صفحة الكاتب : ثامر الحجامي

قمة بغداد وإستعادة الثقة
ثامر الحجامي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

   غالبا ما يحتاج المريض بعد التشافى الى مرحلة ثانية تسمى فترة النقاهة أو "إستعادة الثقة".. تهدف الى تكييفه مع الواقع، والتأقلم مع الحياة بشكل طبيعي، كذلك عندما يصاب بعض الرياضيين، فالمرحلة الأهم بعد شفائهم، هي إستعادة ثقتهم بأنفسهم، والعودة  الى ممارسة اللعب مرة أخرى.

   هذه الحالة تمر بها البلدان أيضا، وخاصة التي تتعرض الى أحداث صعبة كالحروب، أو الانهيار الإقتصادي وأحيانا القيمي والإجتماعي.. ومرحلة تعافيها مما هي فيه تعتمد على عوامل عدة، لعل أبرزها وعي شعوبها وإستثمارها لماتملكه من إرث تاريخي وحضاري، وإمكانيات بشرية وإقتصادية، وتوفر قيادة حقيقة تستحضر الأمكانيات وتهيئ أسباب النهوض، وترسم مسار إستعادة تلك البلدان لوضعها الحقيقي، بما يتناسب وإمكاناتها المادية والبشرية، وما تطمح له من مكانة مرموقة في مصاف الدول المتقدمة.

    لطالما كان تعافي الدول يعتمد على قدرتها الداخلية على النهوض، دون الإتكاء على عصا الدعم الخارجي من هذا الطرف أو ذاك، وإذا ما توفرت الإرادة الحقيقة مصحوبة بالثقة المتبادلة بين الجميع، وأزيلت العثرات في الطريق، ووضعت الخطط المطلوبة للإستمرار بالنهوض والتعافي التدريجي، ستتحق الغايات المنشودة التي يطمح لها الجميع شعوبا وقيادات، من تطور ورقي ووحدة وتآلف، وصولا الى الإنجازات الكبرى، شريطة محاربة عثة الإنهزامية وزعزعة الثقة بالنفس.

    مر العراق بمراحل متعددة من الضعف والمرض، فما أن تخلص من الدكتاتورية عام 2003 حتى طرقت بابه الطائفية، وما إن خمدت وبدأ يسعى لمعالجة جراحها، حتى إشتعلت نار الارهاب، وما أن كاد يتعافى منها حتى أصبح مسرحا للصراعات الدولية، رافق ذلك جحيم الفشل والفساد، الذي نهش في جسد العراق كما تنهش العثة سيقان الشجر، لكنه في كل مرة يحاول النهوض تأتيه دفعة من هنا لإسقاطه، وإحباط من هناك يحاول إبقاءه راكعا، بينما يحاول البعض وضعه في طائرة ليتعالج في الخارج!

    لذلك فإن عقد قمة بغداد، يمثل خطوة لإعادة ثقة العراق بنفسه، وتجاوز الإنكسارات السابقة ومحاولة الأخرين تحجيمه في إطار معين، والإنفتاح على الجميع وفق ما تقتضيه المصلحة العراقية دون خطوط حمراء، الا ما يحددها القانون والدستور العراقي، وهي رد على من يريد أن يبقي العراق مريضا مشلولا، يطلب  يد العون من  الآخرين.. كما إنها رسالة بأن العراق يستحق أن يكون، أرضا للتلاقي وتبادل المصالح، وتسوية الخلافات بدل أن يكون مسرحا للصراع.

   هكذا مؤتمرات تمثل العراق، ولا تمثل حكومة إنتهى عمرها السياسي، فعلى المنتقدين لقمة بغداد التي حضرها رؤساء وأمراء ووزاء خارجية دول المنطقة، ومنظمة المؤتمر الاسلامي والجامعة العربية،  إضافة الى الرئيس الفرنسي، بحجة كلفتها المالية العالية، التي لم تتجاوز مليوني دولار، وأن يتذكروا أن القمة السابقة لم يكن فيها هذا التمثيل الكبير، وخصص لها 480 مليون دولار، رغم إن أقدام الحاضرين لم تخرج من أرض المطار.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


ثامر الحجامي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/09/02



كتابة تعليق لموضوع : قمة بغداد وإستعادة الثقة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net