مؤسَّسة علوم نهج البلاغة  صرح علمي رصين وفيض من علوم أمير المؤمنين (عليه السلام) 
الشيخ عمار حسن

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 المشرف على شعبة الشؤون العلمية

 مؤسَّسة علوم نهج البلاغة، هي أحد المراكز العلميَّة التابعة للعتبة الحسينية المقدَّسة، التي تعنى بالشأن العلمي والفكري والبحثي التخصصي في كتاب نهج البلاغة، وفكر أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وقد أخذت على عاتقها منذ تأسيسها دراسة نهج البلاغة وآثار أمير المؤمنين (عليه السلام) دراسة علميَّة مستندة إلى قواعد المنهج العلميِّ الرصين، الذي يؤمن بالموضوعيَّة والنتائج العلميَّة بعيدًا عن التعصُّب المستند على الأهواء والعواطف.
 وللوقوف عند هذا الصرح الفكري والثقافي، التقت صدى الروضتين بالسيد نبيل الحسني رئيس المؤسسة، ليحدثنا عن تفاصيل هذه المؤسسة، فقال:
 تُدار مؤسَّسة علوم نهج البلاغة منذ نشأتها من لدن السيد نبيل الحسني أحد أساتذة الحوزة العلميَّة، وهو باحث إسلامي له مؤلَّفات متنوعة، وتضمُّ المؤسَّسة باحثين من الفضلاء وأكاديميين من أصحاب الشهادات العليا، وكذلك كوادر فنيَّة وإعلاميَّة، تتوزَّع على شعب متنوعة من قبيل شعبة الإدارة، وشعبة الدراسات والبحوث، وشعبة التحقيق، وشعبة المجلة العلميَّة (المبين)، وشعبة المكتبة بفرعيها المختص بكتاب نهج البلاغة وحياة أمير المؤمنين (عليه السلام)، وفرعها الآخر العام، وشعبة النشاط الثقافي والإعلامي، وشعبة تقنية المعلومات والدعم الفنِّي، وشعبة الترجمة، وشعبة الإخراج الطباعي والنشر، وغيرها من الوحدات الفرعيَّة.
أسباب ودوافع التأسيس هذا الصرح المبارك؟
 إنَّ الواقع الحياتي اليوم في مختلف المجتمعات يشهد تراجعًا في المستوى المعرفي والقيمي الذي جاءت به الديانات والرسالات الإلهية، ممَّا أدى إلى حدوث مشكلات اجتماعية وسلوكية وانتهاكات للحقوق الحياتية، وتنامي الفساد في مختلف مجلات الحياة، وظهور التطرف والإرهاب والشذوذ الفكري والاختلال في المعطيات الذهنية التي كونت ثقافات هجينة عن الطبيعة الإنسانية.. كل هذا وغيره من الأسباب والدوافع التي تبحث عن حلول ناجعة تأخذ بيد صاحبها للوصول إلى الحياة الكريمة، وهو ما سيجده الباحث والقارئ وكل ذي حاجة عند أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فكان كتاب نهج البلاغة هو البوابة للدخول إلى هذا العالم الواسع والبحر الفياض من العلوم والمعارف القرآنية، وكيف لا وهو باب مدينة علم النبوة والرسالة.
فكان ذلك هو الدافع من وراء تأسيس المؤسَّسة التي حظيت بعناية خاصة من لدن المرجعية العليا في النجف الأشرف، والأمانة العامة للعتبة الحسينية المقدَّسة وبشكل مباشر من سماحة الشيخ عبد المهدي الكربلائي (دام توفيقه).
