صفحة الكاتب : محمد الرصافي المقداد

هل هو مؤشّرٌ على تفكك الكيان الصهيوني من الداخل؟
محمد الرصافي المقداد

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

استقدام اليهود المتطرفين الحالمين بإقامة الهيكل المزعوم على أرض أورشليم، بدأ قبل قيام عصابات الهاقانا الإجرامية المتطرّفة، بأعمالها العدوانية التي تأسس منها كيان إسرائيل العنصري، فقد تعددت هجرات اليهود إلى فلسطين وتشكّلت على مراحل بدأت منذ أواخر القرن التاسع عشر الى قرابة منتصف القرن العشرين، وفي سنوات الحرب العالمية الثانية، وصل فلسطين نحو 55 ألف مهاجر بطرق غير شرعية، حيث كان الأسطول البريطاني مكلفا بإرشاد سفن المهاجرين اليهود، وإمدادهم بالماء والتموين والوقود، وقيادتها إلى السواحل الفلسطينية، إلى جانب ذلك دخل البلاد من اليهود بين عامي 1940و1948 نحو 120 يهودي، ومع انتهاء فترة الإنتداب البريطاني، كان عدد اليهود قد وصل إلى 625 ألف يهودي، أي ما يقارب ثلث السكان في البلاد) (1)

ويبدو أن ذلك الحلم اليهودي لم يكن واقعيا، وبمرور الزمن اكتشف عدد من اليهود أنه وقعت مغالطتهم والتاثير عليهم من خلال ما سوّقه لهم صهاينة دفعهم تطرّفهم إلى العزف على وتر الدين اليهودي لاستدراج الغافلين، والتأثير عليهم باتخاذ قرار الهجرة إلى فلسطين، على أساس أنها موطنهم الأصل، والعودة إليه تطبيق لما جاء في التوراة، وشكّلت مراجعة عدد من المُغرّر بهم من اليهود لسياسات حكومتهم الصهيونية وانتقادها، في محاولة لثنيها عن مواصلة أعملها اللا انسانية تجاه سكان فلسطين الحقيقيين، جبهة معارضة للصهيونية بدأت تتوسّع داخل فلسطين وخارجها.

فمثلا بالتزامن مع مسيرة العلام الصهيونية الإستفزازية، في الشطر الشرقي من القدس المحتلة، شهد حي “مائة شعاريم” في الشطر الغربي من المدينة مسيرة مضادة رفعت شعارات تندد بإسرائيل بمشاركة نحو 200 من اليهود المتزمتين المناهضين للصهيونية أتباع حركة “ناطوري كارتا”.(2)

توسّع دائرة المعارضين للحركة الصهيونية من داخل الكيان الصهيوني، كان نتيجة سياسته الرّعناء ضد الفلسطينيين التي اتخذها على أساس عنصري، متناه في العِداء والحقد على أصحاب الأرض، والهدف من وراء ذلك إجبارهم على مغادرة مدنهم وقراهم والنزوح منها إلى خارج فلسطين، أو الدّخول تحت السلطة الصهيونية، والقبول بالعيش تحت لوائح أحكامها المعادية لأصولهم الفلسطينية.

وقد تعرّت إحدى الخفايا التي كانت الصهيونية العالمية تتكتّم عليها، فقد ذكرت صحيفة تايمز أوف إسرائيل أن "إسرائيل والولايات المتحدة تعملان على منع أعضاء الطائفة المتطرفة من الانتقال إلى إيران، وسط مخاوف من أن تستخدمهم طهران كورقة مساومة"، مشيرة إلى أن أعضاء جماعة "القلب الطاهر- Lev Tahor" التي تعرف عن نفسها بأنها المناهضة للصهيونية تقدمت بطلب لجوء سياسي في إيران في عام 2018. وأظهرت الوثائق المقدمة في محكمة فدرالية أمريكية في عام 2019 أن قادة الطائفة الحسيدية طلبوا من إيران اللجوء إليها وأقسموا الولاء للمرشد الأعلى آية الله علي خامنئي".

ووفقا لموقع Ynet الإسرائيلي، كانت هناك مخاوف من أن المئات من أعضاء الجماعة المتمركزين أساسا في غواتيمالا، ربما يحاولون الانتقال إلى إيران، بعد رصد وجود عشرات العائلات في مطار غواتيمالا، في طريقهم إلى محافظة كردستان التي تقع على حدود إيران.

وذكر التقرير أن أقارب أعضاء في الطائفة، اتصلوا بوزارة الخارجية ووزارة العدل الإسرائيليتين، وطلبوا منهما الاتصال على وجه السرعة بنظرائهم الغواتيماليين، لمنع العائلات من المغادرة.(3)

لكن هل نجحت محاولات الصّدّ والمنع هذه في الحيلولة دون خروج هؤلاء اليهود من غواتيمالا؟ ولا دليل يؤيّد ذلك خصوصا وأن ظاهرة معاداة الصهيونية من اليهود أنفسهم بدأت تتوسّع لتظهر في مناطق مختلفة من العالم، بدأ من أمريكا التي وأوروبا، التي عادة من يخرج فيها هؤلاء اليهود، معبّرين عن رفضهم لسياسة الكيان الصهيوني، التي يمارسها ضد الشعب الفلسطيني على أرضه فلسطين، ودعوى إحباط محاولة عائلات يهودية، الخروج من غواتيمالا(أمريكا اللاتينية) باتجاه كردستان العراق، تبدو بعيدة عن الواقع في تنفيذها، وهي مجرّد دعاية سخيفة، اطلقتها وسائل اعلام صهيونية، لقطع الطريق على كل من تحدّثه نفسه من اليهود المعارضين، التفكير في الهجرة من داخل الكيان الصهيوني، فضلا عن كونهم في مطار دولة أخرى كغواتيمالا، لم يتمكنوا من السّفر إلى حيث يريدون.

السؤال: هل سيصمد كيان مؤلف من جنسيات مختلفة أمام إرادة وعزم شعوب، أصبحت تمتلك رصيدا مُعْتَبَرا من المؤمنين بضرورة مقاومته، وعلى نفس الأرض التي اغتصبها فلسطينيون وطّنوا أنفسهم على مقاومته، وقد اصبحت لديهم الامكانيات والخبرات اللازمة لذلك، والفضل كله يرجع إلى الله وإلى إيران الإسلامية التي جعلت من زوال الكيان الصهيوني هدفا ثابتا لها لن يتغيّر مهما فعلت امريكا وحلفاؤها.

تفكُّك إسرائيل سوف يصبح حقيقة، بدأ من داخل تركيبتها البشرية المؤلفة من جذّاذ الآفاق، وانتهاء بيوم تُقوَّض فيه بنيان الصهيونية، وتنتكس أعلامها أبدا، فلا يحويها سوى تاريخ أسود من العنصرية والارهاب وانتهاك حقوق الشعوب.

 

المصادر

1 – الهجرة اليهودية منذ بداية الإستعمار الإستيطاني اليهودي في أواخر الحكم العثماني

https://info.wafa.ps/ar_page.aspx?id=2213

2 – تزامنا مع مسيرة الأعلام.. مسيرة يهودية مناهضة للصهيونية ترفع الرايات الفلسطينية في القدس https://www.alquds.co.uk/

3 – إسرائيل.. إحباط محاولة هروب مئات اليهود المتشددين إلى إيران

https://arabic.rt.com/world/1283254-

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد الرصافي المقداد
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/10/17



كتابة تعليق لموضوع : هل هو مؤشّرٌ على تفكك الكيان الصهيوني من الداخل؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net