من يصنع الجمهور الثقافي المؤسسات أم المساحات الثقافية أم الكاتب متوسط القيمة؟ الجزء الثاني
عدنان الهلالي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

يكتب أحد الصحافيين المتحمسين لإعادة الجمهور العربي: على المؤسسات الثقافية أن تفكر بجدية وواقعية في شأن صناعة الجمهور، لوضع خطط استراتيجية لإيجاده ذلك الجمهور الذي من مهمته أنّ يبث في المجتمع مفاهيم الثقافة الصانعة للحياة، والمثيرة لأسئلة المعرفة والوجود الإنساني والكوني، من أجل تحصين الذات بالمعرفة والقيم الفكرية. 
كيف نصنع جمهوراً ثقافياً؟ يبدو من الوهلة الأولى سؤالاً بسيطاً وقصيراً لا تتجاوز مخاوفه وأبعاده أربع كلمات وعلامة استفهام تتبعها، رُتبت بطريقة عادية وعفوية أيضاً، لكنه يحمل بين كلماته هواجس وأمنيات وأسئلة أخرى تناولها غيرنا في زمن سابق، وكرّرها آخرون أمثالنا، نحاول إعادة صياغتها وتحفيزها في الحاضر، لعلنا نربح جمهوراً ثقافياً يساعدنا على تجاوز أزماتنا الفكرية التي باتت تزحف على منجزنا الحضاري والإنساني.. نفتح هذا الملف وتشعباته مع مبدعين عرب لنعرف شعورهم ورد فعلهم تجاه جمهورهم، وما هي حلولهم التي يقترحونها للنهوض بواقعنا الثقافي؟ 
المؤسسات الحكومية والشعبية هي السبب الأول: 
يقول الشاعر والصحافي العراقي (رئيس تحرير صحيفة المنارة سابقاً) طالب عبد العزيز: 
نحن المثقفين نفكر بالطريقة «الهوليودية» في صناعة النجم، لذا علينا أن نقر بأن الثقافة (مفهوم ثقافتنا كأدباء) تمر بأزمة، ولم يعد الجمهور يقف طويلاً ليسمع قصيدة حتى وإن كانت لسعدي يوسف، أو لأدونيس، ولا لغيرهما من شعراء العربية، كذلك الحال بالنسبة للسرد العربي، معنى هذا أنّ المشكلة كبيرة من وجهة نظر معني بالثقافة. 
أما من المسؤول عن ذلك فيعتقد أنّ: 
المؤسسات الحكومية والشعبية كلها مسؤولة عن تراجع جمهور الثقافة، فلو أنفقت دولة ما ربع ما تنفقه على الرياضة مثلاً لتغيرت الحال، فمنذ أنّ بدأت النّاس والحكومات معاً تفكر بأقدامها فقط تردى حال الثقافة، وهذا ناتج بطبيعة الحال عن بنية العقل العربي عموماً..! أضف الى ذلك بأن: المؤسسات لا تشجع على تعاطي الثقافة بوصفها معطى إنسانيا كبيرا، بل ومنذ أن وقف الشاعر والأديب على أبواب السلاطين والملوك والثقافة وهي في وضع لا تُحسد عليه. 
وتابع عبد العزيز كلامه عن دعم الثقافة فيرى بأن: 
المؤسسات هذه من أكبر المسيئين للثقافة، فقد مارست أقذر الأدوار في ترديها وتراجع الجمهور من حولها، بعد أن جعلت من الشاعر والأديب متسولاً في محافلها، طوال العقود المنصرمة مارست الدور مرتين، مرة حين قدّمته داعية لها، وأخرى حين تركته نهباً للتشدّد والتردي المعرفي، فلا أخذت بيده لما هو أجمل وأرقى، ولا وقفت معه حين تراجعت المعارف من حوله، وهكذا فقد جمهوره مرتين. 
ومن الحلول التي يراها مناسبة لمعالجة ظاهرة كهذه: 
بأن تعيد المؤسسات وجهة نظرها بشأن الثقافة، وأن تتعامل معها كما تتعامل مع ملفات الأمن والاقتصاد والمفاصل الحرجة في الدولة، وتفكر جادة بأن ما تنتجه من (ثقافة) (تجهيل المجتمع، عبر الصورة المصنوعة بالقصد، الرياضة، الموضة، المباني الخاوية، الفضاء الخارجي ووهم الحروب أيضاً)، سترتدّ عليها ذات يوم وتدمّر كل ما أنشأته؛ لأنها فقدت إنسانها المتأمل. 
ليس الجمهور وحده، بل.... 
وتوضح الإعلامية والقاصة السورية (بيانكا ماضيّة): 
إذا أطلقنا العنان لأنظارنا في مجمل النشاطات الثقافية والأدبية وفي غير منبر أو ناد أو جمعية أو مركز ثقافي.. لمتابعة المنجز الثقافي الأدبي، ولمعرفة عدد الحضور المتابع، نجد أن هناك أعداداً كبيرة من الكراسي التي تشكو من جمهورها الخالي، فإذا أردنا القيام بإحصائية خلال أسبوع مثلاً لمعرفة الجمهور الثقافي، لألفينا خطاً بيانياً يذهب في مسيرته نحو الارتفاع قليلاً ومن ثم يذهب نحو النزول فالنزول، مما يدلل على الفراغ الكبير الذي نعانيه، خصوصاً حين تكون الأمسية أدبية، إذ نرى الوجوه الذي اعتدنا أن نراها بشكل دائم. 
وتضيف (ماضيّة) حول أزمة الثقافة فتقول: 
السؤال راود الكثير منا، ولا سيما حين نرى أعداد الجمهور الكبيرة التي تملأ الكراسي عن آخرها في مناسبة فنية أو في حفلات تكريم، أو في اليوم الأول من فعالية ثقافية معينة تمتد لأيام أو لأسبوع..! وتستفهم أيضاً: وربما يتساءل المرء: هل السبب كامن في تراجع العلاقة بين المثقف والمتلقي؟ أم انه كامن في أهمية المحاضر؟ أم في مكان النشاط الثقافي؟ أم في انشغال المرء بأعماله الكثيرة؟ أم في الإعلان عن ذاك النشاط؟!


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عدنان الهلالي

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/07/17



كتابة تعليق لموضوع : من يصنع الجمهور الثقافي المؤسسات أم المساحات الثقافية أم الكاتب متوسط القيمة؟ الجزء الثاني
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net