صفحة الكاتب : السيد عبد الستار الجابري

الابتلاء وبناء الانسان الحلقة الاخيرة بنو اسماعيل في جزيرة العرب
السيد عبد الستار الجابري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 بعد ان انبع الله تعالى لال ابراهيم (عليه السلام) زمزم عند الكعبة المشرفة طلب قوم من العماليق ان يجاوروهم فاذن لهم ال ابراهيم (عليه السلام) بمجاورتهم فسكنوا المناطق المحيطة بمكة، فيما كان ادارة شؤون البيت الحرام لاسماعيل (عليه السلام).
وتشير النصوص التاريخية الى ان العماليق وبعد ان طال بهم الزمن في مجاورة مكة بدأوا يتطاولون على حرمة مكة المكرمة، فمهد الله تعالى لازاحتهم عن حرمه ان اصاب المناطق التي تسكنها قبيلة جرهم اليمنية قحط فهاجروا طلبا للماء والكلأ فما زالوا يحلون ويرحلون حتى وصلوا مكة المكرمة فسكنوا في اطرافها واحاطوا بها فسكن بعضهم اعلاها والبعض الاخر اسفلها، وفي بعض زيارات النبي ابراهيم (عليه السلام) الى مكة التقى بهم وامر اسماعيل (عليه السلام) ان يتزوج منهم، فصاهرهم اسماعيل (عليه السلام) وانجبت له الجرهمية اربعة اولاد اكبرهم نابت بن اسماعيل (عليه السلام) الذي كانت اليه ادارة امور مكة والبيت الحرام بعد ابيه (عليه السلام).
في هذه المرحلة الزمنية ابتلى الله تعالى العماليق بالوان الابتلاء في اجسادهم فاضطروا الى مغادرة مكة ووقع بينهم وبين جرهم نزاع فهزم الجرهميون العماليق وطردوهم من مكة.
بعد وفاة نابت بن اسماعيل (عليه السلام) اصبحت شؤون مكة بيد مضاض بن عمرو الجرهمي كبير الجرهميين وزعيمهم وجد نابت لامه، وقد راى الجرهميون كيف ابتلى الله تعالى العماليق لانتهاكهم حرمة مكة المكرمة فكان ذلك سبب في توقيرهم للبيت الحرام ومكة المكرمة ومضت على ذلك منهم الاجيال عقب الاجيال، وكان بنو اسماعيل (عليه السلام) يعيشون الى جنبهم، وبعد ان طال بالجرهميون الامد في مجاورة البيت الحرام دعتهم النفس الامارة بالسوء الى ما دعت العماليق من قبلهم بل زادوا عليهم حتى انهم انتهكوا حرمة الكعبة وتمادوا كثيرا فاذن الله بزوالهم.
ولاية خزاعة وظهور الشرك في مكة
وفي تلك الحقبة من تاريخ بني اسماعيل (عليه السلام) في مكة غادر ثعلبة بن عامر بن حارثة القحطاني الذي كان يسكن مأرب محل سكناه بعد ان شعر ان سد مأرب سوف ينهار وان المنطقة التي يسكنوها ايلة الى الزوال، فسار بقومه وكان لا ينزل حيا الا غلب اهله عليه، فلما وصل مكة استاذن الجرهميون ان يجاورهم حتى يعود اليه رواد قومه الذين ارسلهم للبحث عن بلاد يرتحلون اليها، فأبى الجرهميون ان ياذنوا لهم، فوقعت بينهم الحرب وانتصر فيها ثعلبة وقومه وملكوا امر مكة وطردوا الجرهميين واستاذنهم بنو اسماعيل (عليه السلام) ان يجاوروهم في مكة فاذنوا لهم، اذ كان بنو اسماعيل (عليه السلام) في حالة ضعف شديد وقلة حيلة.
ثم تفرق القحطانيون في الارض فمنهم من سكن الشام وهم الغساسنة ومنهم من سكن الحيرة وهم المناذرة ومنهم من سكن يثرب وهم الاوس والخزرج ومنهم من بقي في مكة وهم خزاعة.
قام الخزاعيون بأمر مكة افضل قيام واعظموا حرمة مكة والبيت الحرام حتى مضت على ذلك منهم اجيال تلو الاجيال والديانة السائدة في جزيرة العرب انذاك هي الحنيفية وشريعة النبي ابراهيم (عليه السلام) التي انتشرت في جزيرة العرب منذ ان انبثق زمزم واخذت قبائل العرب في رحلتها بين اليمن والشام تمر بمكة فتطوف بالبيت وتؤدي فيه النسك وتاخذ احكام شرعها من اسماعيل (عليه السلام) وبنيه، حتى ولي امر خزاعة عمرو بن لحي الذي ادخل الى مكة الاصنام وجعل هبل اكبر صنم فيها.
والذي يظهر من الروايات التاريخية ان الجرهميون سادت مكة بعد ايام عدنان بن ادد والذي يظهر من الاخبار ان ذلك كان بعد مضي ملك سليمان بن داود (عليهما السلام) وزوال دولة التوحيد في بلاد الشام، ولا يبعد ان ذلك وقع بعد السبي البابلي حيث تشير جملة من الروايات ان اليهود كانت لهم السطوة في يثرب عند نزول الاوس والخزرج فيها.
كما انه من المحتمل ان انتشار ديانة الشرك في جزيرة العرب كان بعد احتلال الرومان لمصر وبلاد الشام وقبل اعتناقهم المسيحية وان عمرو بن لحي الخزاعي تاثر بالرومان الوثنيين فاشترى الاوثان ونصبها في مكة، وفي تلك الفترة اعتنق الفرس الديانة المجوسية التي من المتوقع انها حرفت عن الديانة اليهودية او الحنيفية حيث كان النشاط في الدعوة الى الله منذ عهد النبي ابراهيم (عليه السلام) قد شمل مختلف المناطق تقع تحت سلطة بابل التي تسيطر على اغلب بقاع المعمورة مضافا الى نشاط النبي ابراهيم (عليه السلام) في مصر عند هجرته اليها.
ومن خلال قراءة سيرة الاحداث في جزيرة العرب يمكن ان يقال ان ابتلاء الاقوام في جزيرة العرب كان كابتلاء بني اسرائيل وان مسير الاحداث كانت ترسمه سيرتهم في طاعة الله او معصيته فكان ذلك سبب في هلاك امم وظهور اخرى.
(إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ ۚ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاءَ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) 
                                                                                                                                                                                               


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


السيد عبد الستار الجابري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/08/16



كتابة تعليق لموضوع : الابتلاء وبناء الانسان الحلقة الاخيرة بنو اسماعيل في جزيرة العرب
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net