قراءة انطباعية في بحث (شمولية الاعلام الإسلامي الملتزم) للكاتبة رشا عبد الجبار ناصر
علي حسين الخباز

  البحث عن تجليات النص، الذي يتجاوز المعنى اللفظي الى عوالم لها فاعلية تسليط الضوء على قيم الوعي، نتيجة التراكم المعرفي الذي يجعل القراءة ناضجة، والنص البحثي للكاتبة رشا عبد الجبار ناصر والمعنون (شمولية الاعلام الإسلامي الملتزم) وهو من بحوث مهرجان ربيع الشهادة، تنظر في مديات تأثيره، وتصوره كجامعة كبرى متطورة بتطور الاهتمام، باتساع الوعي العام.

 وللإعلام دور مهم في المجتمعات التي تتعدد وتتنوع، ويلعب الاعلام دوراً حيوياً في طرح قضايا المرأة، وتنظر القراءة البحثية الى النص باعتباره متمكناً للحقيقة، وحاملاً لها، وتبحث في جميع اتجاهات باعتبارها تمتلك البنية والمضمون، فالإعلام أخبار وترويج للأفكار، وهو جانب من جوانب الاتصال ومعني بالجانب الإنساني؛ لأنه معني بالمشاعر والأحاسيس.
 وهناك من يراه يعني التعبير الموضوعي لعقلية الجماهير، والبعض الآخر يراها تعبر عن مشكلات أخلاقية أو اجتماعية أو فقهية، وتتعدد فيها الآراء ووجهات النظر، ولا تستسلم للآراء المتداولة بين قراءة تسعى لتعيد للنص جذره، لتدعوه الى فضاءات أرحب، وترى الباحثة أن الظروف الوطنية الاستثنائية تتطلب تطوير أجهزتنا ومؤسساتنا الإعلامية من أجل الارتقاء بالواقع، ليصبح بمستوى الأحداث الوطنية، ولتتحمل مسؤولياتها رغم التراكمات السلبية والشائعات وسوء الأداء القيادي.
 القراءة البحثية الواعية لها ارادة جامحة للولوج الى العمق المجتمعي، لترى ما يتطلب الاعلام من مهمة اظهار المشهد الإعلامي الوطني؛ كونه يشكل القدرة النخبوية المتبنية للرأي العام الإيجابي الوطني المتوازن.. البحث عن الحقيقة وكيفية التعامل معها داخل المجتمع بشرائحه المختلفة، فلابد أن يكون الاعلام متحصناً بمهنية معرفية ونضوج فكري رصين، لابد من جهد اكاديمي يهيء لنا الخبرات الواعدة لمواكبة التطورات التقنية للارتقاء بالاعلام.
 وفي قراءة النص البحثي، هناك مجموعة استشهادات ترتكز عليها الباحثة، أي مجموعة رؤى متنوعة في تعريف الاعلام الإسلامي: (هو اعلام ذو مبادئ أخلاقية وأحكام سلوكية مستمدة من الإسلام، وهو اعلام واضح، صريح، عفيف الأسلوب، نظيف الوسيلة، لا يضل ولا يضلل).
 ولو قرأنا هذا التعريف سنجده دلالة لتعرية الاعلام الذي يعتمد الأساليب المضللة الملتوية وسبل التغرير والخداع. وفي الخلاصة أن هذا الاستشهاد يبحث عن اعلام يحترم العقول ولا يستخف بها، ولقراءة التجربة الإعلامية العراقية، نجد هناك فورة إعلامية تمخضت عن صدور عدد كبير من المطبوعات الصحفية المتحزبة والتي بدأت باختفاء عدد كبير منها، وانطلاق عدة محطات إذاعية مسموعة ومرئية وانتشار واسع لاستخدامات الانترنت، واستقبال ست محطات فضائية، مع ولادة علامة تفاعلية بين المتلقي ووسائل الاعلام مع غياب السلطة الرقابية، بروز مشكلة تمويل الاعلام، وتوقف الحكومة عن الدعم، وعجزها عن متابعة المنشور، وبعض الإشكاليات الناتجة عن عدم وضوح الرؤى، وانعدام دلالات العمل الإعلامي، واشكاليات أخرى سهلة للمتابعة.
 ترتكز الباحثة على مرجعية فكرية دينية وجمالية عامة بما تمتاز بها من حضارة متميزة ينبثق عنها المعنى الاجرائي لدور المرأة الحياتي، وقيمة دورها الإعلامي، بما يحتاجه المجتمع من مشاركة المرشدات لتصل في قراءتها الى واقع العمل الإعلامي المنضبط، والذي لا يؤثر على عفة المرأة وحشمتها بما يثري حضورها حركة الحياة العامة، فالمرأة الإعلامية الناجحة قادرة على تفعيل وسائل الاعلام تفعيلاً ناجحاً، باستثمار المرأة إعلاميا من خلال اعداد الاعلاميات والاستفادة من المنح الدراسية، وإتاحة الفرصة للمرأة للعمل في المناصب العليا، تطوير برامج المرأة حتى ينتج لدينا عنصر فعال في المجتمع.
 ترصد الباحثة معنى الاعلام الإسلامي، باعتباره صرحاً لا يُستهان به تثقيفياً وتربوياً، وتؤكد الباحثة على دوره الترفيهي أيضا، تسعى الباحثة الى صيغ توجيهية بخلق آليات التفاعل الأخلاقي والالتزام، وهذا الالتزام لا يتم إلا من خلال مزية التقوى وخشية الله وهذا هو قمة الالتزام بالقيم الدينية، فالله تعالى لا يقبل بإعلام منحرف قاسٍ ومخرب يستهدف القيم ومبادئ الخير والسلام..! نحن بحاجة الى التزام مؤمن قيمي؛ لكون هناك انزياحات سلوكية لبعض وسائل الاعلام التي حولت الاعلام من أداة بناء الى معاول هدم وتخريب..!
اثرت الباحثة المبدعة بحثها في تصورات شمولية تمس حياة المتلقي أسرياً، واجتماعياً، وهي ترى الواقع الإعلامي الذي واجهته الكثير من التحديات، كوجود المرأة في الدوائر الإعلامية مع وجود المضايقات في بعض الدوائر الأخرى ونظرة الموروث الاجتماعي الضيقة، وقضية التحجب والاختلاط، والتطور التكنولوجي الذي يستخدم كل السبل الممكنة والسموم للحيلولة دون خلق تأثيرية اجتماعية للاعلام الملتزم، مع وجود وعي جماهيري متذبذب؛ بسبب تأخر الدور الإعلامي وعقبات التحويل وغياب الخطط المتكاملة،.
 وفي الجانب الإداري يشكو الاعلام الإسلامي ضعف الجانب الإداري، وهذه القضايا التي تطرح ليست معياراً تثمينياً بقدر ما هي صيغ استقراء فكري، تؤشر لنا ماهية تلك الصيغ أحادية الرأي مع ضعف الاستلام الناتج من غياب التأهيل المهني للإعلاميين والإعلاميات، وتعرض الإعلامي الى ضغوط معنوية نفرض الرقابة الوظيفية باستخدام مسميات جديدة مثل المصلحة العامة، وعدم التدخل بالشؤون السياسية، أو بحجة الحفاظ على الوحدة الوطنية والأمن القومي، وفي قراءتنا الانطباعية نجد أن هذا البحث تمكن من إثراء أمر المطالبة بخلق سبل واعية، تنقذنا من النمطية التدوينية والمباشرة المهلكة للإبداع، وتحرر لنا الابداع فكرياً ومعنوياً.

الموضوع السابق ظُلْمُ الطُّفُولَة..

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat