صفحة الكاتب : صدى الروضتين

طقس الفراغ العظيم عقيدة الصدمة وصدمة العقيدة "سيكودراما من فصل واحد "
صدى الروضتين

مقدمة

            تكون وظيفة المسرح في أقصى مدياتها عندما يأخذنا العرض المسرحي إلى حالة من الاستشفاء الروحي من بعض مشاكل العصر وهموم الحياة وجدل الوجود فيها كتجربة إنسانية مستمرة في البحث عن حلول .
والسيكودراما  نوع من الشفاء الجماعي والوصول السريع لحالة التطهير والتي يمثلها مسرح عاشوراء العفوي والشعبي ، فمن خلال العرض يحصل الجميع على الهبات الروحية فيندمج الممثل والمتفرج مع الحدث في بانوراما موحدة شاملة .
طقس الفراغ العظيم ، نص يحاول الدمج بين حس المونودراما لحركة الممثل الرئيس وبين الفضاء الصاخب للشخصيات التي هي بالفعل فكرة في عقل هذا البطل وليس لها وجود حقيقي خارج هذا الإطار . لذلك فان الصيغة النهائية الحقيقية لهذا النص هي التي ستكتب بعد العرض الواقعي وبعد المرور بتجربة السيكودراما على الخشبة وترك النص لمرحلة تداعي الأفكار ، لذلك فأن جميع ما جاء هنا بين قوسين هو مجرد احتمال واحد لحزمة متعددة من الاحتمالات .
المؤلف 

عناصر العرض :

( البطل ، ملك الروح ، قرين السوء ، الأم ، الأب ، المسيح ، يوحنا المعمدان ، جلجامش ، يزيد ، الشمر ، سرجون ، مجموعة ممثلين ، أصوات )

(1)

مشهد ظلال /  3 دقائق

              تفتح الستارة ، المسرح في عتمة وصمت ، أصوات اصطكاك السيوف تخترق الصمت فجأة ، البرق بلمعته الحادة والخاطفة يظهر صورة معركة شبه منتهية ، الظلال تَرسِمُ على جدران المسرح مشهد بطل يحتضر على الرمال ، يحوم حوله قاتله وهو يلبس صورة الشيطان ، يضع سيفه الحاقد على رقبة البطل ، يحتز رأسه ويرفعه على رمح ، يرتفع عمود من ضوء أحمر بين السماء والأرض، موسيقى العرض تتحول لنعي خفي وموجع ، تنطلق صرخة مدوية وكأنها من كائن سماوي يتردد صداها في الفضاء ، يرتفع هذا النعي ثم يتلاشى رويداً رويداً مع صوت ريح عاتية تعصف بصحراء قاحلة ، ريح تأخذك بموسيقاها إلى عالم موحش .

مشهد سينمائي /  3 دقائق

              المسرح مضيء ، على شاشة كبيرة وسط المسرح هناك زهرة حمراء ، وحيدة بين الرمال تقاوم الريح وحرارة الشمس ووحشة المشهد ، ترتفع كاميرا التصوير عن الزهرة في مشهد علوي فتظهر حولها أجساد متناثر مرملة بالدم ومثخنة بالجراح ، الأجساد تنتمي لحقب مختلفة بعضها يرتدي ملابس تأريخية حيث السيوف والرماح وبعضها يرتدي ملابس عسكرية حيث الخوذ والبنادق وبعضها أجساد مدنية ترتدي بهجة الحياة ، يستمر المشهد بالارتفاع بطريقة الكوكل أيرث ببطء شديد ، فتظهر الصحراء ثم معالم الكرة الأرضية ، ويستمر الارتفاع ببطء يتبعه نعي خفي مدمج مع موسيقى مفرطة في الحزن وكأنها تريد تأبين العالم ، ثم تظهر الكرة الأرضية بشكل كامل وهي تدور متعبه من ثقل ذنوب ساكنيها وجهلهم ، وهي مشدودة بمدارها حول شمس بعيدة في فضاء صامت ، يبتعد المشهد أكثر فيظهر فجأة من خلف الأرض مذنب كبير في طريقة للارتطام بالأرض !

مشهد استهلالي / 3 دقائق
            إنارة متذبذبة ، المسرح وكأنه يتحرك على ظهر موجة غاضبة ، رعد وبرق ، هيجان بشري ، وأصوات يختلط فيها الرعب مع الخوف كأنها صرخات تائهة في جوف بئر ناضب ، بصعوبة يمكن تمييز جموع الممثلين وهم يركضون بعشوائية ، ومن فسحة الضوء البسيطة التي يعطيها البرق نميز فيهم ملابس مختلفة ولهجات مختلفة وأزمان مختلفة يفرقهم الزمان ويجمعهم المكان ، ومن بين فوضى الأصوات نستطيع تمييز بعضها بوضوح تام :
ــــ  هذه هي نهاية العالم ..
ــــ ساعات وينتهي كل شيء..
ــــ النيزك يقترب 
ــــ لا نريد أن نموت ..
ــــ لنبق في بيوتنا .. لا تخرجوا إلى الشوارع ..
ــــ إنها ذنوب البشر ..
ــــ هذا هو انتقام السماء ..
ــــ إلهي ألا توجد سفينة نلجأ إليها ..
ــــ لقد وقعت الواقعة ..
ــــ عليكم بالطقوس .. لا تتركوا الطقوس .. 
ثم يتلاشى صراخهم في صمت المسرح وظلامه لدقيقة واحدة 

مشهد تلفازي / 3 دقائق
تتحول الشاشة إلى تلفاز كبير ينقل أخبار العالم العاجلة في صورة متقطعة وبث مشوش في نشرة أخبار متواصلة تنقل صوراً ومشاهد للفوضى التي أحدثها خبر قرب ارتطام المذنب بالأرض ، لا تظهر صورة المقدمين بل أصواتهم ذات النبرة الاذاعية المميزة  فقط وهم يعلقون على شريط الاحداث :
صوت رجال  : لا زالت الاوضاع حرجة في جميع بقاع الأرض ، بينما يصعب الحصول على
 أخبار مؤكدة عن موعد الارتطام .
صوت امرأة : صور الأقمار الفضائية تظهر الأرض في حالة فراغ كبير فمعظم الناس فضلوا
 أخيراً البقاء في بيوتهم وفشلت دعوات البابا المتكررة للناس لكي يتجمعوا في ساحة الفاتيكان 
صوت رجل : نعم زميلتنا..  يبدوا إن جميع المراصد الفلكية ووكالات الفضاء تقف عاجزة أمام 
ما يحدث في هذه الساعات المصيرية .
صوت امرأة :الأنباء الواردة من العراق تشير إلى تجمع الملايين في مدينة كربلاء العراقية
 لإحياء مراسم عاشوراء ، وتشير التقارير إلى إنهم يقيمون طقوس لإنقاذ العالم .
صوت رجل : نعم يبقى الأمل يحرك الإنسان حتى في اللحظات الأخيرة ، يبدو أن هؤلاء
 الزائرين يؤمنون بسيناريو آخر للأحداث وللمزيد تابعوا معنا هذا التقرير :
( ــــ  جنوب غرب العاصمة العراقية بغداد وعلى بعد 105 كم تقريباً تقع مدينة كربلاء التي تضم مراقد إسلامية مهمة ، يجتمع فيها اليوم الملايين من المسلمين وهو يقومون بطقوسهم السنوية ، يقول بعضهم بأن الائمة هم سفن نجاتهم وأكثرهم يكذبون الأخبار ولمعرفـ ـ ـ ـة المزيـ ـ ـ د / تقطع وتشويش / ننتقل لمراسلنا في  ../ تشويش / كربلاء .... تشويش تام و انقطاع البث )

ملاحظة :
 البطل هو الشخصية الوحيدة الحقيقية في العرض وجميع الشخصيات الباقية هي عبارة عن خيال أو تصور ذهني أو تجسيد لصراع داخلي في حديث نفسي خفي .

(2)
( بقعة ضوء تسلط على البطل وهو يمسك برمونت كنترول يوجهه نحو الشاشة ليغلقها بعد انقطاع البث ، إنارة خافتة تبرز سينوغرافيا العرض ، سرير وخزانة ملابس وكتب كثيرة متناثر على الرفوف وفي كل مكان ، وهناك حاسوب محمول فوق المكتب البسيط ، ملابس البطل وتسريحة شعره توحي بهيئة معاصرة ومتحررة ، على الجدار القريب هناك جيتار معلق وقربه صورة مشهورة لجيفارة ونافذة تطل على الخارج .. أصوات طقوس تتردد في الخارج .. يبدأ البطل باستحضار أسئلة في محاولة للبحث داخل نفسه عن أجوبة يقينية )
البطل : طقوس ! طقوس !  .. 
         وما نفع الطقوس لكوكب يحتضر ؟ 
عويل و بكاء   .. 
ما جدوى البكاء بعد الفاجعة !  .. 
               وهل يطفئ الدمع حرارة الوجع ؟
      الدموع ..
           هي لغة القلب عندما يعجز اللسان   ..   هكذا كانت أمي تقول ..
 ( يفتح النافذة ، دائماً فوق البطل بقعة ضوء ترافقه وهو يتحرك) 
أيها السائرون عودوا لرشدكم .. عودوا فلن تنفع الاساطير والخرافات مع نيزك غاضب
        عودوا فبيوتكم أولى بكم 
                         ماذا ستفعل لكم كربلاء ؟ 
كربلاء لم تفعل شيئاً لبطلها فتركته وحيداً مع الشمس ..
تركته مقيداً بالعطش قرب فراتها الجاري 
عودوا وموتوا بسلام مع أولادكم  .. لن يرويكم فرات يهذي ..  وهو يروي قصة قديمة
( يغلق النافذة ويجلس )
حتى عندما يكون الموت قاب قوسين لا يتركون طقوسهم .. 
                إنه هوس التراث ..
                         وجنون التطبع .. 
                                       وحمى التقديس ..
في أي بلد أعيش ؟ 
       حتى في نهاية العالم نحن نختلف عن جميع البشر ؟
أحضان الحبيبة .. دفء العائلة .. هو المكان المناسب للموت 
( ينهض وينادي)
أتركوا الشواع فارغة .. لا تكونوا قرابين لروايات التاريخ وأحداثه ..
ستموتون .. وهذا المرة لن يعرفكم أحد ولن يحتويكم كتاب ..
ستموتون ..
ولن تكتب أسمائكم في  قطعة قماش سوداء ..
لن يقام لكم سرادق عزاء 
لن تجدوا من يهيل عليكم التراب ..
عودوا إلى الديار واتركوا هذه الطقوس .. الكرة الأرضية ستموج وتهتز 
ستعجنكم معها وتبتلعكم كقبر كبير
الفناء .. الفناء ..
بعد قليل سيأتي الفراغ العظيم ..
                         الفراغ العظيم ..
                                        سيأتي الفراغ العظيم ..

(3)
( تخرج من فضاء المسرح سيدة مهيبة تلعب دور الأم .. )
الأم    : الدموع .. هي لغة القلب يا ولدي 
                  في كربلاء .. وفي ليلة الوحشة 
                                       يتلاشى الصمت في فراغ عظيم
البطل : يتلاشى الصمت !
الأم    : وأي كلام بعد أن ذهبوا بعارها وشنارها
تعال يا ولدي .. لا تنقض غزلك .. تعال لتملأ الفراغ بصدى روحك 
لقد جائوا بها صَلعاء عَنقاء سَوداء فَقماء ، خَرقاء شَوهاء ، كطِلاع الأرض وملء السماء.
تعال لتشهد بأنك مع الطيبين .. تعال فقد هدأت الأصوات وارتدت الأنفاس وسكنت الأجراس .. تعال قبل فوات الآوان .. 
تعال واجلب معك عينان مغرورقتان بالدموع ..
                             وقلب مخضوضر بالعشق ..
                                               وعقل مفتوح على الأفق ..
البطل :         ( يلتفت نحو السيدة وهي تبتعد ..)
أمي إلى أين ؟  وهل هناك فراغ أكثر من كوكب يتشضى ؟
وموت قادم على جناح نيزك 
أنا سأختار .. طريقة موتي .. سأموت قرب كتبي .. كل عاشق يموت قرب معشوقه ..
( يخرج رجل من الظلام يمثل دور الأب .. يستند على عكازه )
الأب :     كل عاشق يموت قرب معشوقه   ..أصبحت أشعارك ناضجة يا ولدي .. 
ولكن الشعر كائن مراوغ .. 
               انفخ في شعرك روح الحكمة ..
                           ودع الناس تموت مع من تعشق 
لو لا العشق لما رأيت أحداً في كربلاء ..
           فكر بقلبك .. فهنا تاهت العقول ..
                                  وحارت الألباب .. 
                                      أحمل قلبك بين يديك وسترى الطريق 
( يختفي في الظلام )
البطل : أبي .. إلى أين ؟  ( يجلس على السرير )
أيامي تتبعثر على بساط فارغ .. 
أرى حياتي بين كونين ..
     أراها وهي تشبه مجموعة شعرية تقرأها الكارثة
            أيها القمر هل ستشعر بالوحشة مثلي ؟
                  ولمن ستضيء وليس هناك من يتغزل بضوئك ؟
أيتها الشمس هل ستشرقين ؟
      وعلى أي بستان سترشين فجركِ ..؟

             ( تخرج الأم من قلب الظلام تقول كلماتها وتختفي )

الأم   :  وكيف بمن قَدّمَ لساحة الوحشة كواكب وأقمار   ؟
             كيف بمن أطفأ شمسه ووزعها نورها على قلوب محبيه ؟
فأشرقت القلوب بنور ربها ..
( ينطلق صوت يملئ المكان .. (( إِنَّ اللّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ذَلِكُمُ اللّهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ )).. ثم تتلوها أصوات قصيدة عاشورائية قديمة .. يركض إلى النافذة يغلقها فينقطع الصوت )
البطل : طقوس .. طقوس .. طقوس 
        لماذا الذهاب إلى حافة العالم ؟
سأجد لنفسي طقس جديد .. 
( يدور حول نفسه )
 قليل من الشموع ،
          وباقة من الزهور ،
                  وأغنية جميلة .. 
                          نعم هكذا سأموت ..
( يركض ، يضع طاولة في منتصف المسرح ويضع عليها باقة من الزهور وشمعة كبيرة ، يأخذ جيتاره ويجلس على كرسي ورجلاه تستند على الطاولة .. ويمرر أصابعه على الأوتار.. يحاول مرة ومرة أخرى ولا يستطيع العزف .. ينهض .. يرمي الجيتار  )
البطل : لا يمكن التأمل بعقل مزدحم .. 
            لا يمكن السفر بمركب مثقوب 
                               لا يمكن الغناء بلسان مقطوع 
( يخرج الأب من قلب الظلام )
الأب   : من كان زاده العشق سيصبر حتى لحظة اللقاء 
                 وعائك مليء بالضجيج .. جدرانك مغلفة بالمرايا
                                          أكسر مرآتك .. وأذهب بنفسك عند الأفق 
البطل : سأذهب وحدي .. إلى أفق نفسي 
لن أركب بأتجاه العقائد الجاهزة .. المعرفة التي تأتي من الآباء لا يعول عليها
كل عشق يسكن باللقاء لا يعول عليه .. كل جمع يسير إلى الهاوية لا يعول عليه ..
كل حياة يتبعها الموت لا يعول عليها .. سأقف في موقف الخوف وأقول .. أذهبوا وحدكم ..
                       سأقف في موقف العقل وأقول .. لن تنفع طقوسكم ..
سأقف في موقف العلم وأقول .. النيزك قادم ..
                     سأقف هنا وحدي ..أرسم صورة جميلة ..
                                أشجار وبساتين .. ألوان وزهور .. هواء نقي 
                                      ربما سيأتي بعدنا من لا يستحق أن يرى صورتنا المرعبة 
صورتنا ونحن نحيط أنفسنا بالخراب 
تعال أيها النيزك ...
تعال .. لقد تاه الإنسان في مجاهل العتمة .. تعال قبل أن يتلوث الكون كله
لا طريق ...    لا طريق 
 ( يدفن رأسه بين ركبتيه.. فيدخل الأب والأم يدوران في المسرح بصمت )
أبي .. أمي 
هل أنتما هناك في الجهة الأخرى من العالم ؟
                 هل ستبقون في كربلاء إلى الأبد ؟ 
( يرحلان بدون كلام يبدأ في الانهيار فيخفت صوته ، يزحف على الأرض )
وحدي سأموت .. كلهم هناك .. كلهم في كربلاء .. كلهم يرددون الطقوس ..
                                                    حتى أبي وأمي ..يرددان الطقوس ..
آه من هذه الطقوس المعجونة مع  طفولتي 
آه .. آه .. من حياتي ..
 ( يضع رأسه على السرير ويغطيه بدثار وجسمه لا يزال على الأرض ويغط في نوم عميق فتخفت إنارة المسرح عدا بقعة من الضوء فوقه وهو نائم )
(4)
(يظهر في المسرح مجموعة كبيرة من الممثلين، حول المكان ، ستكون وظيفتهم  أساسية في العرض وهي ملأ فضاء المسرح أثناء الحوار بحركات ايمائية متناسبة مع الحوار بطريقة تحاكي تداعي الأفكار في الدماغ ، يقترب ممثل يقوم بدور الضمير الحي أو ملاك الروح الخفي للبطل يرتدي بذلة رسمية وبهيئة طبيعية ويمسك بيده عصا طويلة ويقترب من البطل وينكزه بالعصا )
ملاك الروح  : وحدها القلوب العارية من يطهرها مطر الحقيقة ..
                      وليست تلك التي تختبئ تحت المظلات ..
      ( يرفع عنه الغطاء بقوة ويرميه بعيداً .. يصحو البطل من غفوته )
البطل          : القلب ! وهل ينفع قلب  بلا عقل  ؟
ملاك الروح  :  العقل يجد الأشياء التي تقرر أنت أن تبحث عنها .. 
                      ولكن القلب هو من يجدك عندما تتوه في الفراغ
البطل          :  أي فراغ ؟
ملاك الروح  :  الفراغ العظيم .. هذا الذي يحدث بعد كل صدمة ..
                               هذا الذي يسلبنا قلوبنا ويستبدلها بعقول مبرمجة 
( يدور الممثلون في المسرح وهم يحملقون بشاشات هواتفهم النقالة)
البطل          : بلا عقل أنا مجنون ..
ملاك الروح  :  وبلا قلب أنت أحمق ..
البطل          : كلما ركد مائي ..جاء هذا الصوت و عكر صفوه .. من أين يأتي هذا الصوت ؟
ملاك الروح  :  وماذا تفعل بماء لا ترى فيه صورتك ؟ إنه محض سراب ..
البطل          : تباً .. من أنت ؟  هل أنت ظلي ؟
ملاك الروح  : أنا أنت عندما ترتبط بروحك .. 
              وعندما تنسى العهد الذي بيننا فأنا مجرد غريب أمر بالديار ..
البطل          :  روحي !! وأين هي روحي .. في تلافيف دماغي ؟ في شغاف قلبي ؟ 
       في تقاطيع كبدي ؟ في حويصلات رئتي ؟ في مساريق أمعائي ؟ أين هي روحي ؟ 
ملاك الروح  : لا تضع البيض كله في سلة واحدة .. وهل ترى العين نفسها ؟
البطل          : ماذا تريد مني ؟
ملاك الروح  : أريدك أن تكون مع الحقيقة ..أرسل لك الرسائل كل يوم ولكنك لا تجيب 
البطل          :  أنا لا أعرفك ؟ لم يصلني شيء
ملاك الروح  : عجباً وهل يعرف النائم نفسه ؟ 
البطل          :  من أنت ؟
ملاك الروح  : أمنحني لحظة صحو واحدة وستعرفني .. 
البطل          :  ولماذا تريد أن أعرفك ؟
ملاك الروح  : لتعرف نفسك .. 
البطل          : الآن .. الآن ولم يبق من الحياة سوى ضربة نيزك ؟
ملاك الروح  : لحظة واحدة تكفي للوصول .. وباقي الحياة هبة من الله ..
البطل          :  الوصول ؟ إلى أين الوصول .. لقد وصل العالم لنهايته ..
          كل أفكارنا عن جدوى العالم كانت مجرد عبث .. عبث محض ..
ملاك الروح  : بعقلك هذا لن تفهم شيئاً أبداً .. عليك ركوب العقل الكبير لتعرف من هي كربلاء
      ثم فكر هل سينتهي العالم أم لا ؟
                    كن قطرة ماء .. ولكن في قلب موجة شاملة ..
البطل        : لا .. أنت لا تعرفني .. أنا أعرف كل شيء .. أعرف كربلاء .. أحفظها عن ظهر قلب .
             وأعرف هذه الطقوس ..
           سل عيوني .. سل ظهري .. سل لساني 
                                ولكن ..
                                        إلى متى العزاء ؟

(يتحرك ممثل آخر من بين الممثلين الباقين وهو يمسك بعصا صغيرة ويسير خلفه ممثلان آخران بهيئة العبيد يحملان مراوح من ريش النعام .. هذا الممثل هو نفس البطل الأمارة بالسوء وسنسميه هنا قرين السوء )
قرين السوء : ( يخاطب البطل ) 
احذر هذا الخداع .. 
أنت مفكر .. أنت مدبر .. أنت شجاع
هذا الغريب أمره مريب ..
يريدك أن تكون مع القطيع .. مسلوب الارادة مطيع ..
سيسرق جهدك .. سيسرق حريتك ..
قاوم .. ليست هذه لحظة الاستسلام ..بل هي لحظة الكلام ..
البطل : ( يفكر يتأثر بكلام قرين السوء فيكلم ملاك الروح بلهجة قاسية ) 
لن يخدعني شخص مثلك .. 
ماذا أفعل مع القطيع ؟
أشق الجيب .. ألطم وأبكي الحظ العاثر ..
هل أكون أداة للطقوس !
طقوس بلا عمق ولا تاريخ ، وتريدها أن تنقذ العالم ؟ 
ملاك الروح : أنت تستمع لصوت جهلك 
البطل : لا أصدق سوى تقارير المختبر .. ولا أرى إلا بعين المجهر 
قرين السوء : أين المفر ....
ملاك الروح : تخلى قليلاً عن غرورك .. عن شموخك .. عن زيف ثقافتك 
هذه ليست لحظة ثقافة جوفاء ..
انتهى وقت اللعب باللغة .. انتهت لعبة نحت الكلمات 
معي لا ترادف ولا مجاز 
لا تشبيه ولا استعارة .. لا حداثة أو بعد الحداثة .. أو بعد بعد الحداثة 
أنت هنا .. معنى مجرد .. يلفه الصمت في الفراغ
لا تحويه الكلمات ولا تعبر عنه الخواطر
قرين السوء : ( يضحك ) أنظر كيف يتكلم ! هو لا يعرف مدى ثقافتك لا يعرف سعة اطلاعك .. 
البطل :  كيف .. إلا ترى كتبي ..
 ( يتحرك نحو المكتبة ) أنظر ( يستخرج الكتب ويقرأ عناوينها ومؤلفيها )
هذا كتاب نيتشه ، هكذا تكلم زرادشت أحفظه عن ظهر قلب ..
       وهذا كتاب لاوتسو حكمة الطاو ..
                         وهذا كتاب سدهارتا بوذا العظيم ..
هذه جميع مؤلفات أوشو الحكيم ، وهنا كتاب الفيستا وتعاليم كريشنا الروحية ..
وهذه سيرة غاندي وجورجيف ..
لا تنظر إلي بهذه الطريقة .. لعبتك هذه مكشوفة .. أعرف ما ستقول ..
هذه طواسين الحلاج
          وهذا ديوان ابن الفارض 
                          وهذه كتب ملا صدر
 وهذه فتواحات ابن العربي وفصوصه وأجنحة الملائكة التي حلقت بالسهروردي القتيل .. 
حتى روايات باولو كويلو قرأتها هل قرأت أنت رواية الحب في زمن الكوليرا أو رواية الحرب والسلام أوحتى شفرة دفنشي أو الخيميائي هل حاولت مثلي أن تجرب وتكون ساتياغو ؟ 
هل حاولت ان تعشق جيفارة ؟
(أثناء هذا الانفعال من قبل البطل فأن مجموعة الممثلين وبحركات إيمائية يقومون بأخذ الكتب والقراءة فيها وهم يتحركون في المسرح .. بحيث يكون المسرح دائماً ممتلئ بالحركة )
هل تفهم ؟
أنا لست تافهاً أعربد في أزقة الشهوة  .. لست شاباً أبحث عن نزوة او تجربة فريدة .. 
أنا أحقق حريتي .. لن أكون أبداً مع القطيع ..
قرين السوء : (يكلم ملاك الروح )      بديع .. دفاع رائع .. ردها أن استطعت يا مخادع  ..
البطل          :لا أؤمن سوى بعقلي ..
قرين السوء : برافوا .. أنت قوي بما فيه الكفاية لتواجه روحك .. 
                                        هيا اعطه لكمة أخرى .. لا تجعله يلتقط انفاسه 
ملاك الروح  : ( يتوجه نحو قرين السوء ) لماذا لا تتركه ولو للحظة واحدة ؟ 
قرين السوء  : هذا حق تقرير المصير .. عليه بنفسه أن يختار .. بين الجنة وبين النار ..
البطل          : لن يلقنني أحد ما أقول .. أنا هو أنا 
قرين السوء  : نعم .. كن دائماً هكذا .. لا تفرط في استقلاليتك 
ملاك الروح  : أنت لست أنت وأنت وحدك .. إذا اخترقت النظام فستهلك .. 
                       السموات والروح لا تعرف لغة الفرد بل لغة المجموعات ..
البطل          : وهل أنا واحد أم مجموعة ؟
ملاك الروح  :  لو استمعت لنفسك ستكون وحدك .. 
                 ولو استمعت لروحك ستكون مع مجموعتك .. الروح جمع وليس مفرد 
       هذه الطقوس .. هي طريق التطهير 
       هذا هو مسرح الكون المفتوح .. هذا هو النص الذي تكتبه عفوية الحشود 
       أدخل مع الجمع .. لتكون أنت المقدس 
البطل          :  كيف ؟
ملاك الروح  :  عندما تترك الأنا وتكون مع الـ نحن .. عندما تقتل أناك من أجل أمة .. 
      مع المجموعة ستجد الطريق .. وحدك لن تنفذ في الأقطار..  لن تخرق السماوات ..
      طريق كربلاء مع الجموع ..
            أقتل نفسك .. أفرغ أنانيتك في الفراغ .. 
                    لن تسمو وأنت تحب نفسك فقط .. 
      لن تسمو وأنت وحدك .. كن لغيرك .. ستكون أنت الكل والجزء معاً 
                      كربلاء هي الطقس الوحيد الذي يعطي قداسته للجميع
                              كن مع هذه اللحظة .. كن مع الجميع ليتحرر العالم وتنتهي الكارثة    
قرين السوء : السماوات .. !! 
      تريده أن يعاند القدر .. ماذا سيفعل هناك البشر 
      ( يلتفت للبطل ) أنظر كيف يخرف هذا الأحمق ؟
      الأرض أنت هنا من أجل الأرض 
البطل          :  أين هي الأرض ؟ ستصبح بعد قليل في خبر كان 
قرين السوء  :  ( يستخرج منديلاً يكفكف به دموعه الكاذبة )
      هذه هي النهاية .. وستكون بعدها بداية .. سيأتي الله بخلق جديد 
ملاك الروح  :  ( يخاطب البطل ) أنظر لروحك .. عندما تعرف روحك .. ستشعر بالحقيقة 
البطل          :  أي حقيقة ؟
ملاك الروح  : حقيقة أن وجودك غير مرتبط بهذا الكوكب فقط .. الإنسان كائن أسمى وأعظم 
قرين السوء  : لا تجعله يشغلك بحيله .. يجب أن تموت بهدوء وببال صاف .. يجب أن تستقبل مصيرك 
                 برضا وصبر .. الأسد ملك الغابة يعيش وحده .. والخراف هي من تعيش في قطيع ..
       ما علاقة الكون والفضاء بكربلاء ؟
البطل : 
الأسد لا يعيش في الغابة بل يعيش في السهوب .. من نصبه ملكاً يا ترى ؟
ملاك الروح  : 
كن أسداً.. كن ذئباً ..
             لو كنت تريد أكل لحم أخيك .. 
                            ولكن لم يخلق الإنسان ليكون وحده ..
أقرأ كتبك من جديد لعلها تنقذك .. ولكن وقتك ينفذ

(5)

( يتحرك الممثلون بحركة دائرية وبتشكيل مسرحي إيمائي .. أحدهم يتمدد على الأرض ويمثل دور هابيل المقتول وآخر يقوم بسحبه ليمثل دور قابيل .. الإنارة بقعة بيضاء حولهم فقط ..   )
قابيل : أنتم هناك .. ألا يساعدني أحد منكم ؟
البطل : من أنت ؟
قابيل : إلا تعرفني ؟ أنا قابيل وهذا أخي هابيل ..
البطل :أين تذهب ؟ وهل هو حي أم ميت ؟
قابيل : إذاً لماذا تملك كل هذه الكتب ؟ ما فائدتها إذاً ؟
البطل : ما هي مشكلتك يا رجل 
قابيل : مشكلتي أكبر من جميع هذه الكتب .. تنح عن طريقي 
البطل : أين تذهب ؟
قابيل : لقد قتلت نصف العالم .. 
                ماذا يفعل من يقتل نصف العالم .. ويتيه في الفراغ العظيم ؟
( يخرج قابيل وهو يجر جثة أخيه .. وصوت نعيق الغراب يحوم حوله وجميع من في المسرح ينظر إلى الأعلى )
ملاك الروح  : 
يبدو أن هذا الغراب يعرف أكثر منك يا مثقف  ..يا ترى كم كتاباً قرأ هذا الغراب ..؟
قرين السوء :
 ما علاقة قابيل وهابيل بكارثة النيزك ؟
            ما علاقة أبناء آدم بكربلاء وطقوسها الغريبة ؟
                              لماذا تخلط أوراق التاريخ 
                                        أنت تنبش التراب بحثاً عن أدلة زائفة 
( يكلم البطل ) 
ألم أقل لك .. سيحاول أن يخيفك بسلطة القداسة .. لا يمتلك غير أسلوب العواطف
وهل تجدي العواطف ؟ هل تجعلك العواطف تعثر على حقيقة ما ؟
أنت مثقف .. لا تتنازل عن قضيتك 
لا تهتز ..
طالبه بالأدلة .. سيعجز .. سيهرب .. مثله لا يعرف منهج العلم 
إنه يصلح فقط للبكاء والعويل .. كلمه عن السيمنطقيا أو عن السسيولوجيا أو الأنطولوجيا أو الميثولوجيا أو عن المثالية والبنيوية و الذرائعية والعقلانية والهيجلية
هههههه
عندها ستلقمه حجراً
البطل : أول جريمة .. كان سببها الدين 
ملاك الروح  : 
كل شيء بدأ من الجريمة الأولى .. إذا فهمناها يمكن إنقاذ الكوكب .. 
قرين السوء : 
إنها قضية علمية .. نيزك يقترب من الأرض ما علاقة الدين بذلك ؟
ملاك الروح  : 
صراع الحضارات .. صراع الافكار .. أفكارنا هي من ترسم أقدارنا 
البطل          : كيف ؟ هل يمكن أن يغير الإنسان قدره ؟
ملاك الروح : بل يمكنه تغيير قدر أمة كاملة .. قدم العجز تأخذ القدرة ..
قرين السوء : لا تسأله .. إنه يلعب بعقلك .. لا يمكن تغيير الطبيعة ..
                                              العلم هو المقدس الوحيد .. هو الحقيقة الاكيدة 
اسأله عن النظرية النسبية أو عن نظرية الأكوان المتوازية هل يعرف هذا البائس شيئاً عن اكتشاف جسيم هيغزبوزن ؟ ههههههه
ملاك الروح  : من يريد أن يعرف كل شيء عليه أن يهب كل شيء 
عليه أن يترك غلافه القديم .. 
يحمل سراجه في بياض الليل ..يخلط الماضي مع المستقبل
يتخلى عن غروره ويبحث في العلم عن روحانيته الفريدة 
العلم لا يزال طفل يحبو 
قرين السوء   : طفل يحبو .. ههههه .. لقد وضع الإنسان قدمه على القمر وسيضعها على المريخ غدا
ملاك الروح  : ولكنه لم يضع اصبع واحد في أرض أعماقه  ..
هو عاجز أن يعرف من هو .. كيف يعيش ؟ وكيف يفكر .. ولماذا يحلم ؟
البطل         : إذاً نحن أولاد القاتل .. هذه البشرية هي من نسل الظالم لا المظلوم 
ملاك الروح :
إذاً ماذا كنت تفعل كل هذا الوقت ؟ أين هي ثقافتك ؟
( يتجمع الممثلون وبواسطة القماش يصنعون سفينة .. من وسطها يصعد الأب والأم على كرسي وينادون البطل )
الأب      : بني تعال وأصعد .. تعال معنا في السفينة .. سيأتي الطوفان ..
                                         سيأتي الفراغ العظيم وبعدها سيرث الصالحون .. 
الأم      :وحدك لن تستطيع بناء سفينة .. قاربك الصغير جميل ولكنه مثقوب يا ولدي .. تعال 
البطل : أبي .. أمي إلى أين ؟ وكيف أصعد إلى سفينة تحمل الرعاع والدواب ؟ 
( تغادر السفينة وفوقها بقعة الضوء )
ملاك الروح :
ألم يعلموك في المدرسة أن الإنسان حيوان ناطق ؟
البطل : نهاية العالم 
كربلاء 
الطقوس
العلم 
التاريخ 
الزمن 
كيف يجتمع كل هذا في قصة واحدة ؟
ملاك الروح  :
 إنها عقيدة الصدمة .....
البطل : عقيدة الصدمة !!! أي صدمة ؟
( تغيير في الإضاءة مع تغير موسيقي .. يتحرك الممثلون وهم يضربون بالصاج في أيديهم بنسق واحد بعد أن يقول عقيدة الصدمة )

