أدلَّة إمامة المهدي (عجل الله تعالى فرجه) الحلقة الثانية
د . احسان الغريفي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

     لقد ذكرنا في الحلقة السابقة ذهاب بعض المخالفين لمذهب أهل البيت إلى إنكار ظهور الإمام المهدي(عج) مخالفاً بذلك إجماع المسلمين على ظهور المهدي(عج)، إضافة إلى الأحاديث الصريحة والصحيحة الَّتي نَصَّت على ظهوره وبيان أوصافه بصورة مفصَّلة، فمِن هذه الأحاديث الواردة في الإمام المهدي، والتي حوتها أهم المصادر الحديثيَّة عند السنة، مجموعة من الأحاديث تصرّح بأنَّ المهدي من أهل البيت، فقد روى شيخ البخاري ابن أبي شيبة بإسناده عن النبي  أنَّه قال:" لو لم يبقَ من الدهر إلا يوم لبعث اللهُ رجلاً من أهل بيتي يملؤها عدلا كما مُلِئَتْ جورا"(1). 
ووردت رواية أخرى تصرِّح بأنَّ المهدي من أهل البيت، وذلك في كتاب سنن ابن ماجة وهو أحد كتب الصحاح الستة عند أهل السنَّة الَّذي عُقِد فيه باب سُمِّي(باب خروج المهدي)، والرواية هي: عَنْ عَليٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله: «الْمَهْدِيُّ مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ يُصْلِحُهُ اللهُ  في لَيْلَةٍ»(2).
وفي رواية الحاكم النيسابوري أنَّ المهدي من عترة النبيّإذ روى بإسناده: عن أبي سعيد الخدري قال: قال نبيّ الله : «ينزل بأمتي في آخر الزمان بلاء شديد مِن سلطانهم لم يسمع بلاء أشد منه، حتى تضيق عنهم الأرض الرحبة، وحتى يملأ الأرض جورًا وظلمًا، لا يجد المؤمن ملجأ يلتجئ إليه مِن الظلم، فيبعث الله عز وجل رجلًا مِن عترتي، فيملأ الأرض قسطًا وعدلًا، كما ملئت ظلمًا وجورًا، يرضى عنه ساكن السماء وساكن الأرض، لا تدخر الأرض مِن بذرها شيئا إلا أخرجته، ولا السماء مِن قطرها شيئًا إلا صبه الله عليهم مدرارًا، يعيش فيها سبع سنين أو ثمان أو تسع، تتمنى الأحياء الأموات مما صنع الله عز وجل بأهل الأرض من خيره»، وقد عقب الحاكم على هذا الحديث بقوله: «هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه»(3).
فالأحاديث المتقدِّمة تخصص شخصيَّة المهدي (عج) بأنَّه من أهل البيت، وتُعَرِّف بعض خصوصيات الزمن الذي يظهر فيه، فوصفته بأنَّه زمن ظلم وجور يعاني به المسلمون مِن ظلم حكامهم، وتضيق عليهم الأرض برحبها، حتَّى لا يجد المؤمن ملجأ يلتجئ إليه من الظلم..
 وهناك مجوعة أخرى من الأحاديث تصف لنا شخصيَّة الإمام المهدي وتعرفنا به؛ فقد روى الطبراني بسنده عن: عن أبي سعيد الخدري عن النبي قال: "يملك رجل من أهل بيتي، أجلى الجبهة، أقنى الأنف يملأ الأرض قسطا وعدلا كما مُلئت ظلما وجورا، يعيش هذا وبسط كفه اليمنى وبسط إلى جنبها أصبعين وبسط كفه اليسرى."(4).
وهناك طائفة أخرى من الأحاديث تصف زمن الإمام المهدي بأنَّه زمن خير وبركة، وأنَّ الرخاء فيه يعم الجميع؛ منها ما رواه عبد الرزاق الصنعاني بسنده: عن أبي سعيد الخدري قال ذكر رسول الله بلاء يصيب هذه الأمة، حتى لا يجد الرجل ملجأ يلجأ إليه من الظلم، فيبعث الله رجلا من عترتي من أهل بيتي، فيملا به الأرض قسطا كما ملئت ظلما وجورا، يرضى عنه ساكن السماء وساكن الأرض، لا تدع السماء من قطرها شيئا إلا صبته مدرارا، ولا تدع الأرض من مائها شيئا إلا أخرجته، حتى تتمنى الأحياء الأموات، يعيش في ذلك سبع سنين أو ثمان أو تسع سنين(5).
ومن الروايات التي تصف عصمة المهديّ وطهارته من الذنوب، ما ورواه أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي شيبة (المتوفى سنة 235هـ) بإسناده: عن أبي معبد عن بن عباس قال: لا تمضي الأيام والليالي حتى يلي منا أهل البيت فتى لم تلبسه الفتن ولم يلبسها، قال: قلنا يا أبا العباس تعجز عنها مشيختكم وينالها شبابكم، قال: هو أمر الله يؤتيه من يشاء(6).
وهناك أحاديث تصف المهدي(عج) إضافة لوصفه بأنَّه من أهل البيت أنه كثير السخاء والكرم كما جاء في رواية ابن أبي شيبة عن أبي سعيد قال، قال رسول الله :يخرج رجل من أهل بيتي عند انقطاع من الزمان وظهور من الفتن يكون عطاؤه حثيا(7).
ومن الروايات التي تصف ظهور المهدي(عج) بأنَّه أمر محتوم لابدَّ منه حتى لو لم يبق من الدنيا إلاَّ يوم واحد لظهر ما رواه ابن أبي شيبة بسنده: عن عليٍّ، عن النبي قال: لو لم يبقَ من الدهر إلا يوم لبعث الله رجلاً من أهل بيتي يملؤها عدلا كما ملئت جورا(8). وروى هذا الحديث بنفس السند في كتاب سنن أبي داود وهو أحد كتب الصحاح الست(9). وقد خصص في هذا الكتاب باب ذُكرت فيه الأحاديث التي تتعلق بالإمام المهدي(عج).
البقية في العدد القادم
المراجع:
(1)  الكتاب المصنف في الأحاديث والآثار لابن أبي شيبة: 7 / 513 [ح. 37637 / ما ذكر في فتنة الدجَّال].
(2)  سنن ابن ماجة للحافظ محمد بن يزيد القزويني: 664 [ح. 4085/باب خروج المهدي].
(3)  المستدرك على الصحيحين للحاكم النيسابوري: 5/ 376 [ ح . 8611 – كتاب الفتن والملاحم].
(4)  المعجم الأوسط للطبراني: 5/ 476 [ ح. 9460- من اسمه يعقوب].
(5)  المصنف لعبد الرزاق الصنعاني: 10/316[11/ 371]،[ح. 20935/باب المهدي].
(6)  الكتاب المصنف في الأحاديث والآثار لابن أبي شيبة: 7 / 512- 513 [ح. 37630 / ما ذكر في فتنة الدجَّال].
(7)  نفس المصدر السابق: 7 / 512 [ح. 37628 / ما ذكر في فتنة الدجَّال].
(8)  نفس المصدر السابق: 7 / 513 [ح. 37637].
(9)  سنن أبي داود لسليمان بن الأشعث السجستاني: 671- 672[ح. 4283/ كتاب المهدي].

الموضوع السابق وليمة كربلائية احتفاء بصدى الروضتين  القسم الأول

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat