً للتصديق بنبوّة موسى وعيسى عليهما السلام السابقة لنزول كتبهما المقدّسة ، فبعد أن ثبتت نبوتهم بالمعجزات والآيات نزلت كل من التوراة والإنجيل ، فالإيمان بهما من تحصيل الحاصل .. بينما يختلف الأمر مع القرآن الكريم ، حيث ساعد اقتران القرآن مع بعثة النبي على التصديق بنبوّته صلوات الله عليه ، فالقرآن هو معجزة نبي الإسلام والحجّة الدامغة على نبوّته ولم تكن التوراة والإنجيل كذلك . فمعاجز نبوّة رسلهما كانت آيات أخرى فصلّها القرآن الكريم لنا ، قال تعالى ( وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَىٰ تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ ۖ فَاسْأَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ جَاءَهُمْ فَقَالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا مُوسَىٰ مَسْحُورًا ) الاسراء ١٠١ ، وقال تعالى في عيسى ع ( وَرَسُولًا إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ ۖ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ ۖ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَىٰ بِإِذْنِ اللَّهِ ۖ وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ) ال عمران ٤٩ ..

من هنا نستنتج قوّة وقداسة وعلوّ كعب نصّ القرآن الكريم على نصوص كل من التوراة والإنجيل ، ففي القرآن إثبات النبوّة ، وأي نبوّة .. أكمل واشرف النبوّات ، النبوّة الخاتمة .

٢. بعثة الرسول محمد في انطلاق الرسالة كانت الى عشيرته ، وموسى الى ملك ورئيس دولته ، وعيسى الى أهل ديانته .. يبيّن لنا ذلك الحالة الاجتماعية المؤثرة في المجتمع الذي بُعثوا اليه .. فالقَبلية والعصبية والعشائرية كانت سلاحاً فتاكاً ومؤثراً للرجل في وقت نبي الاسلام صلوات الله عليه وبدونها لا يستطيع أن ينهض بأي مهمة فضلاً عن الرسالة السماوية .. بينما كانت مصر دولة ولها رئيسها وسلطتها وقوانينها ، والتمرد فيها مجازفة وغير مجدية في ظل سلطة قوية وظالمة ومتجبرة مثل سلطة فرعون ، فالبدء من الاعلى الى الادنى هو الاجدى .. وأما عيسى ع فهو مُرسل الى مجتمع ينتسب اليهم من أمّه ولم يأت بدين وعقيدة جديدة وانما جاء بشريعة وتعاليم ووصايا جديدة .

وهذا قد يستفاد منه : أن الدعوات الدينية ينبغي لها ان تستثمر في أول أمرها العوامل المؤثرة في مجتمعها وتنهض بها في رسالتها ومهمتها ..

ويستطيع المتأمل أن يجد فوائد في بعض الفوارق ( والتشابه ) في بعثة انبياء الديانات الثلاث ونزول كتبها المقدّسة ، كنزول الواح موسى ع مكتوبة ونزول القرآن مقروءا ، وكنزول كل من التوراة وأول القرآن على جبل ( الطور والنور ) .. الخ .

#المبعث_النبوي


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


يحيى غالي ياسين
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/03/05



كتابة تعليق لموضوع : مع الرسول محمد في بعثته / ثانيا
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net