صفحة الكاتب : شيماء سامي

الطِّيرة من منظور ديني..
شيماء سامي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

الطيرة مصدر من الفعل (تطيّر)، ومثلها الخيرة من الفعل (تخيّر)، وهما مصدران نادران، والطيرة مأخوذة من الطير، وكانت تطلق قديماً على التشاؤم والتفاؤل، وارتباطها بهما يعود إلى أن العربي الوثني كان إذا أراد شيئاً ما ذهب إلى عش طائر فهيجه، فإن طار الطائر عن يمينه استبشر بذلك وأقدم على ما أراد وعزم، وإن طار عن شماله تشاءم ورجع عما أراد.
 وصار العرب يتفاءلون بكل من يأتي من ناحية اليمين وأسموه (السانح)، ويتشاءمون بمن يأتي من ناحية الشمال وأسموه (البارح)؛ حتى قالوا في المثل: (مَن لي بالسانح بعد البارح)، ثم تخصصت دلالتها بعد ذلك، فأصبحت مرادفة للتشاؤم في مقابل التفاؤل.
 وقد وردت مشتقات الكلمة في القرآن الكريم، كما أنها صفة لثلاثة أقوام سابقة، منهم قوم صالح (ثمود)، إذ كانوا يقولون له: ما نرى على وجهك الخير، كما نقل لنا القرآن حواراً بين صالح وقومه في قوله تعالى: "قَالَ يَاقَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ لَوْلا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ، قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ قَالَ طَائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ".
ولما جاء الإسلام نهى بشدة عن هذا الاعتقاد الباطل، وردّ كل أمر إلى الله تعالى، فالطيرة ليس لها تأثير في جلب خير أو شر، إنما كل أمر بقضاء الله؛ تصديقاً لقوله تعالى: "وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ"، وقوله تعالى: "وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ".
 غير أن هذا لا يمنع أن يكون الإنسان سبباً في جلب الخير أو الشر، لكن المقدِّر للأمر هو الله وحده، وقد يقدّر للإنسان الخير دون مقابل سالف، لكن لا يقدّر له الشر إلا بسبب منه؛ تصديقاً لقوله تعالى: "مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنْ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ.
وختاماً.. فلنتبع نبينا الأكرم محمداً (ص) في قوله: "من رجعته الطيرةُ عن حاجته فقد أشرك"(1)، وكفارة ذلك "اللهم لا طير إلا طيرك، ولا خير إلا خيرك، ولا إله غيرك".
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) حياة الحيوان للدميري: ج2/ ص6.
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


شيماء سامي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/06/03



كتابة تعليق لموضوع : الطِّيرة من منظور ديني..
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net