(6)

( تتذبذب الإنارة يتحرك الممثلون .. يظهر يزيد ومستشاره الرومي سرجون ومعهم الشمر )
يزيد :    لن يبايع الحسين .. أنا أعرفه جيداً .. فمثله لا يبايع مثلي ؟
سرجون: ستفعل ما هو مطلوب منك 
يزيد :    قتل الحسين .. ليس بالمهمة السهلة ..يا سرجون
سرجون : سيقتل في الصحراء 
يزيد :    ولماذا نقتله في الصحراء .. نستطيع أن نقتله غيلة في المدينة أو في مكة 
سرجون : لن ينفع ذلك
يزيد :    لماذا يا حليف إبليس ؟
سرجون : إنها عقيدة الصدمة 
يزيد : أي صدمة هذه ؟
سرجون : لن نقتل الحسين وحده 
يزيد : ومن سنقتل معه ؟
سرجون : كلهم نقتلهم كلهم .. كبارهم وصغارهم .. حتى طفله الرضيع .. 
يزيد : ألا يكفي قتله وحده لكي أحصل على الخلافة 
سرجون : ههههه أنت لا تفكر إلا في خلافتك .. ولكن هناك خلافة أكبر وتحتاج إلى صدمة أكبر
                صدمة تجعل الاسلام يهتز ويهتز حتى يبتعد ويتلاشى دين محمد ..
الشمر : ولكني قتلت الحسين ..
سرجون : لا تكن غبياً يا شمر .. لتقتله مرة أخرى 
يزيد : وكم مرة علينا قتل الحسين لكي يستقيم حكمنا ..
سرجون : عندما يكون الحسين حياً فلن تحكم أبداً ..ولن يموت حتى تطفئ الشمس التي زرعها في قلوب محبيه 
يزيد : يا شمر .. أقتل الحسين .. واقتلع كل قلب يحب الحسين ..
( يدور مجموعة الممثلين في المسرح بهيئة الجنود وهم يقرعون الطبول .. ويصعد الشمر على منصة ويقرأ رسالة من جلد ملفوفة )
الشمر  :أيها الناس بأمر المتوكل العباسي ..
يحرث القبر .. وتقطع يد الزائر .. الحاضر يعلم الغائب ..
لقد مات الحسين .. مات .. مات ..والأموات لا يرجعون ..
( تظهر الأم )
الأم      : سأذهب في هذا الطريق 
الشمر : ممنوع ممنوع ممنوع ..
الأم      : ماذا ستفعلون ؟
الشمر : نقتلع قلبك من صدرك 
الأم     : يا عميان القلوب .. قلبي هناك في كربلاء .. وهل أنا أسير إلا لأجد قلبي ؟

( تحصل دربكة في المسرح الجنود يقبضون على الأم ويقيدوها ويسوقوها بعيداً وعبثاً يحاول البطل انقاذها )
البطل  : أمي ... أتركوا أمي هل أنتم وحوش 
أين العدالة ؟ أين حقوق الإنسان 
أين الدين ؟
( يجلس على الأرض وينهار )
ملك الروح : الدين ؟ تسأل عن الدين ؟ بعد الصدمة يمكن لهم أن يفعلوا أي شيء ..
    هم يريدون دينهم هم لا دين السماء 
قرين السوء : ولكنهم لم يغيروا الدين ..
ملك الروح : لم يغيروا ثوبه ولكنهم سلبوا جسده وروحه .. والصدمة لن تنتهي إلا بثورة ..
قرين السوء : وما به الدين؟ .. القرآن يتلى أناء الليل واطراف النهار .. والجوامع تملىء المدن 
البطل        : لقد تعبت انكم تلعبون بعقلي .. إنها هلوسة .. أنا فقط أهلوس ..
    أحتاج قسطاً من الراحة ..
ملك الروح : قلت لك من البداية أتبع قلبك .. ثق بروحك .. تخلص من الزمان والمكان لتسموا
قرين السوء : لقد كُشف أمرك .. هذه الطقوس حديثة العهد والدين قديم قدم الزمان 
ملك الروح : الجوهر والمظهر ..
الجوهر واحد والمظهر يختلف ويختلف ويتغير ويتطور 
المعنى واحد مهما تغير اللسان ..
البطل :
 كفى أرحموني .. عقلي سينفجر ..

(7)

( يدخل جلجامش بعربة سومرية يمكن تمييز ملابسه بشكل مبسط .. يتغير تشكيل الممثلين وينسحب عمر بن سعد وسرجون ويبقى الشمر ومجموعة من الجنود في المسرح بحيث يصبح المسرح فريقين ، فريق جلجامش وفريق الشمر)
جلجامش : 
( يكلم البطل ) 
أنكيدوا .. أخي .. لماذا تركتني وحدي ؟
من سيذهب معي لقتل خمبابا ؟ 
من سيقطع معي غابة الأرز ؟
قرين السوء :
 أنكيدوا مات .. مات .. وأنت ستموت متى ستفهم ذلك يا جلجامش
البطل :
 هل وجدت الخلود يا جلجامش ؟
جلجامش : 
سومر 
يا أجمل بلدان العالم 
أقمارك مضيئة .. وشمسك مشرقة 
أقدارك مكتوبة على قوارب القصب
على بيت الطين .. وعلى جذع نخلة في أوروك  
أنكيدوا سيعود .. سيعود 
سيحصل معي على الخلود

