صفحة الكاتب : د . اكرم جلال

فلسفةُ ذكرُ الصلاة على محمد وآل محمد (الجزء الثاني)
د . اكرم جلال

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

إنّ ذِكْر الصّلاة على النبيّ وآله هي الطريق لِمَعرفتهم وَبِمَعرفتهم يَصِل المؤمن إلى السنخية بينه وبينهم،وبهذا المستوى يكون قادراً على تَلَقّي الفُيوضات الإلهية ، فَذِكْر الصلوات هو مِنْ أعظَم الأذكار المُوصلةلهذه المرتبة والتي يكون فيها الدّاعي مُستعدأ لتلقّي تلك الفيوضات.

وبمعنى آخر، أرواح البشر لا تَملكالقُدرة على تَلَقّي الأنوار الربّانية وأنّ ذكر الصلاة يَعرُج بالأرواح لكي تَصِلَ إلى المستوى الذي تستطيعبها تلقي تلك الأنوار الإلهية فتنعكس على أرواحهم وتستنير القلوب فيبصر المؤمن طريقة بنور الله، فعنالإمام الرضا (ع) في هذا الشأن أنه قال: (فيما سأل الخضر الحسن بن علي عليهما السلام: أخبرنيعن الرجل كيف يذكر وينسى؟ قال: إن قلب الرجل في حق، وعلى الحق طبق، فإنْ صلّى الرجل عند ذلكعلى محمد وآل محمد صلاة تامة انكشف ذلك الطبق عن ذلك الحق فأضاء القلب، وذكر الرجل ما كاننسي، وإن هو لم يصل على محمد وآل محمد أو نقص من الصلاة عليهم، انطبق ذلك الطبق على ذلكالحق فأظلم القلب، ونسي الرجل ما كان ذكره 1).

إذن فَصلواتنا على النبي وآله لا تزيدهم رفعة أو كمالاً، فالله جلّ وَعَلا قد أفاض عليهم بأعلى درجاتالكمال، فالنبيّ تامٌ لأنوار الجّمال، ومظهر جامع لمظاهر الكمال، وأنه قاب قوسين في العالم الأكبر، وفيالزيارة الجامعة مصداق وتأكيد، فالإمام يقول: (فَبَلَغَ اللهُ بِكُمْ اَشْرَفَ مَحَلِّ الْمُكَرَّمينَ، وَاَعْلى مَنازِلِالْمُقَرَّبينَ، وَاَرْفَعَ دَرَجاتِ الْمُرْسَلينَ، حَيْثُ لا يَلْحَقُهُ لاحِقٌ، وَلا يَفُوقُهُ فائِقٌ، وَلا يَسْبِقُهُ سابِقٌ، وَلا يَطْمَعُ فىاِدْراكِهِ طامِعٌ، حَتّى لا يَبْقى مَلَكٌ مُقَرَّبٌ، وَلا نَبِىٌّ مُرْسَلٌ، وَلا صِدّيقٌ وَلا شَهيدٌ، وَلا عالِمٌ وَلا جاهِلٌ، وَلا دَنِىٌّوَلا فاضِلٌ، وَلا مُؤْمِنٌ صالِحٌ، وَلا فِاجِرٌ طالِحٌ، وَلاجَبّارٌ عَنيدٌ، وَلا شَيْطانٌ مَريدٌ، وَلا خَلْقٌ فيما بَيْنَ ذلِكَ شَهيدٌالا عَرَّفَهُمْ جَلالَةَ اَمْرِكُمْ، وَعِظَمَ خَطَرِكُمْ، وَكِبَرَ شَأنِكُمْ وَتَمامَ نُورِكُمْ، وَصِدْقَ مَقاعِدِكُمْ، وَثَباتَ مَقامِكُمْ، وَشَرَفَمَحَلِّكُمْ وَمَنْزِلَتِكُمْ عِنْدَهُ، وَكَرامَتَكُمْ عَلَيْهِ، وَخاصَّتَكُمْ لَدَيْهِ، وَقُرْبَ مَنْزِلَتِكُمْ مِنْهُ ).

ونحن بصلواتنا هذه لا نقدّممَنْفَعَة أو نَرفَع لَهم مَنزلة، فكمالهم وأنوارهم كالبّحر وأن كأساً من الماء في البحر لا تزيده كثرة، لذلكفحقيقة هذه الصلوات إنّما هي من أجل إظهار وتبيان درجاتهم الرفيعة ومقاماتهم العالية وفي هذاالظهور سنتزود بالنور المحمدي والذي يكون سبباً في نزول الرحمة الإلهية؛ لأنه وأهل بيته الأطهارمصادر وعلل وآثار الفيوض الرحمانية، فعن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: ( وأشهد أنك لم تأمربالصلاة عليه إلّا بَعد أن صلّيت عليه أنت وملائكتك فأنزلت في فرقانك الحكيم : ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَعَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56]، لا لحاجة به إلى صلاة أحدمن الخلق عليه بعد صلاتك ولا إلى تزكية بعد تزكيتك بل الخلق كلهم محتاجون إلى ذلك لأنك جعلته بابكالذي لا تقبل إلّا من أتاك منه ، وجعلت الصلاة عليه قربة منك ووسيلة إليك وزلفة عندك ، ودللت عليهالمؤمنين، وأمرتهم بالصلاة عليه ليزدادوا بذلك كرامة عليك 2 ).

المصادر

1. عيون الأخبار - الدينوري - ج1، ص66. والاحتجاج - الطبرسي - ص142. والمحاسن - البرقي - ص332. والغيبة - النعماني- ص 27.

2. بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج 87، ص 82.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . اكرم جلال
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/07/14



كتابة تعليق لموضوع : فلسفةُ ذكرُ الصلاة على محمد وآل محمد (الجزء الثاني)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net