صفحة الكاتب : احمد العبيدي

نظرية الهجرة المعاكسة  وظهور العربية لأول مرة في الكتابات القديمة (النقشعرية)
احمد العبيدي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

  ذهبت بعض التحليلات التي تقول: بأن الشعوبَ السامية جميعها، منحدرة من أصل عراقي قديم، حيث من الطبيعي أن تستقر الكتل البشرية قرب الأراضي الزراعية والماء الوفير، وقد حصلت الهجرات من العراق إلى شبة الجيرة العربية بسبب حادث الفيضان.. وأعتقد بأن هذه النظرية تحتاج إلى جهود جديدة، لكي يتم إثباتها والقطع بها، بل هناك بحوث تقول: إن اللغة العربية مشتقة من الهيلوغرافية المصرية، كتبها البعض، وفسر من خلالها الحروف المقطعة في القرآن بحسب الهيلوغرافية، وكل يأتي بنظرية جديدة، ويبقى الموضوع قائماً للنقاش، ليبقى تأثير قوم عاد التاريخي مجهولاً تماماً، كما صرّح القرآنُ الكريم، ولا يوجد لهم أثر يذكر في جميع المدونات التاريخية المكتشفة للآن.
 إن تتبع علماء التاريخ لجميع اللغات السامية، والكتابات الجاهلية، وفي كتابات الآشوريين والبابليين واليونان والرومان والعبرانيين وغيرهم، وجدوا إن أقدم نصّ وردت فيه لفظة عرب، هو نص آشوري من أيام الملك (شلمنصر الثالث) ت824 ق.م، ملك آشور، وتبيّن لهم أن كلمة (عرب)، لا تعني ما هو متداول عندنا الآن من معنى الكلمة، ولكنها تعني: مشيخة بدوية قريبة من الحدود الأشورية - كما ورد في المفصل باب كلمة عرب - حيث ترك لنا نصاً يقول فيه: (قرقر عاصمة الملكية، أنا خربتها، أنا دمرتها، أنا أحرقتها بالنار: 10000 جمل لجندب عربي... هؤلاء تآلبوا عليّ)، لاحظ أن أول ذكر كلمة للعرب في لوح طيني، جاءت مع ذكر الجمل.
 والسبب أن الأقوام السامية التي سكنت العراق، كانت تسمي جميع القبائل العربية من البدو ساكني الصحراء، بالعرب، التي جاءت من الغرب بالآرامية، وتعني غرب الفرات، وإلى الآن في العراق يسمي سكان المدن سكان الريف الذين يسكنون خارج المدن بالعرب، ويطلق على الفرد منهم كلمة (عُرْبي) ومع إن سكان المدينة من العرب أيضاً! وقد قيل إن العرب كانت تسمي يوم الجمعة بـ(يوم العروبة)، أي هو اليوم الذي تغرب فيه أيام الأسبوع (عرب / غرب)، فيكون ورود أول ذكر لكلمة (عرب) في الكتابات المكتشفة في مدّة متأخرة (824 ق.م) وهذا دليل أن العرب لم تجتمع على لهجة موحدة واضحة المعالم قبل هذا التاريخ. 
 وهنا نرمي هذا التساؤل: هل هناك تاريخ مثبت للدويلات والممالك العربية القديمة؟
 من المصادر التي توفرت لدينا، ووجدناها سهلة التناول، كتاب (تاريخ العرب قبل الإسلام) لمؤلفه الدكتور حسين الشيخ، أستاذ التاريخ القديم بجامعة الإسكندرية، حيث تحدث عن مصادر المعلومات بالنسبة لتاريخ العرب قبل الإسلام، والتي أقرّ من خلالها، بأن معظم الكتابات المتواجدة، هي ليست نقوشاً مكتملة، ولكنها كلمات متفرقة، وأكثرها ذات طابع شخصي وليس تاريخياً، مثل شاهد قبر أو معبد، ولكنه تكلم عن الدويلات العربية، بسبب عدم إنشاء العرب لأنفسهم دولة موحدة كبيرة، بل بقيت آثارهم متفرقة في جزيرة العرب، وبقيت لهجاتهم كثيرة مختلفة ومتباينة.
 أما ما يتعلق باللغة العربية هنا، وهو الشعر العربي وتاريخه، وجدنا بأن أكثر الباحثين متفقين بحسب المصادر المتوفرة، على إن الشعر العربي لا يبعد بأكثر من 200 سنة، ربما قبل الإسلام، بالتأكيد ليس هناك رأي قاطع، وعدم وجود المصادر التاريخية، أدت إلى أن يذهب كل فريق برؤيته الشخصية المعتمدة على تركيبته العقلية، وذوقه العام، والذهاب إلى أن الشعر قد تواجد قبل الزمن بنفس القوة والجمال، يحتاج إلى دليل قوي، وربما مرت القصيدة العربية، بمراحل طويلة، حتى وصلت إلى مرحلة النضج عند المهلهل، وامرئ القيس.. البعض يقول كانت مجرد مقاطع مفردة أو بيت واحد، والبعض يقول أن السجع هو من تطور إلى الشعر.. على العموم، سأكتفي هنا بوضع رأي الجاحظ، في المسألة، وكذلك ابن سلام الجمحي في الطبقات، الذي نفى أن تكون الأشعار قد وردت على لسان آدم، واكتفي بذكر، مجموعة من المصادر، ممن يقولون بهذا التاريخ، بداية لنضوج الشعر العربي، حتى تظهر أدلة أخرى.
 يقول الجاحظ في كتاب الحيوان: (وأما الشعر فحديث الميلاد صغير السن، أول من نهج سبيله وسهل الطريق إليه امرؤ القيس بن حجر، ومهلهل بن ربيعة، وكتب أرسطاطاليس ومعلمه أفلاطون، ثم بطليموس وديمقراطس، وفلان وفلان، قبل بدء الشعر بالدهور قبل الدهور، والأحقاب قبل الأحقاب... ثم يستدل بأبيات لامرئ القيس.. ويكمل، فإذا استظهرنا بغاية الاستظهار، وجدنا له إلى أن جاء الله بالإسلام خمسين ومائة عام، وإذا استظهرنا بغاية الاستظهار، فمائتي عام).
وقد ترددت هذه المقولة في خطها العام، لدى مؤرخي الشعر الجاهلي ودارسيه، إذ يرون أن الشعر الجاهلي الذي يمكن الاطمئنان له، إنما يبدأ من ذلك التاريخ الذي ذكره الجاحظ، لنصل إلى نتيجة عدم اجتماع العرب منذ وقت مبكر في دولة واحدة، وتفرق لغتهم ولهجاتهم على حروف متعددة، يرجح قول الجاحظ بشكل تقريبي، ولكن هذا لا يمنع أن للشعر جذوراً أعمق تدرجت، حتى وصلت إلى هذا الشكل الناضج، بهذا التاريخ، فمن المستبعد أن تكون القصيدة العربية بدأت على يد المهلهل أول مرة بهذا النضج، ولكن يمكن القول إن له اليد الطولى في إنضاجه.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


احمد العبيدي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/06/24



كتابة تعليق لموضوع : نظرية الهجرة المعاكسة  وظهور العربية لأول مرة في الكتابات القديمة (النقشعرية)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net