صفحة الكاتب : السيد عبد الستار الجابري

قراءة في سورة يوسف (عليه السلام) (7 ) يوسف (عليه السلام) في السجن
السيد عبد الستار الجابري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 بدات مرحلة جديدة من حياة يوسف (عليه السلام) مرحلة دفع ثمن العفة والحياء والاخلاص، كان وجود يوسف (عليه السلام) في قصر عزيز مصر مقيدا لحركته، فكان ما يقوم به في دائرة القصر وليس ابعد من ذلك ولو كتب له البقاء في القصر لما كان يمكن ان تكون لوجوده اثار كبيرة في المجتمع المصري بحكم محدويدة حركته تلك.
لم تكن الظروف الموضوعية في داخل القصر مهيئة لخروج يوسف (عليه السلام) منه، الا ان هوس زليخة ونساء علية القوم وزياد الهمس هنا وهناك كان يستدعي اتخاذ قرار بابعاد يوسف (عليه السلام) لكف الالسن عن تناول عرض عزيز مصر، كان ينبغي ان يحكم بالعدل وان لا يظلم البرئ ولكن الامر كان اكبر من طاقة عزيز مصر، فلم يكن الضحية سوى يوسف (عليه السلام)، وهو ما جبلت النفوس من التضحية بالابرياء حماية لمصالح المستكبرين، وهو ما تشير اليه الاية الشريفة في قوله تعالى:
﴿ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّىٰ حِينٍ﴾ 
ففي الاية دلالة غير خفية ان السبب الذي دعى الى سجن يوسف (عليه السلام) كان ما جرى في الجناح الخاص لزليخة، اذ الاية الشريفة تعرض بقرارهم ايداعه السجن مع مارأوا من الادلة التي تثبت براءته بلا ادنى شك ولا ادنى تردد، الا ان المسالة كانت اكبر من تحمل العزيز وقدرته على ادارة كفة تراكمات الحدث بصورة منصفة، فهو يعلم ان زليخة هي التي راودت يوسف (عليه السلام) عن نفسه، ولم يغب عنه دعوتها لنساء عليه القوم واخراج يوسف (عليه السلام) عليهن الامر الذي ادى الى قيامهن بجرح انفسهن عند رويته دون ان يشعرن بما يفعلن، ثم مراودتهن ليوسف (عليه السلام) عن نفسه، كل ذلك كان يجري في قصره ولم تكن تلك المعلومات لتغيب عنه، وفي الوقت نفسه لم تكف الالسن عن تناول زليخة، فكان عليه ان يقوم بفعل ما فاما ان يضحي بسمعته وينصف يوسف (عليه السلام) البريء الطاهر، او ينتصر لسمعته التي دنستها زليخة فيودع يوسف (عليه السلام) السجن ظلما وعدوانا لحين نسيان المجتمع المحيط بزليخة الحادثة فيطلق سراحه، فاختار عزيز مصر الخيار الاخير فاودع يوسف (عليه السلام) السجن تبرئة لساحة زليخة.
يوسف (عليه السلام) وغيره من الاولياء الكمل لا يؤثر في قلوبهم ظلم الاخرين لهم، ولا تحولهم من حياة الرغد والرخاء الى حياة الضنك والشدة، فالنعيم الحقيقي عندهم الارتباط بالله تبارك وتعالى، واداء حق طاعته والتلبس التام بثوب العبودية الحقة في ساحة قدس ربوبيته، فكل محل يتحقق فيه رضاه ويكون اكد للقرب منه هو النعيم المطلوب، قصر عزيز مصر بعد حادثة غلق الابواب اصبح سجنا ليوسف (عليه السلام) فكان الفرج له في خروجه عنه، فاصبح السجن ساحة حرية الصديق الذي لم يغفل قلبه عن الارتباط بالذات الاحدية طرفة عين.