- استراتيجية المؤسَّسة والهدف الذي تسمو اليه؟
 إيمانًا بوصيَّة أمير المؤمنين عليٍّ (عليه السلام): ((أُوصِيكُمَا، وَجَمِيعَ وَلَدِي وَأَهْلِي وَمَنْ بَلَغَهُ كِتَابِي، بِتَقْوَى اللهِ، وَنَظْمِ أَمْرِكُمْ...))، فقد أخذت المؤسَّسة على عاتقها تنظيم عملها عن طريق رسم خطط استراتيجية تسير عليها على وفق خطوات منتظمة بعيدًا عن العشوائية والاجتهادات الآنية، وقد وضعت لها هدفًا عامًّا تنبثق منه منظومة معرفية متنوعة، والهدف هو دراسة كتاب نهج البلاغة وفكر أمير المؤمنين علي (عليه السلام) بالوسائل العلميَّة الحديثة والرصينة على وفق رؤيةٍ محكمة تستطيع بها النفوذ إلى الآخر بتنوعاته المختلفة وانتماءاته المتنوعة، وهذا الهدف جزء من استراتيجية كبرى تهدف بها إلى تعريف الآخر بالإسلام الحقيقي الذي يؤمن بوجود الآخر، بل يسعى للحفاظ على الآخر بعد أن سيطر مفهوم الإرهاب والقتل والإقصاء على الإسلام بنظر العالم الآخر. ومن هنا تسعى المؤسَّسة إلى بيان حقيقة الإسلام عن طريق أهم كتابٍ بعد القرآن الكريم، وهو نهج البلاغة الذي يؤكِّد فيه أمير المؤمنين علي (عليه الإسلام) على الاعتراف بالآخر وعدم إقصائه؛ لأنَّ الناس عنده ((صِنْفَانِ: إِمَّا أَخٌ لَكَ فِي الدِّينِ، وَإمّا نَظِيرٌ لَكَ فِي الْخَلْقِ)). أمَّا الخطوات التي اتخذتها المؤسَّسة في الوصول إلى هذا الهدف فيمكن أن نجملها بالآتي:
1- البحث العلمي عن طريق تأليف الكتب والبحوث والمقالات التي تستجيب لمتطلبات الواقع المعاصر، فالمؤسَّسة تحاول رصد حاجات المجتمع المعرفيَّة والثقافيَّة من أجل اشباعها، وكذلك تهدف إلى التنبؤ بالمشاكل المستقبلية فتستبق الأحداث في ترصين الحلول المعرفيَّة لها، وقد صدرت لها مجموعة كبيرة من الإصدارات بهذا الشأن عن طريق الباحثين الذين يعملون في المؤسَّسة.
2- توثيق الصلة بين المؤسَّسات الدينية والمؤسَّسات الأكاديمية المتمثلة بالحوزات العلميَّة والجامعات العراقية والمراكز العلميَّة عن طريق جمع هذا اللفيف المعرفي في أعمالٍ مشتركة من قبيل المؤتمرات والندوات العلميَّة، وقد أقامت المؤسَّسة مؤتمرين علميين وأربع ندوات عالجت فيها أهم القضايا التي تشغل الواقع المعاصر من قبيل إنسانية الدولة، والتطرف الفكري، وسُبل تكوين الحُكَّام الناجحين، وكيفية قيادة المجتمع وحقوق المواطن على الدولة وغيرها.
 وكذلك سعت المؤسَّسة جاهدةً إلى استقطاب طلبة الدِّراسات العليا (الماجستير والدكتوراه) للكتابة في نهج البلاغة وتحفيزهم على ذلك عن طريق طباعة منجزاتهم العلميَّة من رسالة أو أطروحة.
3- سعت المؤسَّسة إلى ترصين الدراسات في كتاب نهج البلاغة عن طريق استثمار الطاقات الأكاديمية في إطار عملٍ علميٍّ رصين فأنشأت مجلة المبين المحكَّمة، وهي أوَّل مجلة علمية محكَّمة تعنى بنهج البلاغة في العالم الإسلامي، وأصبحت هذه المجلة نافذة تطلُّ منها المؤسَّسة إلى الجامعات الأكاديميَّة.
