صفحة الكاتب : د . مصطفى يوسف اللداوي

سيفُ القدسِ نصرُ الله المبين
د . مصطفى يوسف اللداوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

إنها الجمعة العظيمة، جمعة النصر المبين والفتح القريب، جمعةٌ بيضاء كليلة القدر، زاهيةٌ كفلق الصبح، مشرقةٌ كيوم ميلاد، نابتةٌ كنماءِ سنبلةٍ، سامقةٌ كشجرةٍ عاليةٍ، ساطعةٌ كأنها الشمس، علامةٌ للنصر كأنها النجم، إنها جمعةٌ مباركةٌ للأمة كلها وللفلسطينيين أجمعين، جمعةٌ خيرها ورافٌ، وفيئها عارمٌ، وظلالها ممدودةٌ، وأحداثها عظيمة، ورجالها شجعان، جمعةٌ عظيمةٌ بكل المعاني الوطنية والقومية، والإنسانية والإسلامية، ستبقى في ذاكرة الفلسطينيين والأمة كلها، العربية والإسلامية، وستسكن في قلوبهم، وستعيش معهم في الحنايا وبين الضلوع، وستكون وقوداً لغدهم وأملاً لمستقبلهم، سيورثون إلى الأجيال مجدها، وسيحملون إلى الأحفاد عزها، جمعةٌ سيكون لها ما بعدها، ولن يكون بحالٍ أبداً ما بعدها كما كان قبلها.

 

جمعةٌ بدأت تباشيرها الأولى وأنوارها البهية تنبلج بصخبٍ عن نصرٍ عظيمٍ، وصمودٍ كبيرٍ، وثباتٍ راسخٍ، وعزةٍ جليلةٍ، وكرامةٍ مهيبةٍ، وفرحةٍ غامرةٍ، وسعادةٍ تامةٍ، إنها جمعة النصر الأكبر ويوم الفتح الأقرب، إنها يومٌ من أيام الله الخالدات الأعظم، وجمعةٌ من جمعه الماجدات، نحمده سبحانه وتعالى فيها على النصر الذي امتن به علينا، وأفاض به على شعبنا، وأكرم به أمتنا، فأفرحنا به وأسعدنا، وبلسم به جراحنا وأسكننا، فلك الحمد يا رب ملء السموات والأرض، وملء ما شئت من شيءٍ بعد، حمداً يكافئ فضلك ويضاهي عطاءك، وإن كان كل حمدٍ لا يوافي نعمك، ولا يوازي فضلك، لكنه الشكر الذي أمرتنا به، والحمد الذي وجهتنا إليه.

 

إنه نصر الله العظيم وانتصاره المزلزل المهيب، نزل علينا بعد أن بلغت القلوب الحناجر، وضاقت علينا الأرض بما رحبت، وفرح العدو بخيلائه، واستبشر المنافقون بعليائه، وظنوا أن النصر في ركابه، والغلبة في اتباعه، ومَنَّى المتآمرون أنفسهم بغدٍ لهم ومستقبلٍ ينتظرهم، إذ صدقوا العدو وآمنوا به، وخذلوا أمتهم وكذبوا مقاومتهم، فجاءهم أمر الله كريحٍ عاصفٍ قلبت قدورهم، وخلعت من الأرض أوتادهم، ومزقت خيامهم، وبعثرت أحلامهم، وكأنها ليلة الأحزاب العظيمة، إذ حل بهم على عجلٍ سخطه، ونزل بهم غضبه، فاسودت وجوههم وغارت نفوسهم، وسكتت أصواتهم وابتلع الخزي ألسنتهم، بينما فرح الفلسطينيون وطرب المسلمون، وحمد الله عز وجل المؤمنون، الواثقون بنصره، الثابتون على عهده، والماضون بصدقٍ نحو وعده.

 

لا تظنوا أن النصر بعيدٌ أو أنه مستحيلٌ، أو أنه عنا محجوبٌ وعلينا ممنوعٌ، إنه بالصبر ممكنٌ، وبالإعداد أكيد، وبالوحدة يتحقق، وباليقين يتأكد، وبالتضحيات يترسخ، وبالعطاء يبقى ويتمدد، وبالثقة يبقى، فثق أيها الشعب العظيم بعد الله عز وجل بنفسك، وتمسك بمقاومتك، واثبت على أرضك، وحافظ على قيمك، ولا تتخل عن حقك، فالنصرُ دوماً حليف المؤمنين ورديف الصابرين، وهو قادمٌ حقاً ولو تأخر، وناجزٌ أبداً ولو شك به البعض، وظنوا ضعفاً أنه لن يقع، ولكن سنة الله عز وجل باقية، ورحمته بنا شاملة، وسترون نصره القادم يتنزل علينا أفواجاً وأمواجاً، فافرحوا اليوم وابتهجوا، واسعدوا واحتفلوا، فهذا يوم زينتكم، ويوم نصركم، ويوم فخركم، فيه أعطيتم وفي سبيله ضحيتم، وللوصول إليه قدمتم وأعددتم، فطوبى لنا ولكم.

 

هنيئاً لكم أيها المرابطون على ثرى الوطن الحبيب فلسطين، هنيئاً لكم احتفالاتكم ومسيراتكم، فقد حُقَ لكم أن تفرحوا في هذا اليوم الأغر العظيم، الذي قدمتم له بدمائكم، وضحيتم في سبيله بأملاككم، فدمر العدو بيوتكم، وخرب زروعكم، وحرث أرضكم، وقلب شوارعكم، وعاث في دياركم فساداً، وقتل ثلةً طاهرةً من رجالكم وأطفالكم ونسائكم، ولكنكم خرجتم من تحت الأنقاض رجالاً، ومن بين الركام أبطالاً، ومن تحت الردم جمراً متقداً وناراً ملتهبةً، تقولون للعدو أنكم الأقوى وأنكم الأبقى، وأن حقكم هو الأنقى والأنضى، وأن غدكم هو الأسنى والأبهى، وأن سيفكم الذي جردتموه للقدس من غمده سيبقى مجرداً، سيفاً مسلولاً حاداً قاطعاً، ينتصر دوماً، ويهب لنصرة شعبه أبداً.

يتبع....

 

بيروت في 21/5/2021

moustafa.leddawi@gmail.com


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . مصطفى يوسف اللداوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/05/21



كتابة تعليق لموضوع : سيفُ القدسِ نصرُ الله المبين
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net