صفحة الكاتب : شاكر فريد حسن

إرهاصات الحياة الثقافية في قطاع غزة بعد الاحتلال 
شاكر فريد حسن

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 لا جدال أن قطاع غزة شكل حالة خاصة وفريدة ومغايرة عن الضفة الغربية، وذلك نظرا لخضوعه تحت الإدارة المصرية. وقد تركزت اهتمامات الناس آنذاك على توفير رغيف الخبز، والبحث عن الاستقرار الاقتصادي والمعيشي أكثر من البحث عن الثقافة والأدب، لكن رغم ذلك فقد تلمسنا بعضاً من حياة أدبية وثقافية بفضل الصحافة الثقافية والأدبية المصرية التي كانت تصل القطاع بصورة منتظمة. 

وكان قطاع غزة شهد بعد نكبة العام 1948 نهضة أدبية وظهور ملامح لحركة ثقافية تمخض عنها صدور عدد من الصحف السيارة، التي غلب عليها الطابع السياسي كالشرق واعلام والرقيب وغزة والوطن العربي واللواء والصراحة والعودة والتحرر وأخبار فلسطين وغير ذلك . 

ولعل صحيفة "أخبار فلسطين" كانت ابرز الصحف الغزية واكثرها انتشارا وعمقا وقيمة ثقافية، حيث اهتمت بنشر نصوص شعرية ونثرية وأدبية لمجموعة من المبدعين الشباب المهتمين بقضايا الثقافة والأدب والفكر. منهم: معين بسيسو وهارون هاشم رشيد ومحمد حسيب القاضي ومحمد جلال عناية ومحمد جاد الحق وفوزي العمري وخالد الهشيم، وغيرهم الكثير . 

وهذه الصحيفة الرائدة كانت لعبت دورا كبيرا في تنشيط الحياة الثقافية والأدبية الفلسطينية، من خلال إقامة الندوات المختلفة ومناقشة الكتب الجديدة وتشجيع المواهب الأدبية الواعدة ونشر نتاجها الأدبي. 

وجاءت هزيمة حزيران العام 1967 لتلقي بظلالها على الوضع الثقافي في قطاع غزة، والضفة الغربية كذلك. وكان لهذه الهزيمة الأثر البالغ على مجمل الإبداع الفلسطيني والحركة الثقافية والفكرية الفلسطينية، حيث خيم جو من الصمت والسبات العميق. 

وظل هذا الوضع حتى السبعينات من القرن العشرين الماضي حيث أخذت بالتبلور والانتعاش حركة أدبية مقاومة ونشطة، عبر الصحف والمجلات والدوريات التي صدرت في تلك الفترة. منها مجلة "العودة" ومجلة"الاسبوع الجديد" للصحفي زهير الريس، ومجلة "الشروق" للصحفي محمد خاص، و"الشرق الاوسط" لجميل الشوا، و"البشير" لإبراهيم حنظل، وسواها من صحف ومجلات كانت تصدر بصورة غير منتظمة، وسرعان ما توقفت بعد اعداد قليلة ولم يكن لها تأثير ملموس وواضح في تأسيس حركة ادبية في القطاع. ولذلك اتجه الكتاب والمبدعون، الطالعون من بؤس المخيمات، نحو صحافة الضفة الغربية مثل "القدس" و"الشعب" و"الفجر" و"الطليعة" و"الميثاق" وغير ذلك. ومعظم هذه الصحف كانت يومية أو اسبوعية اختصت بالسياسة والشؤون المحلية، إلا انها خصصت ملاحق ثقافية شكلت منابر مفتوحة لجميع الكتاب الفلسطينيين من الضفة الغربية وقطاع غزة. 

وكان لصدور مجلات شهرية، تعنى بالأدب والثقافة والفكر الانساني، أثر كبير في تطور الحياة الادبية والنهضة الثقافية والعلمية. ومن اشهر هذه المجلات "البيادر" و"الكاتب" و"الفجر الادبي" و"العهد" و"الشراع" و"العودة" وغيرها. 

وتعتبر "البيادر"، التي بدأت بالصدور سنة 1976، الأبرز بينها كونها اول مجلة ثقافية وادبية متخصصة في المناطق الفلسطينية المحتلة. ونجحت في استقطاب جميع الاقلام الأدبية في مختلف فنون وصنوف الأدب، ومن شتى المشارب والمذاهب الفكرية، وأدت دورًا رياديًا وطليعيًا هامًا في نهوض المشهد الادبي والثقافي الفلسطيني تحت الاحتلال. 

ومن أهم الاسماء الادبية، التي عرفتها الحركة الادبية الفلسطينية في القطاع بعد الاحتلال نذكر على سبيل المثال لا الحصر: غريب عسقلاني ومحمد ايوب وعبدا اللـه تايه وزكي العيلة وصالح زقوت ووليد الهليس وصبحي حمدان وتوفيق الحاج وباسم النبريص وصقر ابو عيدة وفداء ابو احمد (عبسان الكبيرة) وغيرهم. 

ومجمل القول: لقد ولدت وترسخت في قطاع غزة، إبان الاحتلال الاسرائيلي، حركة أدبية وثقافية تقدمية مناهضة ضد الاحتلال, تجسدت وتمثلت بالإبداعات والإصدارات والأعمال الشعرية والقصصية والروائية والمتابعات النقدية. وقد عكس أدب القطاع هموم وعذابات الجماهير المسحوقة، وواقع التشتت والتشرد والغربة والتصاريح، وواقع المخيم وحياة ابنائه. 

ولا شك أن الواقع الذي فرضه المحتل هو واقع مختلف في الصيغة والاسلوب. ولذلك فان تناول ومعالجة هذا الواقع المفروض والقدرة على تثويره وضعت أمام كتاب القطاع وسيلتين هما: التناول السردي والاقتراب من لغة الشعر وأدواته، إضافة إلى الاهتمام بالواقع الاجتماعي والسياسي والاحتلالي للانتصار عليه. 

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


شاكر فريد حسن
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/05/18



كتابة تعليق لموضوع : إرهاصات الحياة الثقافية في قطاع غزة بعد الاحتلال 
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net