قرين السوء :
ألا تذكر القصة يا كلكامش ؟
لقد سرقت الحية منك عشبة الخلود ... أنت ميت ..
ملك الروح :
الخلود .. لقد فك الحسين في كربلاء شفرة الخلود ..
جلجامش :
الحسين ..هل قلت الحسين هل هو أبن أيليا ؟ 
 الإله ...سين .. هل كان معه قمر ..؟
قرين السوء :الحسين صريع في كربلاء .. قتيل في أرض نينوى 
جلجامش : كربلاتو ؟ هل قلت كربلاتو ؟ قبل رحيله إلى مكان قتله رأى الإله سين حلما بأن
        الآلهة تدعوه أن يقدم إليها على عجل، وقص الحلم على أخته  كشتنينا الحزينة .. 
إنه الموعود .. الموعود
أيها الجنود .. أيتها الممالك تموز ابن أيليا  يعود .. لقد تحققت النبوءة
البطل : كربلاء .. هي كرب أيل .. لقد قرأت ذلك .. هي قرية الأله ..
قرين السوء : مجرد تشابه بالأسماء ..الحسين أسم عربي
ملك الروح : بل هو أسم جديد لم يتسم به أحد قبل أبن النبي ..
جلجامش :  لتضرب الطبول .. 
لتعزف الجيوش موسيقى الجنائز 
لتفتح المعابد أبوابها .. اذبحوا القرابين .. وزعوا الطعام .. ولتفتح عشتار بيت الأحزان
لتطوف النسوة في شارع الموكب 
                        وليندب تموز في كل بيت 
الأم          :  عشتار ذهبت ... وذهبت عشتار أخرى وألف عشتار وعشتار 
جلجامش : ألستِ عشتار ؟
الأم         :  عاشوراء أنا لا عشتار .. عاشوراء التي فقدت ابنها 
جلجامش :  هل مات في الحروب ؟
الأم         : أبني يغرق في ساقية .. يا جلجامش
جلجامش : فقدت عشبة الحياة عندما كنت أسبح في ساقية 
                                       لأني كنت أضنها المحيط .. 
قرين السوء :  هذا هراء عشتار هي ربة الحب والحرب 
البطل         : وعاشوراء هي معركة العشق ..
قرين السوء : لقد خدعوك .. عد لرشدك


جلجامش     :
 معركة العشق .. كم اتوق لمعركة مثل هذه 
لتعلن الطقوس في كل البلاد

( دربكة في المسرح يدخل ممثلون ويخرج ممثلون .. يصعد الشمر على كرسي وسط المسرح )

الشمر : بأمر من مجلس قيادة الثورة .. تمنع الطقوس في كل البلاد 
ومن يعارض الكلام سيحكم بالإعدام ..لنمضي سوياً إلى الحرب .. إلى النار .. وحدها الحرب ستنسيكم حرقة الحسين ...
(يعلو صوت الرصاص مجموعة الممثلين يرتدون الخوذ العسكرية يدخلون في معركة إيمائية صاخبة تشتبك البنادق مع العصي مع الخوذ والدروع والتروس والسيوف .. تنتهي المعركة بمسك جلجامش )
الشمر : امسكوه .. أمسكوا هذا الخائن العميل .. خذوه هناك إلى مديرية الأمن العامة ليحاكم محاكمة
 عادلة .. ( جلجامش يقاوم )
جلجامش : لقد كسرت سيفي .. ونزعت تاجي .. أنا مع الحشود 
الشمر : أو لا داعي لذلك .. الجرم ثابت على هذا الغريب .. إنه يثير الفوضى يقيم الطقوس 
اعدموه .. 
( تشكيل إيمائي .. يدور الجنود ويقومون بإعدام جلجامش )
البطل  : 
لماذا تقتلون التاريخ 
( يجمع أوراق كتبه في حضنه ) 
كل شيء تقوله رُقَم الطين رُقَم الطين التي يحرسها التراب 
ملك الروح : 
الصدمة تحتاج إلى ثورة  .. ثورة لا تنتهي حتى تعود الأرض تصلح ليسكنها الناس .
وصدمة الفراغ العظيم لم يملأها سوى صدمة الصمود العظيم 
قرين السوء :الأرض في طريقها إلى النهاية .. انتهت القصة .. عن أي صمود يتحدث ؟
ملك الروح : لم تنته بعد .. الصراع الآن بين الوجود وبين العدم ..
قرين السوء : العدم ... العدم قادم .. أليس العدم هو الفراغ ؟
البطل :لكل ثورة رمز .. ولكل رمز صورة ..
لكل جسد ثوب .. لكل صدمة فراغ .. ولكل فراغ صدمة ..
الطقس .. هو صورة العقيدة 
صورتها اليوم .. اليوم فقط .. ربما لم تكن هي نفسها بالأمس أو ربما لن تبق هكذا في المستقبل
ملك الروح : المعنى يلبس الكلام لكل شكل لسان .. أليس هذا ما تقرأ .؟
قرين السوء : أنت تضعف ! أنت تتراجع !
البطل :
 أنا أفكر .. ماذا يفعل هؤلاء ؟
يتركون بيوتهم .. راحتهم .. يصرفون نقودهم .. يسيرون معاً وكأنهم شخص واحد .. لا تعرف من يخدم من ؟ لقد اندمجوا في كل كبير ..
كل يجعل الإنسان ينسى نفسه الصغرى .. ويرتقي ليسمو في روح واحدة ..
قرين السوء:
 ليس الحسين وحده من ضحى بنفسه .. 
هذه الطقوس لن تنقذ العالم .. الكارثة قادمة لا محالة 
دقائق وينتهي كل شيء
البطل :
 كلا .. هناك نهاية سعيدة .. نهاية يعرف فيها الإنسان نفسه 
تصل فيها الأرض إلى غايتها ..

(8)

( يخرج من بين الممثلين المسيح وهو يرتدي عباءة بيضاء ومن خلفه يحيى ( يوحنا المعمدان) يحمل طبق مغطى بمنديل أخضر  )
المسيح :
ثم رأيت بعد هذا ملاكا آخر نازلا من السماء له سلطان عظيم واستنارت الأرض من بهائه . وصرخ بشدة بصوت عظيم قائلا..
               سقطت بابل العظيمة  
                                 اخرجوا منها يا شعبي 
ملك الروح : 
لن يهلك ابن الإنسان .. 
     هو يعيش بكل كلمة قالها الله
قرين السوء : 
هذه كذبة أخرى !!!
الشمر :
 أنتم تثيرون الفتن والقلاقل .. ولا تحترمون لحظة نهاية العالم .. يجب أن يموت الجميع .. كلكم يجب أن تموتوا .. هذه أوامر الأمير ..
المسيح :
الحق الحق أقول لكم .. لن ينتهي العالم قبل أن أصلي خلف الموعود

الشمر : 
ستقتل الآن 
المسيح :
لطالما كنت أتحرق شوقاً لاعرف ماذا قصد أرميا النبي في الكتاب المقدس عندما قال (أسرجوا الخيل ، واصعدوا أيها الفرسان وانتصبوا بالخوذ اصقلوا الرماح البسوا الدروع . لماذا أراهم مرتعبين ومدبرين إلى الوراء ، وقد تحطمت أبطالهم وفروا هاربين ، في الشمال بجانب نهر الفرات حيث عثروا وسقطوا لأن للسيد رب الجنود ذبيحة عند شط الفرات )
الشمر :
ذبيح الفرات ؟ هل هذا مذكور في الكتاب ؟
يحيى :ومذكور أيضاً أن ذبيح الفرات 
((ذهب ليرُد سلطته إلى كركميش ليُحارب عند الفرات في الصحراء العظيمة التي يُقال لها رعاوي عند الفرات ))
الشمر : وهل كركميش هي كربلاء أيضاً  .. لقد هلكنا .. سأقتلكم شر قتلة .. 
يحيى : هذه اللحظة التي كنت أنتظرها منذ عقود وعقود
كل هذه السنين وأنا أحمل رأسي .. 
لأنتظر من يقطعه مرة أخرى من اجل قضية فيها خلاصي 
وهل هناك قضية غير كربلاء تستحق أن يفقد فيها الإنسان رأسه
 ( يخرج الأب والأم من بين الممثلين .. الام تحمل على صدرها طفل صغير تداعبه وتكلمه )
الأم : يا طفلي الصغير .. هل أنت عطشان ؟ هل تريد الماء يا قرة عيني ؟ هل تريد الماء يا
        قرة فؤادي .. ؟ وماذا ستفعل بالماء وقد أرضعتك حب الحسين !
بك امتلأ الفراغ العظيم .. 
نم يا ولدي ... نم قرير العين ..
الأب : ماذا ستفعل لنا الحياة ونحن نجهل غايتها
على الاقل نحن لا نأتي ونذهب هباءاً ..
حياتي لن تذهب هدراً 
سأبيعها .. لأشتري حياة الأرض كلها .. 
                نبيع الحياة لنشتري الحرية والسلام 
                               أفعلوا ما يحلو لكم .. لقد بعت .. 

الشمر : ( يصعد على المنصة ويقرأ )
بأمر أمير الدولة الإسلامية في بلاد الرافدين 
تفجر الشوارع .. 
      المدارس والكنائس ..
                تفخخ الجوامع وتحرق الصوامع 
 لتقتل النساء .. 
        ليقتل الأطفال .. 
               سمموا الهواء .. 
                 لتجعلوا في العراق .. 
                          في كل بيت كربلاء ..

(9)
( صوت انفجارات .. ضوء ودخان .. رصاص وسيوف .. يختلط المسرح بمشهد عجيب ، خوذ ورماح .. بنادق وتروس ودروع .. وأشلاء مقطعة .. دقائق ويهدأ المسرح .. فيتكلم البطل )

البطل :
 وجع وجع وجع .. حياتنا معجونة بالوجع 
( يبدأ الممثلون بكنس المسرح بحركات بطيئة )
ملاك الروح  : 
الوجع يحرق القلوب ولكنه لا يقتلها .. الوجع يطهرها 
البطل :
 كل هذا الوجع ولم تتطهر القلوب ..؟
الأب : الذهب يصفى بالنار .. والمؤمنون بالمحن 
البطل : 
لماذا لم أفهم ذلك ؟
لماذا كنت أرى الأشياء منفصلة 
ملاك الروح :
 التاريخ كيان واحد .. وقوانين الله واحدة .. أنظر نظرة شاملة وسترى الحقيقة بقلبك
الأم : كنت أعرف بأنك ستشفى .. لقد أرضعتك العشق
الأب : عشق الحسين
البطل :
 الكل منطو في الجزء والجزء يكون الكل .. هذه معرفة شاملة
ملاك الروح : 
كربلاء شفرة الخلود وضمانه الصراط المستقيم 
الأب : 
من يقصد كربلاء فهو يقصد الدين الخالص .. يقصد الجوهر
الأم  :
 عليه أن يخرج من عقله إلى قلبه 
البطل :
 هذه الهجرة التي أراها ولا أفهمها 
ملاك الروح : 
لقد فهمتها الآن .
البطل : 
لقد فهمتها الآن .. لن يتحطم الكوكب .. هذه ليست نهاية العالم
ملاك الروح :
 هذه المرة نحن سنخلق الصدمة 
البطل : 
لقد ملأنا الفراغ العظيم 
ملاك الروح :
 لا يملأ الفراغ العظيم إلا الظهور العظيم 
البطل :
 سأذهب 
ملاك الروح :
 وماذا ستحمل معك ؟
البطل  :
 عندي طقوسي التي سأخرج بها من العقل 
ملاك الروح :
 لقد دخلت بالفعل إلى ساحة القلب .
الام : تعال يا ولدي .. تعال لساحة القلب 
الأب : تعال يا ولدي نحن نحتاج إلى وعيك .. ثقافتك .. ألم أقل لك أن أشعارك ناضجة يا ولدي
البطل :( يدور في المسرح مع موسيقى تدل على الانتظار ثم يقول  )

عقيدة الصدمة لا تواجه إلا بصدمة العقيدة 

             ( تظهر صورة ضريح الإمام الحسين ع في الشاشة فيلتفت البطل ويقول )

سلام عليك .. ( يردد جميع الممثلين ) عليك السلام .. 

(10)

( تخفف الإضاءة .. وتفتح الشاشة بعد أن ينتهي التشويش .. ليبدأ تقرير المذيع : 
صوت رجل : إذاُ وكما تعلمون سادتي المشاهدين .. لقد مر النيزك بجانب الأرض ولم يصطدم بها 
صوت امرأة : وإذا كانت البشرية قد نجت من دمار أكيد فأن تغييرات هائلة ستحصل يوم غد .
صوت رجل : يوم غد وبعد أن يبتعد النيزك قليلاً فأن جاذبيته الكبيرة ستؤثر على جاذبية الأرض وتجعلها !
صوت امرأة : وتجعلها تتوقف قليلاً عن الدوران ثم تدور بالاتجاه المعاكس 
صوت رجل : أي غداً سشترق الشمس من جهة الغروب ..
 تظهر تصور مختلفة في الشاشة تجسد واقع العراق وتاريخه ومراقده المقدسة وطقوس عاشوراء على انغام أنشودة 

سلام عليك على رافديك عراق القيم .. 
                           فأنت مزار وحب ودار لكل الأمم ..
سلام لأرض تفيض عطاء .. وعطر ثراها دم الشهداء .. 
فهذا حسين وذي كربلاء .. إلى العز صارا  لسان وفم 
سلام عليك على رافديك عراق القيم .. 
                           فأنت مزار وحب ودار لكل الأمم ..
تعتيم


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


صدى الروضتين
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/07/21



كتابة تعليق لموضوع : طقس الفراغ العظيم عقيدة الصدمة وصدمة العقيدة "سيكودراما من فصل واحد "
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net