صفحة الكاتب : علي حسين الخباز

أبو بندقيتين
علي حسين الخباز

 يؤرقني ما حدث كثيراً، حتى بت أسمع أزيز الرصاص يهتف باسمه، أتذكره عند كل هجوم، أراه على وجه النهر ابتسامة تسري في عروق الأرض، رغم انه عزز مسامحته لي بأكثر من موقف، حتى جعلني أؤمن تماماً بأنه نسي مزحتي الثقيلة، فأنا والله ما قصدت أن أناله بشيء، أو أن أسخر منه، أو أن أنتقص فعله الشجاع.

 مشاعر شتى تنازعني الآن، وسط جلبة الشباب المدججين بالسلاح والترقب والأمل والخوف، أنظر في وجوههم.. شباب في مقتبل العمر، وكأني أراه بينهم يحمل بندقيته بكل ثقة، ويتبختر هوسا بشجاعته المجبولة باليقين، رجولته، ايمانه العميق بموقفه، وعرفت مكمن دهشتي لشاب يحمل بين يديه بندقيتين يقاتل بهما، يحمل في كل يد بندقية ويرمي بتمكن عجيب.
 ابتسمت لقول مولاي أمير المؤمنين (عليه السلام): "من اكتسب الرضا نسي التحفظ" هي الجملة الوحيدة القادرة على كشف معاناتي، هي الجملة الوحيدة التي حملتها في صحوي ونومي، فأنا فعلاً لم أكن أعني ما قلت بالمعنى الذي فهمه هو من كلامي.
 لم يدر في خلدي لحظتها انه ربما يكون صاحب طموح كبير، ويريد ان يقاتل بكل ما يمتلك من إمكانيات وشجاعة مع التفكير الجاد بتطوير امكانياته القتالية، أو ربما يريد أن يقاتل نيابة عن آخر عزيز عليه.
 فاتني أن أسأله عن صاحب البندقية الثانية، ربما أرادها ان لا تغيب عن ساحة القتال حتى بعد غياب صاحبها، هو لم يحدثني عن البندقية الثانية، وربما الكثير من جماعتنا اعتقدوا مثلي انها من باب استعراض القوة.
 الآن اكتشف حجم خطئي، حتى لو كان الامر بهذا المعنى، فهي بطولة ان يستعرض الانسان قوته اثناء المواجهة، يقال ان احد المتفرجين في غزوة الخندق قال عن الامام علي(عليه السلام) انه تبختر في مشيته، فأجابه النبي (ص): (إن هذه المشية يكرهها الله إلا في هذا الموضع).
 صرت أنصت لوقع ما قلت.. شيء مؤلم ان تجرح اخاك بتأويل لا تقصده..! اجابني حينها بغضب: انا ابن نعيم عبد الرحمن البصري من قضاء أبي الخصيب، انا لست ابن هوليود أو احد أفلامها، انا لست بطلا من أولئك الذين تصدرهم لنا اعلانات السينما..!
 انا يا اخي ابن أبي.. وراح يكرر العبارة بقوة:ـ انا ابن أبي.. حاولت حينها ان اهدئ الموقف، واعتذر له في مزحتي  الثقيلة، وشعرت بعدها أنه تقرب اليّ أكثر، فصار صديقي.
 في آخر مواجهة هيأ بندقيته وهو يقول لي:ـ يبدو اننا سنواجه المصير، حفز لي وجودي، فاستنهضت هممي قلت له: إن العدو يحاصرنا من كل جانب، فأجابني:ـ انا سأشاغلهم، خذ المجموعة وانسحب من خلف الساتر، وما هي إلا لحظات شعرت بنيران الغضب تنطلق من بندقيتيه.. ونحن نمر بأمان الى الحياة.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي حسين الخباز
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/03/25



كتابة تعليق لموضوع : أبو بندقيتين
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net