صفحة الكاتب : د . احسان الغريفي

أدلَّةُ إمامة المهدي (عجَّلَ اللهُ تعالى فرجه) الحلقة الرابعة
د . احسان الغريفي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

  إنَّ ظاهرة وضع الأحاديث الكاذبة ظهرت في عهد الدولة الأموية والعباسيَّة، ومِن أهم أسباب هذه الظاهرة أنها كانت لأجل تحقيق أهداف سياسية أو حربية أو عقائدية، وكان أكثر الوضَّاعين مِن أنصار الدولة ورجالها، ورواتها الَّذين غرَّتهم الأموالُ والعقارات، والصِّلات والهبات والإقطاعات، والولايات، والإمارات، فخلَّفوا كمًّا هائلاً مِن الأحاديث الموضوعة الَّتي ملأت كتبَ السنن، وأغلبها يصبُّ في قالب النصب والعداء لأهل البيت، ومِن هذه الأحاديث الموضوعة في زمن الدولة العباسيَّة حديث: الْمَهْدِيُّ مِن ولد العباس عمي، وهذا الحديث أخرجه الدار قطني في الأفراد، وقال عنه: هذا حديث غريب .    
وقد ردَّ جماعة مِن علماء السنة هذا الحديث، ومِن هؤلاء العلماء ابن حجر الهيتمي الَّذي قال: حديث المهدي مِن ولد العباس عمي سنده ضعيف(1). 
وقال الذهبي: تفرَّد به محمدُ بن الوليد مولى بني هاشم، وكان يضعُ الحديث(2). فالنتيجة أنَّه حديث موضوع لأجل أهداف معيَّنة تخدم مصالح العباسيين الَّذين استغلُّوا مفهومَ المهدوية، وحاولوا أنْ يطبقوه عليهم؛ لمزيد مِن تحقيق النصر، وكسب المعركة مع الأمويين سياسياً واجتماعياً وعسكرياً.. فوضعوا هذا الحديث.  
  وهذه الأحاديث الموضوعة الَّتي تخصُّ القضية المهدويَّة قليلة جدًّا فيما إذا قُوبلت بالأحاديث الصحيحة الَّتي ذكرنا بعضَها في الأعداد السابقة، وهذا الوضعُ لا يستلزم إسقاطَ الأحاديث الصحيحة المتواترة الواردة في الإمام المهدي(عجّلَ اللهُ تعالى فرجه).
وقد حاول بعضُ المتطرفين أن ينسبَ الكذبَ والوضع إلى جميع الأحاديث الَّتي رُويت في الإمام المهدي دون أن يستندَ إلى دليل، فقال: إنَّ الأحاديثَ الواردة في السنن بشأن المهدي ليست بصحيحة ولا صريحة ولا متواترة، وكلّها مجروحة وضعيفة، وكلّها مكذوبة على رسول الله ، صيغت وصُنعت على لسان رسول الله ، صنعها الشيعة لما زال الملك عن أهل البيت، فأخذوا يُرهبون بها بني أمية، ويتوعدونهم بأنه سيخرج المهدي، وقد حان وقت خروجه، فينزع الملك عنهم ثم يرده إلى أهل البيت، إذ أنهم أحقّ به وأهله.
وهذه الشبهة الواهية تفوح منها رائحةُ الجهل والتطرّف؛ فمتى مَلك أهلُ البيت؟!، وهل يعني بالملك خلافة أمير المؤمنين؟!، فإذا عنى بخلافة أمير المؤمنين ملكاً فهو مِن أشرّ النواصب.
 وأمَّا بشأن تكذيبه لأحاديث الرسول، فيُقَال له: قد ردَّ على هذه الشبهة بعضُ علماء السنَّة سابقاً ومنهم الشيخ يوسف بن يحيى بن علي المقدسي الشافعي السلمي في كتابه (عقد الدرر في أخبار المنتظر) إذ قال: إن مِن الناس مَن ينكر هذا كلّه بالكلية، ...فقلت له: أمَّا مَن ينكر هذا كلَّه بالكلية فلا التفات إليه، إذ لا يعلم له في ذلك مستند يرجع إليه.
 إضافة إلى هذا الرد، يكفي في المقام أنْ نذكرَ بعضَ أقوال علماء السنة لردَّ هذه الشبهة الواهية؛ قال الألباني في دروسه: نعتقد بخروج المهدي محمد بن عبد الله في آخر الزمان.               
وقال جلال الدين السيوطي في بداية كتابه (العَرْفُ الوَرْدِي في أخبار المَهْدِي(: إن المشهور بين الكافة مِن أهل الإسلام على ممر الأعصار أنه لا بد في آخر الزمان مِن ظهور رجل مِن أهل البيت النبوي يؤيد الدين, ويظهر العدل, ويتبعه المسلمون, ويستولي على الممالك الإسلامية, ويُسمى بـالمهدي, ويكون خروج الدجال ومَا بعده مِن أشراط الساعة الثابتة في الصحيح على أَثَرِه, وأن عيسى ينزل مِن بعده فيقتل الدجال, أو ينزل معه فيساعده على قتله, ويأتمّ بالمهدي في صلاته.
 وفي كتاب (شرح الرسالة) للشيخ جسوس ما نصه: "ورد خبر المهدي في أحاديث ذكر السخاوي أنها وصلت إلى حدّ التواتر".
وفي كتاب (شرح المواهب) نقلاً عن أبي الحسين الآبري في (مناقب الشافعي) قال: "تواترتِ الأخبارُ أن المهدي مِن هذه الأمة وأن عيسى يصلي خلفه".
وفي كتاب(مغاني الوفا بمعاني الإكتفا): قال الشيخ أبو الحسين الآبري: "قد تواترت الأخبار واستفاضت بكثرة رواتها عن المصطفى بمجيء المهدي, وأنه سيملك سبعَ سنين, وأنه يملأ الأرض عدلاً".
وفي كتاب(شرح عقيدة الشيخ محمد بن أحمد السفاريني الحنبلي): "وقد كثُرت بخروجه الروايات حتى بلغت حدّ التواتر المعنوي, وشاع ذلك بين علماء السنة حتى عدَّ مِن معتقداتهم". ثم ذكر بعض الأحاديث الواردة فيه عن جماعة مِن الصحابة.
وقال بعدها: وقد روي عمّن ذكر مِن الصحابة روايات متعددة, وعن التابعين من بعدهم, مما يفيد مجموعة العلم القطعي, فالإيمانُ بخروج المهدي واجب, كما هو مقرر عند أهل العلم, ومدوّن في عقائد أهل السنة والجماعة.
البقية في العدد القادم
المراجع:
(1)  ينظر: الصواعق المحرقة لابن حجر: 353- 354، [تتمة وتذييل للكتاب: في مناقب آل البيت/ باب: خصوصياتهم الدالة على عظيم كراماتهم]، دار الكتب العلمية، بيروت-لبنان، ط .1420هـ - 1999م.
(2)  نفس المصدر السابق: 253، [الباب الحادي عشر في فضائل أهل البيت النبوي - الفصل الأول في الآيات الواردة فيهم – الآية الثانية عشرة].


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . احسان الغريفي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/07/24



كتابة تعليق لموضوع : أدلَّةُ إمامة المهدي (عجَّلَ اللهُ تعالى فرجه) الحلقة الرابعة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net