صفحة الكاتب : جسام محمد السعيدي

كربلاءُ.. تأريخ النشوء وأصل التسمية الحلقة الرابعة المناخ والبيئة
جسام محمد السعيدي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 تحدثنا في المقالات السابقة لمن أراد البحث والتقصي، عن العناوين الآتية الخاصة بسلسلة مستفيضة عن (كربلاءُ.. تأريخ النشوء وأصل التسمية)، والعناوين كالتالي: (أيُّ مدينة هي؟، أهمية وقداسة كربلاء قبل الإسلام، هل تقع جنة آدم (ع) في (كوربالا)؟، أهميتها وقداستها بعد الإسلام، جغرافية كربلاء الطبيعية، الموقع والحدود، طوبوغرافية الأرض والتضاريس، المناخ والبيئة).
وقد اختصرنا الحديث في العدد السابق عن المناخ والبيئة وعوامل التصحّر، تمهيداً لإكماله في هذا العدد، فنقول:
 إن زيادة كمية الإشعاع الشمسي، وارتفاع الحرارة، وقلة الغيوم، والرطوبة النسبية، وسيادة الرياح الشمالية والشمالية الغربية، تؤدي إلى زيادة شدة التبخر، وبالتالي زيادة نسبة الأملاح.
ومن عوامل التصحّر الأخرى، تراجع مساحات الغابات العراقية وأعداد النخيل من حوالي (32) مليوناً مطلع عام 1980م إلى حوالي (9) مليون؛ بسبب الحروب، وقلة المياه وملوحتها، والأمراض الزراعية، والإهمال الحكومي المتعمد، لذا بات تدهور الغابات والنباتات الأخرى عاملاً مهماً في تدهور البيئة، وتوجهها نحو الجفاف.
وقد كان التعرض للغبار سابقاً مقصوراً على أيام معينة في الصيف، وقد لا تزيد عن مرتين في السنة خلال فترة الثمانينيات من القرن العشرين، ولكن التغيّر في المناخ بعد الحرب ضد العراق، والتي انتهت فعليا يوم 2/3/1991م، وما أصاب التربة في الهضبة الغربية والجنوب غربية العراقية بالتكسر والتعرية القسرية؛ بسبب مرور الدبابات والآليات العسكرية للدول المعتدية، فزادت العواصف الترابية، واستمرت حتى يومنا هذا؛ بسبب ظاهرة التصحّر، وقلة الأمطار، وتدمير البساتين..
 كما إن استخدام أمريكا لآلاف القذائف الحاوية على اليورانيوم المنضب، والذي أتلف جوّ البلاد، وجعله ملوثاً بالإشعاعات التي تفوق ضرر القنابل الذرية نفسها..! كل ذلك قد غيّر الطبيعة؛ ولكن برحمة الله ومَنّه جعلها تُنتج دفاعات ضد هذا التلوث، وذلك من خلال إطلاق آلاف الأطنان من الغبار الدقيق الذي يُشتت الإشعاعات الضارة، مما يؤدي لحماية البشر خصوصاً والبلاد عموماً من خطرها المحدق بمستقبل العراق؛ رغم أنها في نفس الوقت تمنع الرؤية لساعات طويلة، ويتغير لون الجو إلى ألوان لم يشهد لها العراق مثيلاً في تأريخه الطويل، منها الأصفر القاتم، أو الأحمر، أو الرمادي المغبر..
 وتتكرر المشكلة لأيام كثيرة خلال السنة وفي فصول متعددة ومنها: الشتاء، والربيع، والخريف!!! بخلاف ما كان معهوداً من أن هذه الحالات لم تكن موجودة أصلاً في هذه الفصول، ويندر أن تحدث في الصيف، فقد يمر العقد أو العقدان من السنين دون أن يحدث فيها أقل مما أصبح يجري عدة مرات بعد شباط 1991م، وخلال السنة كلها، وكان اليوم الأول لحصول هذه الظواهر قد جرى في أواخر شباط 1991م خلال الحرب المذكورة، وازداد بعد انتهائها كما أسلفنا، ولا يُعلم الأفق الزمني الذي ستنتهي به هذه الظواهر الغريبة على العراق عموماً وكربلاء خصوصاً.
نهر الفرات... العلقمي:
إن نهر العلقمي هو فرات كربلاء في زمن استشهاد الإمام الحسين (ع) - تمييزا له عن فرات الكوفة وغيره من أفرع نهر الفرات -، وقد تضاربت المعلومات باختلاف مصادرها حول بداية نهر العلقمي، وسبب تسميته، وسبب اندثاره، وسنحاول هنا التوفيق بينها بعد ترجيح أقوى الآراء، وذكر المغايرة عند الضرورة.
دلت الوقائع التأريخية والجغرافية أن العلقمي كان يمثل الفرع الرئيسي للفرات وقت واقعة الطف، وكان يحمل اسم (الفرات)، وقد سار العلقمي في جزء من مجرى الفرات هذا - والسابق له زمنياً - بعد إعادة حفره بعد الإسلام وقد تبدل اسمه إلى العلقمي، وهو من أنهار الفرات الأوسط الذي كان اسمه (فيشون) المتكون مع فرعين آخرين هما (جيحون، وحدقال) من يمين النهر الأصلي والفرع الرابع المسمى الفرات (وهو الجديد المتفرع من القديم) الذي يتفرع إلى يساره.
 وقد تشكلت هذه الفروع في عصور متأخرة من النهر الأصلي، وذلك كبديل لنهر الفرات القديم الذي كان يسير في مجرى آخر، حيث كان يشكل عموداً على بحيرتي الحبانية، والرزازة، وبحر النجف.. وكانت ضمن واديه، وقد تشكلت التجمعات المائية المذكورة بعد تغيير مساره قبل آلاف السنين قبل الميلاد(1).
 وقد سمي فيشون لاحقاً بالمارسارس ثم الفرات (وهو الاسم الذي كان عليه خلال ملحمة الطف)، ثم العلقمي(2) في نهاية القرن الثاني الهجري بعد أن أعيد حفر هذه القناة - التي كادت أن تنطمر - من قبل رجل من بني علقمة، وقيل سُمّي النهر بالعلقمي نسبة إليه(3).
الهوامش
 (1) بتصرف وتلخيص من (جغرافية أنهار كربلاء)/مهنا رباط المطيري: ص85 - ص100، وانظر أيضاً (نشأة كربلاء) لنفس المؤلف.
(2) هذه التسميات جاءت في فترات تأريخية مختلفة، وكانت هذه الأنهار يقتفي بعضها أثر بعض في مجراه تقريبا، لكنه قد يختلف في بدايته أو نهايته تبعاً لنقطة بدء إعادة حفره من نقطة ما في زمن ما على نفس المجرى الذي سبقه فيه جريان النهر الذي حمل الاسم السابق له. كما قد يتغير الاسم فقط مع احتفاظ النهر بنفس مجراه، وللمزيد راجع (جغرافية أنهار كربلاء) لمهنا رباط الدويش المطيري في ص9وص73 وما بعدها.
(3) علقمة بطن من قبيلة تميم التي كانت تسكن كربلاء قبل الإسلام، وللمزيد عن التسمية انظر (جغرافية أنهار كربلاء)/ مهنا رباط الدويش المطيري: ص81 وص85.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


جسام محمد السعيدي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/07/29



كتابة تعليق لموضوع : كربلاءُ.. تأريخ النشوء وأصل التسمية الحلقة الرابعة المناخ والبيئة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net