صفحة الكاتب : فاضل حاتم الموسوي

لا تــذهـب بكـم المــذاهـب 
فاضل حاتم الموسوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 إن الانخداع بالأوهام والتمنيات خطأ فظيع حذرت منه الشريعة الإسلامية أبناءها اعتماداً على انتماءهم الديني أو المذهبي لان ذلك نوعا من أنواع الاستغفال – أي يستغفل الإنسان نفسه – فيتعمد التقصير في الواجبات والإصرار على المعصية متكئاً في ذلك على رحمه الله تعالى أو شفاعة رسول الله (ص) وأهل البيت (ع) كما يقول الشاعر :

 سودت صحيفة أعمالي     ...    ووكلت الأمر الى حيدر 
أو كما قال شاعر آخر : 
فان النار ليس تمسُ جسماً    ...  عليه غبار زوار الحسين . 
بل الغريب في الأمر أن الطرف النقيض والمعاكس أيضا يرجو نفس الذي يرجوه هذا الطرف حيث يروي المؤرخون أن عمر بن سعد لما عرضوا عليه مُلك الري مقابل التجهز لقتال الإمام الحسين (ع) , أصبح يخير نفسه بين أمرين مهمين حتى استغرق في الحيرة من أمره , ثم قرر في النهاية أن ينحاز لمُلك الري ويختار قتل الإمام الحسين (ع) معتمداً على رحمة الله تعالى في قبول توبته حيث قال : 
حسين ابن عمي والحوادث جمة   ...      لعمري ولي في الري قرة عين 
وان الــــه العرش يغفر زلتــــي   ...      ولـــو كنت فيها اظلم الثقليــــن 
يقولون أن الله خــــالق جنـــــة    ...      ونـــــار وتعذيب وغـل يديــــن 
فان صدقوا فيما يقولون فأننـي    ...    أتوب الـــى الله من سنتــــين ( اللهوف في قتلى الطفوف : 193 ) 
والحقيقة أيها الأحبة , انه ينبغي أن نكون حذرين من هكذا أفكار تخالف صريح القران الكريم وصريح كلام أهل البيت(ع) , قال تعالى : ﴿الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً﴾ ( سورة الملك، الآية: 2(  وقال تعالى أيضا : ﴿لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيّاً وَلا نَصِيراً﴾ ( سورة النساء، الآية:123) ,  فالمسلم الذي يعتقد أن دينه ومذهبه حق ينبغي أن يكون سلوكه مطابقا لذلك الاعتقاد ومعتمدا على عمله الصالح وسيرته الحسنة , ورد عن الإمام الباقر (ع) انه قال لخيثمة الجعفي: «يَا خَيْثَمَةُ، أَبْلِغْ مَوَالِيَنَا: أَنَّا لَا نُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللّهِ شَيْئاً إِلَّا بِعَمَلٍ، وَأَنَّهُمْ لَنْ يَنَالُوا وَلَايَتَنَا إِلَا بِالْوَرَعِ، وَأَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ حَسْرَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ وَصَفَ عَدْلًا، ثُمَّ خَالَفَهُ إِلى غَيْرِه . ( الكافي , 2 : 175 ) . وورد عن رسول الله (ص) انه قال : مَعَاشِرَ النَّاسِ! قَدْ حَانَ مِنِّي‌ خُفُوقٌ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِكُمْ، فَمَنْ كَانَ لَهُ عِنْدِي‌ عِدَةٌ فَلْيَأْتِنِي‌ أُعْطِهِ إيَّاهَا! وَمَنْ كَانَ لَهُ عَلَيَّ دَيْنٌ فَلْيُخْبِرْنِي‌ بِهِ! مَعَاشِرَ النَّاسِ! لَيْسَ بَيْنَ اللَهِ وَبَيْنَ أَحَدٍ شَي‌ءٌ يُعْطِيهِ بِهِ خَيْراً أَو يَصْرِفُ عَنْهُ بِهِ شَرًّا إلَّا العَمَلُ! أَيُّهَا النَّاسُ! لاَ يَدَّعِي‌ مُدَّعٍ وَلاَ يَتَمَنَّى‌ مُتَمَنٍّ، وَالَّذي‌ بَعَثَنِي‌ بِالحَقِّ نَبِيًّا لاَ يُنْجِي‌ إلَّا عَمَلٌ مَعَ رَحْمَةٍ، وَلَوْ عَصَيْتُ لَهَويْتُ . ( الإرشاد . المفيد , 1: 182 ) 
فواقع المسلمين يتغير بالعمل الجاد وليس بالاعتماد على الانتماءات والتمنيات كما يحاول البعض أن يعزز هذا الفهم في منظومتنا الدينية من خلال بعض الأناشيد و الإشعار أو اللطميات أو روايات بتناقلها الخطباء على منابرهم لا تصمد أمام البحث العلمي . 
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


فاضل حاتم الموسوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/07/27



كتابة تعليق لموضوع : لا تــذهـب بكـم المــذاهـب 
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net