صفحة الكاتب : عدنان ابو زيد

بسبب القبلية والدينية..الديمقراطية في العراق تعاني!
عدنان ابو زيد

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

اشدّ ما تعانيه الأنظمة الديمقراطية في العالم، هي الانقسامات الداخلية، في المجتمعات التي لا تتقن اللعبة، فيما هي في الأنظمة العريقة، أضداد إيجابية تولد من رحم المنافسة.

يعاني العراق صاحب التجربة الديمقراطية اليافعة من انقسام حول السياسات الداخلية والخارجية، وحول القرار الرسمي، ولا يمكن تصنيفها في نطاق الخلافات المعهودة في الأنظمة الديمقراطية، لانها تسببت منذ العام 2003 بالكثير من اشكال النزاع المسلح، والارتباكات العميقة في الشارع، والانهيارات الواضحة في التنمية، وينسحب الانقسام الوطني، على العلاقات الخارجية مع الدول. 

يبدو العراق الذي يعاني من هيمنة الهويات العرقية المشكّلة لهيكلة الشبكات السياسية، واحدا من الدول الديمقراطية الحديثة التي تحتاج الى إدامة الوحدة السياسية، وان لا يؤدي التنوع الى التصدع، وتشظّي المجتمع الى قبائل سياسية.

لكن ذلك يحتاج الى تنشيط الأسئلة الأساسية حول كيفية فهمنا للمؤسسات الديمقراطية، ودور الفاعلين فيها.

المقارنة مع النظام السياسي الأوروبي المتطور، يفيد كثيرا في استخلاص العِبر من هذه التجربة العريقة، ومعرفة العوامل التي أدت الى صعود نوعي للديمقراطيات الغربية.

في هذه الدول، ثمة مجهودات تعاضدية على الرغم من الخلافات الأيديولوجية العميقة بين الكيانات السياسية، التي لم تتوغل يوما على حساب الدولة، كما انها أوهن بكثير من انْ تقف حجر عثرة امام الدولة ومؤسساتها، الامر الذي جعل من ديناميات تغيير الحكومات، ممهدا. 

على مدى نصف قرن، شاركت أوروبا في تجربة سياسية واسعة النطاق في التنظيم والحكم، وتمكّنت من رصّ القواعد الأساسية الصلبة للمشروع الديمقراطي، الأمر الذي مكّن دولها ذات السيادة من المشاركة الطوعية وبكل ثقة في وحدة سياسية أكبر في الاتحاد الأوروبي.

انّ أحد الأسباب العظيمة التي عزّزت تطور النظام السياسي الأوروبي هو اضفاء الطابع المؤسسي حتى في طريقة تعامل الكيانات السياسية مع بعضها، الامر الذي يقلل من فرص العنف المعهود في الديمقراطيات غير الراسخة.

يشترك العراق مع الكثير من بلدان الديمقراطيات الناشئة في ان الهيمنة الجهوية على القرار، تقوّض الممارسة الديمقراطية التقليدية وتحدّ من مشاركة المواطنين بالطرق التي تحددها التنظيرات التي وضعت القوانين، ومن أسباب ذلك، التفاوتات الاجتماعية والاقتصادية، والسلوك غير الحضاري مع الديمقراطية، والجهل، الامر الذي يوجب نهجا ينسل أجيالا تستطيع التعامل مع مخرجات الانتخابات.

انّ ضمان نجاح الديمقراطية في العراق، بعد الهزّات العنيفة التي تعرضت لها طيلة 17 عاما، وانحسار ثقة الناس بها، يتطلب من حرّاسها الحقيقيين، توسيع مشاركة المواطنين، لمنع صعود الأوليغارشية المدنية واستيلاء المجموعات ذات الامتيازات على المؤسسات الديمقراطية.

أستاذ الديمقراطية بجامعة برمنجهام نيك تشيزمان، يدعو الى عدم القنوط من ترسيخ الديمقراطية في المجتمعات الهشّة والمشتّتة، والتي تسيطر عليها المنظمات الدينية والقبلية، ضاربا المثل في دول مثل بنين وبوتسوانا وغانا وناميبيا وموريشيوس وجنوب إفريقيا، وهي بلدان لم تصبح منارات للحقوق السياسية والحريات المدنية فحسب، بل نجحت في استغلال الموارد لصالح تمكين المواطنين، بدلا من النخب المسيطرة. 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عدنان ابو زيد
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/04/24



كتابة تعليق لموضوع : بسبب القبلية والدينية..الديمقراطية في العراق تعاني!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net