تحول السجن بحضور يوسف (عليه السلام) الى ساحة تبليغ للتوحيد ونبذ عبادة الاوثان، يوسف (عليه السلام) ملك قلوب السجناء لما راوه عليه من سيماء الصلاح، وزاد على ذلك انه اصبح ينبؤهم بامور لا يمكن ان تقع الا ممن له اطلاع على علم الغيب وما وراء الحس، وكانت كل اخباراته صادقة، في وقت كان لمدعي الاطلاع على الغيب مكانة مرموقة في نفوس الناس بدءا من الملوك حتى ادنى الرعية فكيف بمن ثبت لهم بالوجدان ان معلوماته صادقة واخباره صحيحة، مع انقطاع كل سبل المعرفة عنه فهو سجين مثلهم وهم مطلعون على كل تحركاته واتصالاته البشرية.
الدعوة الى الله عند توفر ظروفها
الدعوة الى الله وتوحيده وعبادته والعمل باوامره ونواهيه من الوظائف الاساسية للانبياء والاوصياء والعلماء والصلحاء، وقد ضحى لاجلها اولئك المصطفون بارواحهم واموالهم وكل ما وسعهم، فهم الدعاة الى الله في كل حين، ومن الطبيع اختلاف ظروف الدعوة الى الله تعالى باختلاف المجتمعات التي بعث اليها الانبياء (عليهم السلام) وبذلك اختلفت الاساليب وتنوعت المعاناة مع الامم التي بعثوا اليها.
يوسف (عليه السلام) ارسل الى مصر وهي بلاد وثنية تعبد اربابا متعددين، في هذا المقطع من  السورة يبين الله تعالى لمن يريد ان يدعو الى سبيله الاهتمام باختيار الظروف المناسبة، اذ الاستعدادات النفسية لها حالات من الاقبال تؤثر فيها العديد من العوامل، فمثلا المجتمع  المصري  لم ير مانعا من وجود اله غير الاصنام التي يعبدونها، ففرعون طلب ان يبنى له صرح ليصل الى اله موسى (عليه السلام)، واجرائه للمناقشة يوم الزينة واستدعائه للسحرة كان يتضمن اثبات قدرته على هزيمة اله موسى (عليه السلام)، فهذه العقيدة يستشف منها ان الالهة كانت الهة محلية فلكل شعب الههم.
في موردنا يعلمنا القران كيف استثمر يوسف (عليه السلام)  لحظات الاستعداد النفسي لشابين سجينين معه، كانا يعيشان في بلاط ملك مصر اودعا السجن بتهمة لم يفصح عنها الذكر الحكيم، وان ورد في الروايات انهما كانا متهمين بمحاولة اغتيال الملك، كانت فترة سجنهما فرصة مناسبة ليوسف (عليه السلام) للدعوة الى الله وقد استثمر (عليه السلام) فرصة وجودهما معه لتهيئة مقدمات الدعوة الى الله اذ كان يخبرهما بما سوف ياتيهما من طعام، وكان ما يخبرهما يتحقق في كل يوم، مما ولد عندهما قناعة تامة بصدق حديثه، فاصبحا ارضا خصبة ليبين لهما عقيدة التوحيد، فاعتقاد الشابين بصدق حديثة متولد عن قناعة ان يوسف (عليه السلام) عالم وان العلم الذي لديه اوسع دائرة من العلوم الحسية التي اعتاد عليها الناس فهي تضاهي علوم ارقى طبقات المجتمع في ذلك الوقت التي تحوم فيما وراء المادة، ولكنهم كانوا يجهلون مصدر علمه، فبين لهما (صلوات الله عليه) منبع علمه وعرض بعقيدتهم بالارباب المتعددة ليحقق في اذهانهم ان الرب الحق هو الله تعالى ويبين لهم ان الدين الذي هو عليه انتهله من ابائه ابراهيم واسحق ويعقوب (عليهم السلام):
﴿ قَالَ لَا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلَّا نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُمَا ۚ ذَٰلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي ۚ إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ ، وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ ۚ مَا كَانَ لَنَا أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ۚ ذَٰلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ﴾ 
فكانت الايام التي امضاها الفتيان في السجن طريقا لهدايتهما الى الله ودعوتهما اليه وبيانه لهما ان الدين الذي عليه اهل مصر دين ضلال وان الدين الحق هو توحيد الله وانه الملة الحق هي ملة النبي ابراهيم (عليه السلام):
﴿ يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ، مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ ۚ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ ۚ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ 
في هذا المقطع نجد ان يوسف (عليه السلام) يستنهض في الشابين التفكر والتدبر والاستدلال العقلي للوصول الى النتيجة، فهو يبين لهم الفرق بين الرب الواحد الاحد الذي يعبده هو والذي تفضل عليه بالعلم فهو شاكر له ذلك الفضل، بينما الارباب المتعددون الذين يعبدهم المصريون ليس لهم قيمة واقعية، ثم يؤكد عليه السلام على استثارة الجانب العقلي فيهم ليؤكد لهم ان الارباب التي يعبدونها ما هي الا من خلق اذهانهم ولا وجود ولا واقعية لهم وراء خيالهم وخيال ابائهم وانها لا ترتبط بالواقع الكوني باي صلة، وان كل ما في الكون خاضع لارادة الله تعالى، ولكن جهل الناس وانحرافهم الفكري تركهم يرتعون في الضلال.
ففي هذا المقطع القراني درس في الدعوة الى الله تعالى واستثمار استعداد النفوس لتقبل الحقيقة او التاثر بها على اقل التقادير وعدم تفويت تلك الفرصة الثمنية في الدعوة الى الله وهداية الخلق اليه.
يد الغيب وتقارن الاحداث
نصت الايات الكريمة على ايداع شابين السجن في الوقت الذي سجن فيه يوسف (عليه السلام) وفي اشارة قرانية ان هذين الفتيين كانا من خدمة قصر الملك المصري، ولم تشر الايات الشريفة الى وجود سجناء اخرين في السجن مع يوسف (عليه السلام)، والذي يظهر من خلال قراءة الاحداث في قصة يوسف (عليه السلام) انه على فرض وجود اشخاص اخرين في السجن لم يكن لهم دور مهم في الاحداث التي جرت في تلك الفترة، اذ نرى ان القران الكريم يركز على العناصر التي اسهمت اسهاما بارزا في صنع الاحداث، وهذه الطريقة في بيان الاطر العامة للاحداث تبين لنا منهجاً قرانياً في ما يجب بيانه للاجيال في الاطر العامة للتثقيف وبناء الذات، واما الجوانب التفصيلية فهو متروكة للتوجيه والتعليم اليومي لاستثمار الطاقات وبنائها بالشكل الذي يتلائم مع مقتضيات ومتطلبات المرحلة التي يعيشها الانسان، فهناك امور تشكل المنهج العام والاطر الكلية التي يتعين التثقيف عليها واعتمادها بصورة دائمة، كما ان هناك منهجيات مرحلية تختلف باختلاف الظروف.
هذان الفتيان كل منهما في منامه راى رؤياً لم يعرف تفسيرها، فلجأ كل منهما الى يوسف (عليه السلام) لتفسير الرؤيا التي اقضت مضجعه، لجوءهما اليه لم يكن اعتباطياً بل لما ادركاه من صلاحه وورعه وتقواه وعلمه، مجموع ما اطلعا عليه من حاله (عليه السلام) كان هو الاصل في الرجوع اليه فاخبراه بما رأياه في منامهما وطلبا اليه ان يعبر لهما تلك الرؤيا:
﴿وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ ۖ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا ۖ وَقَالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ ۖ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ ۖ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ﴾  
في هذا المقطع من القصة نستكشف جانباً تكوينياً واخر منهجياً، اما الجانب التكويني فيتعلق بجانب الترابط بين الاحداث التكوينية التي تتعلق بالايحاءات غير الحسية وطاقة الانسان غير المستغلة في اكتشاف احداث المستقبل, ففي قصة يوسف (عليه السلام) وقع الحديث عن ثلاث منامات حدثت فيهن رؤية لإحداث مستقبلية تحتاج الى تفسير، الاولى رؤيا يوسف (عليه السلام) والتي اخبر يعقوب (عليه السلام) فيها ولده بما ينتظره من مستقبل، والثانية رؤيا صاحبي السجن والثالثة رؤيا ملك مصر، وكل هذه الرؤى كان لها معان واخبار عن احداث المستقبل، وهذا يكشف عن مسير حياة الانسان المرسومة له تقديراً الهياً سواء على الصعيد الفردي كما في يوسف (عليه السلام) وصاحبي السجن، او على الصعيد العام كما في رؤيا ملك مصر، ومن هنا يمكن القول ان الرؤى الصادقة رسائل من عالم الغيب لتوجيه الانسان وتنبيهه ومساعدته على اتخاذ المواقف الصحيحة، اضافة الى تدخل يد الغيب في رسم مسير حياة المجتمع الانساني على الامد البعيد:
﴿يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا ۖ وَأَمَّا الْآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْ رَأْسِهِ ۚ قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ﴾  
اما الجانب المنهجي في القصة ففيه جهتان الاولى ان الاحسان وتقديم ما فيه سعادة الانسان من واجبات الصالحين والمصلحين سواء كان المجتمع مجتمعاً ايمانياً او كان غير ذلك، أي ان منهجية بذل الاحسان والخير يجب ان يتصف بها الصالحون تجاه بني الانسان بما هم خلق لله تعالى وهم في ذلك اتباع للمنهجية الالهية في التعاطي مع الخلق حيث لم يوقف الله تعالى فيض جوده على الناس على الرغم كل ما وقعوا فيه من معاص وآثام، واما الجهة الثانية فخلاصتها انه لا يوجد ما يمنع الانسان الصالح من الاستعانة بكافة الظروف التي توصله الى تحقيق الهدف الاسمى مادام مطمئنا من سلامة دينه وقدرته على مواجهة التحديات الصعبة التي سوف تظهر في مسيرته في الدعوة الى الله، وهذا ما يحدثنا عنه  القران الكريم من ان يوسف (عليه السلام) تحدث الساقي السجين ان يخبر الملك عن يوسف (عليه السلام) بما رآه من اطلاعه وعلمه وقدرته على تفسير الرؤى، وهذه القضية لم تصدر عن يوسف (عليه السلام) لمحض رغبته في الخلاص من السجن، بل هي جزء من اداء المهمة الالهية التي كشف الله تعالى عنها ليوسف (عليه السلام) عندما اراه الشمس والقمر والاحد عشر كوكباً سجداً له، فإن هذا الواقع المستقبلي لن يتحقق ويوسف (عليه السلام) في السجن، وحديث يوسف (عليه السلام) مع ساقي الملك لإيجاد الداعي في نفسه لإخبار الملك عن وجود طاقة علمية تتصف بصفات كمالية غاية في الرقي ضمتها جدران السجن وحُجب عن العالم الانساني خيرها وعطاءها:
﴿وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِنْهُمَا اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ﴾
وكما تضمنت الآية الشريفة بيان قضيتين، الاولى ان التقدير الالهي لفترة سجن يوسف (عليه السلام) لم تنته بعد، ولم تتحدث الآية عن نفاد صبره (عليه السلام) في السجن او رغبته في المغادرة الفورية للسجن، بل لم يتحدث القرآن الكريم عن أي شيء يتعلق به (صلوات الله عليه) فترة سجنه سوى حادثة الفتيين، مما يكشف بشكل او بآخر ان يوسف (عليه السلام) لم يكن يشعر بحالة من الانزعاج في السجن على الرغم من تمادي الايام في سجنه الذي طال لبضع سنين.
والقضية الثانية التي يخبر عنها القران الكريم ان الشيطان انسى ساقي الملك ان يحدثه عما رأى من يوسف (عليه السلام) في السجن، وهنا اختلف من تعرض لتفسير الآية في ان الذي نسى هل هو يوسف (عليه السلام) ام الساقي، ولمعرفة المراد في الآية الشريفة ان نعود الى مصدرين الاول وهو الاهم القران الكريم والذي حدثنا عن يوسف (عليه السلام) واخبرنا انه من عباد الله المخلَصين، وكذلك اخبر ان المخلَصين من العباد ليس للشيطان عليهم سبيل، ومن هنا يتضح ان الذي نسي لم يكن يوسف (صلوات الله عليه) لان القران الكريم نسب الانساء الى الشيطان، وليس للشيطان سبيل عليه، والثاني كتب اللغة حيث نص الجوهري في كتابه على ان الادكار هو التذكر بعد النسيان وان اصل الكلمة (اتذكر) فادغمت التاء مع الذال فلفظت دال، والذي ادكر بنص القران الكريم هو الساقي وليس يوسف (عليه السلام).
خلاصة العبرة في سجن يوسف (عليه السلام) 
هناك العديد من العبر والدروس التي يمكن استفادتها من مرحلة سجن يوسف (عليه السلام):
1.  ان المحبة والاعتزاز والتقدير والاحترام واستشراف المستقبل المشرق قد لا تكون سببا في رعاية حق من كانت له المنزلة في حال تعارض ذلك مع المصلحة الشخصية، وهذا ما صدر عن عزيز مصر في حق يوسف (عليه السلام) الذي كان يشخص من البداية انه له مستقبلا عظيماً مع حبه له واعتزازه به وعلمه بطهر يوسف (عليه السلام) وعفته وامانته واخلاصه له، ولكن عندما دار الامر بين الحكم بالعدل والانصاف او التضحية بالصديق المظلوم دفعا للفضيحة التي ستلحق به نتيجة تصرفات زليخة الصبيانية ضحى بيوسف (عليه السلام) ظلماً وعدواناً.
2.  ليس كل من توجه له تهمة او يصدر في حقه حكم مذنب في الواقع، ولذا لابد للمتورع من التدقيق قبل توجيه التهمة لاي شخص، وان كانت قد صدرت في حقه الاحكام من قبل المقربين منه.
3.  ان النفوس لها استعداد واقبال وادبار، وعلى صاحب القضية التي تتعلق بكسب القلوب ان يراعي هذه القضية لما لها من اثار ايجابية، في مسألة الدعوة الى الله.
4.  ان سيماء الصلاح والورع والتقى يجذب القلوب التي فيها بصيص نور، وان هيمنة الصالحين على القلوب تنبع من التزامهم الحقيقي بما يؤمنون به وتطابق اقوالهم مع افعالهم.
5.  ان العلم الذي يحتاجه الانسان سواء فيما يتعلق بامور معاشه، او مستقبله الغامض او شؤون حياته المختلفة تكون من اسباب الانجذاب الى الشخصيات ذات السلوك المستقيم.
6.  ان في سورة يوسف (عليه السلام) بعض العبارات التي توحي بظاهرها الى شيء بنما المراد القراني شيء اخر، وهذا من عظمة القران الكريم الذي يريد لمن يحاول فهم اياته ان يتدبر في القران الكريم كوحدة واحدة، ليعيد المتشابه والمجمل الى المحكم من الايات فمثلا قوله تعالى ﴿ وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ ۖ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَىٰ بُرْهَانَ رَبِّهِ ۚ كَذَٰلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ ۚ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ﴾ لتفهم فمها صحيحاً لابد من استحضار ان يوسف (عليه السلام) من العباد المخلَصين الذين ليس للشيطان عليهم سبيل، وكذلك في قوله تعالى ﴿ فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ﴾ لفهم المراد القرآني لابد من استحضار تلك الحقائق أيضاً مضافاً الى الايات التي بعدها.
7.  حديث سجن يوسف (عليه السلام) وحضور الفتيين في نفس وقت وجوده في السجن والرؤيا التي مرت عليهما في المنام وترسخ حب يوسف (عليه السلام) والاعتقاد بصلاحه في قلبيهما، كل هذه المفردات تكشف عن كيفية عمل يد الغيب في تهيئة المقدمات اللازمة لتحقيق مايريده الله تعالى في مسير الاحداث المركزية في حياة المجتمعات والامم. 
للاطلاع على مقالاتنا انضم عبر الرابط                                                                                                                                                                                                                               https://t.me/joinchat/gbIRhmKwQXhhMWUy


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


السيد عبد الستار الجابري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/03/14



كتابة تعليق لموضوع : قراءة في سورة يوسف (عليه السلام) (7 ) يوسف (عليه السلام) في السجن
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net