صفحة الكاتب : يحيى غالي ياسين

الغدير بعد أكثر من ١٤٠٠ عاما
يحيى غالي ياسين

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

الغدير بعد أكثر من ١٤٠٠ سنة ، وبعد ان ذهب قادة وائمة وخلفاء مدرسة الغدير - عدا بقية العترة الغائب عج - الى ربهم ، وكذلك انتقل الى عالم الجزاء والحساب قادة وخلفاء مدرسة السقيفة ، ولنفترض أن المسلمين الآن قاموا بمحاكمة التاريخ ، ووجدوا أن الحق مع علي وآل علي وليس مع ابي بكر وعمر ومن مشى على هديهم بعد ذلك .. ماهو الاجراء العملي المطلوب الان منهم اتجاه الغدير على أثر هذه الحكم الذي توصلوا اليه .. ؟

لا شك ان الجواب صعب والإجراء الخارجي على الأرض أصعب ، فانتقال شعوب اسلامية بأكملها من مدارس عقائدية وفقهية متعددة الى مدرسة عقائدية وفقهية واحدة ليست بالشيء السهل وان كانت داخل الإطار الإسلامي ، فالحرج نفسي وروحي وعقلي .. علاوةً على أن المدرسة التي يُراد التحوّل أليها طالما حجزتهم عنها معارك فكرية ومعارك سيف ومعارك كراهية .. الخ ، الا اننا نستطيع ان نذلل كل تلك الصعاب ونذوّبها بالتدريج وليس بالقفزة ، خطوة بعد خطوة لا بالصدمة ..!!

فأول ما نحتاج اليه هو هذه المحاكمة التاريخية لحديث الغدير والاعتراف به سنداً ومضمونا ، والاعتراف بخطأ السقيفة وان خطّ الخلافة الذي نتج عنها هو ليس الخط الإسلامي المرسوم من السماء .. فالاعتراف بأصل المشكلة وتحديد موقع الخلل هو نصف الحلّ ونقطة الشروع ونصاب العمل والاشتغال بما يأتي بعدها من خطوات ومراحل ..

وثاني أمر هو معالجة الأساس النظري والمخزون الفكري الذي ابتنى قواعده ومتبنيّاته على ذلك الخطأ والخلل ، فتلك الكتب والمصادر التي باتت المراجع الفكرية والعقدية والفقهية لمدرسة الصحابة يحتاج مضمونها الى محاكمة ايضاً وتحتاج الى تنقيح وتهذيب وفق نتائج ومخرجات محاكمة التاريخ ..

وثالث أمر هو العمل على رفع العداوة وانتزاع المبغوضية عن المدرسة الاسلامية التي تمسّكت بالغدير والاعتراف بحقّها وشرعية التعبّد لله بها والحكم بالائتمام بائمتها والرجوع لتراثها العلمي والشرعي .. ولا زال الأمر هنا في ساحة ودائرة علماء السنّة ..

ورابع أمر هو رفع كل الموانع التي تقف اتجاه المسلمين في اتّباع مذهب اهل البيت ، سواء كانت موانع سياسية ام دينية ..

فالاعتراف التاريخي والعلمي والفكري بحديث وواقعة الغدير ، ثم تتبعه خطوات تدريجية ومتسلسلة على أرض الواقع .. هذا كل ما هو مطلوب الآن ..

فما دامت نتائج السقيفة قائمة فإن الغدير لا زال عبارة عن توجيه عظيم وأمر الهي ونبوي خطير معطّل وبإنتظار من يعمل به .. ولا نتوقع ان يكون العمل به الان على مستوى القرار الاداري والتنفيذ الفوري ، وانما نؤمن بالتغيير التدريجي المرحلي والذي يبدأ من رأس الهرم الاسلامي وأقصد هنا علماء الاسلام ثم يتجه نحو القواعد والجماهير الاسلامية بعد رفع الموانع السياسية والحواجز النفسية والعنصرية والطائفية .. الخ ، على أن يشمل هذا التغيير المرحلي جوانب العقل والقلب ، ومن ثم ينعكس على التراث الفكري والروحي .. وبعدها سنجد ثمراته في الأمة واضحة ومشهودة ..

ويتفرّع عن هذا الموضوع الذي طرحناها موضوع مهم لا نريد طرحه هنا ولكن لا بد من الإشارة اليه ، وهو فيما يخص واجبنا اتجاه دعوة الناس الى التشيّع واعتناق مذهب اهل البيت ع ، وهل هو واجب ، أم يكتفى بتوضيح أسس المذهب وبيان أمره ، أم يكتفى بأقل من ذلك وهو احتضان من يريد التعرف على مذهب أهل البيت ع ، ام النهي عن كل ذلك .. وتحديد هذا الأمر ترجع مناقشته الى فقهاء المذهب ولهم في ذلك اراء وتفاصيل ..

وتوجد روايات بهذا الخصوص ، على سبيل المثال خبر ثابت أبي (بن) سعيد ، قال : قال أبو عبد الله : ( يا ثابت ! ما لكم وللناس ! كفّوا عن الناس ؛ ولا تدعوا أحداً إلى أمركم ، فوالله لو أنّ أهل السماوات وأهل الأرضين اجتمعوا على أن يهدوا عبداً يريد الله ضلالته ما استطاعوا على أن يهدوه ، ولو أنّ أهل السماوات وأهل الأرضين اجتمعوا على أن يضلّوا عبداً يريد الله هدايته ما استطاعوا أن يضلّوه ، كفّوا عن الناس ، ولا يقول أحدٌ : عمّي وأخي وابن عمي وجاري ؛ فإنّ الله إذا أراد بعبد خيراً طيّب روحه ، فلا يسمع معروفاً إلا عرفه ولا منكراً إلا أنكره ، ثم يقذف الله في قلبه كلمةً يجمع بها أمره ) الكافي 1: 165

في حين نسمع حديثاً آخر ، وهو صحيحة إسماعيل بن عبد الخالق ، قال : سمعت أبا عبد الله ع يقول لأبي جعفر الأحول وأنا أسمع : أرأيت البصرة ؟ ، فقال : نعم ، قال : كيف رأيت مسارعة الناس إلى هذا الأمر ودخولهم فيه؟ ، قال : والله ، إنهم لقليل ، ولقد فعلوا وإنّ ذلك لقليل ، فقال : عليك بالأحداث ، فإنهم أسرع إلى كلّ خير . الكافي 8: 93

فتحديد عمل هذه الروايات او الجمع بينها يرجع الى أهل الفقه والحديث ..

 

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


يحيى غالي ياسين
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/07/28



كتابة تعليق لموضوع : الغدير بعد أكثر من ١٤٠٠ عاما
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net