4- لم تنكفئ المؤسَّسة على نفسها وتنعزل بنتاجها فقط، بل رحَّبت بكلِّ نتاج علمي يأتيها من الخارج على أن يكون متخصِّصاً بما تدور المؤسَّسة في فلكه وخاضع لمعطيات المنهج العلمي، وكذلك بعد أن ينال قبول اللجنة العلميَّة المتخصِّصة في المؤسَّسة.
5- تعمل المؤسَّسة بشكلٍ جاد على الانفتاح على المراكز العلميَّة في خارج العراق من أجل الحصول على السمة العالميَّة في طرحها الفكري والمعرفي.
6- لم تحصر المؤسَّسة نتاجها على الحاضر هاملةً التراث، بل خصَّصت وحدة كاملة لدراسة التراث عن طريق تحقيق المخطوطات وإخراجها بلباس علميِّ رصين.
7- سعت المؤسَّسة إلى الانفتاح على العالم عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي فاستثمرت كلَّ قنوات التواصل الالكتروني في نشر علوم نهج البلاغة والدراسات التي تتمخَّض عنها بصيغة الكتب الالكترونية، وللمؤسَّسة موقع الكتروني متاح فيه التواصل مع المؤسَّسة، وكذلك مُتاح فيه الحصول على نتاج المؤسَّسة الفكري بصيغ الكترونية.
8- عملت المؤسَّسة منذ نشأتها على نشر جميع نتاجاتها العلميَّة بصيغة الكتاب الورقي الذي نشرته في معارض التابعة للعتبة الحسينيَّة المطهرة، وكذلك هي متواجدة في موقع المؤسَّسة الكائن في شارع السدرة بالقرب من مقام استشهاد علي الأكبر (عليه السلام)، أمَّا النتاج الالكتروني فيمكن الحصول عليه في موقع المؤسَّسة (inahj.org)، وكذلك يمكن التواصل مع المؤسَّسة عن طريق إميلها (inahj.org@gmail.com). أمَّا أرقام الهاتف: 0772824360 – 07815016633 .
9- أمَّا النتاج العلمي للمؤسَّسة فقد توزَّع على سلاسل بحثية أهما: 
أ- سلسة الرسائل الجامعية، وقد صدر منها أكثر من (28) إصداراً. 
ب- سلسة الكتب العلميَّة، وقد وصلت إلى أكثر من (14) إصدار .
ت- سلسلة تحقيق المحطوطات، وصدر منها أكثر من (9) إصدارات.
ث- سلسة السلف الصالح من أصحاب الإمام علي (عليه السلام)، وصدر فيها (6) إصدارات.
ج- سلسة دراسات في عهد الإمام علي (عليه السلام) لمالك الأشتر، وصدر (46) إصداراً.
ح- سلسلة المؤتمرات والندوات، وقد صدر منها (5) إصدارات.
خ- سلسلة مجلة المبين المحكَّمة، وصدر منها (7) أعداد.
والمؤسَّسة مستمرة في رفد الباحثين والمكتبة الإسلامية بالدراسات في كتاب نهج البلاغة وفكر أمير المؤمنين (عليه السلام).
- كلمة اخيرة يوجهها المركز للباحثين؟
 أبواب المؤسَّسة مفتوحة على مدى أيام الأسبوع عدا يوم الجمعة للباحثين والزائرين، وهي تمتلك مكتبتين إحداهما متخصِّصة بنهج البلاغة وأخرى عامَّة وبالطبع هذه نبذة بسيطة عن المؤسَّسة ومشاريعها الفكريَّة، ومن أراد التعرُّف على المؤسَّسة أكثر فنحن نُرحِّب به في موقعنا المشار إليه آنفًا وشعارنا هو (زكاة العلم نشره وتعليمه)، ونسأل الله لنا ولجميع الباحثين التوفيق لخدمة الائمة الاطهار ونشر علومهم.

الموضوع السابق رسالة.. إلى ذوي الشأن ملحمة اقتصادنا الجديد

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat