صفحة الكاتب : د . عبد علي سفيح الطائي

أور عاصمة الحكومة العالمية القادمة
د . عبد علي سفيح الطائي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

           قد يرى البعض هذا العنوان ضرب من الخيال وبعيد عن أرض الواقع، وقد يكون للبعض الآخر هذا العنوان من نوع أدب الخيال العلمي، أي بانه خيال ممزوج بالحقائق العلمية والرؤية التنبأية، وهو تخمين واقعي للأحداث المستقبلية المحتملة، أسس على معرفة كافية بالعالم الخارجي والماضي والمستقبل.  مهما كانت الرؤيتين لكن بصورة عامة الكتابة مهما كان نوعها فهي مرتبطة بالخيال لأنها أساس المعرفة، ويقول العالم الفيزياوي آينشتاين: الخيال هو حافز كل تقدم.
          الهدف من هذا المقال هو: اذكاء الوعي الاجتماعي والسياسي في العراق والذي يساهم في رسم رؤية شاملة للبنية الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية والفلسفية أحيانا، والذي يؤدي الى تعميق الاحساس بالمسؤولية الانسانية والرغبة في التغيير نحو حياة كريمة وعزيزة للفرد العراقي. 
          فكرة ومفهوم الحكومة العالمية، تعود الى بداية التاريخ البشري. وبمجرد أن طور الانسان فكرة المجتمعات، كان من المهم أن يكون لديه أكبر قبيلة، وأكبر مدينة، وأكبر امبراطورية. وقد أقترح الكاتب والرومانسي الانكليزي ويلز ( ت 1946 ) في عام 1903 نظاما عالميا جديد على شكل دولة فيدرالية يملك المواطن فيها جنسية عالمية.
          التحدي الذي يلاقيه العالم اليوم هو: عدم مقدرة الشعوب والأمم والقارات على مواجهة التحديات المهمة العابرة للقارات من الأوبئة( جائحة كورونا)، ومن المخاطر النووية( انفجار جيرنوبيل في روسيا)، والارهاب( القاعدة وداعش)، والاحتباس الحراري( أول أوكسيد الكاربون في الجو). 
         الضرورة تتطلب أن تدرك الانسانية وحدة مصيرها، وأن الهوية البشرية هي أكثر أهمية من الهوية الأرضية، وبناء مواطنة عالمية من خلال حكومة عالمية تعرف كيف تجمع بين الرؤية والخبرة والسلطة، وتكون قادرة على اخراج العالم من الأزمات المتعددة بكل ألوانها.
         الواقع يقول، بأن التاريخ يعلمنا أن البشرية تتطور بشكل كبير فقط عندما يكون هناك تهديد ودمار كبير، فيحاول الانسان أن يضع آليات دفاعية لصد هذا التهديد، وبمجرد أن ينتهي التهديد، يحولها الى آليات لجعلها متوافقة مع الحريات الفردية والتقاليد الاجتماعية، ومن ثم ادراجها في السياسة. وهذا ما حصل بعد الحرب العالمية الأولى بولادة عصبة الأمم المتحدة، وبعد الحرب العالمية الثانية، هيئة الأمم المتحدة.
          لا توجد لحد الآن خطة متفق عليها كمشروع حكومة عالمية رغم الكل يناشدون ويتطلعون اليها. الكل يدرك أن الديمقراطية هي صمام أمان للسلام والاستقرار، وضرورة ايجاد عملة نقدية عالمية موحدة، وقانون عالمي موحد، ومواطنة عالمية. أمام العالم ثلاثة نماذج لهذه الحكومة وهي، هيئة الأمم المتحدة، وأمريكا، والاتحاد الأوربي.
          في كل بلد متحضر هناك مراكز عدة للاستشعار بالمستقبل، وفي فرنسا يوجد أكثر من 60 مركز في كافة المجالات، وهذه المراكز تنبه من المخاطر القادمة وضرورة حكومة عالمية لأن النظام الليبرالي لم يعد كوسيلة لحل المشاكل لأن السوق ونظام العرض والطلب لا يكفي لضمان الاستقرار، ونبه السيد جاك أتالي مستشار الرئيس الفرنسي السابق ميتران والذي ألف كتابا من يحكم العالم غدا، أعلن باحتمال نشوب حرب كونية ثالثة في عام 2035 ان لم يبادر العالم بتأسيس حكومة عالمية. 
          هذه الحكومة العالمية تحتاج الى عاصمة.أقترح جاك أتالي في عام 2010 أن تكون أورشليم القدس عاصمتها لأنها تمثل الأديان الثلاثة اليهودية والمسيحية والاسلام. بدأت فكرة أورشليم عاصمة عالمية منذ فترة مبكرة حيث مارست اسرائيل سيتراتيجية تهويد القدس، ونبه عن هذا الموضوع السيد فيصل الحسيني اثناء القاءه محاضرة في جامعة بوردو في عام 1999 وكنت أحد المستقبلين له، وقال الحسيني: أن اسرائيل تحاول نزع الهوية العربية الاسلامية والمسيحية التاريخية من مدينة القدس وفرض طابع مستحدث جديد هو الطابع اليهودي. وفي 2005 أصدر الكونكرس الأميركي مشروع قانون الاعتراف بالقدس كعاصمة موحدة لاسرائيل. اما اسرائيل استغلت هذه الفكرة وعمقتها وكسبت الدعم الدولي كدولة ديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط والوحيدة التي تملك السلاح النووي لحماية عاصمة العالم.
          هذا الحلم الاسرائيلي قد فشل لسببين. الأول يتعلق برفض معظم مسيحي ومسلمي العالم لهذا المشروع، والثاني يتعلق بسياسة اسرائيل باتجاه الفلسطينيين. المحادثات الاسرائيلية الأميركية الفلسطينية وضحت على أن كل شيئ يجب أن يحل في الشرق الأوسط أولا وبعدها تطرح مسألة عودة اللاجئين الفلسطينيين ومسألة القدس، لأن اسرائيل تتبع سيتراتيجية منع أن تكون القدس مدينة عربية لاعتقادها بأن عودة المسيح مشروطة بالسلام في اسرائيل.
          من خلال تتبعي للأحداث، استشعرت بأن هناك مشروع عالمي غير معلن عليه  بجعل من أور عاصمة للحكومة العالمية الجديدة بدل أورشليم القدس. 
أور مدينة ولادة النبي ابراهيم أب الأنبياء وينبوع الديانات التوحيدية. كذلك أور مدينة تاريخية تعود الى 4500ق.م. وهي أقدم دار للعدالة عرفها التاريخ، وأول شريعة قانونية سبقت شريعة حمورابي بثلاث قرون، كذلك هي أقدم امبراطورية عرفها التاريخ البشري في عام 2012ق.م. سيطرت على بلاد مابين النهرين بالكامل وبلاد الشام والخليج ومصر وجزء من فارس.
          أراد قداسة البابا يوحنا الثاني زيارة أور في عام 2000 الا أن الأمريكان منعوه من ذلك،. بادرت اليونسكو بضم أور ضمن التراث العالمي لحمايتها عالميا وأوعزت للحكومة العراقية في 2012 للعمل برفع المنشآت المدنية الموجودة في مدينة أور. وفي 2013 أعلنت اليونسكو موافقتها المبدئية على ادراج أور مع الأهوار وأريدو ضمن لائحة التراث العالمي.
          برزت محاولة جديدة في نيويورك بتأسيس البيت الابراهيمي في أبو ظبي كمركز يرمز الى التسامح الديني من خلال الجمع بين المسجد والكنيسة والكنيس، وبدأ الاعداد لهذا المشروع في عام 2019 ورسم الصور الهندسية المعماري الأمريكي الشهير دافيد ومن المفروض افتتاحه في عام 2022.
          زيارة قداسة البابا فرنسيس للعراق ومنه الى مدينة أور، كانت رسالة واضحة للعالم، بأن لا يوجد بديل لأور لأهميتها الدينية والتاريخية.
         العراقيون ضيعوا فرصا كثيرة، وأنا بدوري نبهت على مشروع أور خلال ندوات قمت بها قبل ثلاث سنوات أي في عام 2018 في بغداد والنجف وواسط أمام النخب الأكاديمية والدينية والسياسية وطلبت منهم الاهتمام بهذا الموضوع.  ومن يدري احتمال تولي الكاردينال العراقي الأصل لويس روفائيل ساكو بابوية روما خلفا للبابا فرنسيس بعد غيابه، ويكون مشروع أور واقع حال ؟
من فرنسا/د.عبد علي سفيح
          


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . عبد علي سفيح الطائي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/03/10



كتابة تعليق لموضوع : أور عاصمة الحكومة العالمية القادمة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 1)


• (1) - كتب : نجم الحجامي ، في 2021/03/10 .


اود ان اسال الاستاذ الدكتور عن الاليه التي ستجمع العالم في دوله واحده والتناحر قائم على قدم وساق بين ابناء الوطن الواحد في العراق وبين ابناء دول منطقتنا العربيه بعضهم مع بعض حروب في اليمن وسوريا وليبيا والجزائر والمغرب والسودان تغذيها دولا اخرى والتهجير والقتل والتهويد بين الفلسطينين واسرائيل على اشده ونذر حرب عالميه ثالثه بين الصين وروسيا من جهه وامريكا وحلف الناتو من جهه اخرى ووو ..وتطول قائمه التناحرات والحروب والعداء بما لا يتسع المجال لذكرها
فهل سيمتلك اصحاب المشروع عصا موسى لحل جميع تلك المشاكل والتناحرات ويستبدل الانسان محبه الاخر والتعايش معه بدلا من قتله او السيطره عليه ونهب ثرواته
نعم قد تكون اور عاصمه الدوله اليهوديه القادمه التي تظم الشرق الاوسط الكبير بدلا عن (مشروع القدس) الذي فشل كما ذكرتم بعد ان تفرض اسرائيل سيطرتها على دول الشرق الاوسط
هذا رايي والموقع كفل حريه الراي والراي الاخر واتمنى ان ينشر السؤال ولا يجيب بالوكاله عن الدكتور..مع شكري وتقديري





حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net