يبيّن الكاتب المسيحي جورج جرداق في كتابه (علي والثورة الفرنسية) ضمن موسوعته (الإمام علي صوت العدالة الإنسانية) المبادئ الأساسية للثورة الفرنسية، ووثيقة الحقوق للإنسان الفرنسي, والتي تتضمن حقَّ الناس بأن يُولدوا أحراراً ومتساوين، وحرية التفكير والتعبير والفعل بما لا يضرّ بالغير، كذلك المبادئ التي تتعلق بحق تقرير المصير للأمم والشعوب، ومصلحة الفرد من جهة، والعامّة من جهة أخرى.
وبعد أن يجري الكاتب مقارنة بين المبادئ العلوية لسيد الوصيين ومبادئ الثورة الفرنسية، يجد أن فكر أمير المؤمنين(ع) هو الأصل الأول لها، ويبيّن أن هذه المبادئ التي عاشت في عقول وقلوب أدباء الثورة الفرنسية، إنما هي مبادئ فكّر بها منذ أربعة عشر قرناً علي بن أبي طالب (عملاق الفكر العربي) كما يصفه جرداق.
ويقوم الكاتب بعدها باستعراض كلمات عدد من المفكرين الأوروبيين في مقابل كلمات أمير المؤمنين(ع)، فيذكر على سبيل المثال قول المفكر الايطالي (سافونارولا) حين يقول: (الحكومة هي بمثابة الأب بالنسبة للشعب)، ويضع أمامها مقولة أمير المؤمنين(ع): (الحاكمُ والدُ والناس أبناؤه)، أو مقولة المفكر الفرنسي لابرويير: (لا وطن مع الظلم)، يقابلها كلمات سيد الوصيين(ع): (خيرُ البلاد ما حَمَلك)، و(الفقيرُ غريبٌ في وطنه), وغيرها الكثير من المقولات التي تدلّ على أن جميع المعاني الإنسانية التي يدعو لها علماء ومفكرو العصر الحديث، إنما هي متفرِّعة من المنبع الصافي للفكر العلوي.
ولكن المؤلف يشير في كتابه إلى ما هو أهم من الجانب التنظيري في فكر سيد الوصيين(ع), وذلك من خلال ما تميّز به(ع) عن هؤلاء المفكرين بكونه ليس من المنظّرين حبيسي الجدران بلا فعل أو تطبيق؛ وهذا ما يحاول الكاتب أن يلفت النظر إليه حين يقول: (أعماله وأقواله واحدة، كذلك تتجاوب وتتعاطى؛ لأن معينها واحد... فأقواله وأعماله لا تُجزّأ، ولا يفسّر بعضُها إلاّ ببعض)، مبيِّناً أن لا قيمة للنظرية بدون التطبيق العملي، ليؤكد بذلك على النهج الذي خطّه رسول الله(ص) اعتماداً على الكتاب والعترة، والذي تجسّد بالقرآن الناطق علي بن أبي طالب(ع).
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat