صفحة الكاتب : ا . د . محمد الربيعي

البحث بدون تفكير نقدي ومستقل مثل الحاسوب بدون برنامج وذاكرة
ا . د . محمد الربيعي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

اؤكد ان انخفاض مستوى البحث العلمي في العراق يرجع في معظمه إلى ثقافة لا تشجع التفكير المستقل والنقدي. قد لا يخطر على بالك ان هذا السبب من الممكن ان يكون من اهم اسباب تردي مستويات البحث العلمي. 

على مر السنين، كتب العديد من الاكاديميين عن البحث في العراق وتم مناقشة القضية بشكل متكرر على منصات الحوار الالكترونية. في جميع هذه المناقشات تقريبا، تم التأكيد على نقص التمويل وضعف المختبرات البحثية والبنية التحتية كأسباب رئيسية لضعف البحث العلمي في البلاد.

إلى حد ما اتفق مع هذه الاسباب. الأموال والتسهيلات العلمية مهمة بالفعل. ومع ذلك، فهي ليست الأسباب الوحيدة لفشلنا في إجراء بحث جيد. أصبح نقص التمويل تعميما مناسبا، وعذراً لفشلنا في النظر إلى المشكلات العلمية الحقيقية.

تتطور وتزدهر الابحاث في بيئة يُسمح فيها للفرد بالتعبير عن الأفكار الجديدة ومناقشتها، مهما بدت غريبة. هذه هي العملية التي نبلور من خلالها أفكارنا ونطهر عقولنا من الافتراضات الخاطئة.

يزدهر البحث بالجدل وعند المناقشة. إنه يزدهر عندما تناقش المجموعات العلمية بحرية وجهات النظر المختلفة. ويتم خنقه عندما لا نشجع الطلاب على مناقشة افكار الاساتذة. وما لم نخلق بيئة في مؤسساتنا التعليمية تساعد على التبادل الحر للأفكار، فلا يمكننا ببساطة إجراء بحث هادف. لكن من المؤكد ان يتكاثر عدد البحوث حتى في حالة عدم وجود مثل هذه البيئة، وهذا ما نراه حقا: كثرة من البحوث، لكنها تفتقر الى النوعية والجودة، ولا تعالج بدقة مشاكلنا الاجتماعية والاقتصادية. 

في مثل ظروفنا الحالية، هناك ميل عام للالتزام بالموضوعات "الآمنة"، أو البحث في المجالات التي تم فيها إجراء بعض الأبحاث بالفعل في مكان آخر. البحث هنا يأخذ اقل حيز ممكن وبقية العملية اعادة تكرير.

ان إحدى أكبر المشكلات التي نواجهها هي ان الكثير من الطلبة يحصلون على شهادات الماجستير والدكتوراه، ومع ذلك يفشل معظمهم في أن يصبحوا مفكرين مستقلين.

معظمهم طلبة الدراسات العليا هدفهم الحصول على الشهادة ولا يهتموا كثيرا الى نوعية البحث الذي يتطلب منهم اجراءه. اما التدريسيين فهدفهم من اجراء البحوث (او الاصح الاشراف على طلبة البحث) هو الترقية. 

في الواقع ، ربط الوزارة للحصول على الشهادة بالنسبة لطلبة الدراسات العليا والترقيات للتدريسيين بنشر الأوراق البحثية ادى الى كثرة في العدد وقلة في الجودة. 

كان المفروض ان تضع مثل هذه الشروط مسؤوليات كبيرة على عاتق كبار الأساتذة، ولاسيما رؤساء الأقسام والعمداء لخلق بيئة يتم فيها تشجيع الطلاب وأعضاء هيئة التدريس المبتدئين على التفكير بشكل مستقل، وصياغة آرائهم والتعبير عنها بغض النظر عن الآراء السائدة، وعن طريق تنظيم ندوات ومناقشات حول مواضيع مختلفة وإنشاء نوادي المجلات واشاعة طريقة التدريس الجيدة وهي "التعلم القائم على حل المشكلات"، والتي تشجع الطلاب على استكشاف المشاكل والتوصل إلى إجابات بأنفسهم.

لنعترف ان الأموال ليست كافية لإنتاج بحث "هادف". أود أن أؤكد هنا أن البحث ليس "غاية" في حد ذاته. بدلاً من ذلك، فإن البحث في حد ذاته ليس كافيا، إلا إذا تم استخدامه لحل مشاكلنا الحالية وللوصول الى قرارات قائمة على الأدلة تساهم في تقدم العلم.
 
سؤال يزعجني يتعلق بالحاضر والمستقبل. كم من أولئك الذين يعملون البحوث اليوم سيستمرون في إجراء البحوث على المدى الطويل؟ أم أنهم ينفذونها فقط للحصول على الشهادات او لكسب الترقيات؟
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


ا . د . محمد الربيعي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/05/03



كتابة تعليق لموضوع : البحث بدون تفكير نقدي ومستقل مثل الحاسوب بدون برنامج وذاكرة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net